رغم التوقعات بشأن تراجع معدلات الاستثمارات الأوروبية فى مصر من جراء أزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو، أبدت مؤسسات اقتصادية دولية تفاؤلها بشأن زيادة حجم التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة فى مصر عقب استعادة الأمن وتشكيل الفريق الرئاسى والحكومة الجديدة. وأكد محللون اقتصاديون دوليون أن مصر يمكن أن تصبح ملاذا آمنا للاستثمارات العربية والدولية، التى تعانى من الأزمات المالية بالأسواق العالمية التقليدية وخاصة الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو. وفى ذلك الصدد، أوضح المحلل الاقتصادى الهولندى باتريك ريكارد أن مصر ستتمكن من جذب المزيد من الاستثمارات الدولية حال نجاحها فى توفير بيئة الاستثمار وتحقيق الاستقرار السياسى .. متوقعا تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية بمنطقة اليورو نتيجة أزمات الديون السيادية التى تعانى منها إسبانيا والبرتغال واليونان وأيرلندا وإيطاليا وفرنسا وقبرص. وقال: إن إجراءات التقشف التى أقرها عدد كبير من دول منطقة اليورو جعلت السوق الأوروبية أقل جاذبية للمستثمرين العرب والأجانب، منوها بأن نسبة كبيرة من الشركات الأمريكية والأوروبية والأسيوية أبدت رغبتها فى نقل خطوط إنتاج كاملة إلى منطقة الشرق الأوسط ومن بينها مصر لتعويض خسائرها المحتملة بالسوق الأوروبية. وأشار إلى أن الموقع المتميز لمصر سيؤهلها لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية على المدى القصير، وخاصة عقب انتهاء مرحلة الانتقال الديموقراطى، لافتا إلى أن الاتفاقيات التجارية التى وقعتها مصر مع العديد من القوى الاقتصادية الدولية ومن بينها الاتحاد الأوروبى والكوميسا ومنطقة التجارة العربية الكبرى تتيح ميزة نسبية لبيئة الاستثمار بتلك الدولة العربية. وفى السياق ذاته، قالت ميلانى ليوناردو كبيرة الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة (جلوبال إيكونومى) بالولاياتالمتحدة: إن التدفقات الاستثمارية الأجنبية بدول منطقة الشرق الأوسط ومن بينها مصر ستتزايد خلال العامين القادمين نتيجة التوقعات المتعلقة بتراجع معدلات النمو الاقتصادى وتفاقم تأثير الأزمات المالية بمنطقة اليورو. وتوقعت ليوناردو تحسن معدلات النمو الاقتصادى بدول الربيع العربى ومن بينها مصر بحلول عام 2013، نتيجة زيادة معدلات التدفقات الاستثمارية الأجنبية وحزمة الإجراءات التشريعية المتوقع صدورها لتعزيز الشفافية وكبح الفساد وتحسين بيئة الاستثمار. وأشارت إلى أن التحديات التى تجابه جهود الحكومة المصرية لتوفير البيئة المواتية للاستثمار تتمثل فى العجز المتصاعد فى الميزانية ومكافحة الفساد والحملات الإعلامية التى تستهدف رجال الأعمال، لافتة إلى أن الجهاز المصرفى المصرى أسهم بفاعلية فى احتواء التداعيات الناجمة عن الأزمات المالية الدولية ومن بينها أزمة الديون السيادية بمنطقة اليورو على الاقتصاد المصرى. ومن ناحية أخرى، قال هارى سميث كبير الخبراء الاقتصاديين بمؤسسة (ساتش أند ساتش) الدولية: إن تعافى الاقتصاديات الأوروبية سوف يستغرق فترة زمنية طويلة نظرا لتبنى غالبية دول منطقة اليورو لإجراءات تقشفية لمواجهة أزمة الديون السيادية وخفض العجز فى ميزانياتها. وأضاف: إن إجراءات التقشف ستؤثر سلبا على معدلات النمو الاقتصادى المتوقع والتدفقات الاستثمارية والتوظيف بدول منطقة اليورو، منتقدا الضغوط الألمانية ضد دول منطقة اليورو والرامية إلى تشديد الإجراءات التقشفية. وأشار إلى أن عددا كبيرا من حكومات دول منطقة اليورو تخشى حاليا من تأثير خطط التقشف المالى والتى ستؤدى إلى فقدان عدد كبير من الوظائف وتقليص الأجور وتأثر الخدمات العامة - على فرص بقائها على الساحة السياسية فى ضوء تزايد الاحتجاجات المناوئة لتلك الخطط بعدد كبير من العواصم الاوروبية.