لقد دخل النزاع في اليمن أسبوعه العاشر وما فتئت أعداد القتلى والمصابين تتزايد، وكما هي الحال دائماً في النزاعات، فإن المدنيين الأبرياء هم الذين يدفعون أفدح الثمن، فحتى الآن قُتل ما يقرب من 2000 شخص وجُرح 8000، بما في ذلك مئات من النساء والأطفال. والملاجئ التي تأوي الأشخاص المشردين داخلياً مليئة بقصص عن الخسائر الفادحة وإرادة البقاء على قيد الحياة. فالطفلة ملك التي تبلغ السادسة من العمر فقدت أمها وشهدت مصرع آخرين حولها بينما كانت أسرتها تفر من الاشتباكات، وأما فتحية البالغة من العمر 65 عاماً فقد فقدت 13 من أفراد أسرتها وهي الآن العائل الوحيد لثلاثة من الأحفاد الباقين على قيد الحياة. وهناك ما يقرب من 8.6 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة الطبية على وجه السرعة، وقد تمكن شركاء الصحة من إرسال ما يقرب من 48 طن من الأدوية إلى البلد خلال وقف إطلاق النار الذي سرى لمدة 5 أيام في وقت سابق من هذا الشهر، مما أتاح خدمة 400 ألف شخص، بيد أن هذا يقل كثيراً عمّا هو كافٍ – وهكذا تستمر معاناة الناس، ليس فقط نتيجة للإصابات الناجمة عن الحرب وإنما بسبب عدم استطاعتهم الحصول على العلاج الأساسي لأكثر الاعتلالات الصحية شيوعاً أو الحصول على الرعاية التوليدية أثناء الولادة. ومع استمرار النزاع، يُفقَد المزيد من الأرواح كل يوم، وذلك ليس فقط بسبب العنف وإنما لأن النظام الصحي الذي لحقت به أضرار بالغة يتصدى بالكاد للاحتياجات الاستثنائية التي يفرضها النزاع العنيف المستمر ولا يُمكنه تزويد الناس بالخدمات الصحية التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة، فهناك خطر حقيقي يُحدق بصحة الملايين من الناس وأرواحهم. والمستشفيات في مختلف أنحاء البلد تُغلق غُرف عملياتها المخصصة للطوارئ ووحداتها للرعاية المكثفة بسبب نقص العاملين ووقود المولِّدات، وأدوية داء السكري وارتفاع ضغط الدم والسرطان لم تعد متاحة. وبرنامج السل الوطني توقف عن العمل في بعض المناطق، كما أن أمراضاً معدية مثل الملاريا وحمى الضنك آخذة في الانتشار. وهناك مخاطر جدية كذلك من حدوث فاشيات لشلل الأطفال والحصبة. وخلال النزاع، حدثت انتهاكات واسعة النطاق للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف بشأن حماية المرافق الصحية والعاملين الصحيين والمرضى، وما زالت البنية التحتية الصحية تتعرض للاعتداءات، حيث تفيد التقارير بالهجوم على المستشفيات وسيارات الإسعاف، وعلى مخزن طبي ومصنع للأوكسجين ومركز لنقل الدم. وقد قُتل بعض العاملين في مجال الرعاية الصحية وهم يحاولون إنقاذ الأرواح ومنع وقوع المزيد من المصابين. ولا يُمكن لهذه الخسائر غير الضرورية في الأرواح أن تستمر، ويجب السماح للنظام الصحي بأداء وظيفته دون أن يؤدي انعدام الأمن إلى عرقلته. ويجب على جميع الأطراف أن تحترم التزاماتها طبقاً للقانون الإنساني الدولي بحماية المدنيين والمرافق الصحية والعاملين الصحيين خلال النزاعات والسماح بتوريد المعونة الإنسانية الحيوية، مثل الأدوية واللقاحات والمعدات الطبية، إلى المناطق التي تشتد فيها الحاجة إليها وضمان الحق في الرعاية الصحية المُنقذة للحياة اللازمة بصورة عاجلة.