لقد طال أمد الحرب في اليمن، و امتدت " عاصفة الحزم" ، و كثر تساقط عدد الأبرياء ، و دمرت البني التحتية و دب الهلع و الخوف في نفوس السكان و خاصة في المدن المقصوفة من قبل طيران التحالف العربي، و عاد اليمن أدراجه إلى الوراء، فأصبحت الثورة نقمة لا نعمة ، و وبالا لا رحمة. لقد ظن الإخوة الأعداء أنهم أصحاب قضية، و أنهم مصيبون و ليسوا مخطئين ، بل هم معصومون من الخطأ ، و ظل كل فريق على رأيه لا يتزحزح و لا يتنازل ، فاشتد القتال، وعمت الفوضى، و أذكيت نار الفتنة من هنا و هناك، و صار اليمن إلى التهاوي يوما بعد يوم. فلماذا الحرب و ما هي دواعيها؟ و هل حسمت "عاصفة الحزم" الأمر أم ساقته إلى المجهول؟ و هل قدرت مخلفات هذه الحرب أم أنها أمرا محتوما؟ إن عدم الاعتراف بالخطأ عادة يقود إلى الزيف . فمن الزيف أن تكون "الثورة اليمنية" اليوم، حققت و لو أدنى أهدافها، و من الزيف أن يعتقد أن الجري وراء المناصب و عبادة الكراسي أصبح من الماضي، و من الزيف أن يحكم اليمن نفسه بنفسه، دون أياد خفية و دون وصاية أجنبية. إن إيران تدير حربا بالوكالة في اليمن، فهل حليفها الطرف الحوثي يستطيع أن يصمد طويلا بعد أن تلقى ضربات موجعة وبعد أن صدّ زحفه تحت تأثير الضربات الجوية لطيران التحالف العربي، و بعد أن اقر مجلس الأمن بالإجماع باستثناء روسيا حظرا على بيع الأسلحة للحوثيين. إن إرسال إيران بارجتين حربيتين إلى بحر عدن، هل ذلك من باب الطمأنة للحوثيين؟، أم من باب التحذير للتحالف العربي؟ و هل باستطاعة إيران الدخول في حرب إقليمية خاصة و أن ملفها النووي لم يسوّ بعد مع الطرف الغربي و حرب الخليج مازالت حاضرة في الأذهان؟ إن محور الصراع طائفي، فهل الحرب قائمة من اجل الحكم أم من اجل تنامي الفكر الشيعي في بعض الدول العربية:؟ فان كان ذلك كذلك، هل الحل في انقسام اليمن إلى جزئين، جزء جنوبي يحكمه الحوثيون أو قل الشيعة و جزء شمالي يحكمه السنة. إن الشعب اليمني مدعو إلى الوحدة و نبذ العصبية و الطائفية و تقرير مصيره بوقف آلة الحرب و الدمار و قتل الأبرياء و تشريد العائلات و التوجه مباشرة إلى طاولة الحوار و التفاوض على أساس الولاء للوطن لا شيء غير الوطن و احترام المواطنة. أن المشروع، اليوم، في اليمن يجب أن يقوم على التخلص أولا من هذا الحاضر الكئيب و انتخاب رئيس مستقل، محايد، صادق، كفؤ و قادر على خدمة كافة اليمنيين و اليمنيات ، رئيس قادر على توحيد الشعب اليمني يقطع مع الفوارق البارزة بين الجهات شمالا و جنوبا، رئيس قادر على حماية الحقوق و الحريات للجميع. أن قمة القوى العالمية السبعة زائد ألمانيا و التي انعقدت أخيرا بالجمهورية الألمانية لمواصلة بحث الملف النووي الإيراني، تناولت على هامش قمتها القضية اليمنية و أكدت على أنها ستعمل على تهدئة الوضع. فهل هو مطلب إيراني أم هي مبادرة أوروبية جادة لوضع حد للحرب الدائرة في هذا البلد؟ و هل تنجح هذه المبادرة في إسكات أفواه المدافع و أزيز الطائرات ؟ أم أن ذلك بات من الوهم لان الدين و السياسة لا يجتمعان ، فالدين أمر الاهي، أما السياسة فهي فعل واجتهاد إنساني. قال احدهم:" إذ ارتبط الدين بالسياسة فانه يصبح عبءا على الآخرين." لقد قضى في عملية الحزم أكثر من الف قتيل و أصيب قرابة الخمسة ألاف جريحا، فهل سيستمر هذا النزيف طويلا، أم أن الأطراف المتنازعة و خاصة الحوثيون استوعبوا الدرس؟ و هل فهم الحكام الإيرانيون أن لا مجال لمزيد الامتداد الفارسي داخل البلدان العربية خصوصا أمام اتجاه العرب إلى بناء قوة عسكرية عربية موحدة و مضادة للقوة العسكرية الإيرانية خاصة. انه من باب المقامرة و المخاطرة أن تدخل إيران في حرب في الشرق الأوسط و الخليج العربي لان فرص نجاحها ضعيفة جدا، فحاملات الطائرات الأمريكية تراقب عن كثب البوارج الحربية الإيرانية و العرب على أهبة الاستعداد للدخول في حرب ضد الغزو الفارسي.