عقد "مركز نيسان للتنمية السياسية والبرلمانية" الأردني، الجزء الثاني لورشة حوارية بعنوان "إصلاح الحقل الديني"، تناول النقاش حول أهمية بناء الدولة المدنية والعصرية والعلمانية ودولة القانون والمؤسسات. وقال "الطاهر المصري" رئيس الوزراء الأردني الأسبق الذي أشرف على الورشة، إن "الجدل منذ بدء الخليقة قائم حول مفهوم الخير والشر، الخطأ والصواب، فالخير من وجهة نظر شخص ما يمكن أن يكون شرا من وجهة نظر أخرى"، موضحا أن "الحقيقة نسبية ولا أحد يملك سلطة التأويل المطلقة للنص المقدس، وهو الأمر الذي يحتم على الجميع الاحتكام إلى العقل البشري والتفكير الجماعي في التأويل واستنباط الأحكام، وهو الباب الأول للعقلانية العربية، العقلانية التي بحث عنها العديد من المفكرين والمؤرخين وأكدوا في جميع نصوصهم أنها عقلانية متأصلة في الفكر والتاريخ العربيين". ودعا المصري إلى إصلاح الخطاب الديني المتطرف، باعتبار أن الخطاب الديني الأصلي هو خطاب يدعو إلى التسامح، موضحا أن الحاجة إلى خطاب يقبل الآخر يدعو إلى المحبة والتكاتف الاجتماعي وينبذ العنف بجميع أشكاله، هو ما بات أمرا لا بد منه، مشيرا إلى أن ذاك ينطبق على الخطاب الديني الإسلامي والمسيحي واليهودي وكل الأديان. وأكد المجتمعون على أن الوطن العربي يعيش اليوم ظروفا قاسية، ومن أبرز الأسباب التي أدت إلى ذلك هو تعاظم الصراع الطائفي واحتلال فلسطين، الأمر الذي زاد من حجم المشاعر الدينية ومعاناة المواطن العربي من أنظمة استبداد واحتلال العراق، والحرب الأهلية في سوريا. وقدم المصري رؤيته لإصلاح الحقل الديني، وذلك من خلال دعوة الأممالمتحدة إلى المساهمة في أخذ دور ريادي بوقف النزاعات الطائفية ودعم سيادة القانون، داعيا الدول كافة إلى "وقف دعم الحركات الراديكالية المتطرفة بمختلف أشكالها"، كما دعا علماء ورجال الدين من كافة الأديان إلى العمل بجهود وطنية ودولية على تجفيف منابع تمويل الحركات المتطرفة ومتابعة مصادرها، باعتبار أن هذا العمل لا يمكنه الحدوث إلا إذا اتفقت الدول على إنهاء هذه النزاعات المسلحة، وتعزيز دور التربية والمناهج في المدارس والجامعات على نبذ التطرف وتعزيز قيم التسامح الإنساني والتشارك الحضاري ورفض أفكار الإقصاء والتهميش لأي شخص، ووقف الحملات التي تدعو إلى الكراهية بجميع الطوائف والملل، والتركيز على فئات الشباب في مواجهة الفكر الديني. وشدد الجميع على ضرورة "استقلال النظام السياسي العربي من التبعية ومحاربة الفساد، وتأكيد دولة القانون، والمحافظة على هيبة الدولة، ووضع التشريعات التي تلبي طموحات إنسان المنطقة".