رغم النفى الرسمى من الجانبين، إلا أن فحوى التوتر والصدام المستتر، تتصاعد رائحته بين مؤسسة "الأزهر" – المرجعية السنية الأولى فى العالم – ومؤسسة "الرئاسة"، حيث تجسدت شواهد الصدام فى العديد من الأمور، بينها هجوم فضائيات مصرية، على الجامع الازهر، وكما هو معروف أن تلك الفضائيات لا تسن رماحها على شخص أو مؤسسة إلا بتعليمات من جهات سيادية الجميع يعلمها، لا نملك أن نسميها، حفظاً على (النفس) إحدى المقاصد الخمس التى دعت الشريعة لحفظها، لذلك لن نذكر اسمها صراحة إلا مستترة. ولعل دعوات تجديد الخطاب الدينى، كانت القشة التى كشفت الصدام بين الجانبين، ففى حين، اتهم مراقبون مؤسسة الرئاسة بتجاهل تكليف "الأزهر" مباشرة بتجديد الخطاب الدينى، الأمر الذى دفع العديد ممن لا شأن لهم بالأمر على التهجم على ثوابت الدين، انتقد أخرون أداء الأزهر، وقالوا إنه ليس على المستوى المطلوب فى تجديد الخطاب. السيسى يتجاهل "الأزهر" فى دعوات التجديد.. ويضعها فى رقبة "الأوقاف" يبدو أن ملف تجديد الخطاب الدينى، الذى يوليه الرئيس عبدالفتاح السيسى نصيباً من أولوياته، كان سبباً فى تصاعد حدة التوتر الحادث بين مؤسسة "الرئاسة" ومؤسسة "الأزهر"، ولعل بحسب مراقبين "تواضع" أداء الأزهر فى ملف التجديد، فجَّر الأزمة بين الطرفين، فى ظل هجمة إعلامية على شيخه أحمد الطيب، وصلت إلى الدرجة التى تعالت خلالها أصوات داعية إلى استقالة الشيخ الطيب، الذى وصفه تنظيم "الإخوان" بمُشرع ثورة 30 يونيو التى أطاحت برئيسهم محمد مرسى. وفى حين، خرج الجامع الأزهر عن صمته تجاه تلك الادعاءات والمزاعم، وأصدر بياناً شديد اللهجة، دفاع فيه عن الشيخ الطيب، ونفى تقديمه استقالته، من منصبه، كما قال الشيخ الطيب إن الأزهر الشريف يواجه محاولات عديدة لإسقاطه، كما تنفق جهات بعينها ملاين الجنيهات لإسقاطه. مشيخة الأزهر، وصفت الحديث عن استقالة الطيب، ب"الشائعات المغرضة التى تعد جزءاً لا يتجزأ من حملة ممنهجة ضد الأزهر"، وأكدت فى بيان رسمى لها، أن الحملة تهدف إلى الإساءة للأزهر، وأن "شائعة استقالة الإمام الأكبر أو عزمه الاستقالة عارية تماما من الصحة"، وكشف البيان أن الطيب أكد بشكل واضح أنه "ليس ممن يتخلى عن أمانته وواجبه، وأنه باق فى المشيخة". الأزمة مكتومة بين الأزهر والدولة المصرية، تعود إلى عدة أشهر منذ إعلان الرئيس السيسى مطلع العام الحالى الحاجة إلى ثورة دينية، "للتخلص من أفكار ونصوص تم تقديسها على مدى قرون"، وهى الدعوة التى لم تلق أى تجاوب من الأمام الأكبر، الذى اعتبر وفقاً لمصادر مطلعة، حديث السيسى سبباً فى الهجوم الإعلامى على مؤسسة الأزهر، خصوصا أن الإمام الأكبر رفض الإطاحة ببعض مستشاريه ممن لهم ميول إخوانية، وعلى رأسهم كبير مستشاريه حسن الشافعى. وامتدت الأزمة إلى علاقة شيخ الأزهر بوزير الأوقاف محمد مختار جمعة، خصوصا أن الأخير يرى ضرورة التصعيد ضد جماعة "الإخوان"، وتطهير صفوف المؤسسة الدينية من عناصر الجماعة الإرهابية، وهو ما تسبب فى توتر الأجواء بين الإمام والوزير، لاسيما أن الدولة كلفت وزارة الأوقاف بالإشراف على مؤتمر آليات تجديد الخطاب، الذى يعقد الشهر المقبل، دون الرجوع إلى الأزهر، وسط حديث عن تكليف مؤسسة الرئاسة للشيخ أسامة الأزهرى، بملف تجديد الخطاب بشكل حصرى. ورغم محاولات الرئيس السيسى احتواء الأزمة، عندما خرج ليؤكد أن "تجديد الخطاب الدينى عبر وسائل الإعلام ليس فى مصلحة الدين ولا الوطن"، مشدداً على أنه لابد من التعامل بحذر ودقة ووعى مع مسألة تجديد الخطاب الدينى، وأن ذلك يعد "مسؤولية أمام الله والوطن"، فى محاولة على ما يبدو لحصر مهمة التجديد فى المؤسسة الدينية.