لم أكن أتوقع أن ينال موضوع العاصمة الجديدة تغطية قوية على صفحات الصحف العالمية وأن يتم أستطلاع رأى القراء حول مدى جدية المشروع وتوقعاتهم بنجاح أو فشل الفكرة ، الا أننى فوجئت بعدد من المقالات والتقارير الصحفية على مختلف المواقع الأكثر بريقا فى العالم تناقش الأمر وتوليه أهمية كبرى وتبادر الى ذهنى سؤال ما أهمية العاصمة الجديدة بالنسبه لقراء الجارديان أو غيرها وأنا كقارىء أنجليزى كيف أتبنى رأيا تجاه هذه المسألة. من بين هذه المقالات كان هذا التقرير الطويل الى حد ما على موقع صحيفة الجارديان تحت عنوان " مصر تخطط لبناء عاصمة جديدة بتكلفة 30 بليون أسترلينى فى قلب الصحراء" بدأ التقرير بتساؤل عن العاصمة - مجهولة الأسم - التى تسعى لجذ ب 5مليون مواطن ويتم التخطيط لها على أن تشمل 660 مستشفى و1250 مسجدا وكنيسة ومدينة ملاهى بمساحة تساوى أربعة أضعاف "ديزنى لاند " على أن يتم الأنتهاء من بناء المدينة فى غضون 7 سنوات ...مثل هذه المدينة هل تتم ؟؟ ينتقل التقرير الى فقرة تاريخية تحكى دولة عمرها 5 آلاف سنة تم نقل عاصمتها أكثر من مرة حتى أستقرت عام 969 وولدت القاهرة فى العهد الفاطمى كمدينة تحيطها الأسوار لحماية مساجدهم وقصورهم. وفى خلال الف سنة بلغ تعداد سكان القاهرة 20 مليون نسمة ويرى المسؤلون أن هذه أقصى طاقة يمكن أن تتحملها القاهرة ،وقد جاءت فكرة العاصمة الجديدة من بنات أفكار رجل الاعمال الاماراتى صاحب برج خليفة. المدينة المجهولة الأسم سوف تمتد على مساحة 700كم مربع وهى مساحة تقارب مدينة سنغافورة وبها حديقة تعادل ضعف "نيويورك سنترال بارك" ، تنقسم المدينة الى 21 حى سكنى و663 مستشفى و1250 مسجد ومساكن تسع 5 مليون مواطن وبهذا الوصف تتحول الى عاصمة من أكبر العواصم فى العالم فمدينة أسلام آباد " 1.8 مليون نسمة " ، برازيليا " 2.8 نسمة " ، وكانبيرا 380 الف نسمة ". بعض الاوساط فى مصر ترى أن العاصمة الجديدة سوف تصبح علامة مميزة فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى ويمكن القول أنها خطوة لتحويل الأمل والحلم الى واقع وعودة للأستثمارات فى مصر وطفرة فى الوضع الأقتصادى ، و من ناحية أخرى يوجد دائما المشككون فى الأمر الذين يرون من خلال التجارب التاريخية أن بناء مدينة بهذا الحجم من الصفر فى غضون 7 سنوات أمرا مستحيلا ومقامرة غير محسوبة -والرأى يعود الى كبير مخططى المدن فى الشرق الاوسط" برنت تودريان " الذى خطط مدينة فانكوفر سابقا والرجل يبدو أقل تفاؤلا فقياسا على بعض التجارب مثل مدينة " تساو فيديان" فى الصين كانت تأمل فى جذب مليون نسمة ولكنها بالكاد أصبحت مدينة لبضع آلاف. من ناحية أخرى يشير وزير الأسكان المصرى " مصطفى مدبولى " أن المال متوفر بالفعل لبناء 100كم مربع على أن تتضمن مبنى البرلمان الجديد ويؤكد على الالتزام بتشييد المرحلة الاولى. لكن الواقع يؤكد أن مصر لديها عدد من المدن الغير مكتملة البناء فى الصحراء وبالنظر الى خارطة مصر من خلال الاقمار الصناعية يبدو واضحا أن 96 % من السكان يتركزون على 4 % فقط من أجمالى مساحة مصر الكلية بالرغم من وجود 22 مدينة جديدة تم بناءها على مدار أكثر من 30 سنة و لا يزيد عدد سكان هذه المدن مجتمعه على مليون نسمة وتحوى الكثير من المنازل الخالية من السكان والمثال الأقرب للذهن هو مدينة القاهرة الجديدة التى كان من المخٌطط لها جذب عدة ملايين من السكان ولكن بعد عقد ونصف لا يزال تعدادها مئات الآلاف فقط. " ديفيد سيمز "قضى سنوات فى دراسة التخطيط والبحث عن سبب الأخفاقات فى بناء المدن الجديدة فى مصر وله كتاب بعنوان " أحلام الصحراء المصرية تطوير أم كوارث" يضع بعض الاسئله كيف يتم عمل بنية تحتيه ؟ وكيف يتم توصيل المياه ؟كيف يتم نقل جميع الوزارات ولماذا لم تنجح مدن مثل القاهرة الجديدة فى توفير فرص عمل ؟ولماذا فشلت كثير من المستوطنات الصحراويه فى جذب السكان اليها ؟ هو يرى أن السبب الرئيسى يتلخص فى عدم توفير وسائل مواصلات مناسبة بأسعار مناسبة ولأن الناس لا يريدون التخلى عن القاهرة القديمة وعند سؤالهم يقولون أن الاقامة فى هذه المدن يحتاج الى دخل مرتفع ولابد من امتلاك سيارة وتأتى الاجابة غالبا أن الحكومات لا تستطيع طرد الناس من الاقامة فى المكان الذى يريدون مهما حاولت أجبارهم. من ناحية أخرى يؤكد وزير الأسكان المصرى " مصطفى مدبولى " على ايجاد حل والبدء فيه لأن القاهرة قد تصبح مع الوقت 40 مليون نسمة فماذا نحن فاعلون ؟.. أنتهى أغلب ما جاء فى المقال من نقاط حاولت أختصارها مع الترجمة ولكننى أطرح وجهة نظر من يهتمون بمدن الشرق الأوسط ويدرسون أسباب النجاح والفشل وبقى بعد ذلك التعليق على المقال من قبل القراء الذين لاحظت من خلال أسماءهم أنهم لا ينتمون الى جنسيات عربية ..أغلب التعليقات تحدثت عن " الفقر والبطالة وقضايا الاقليات وحقوق الانسان التى يرون أنها الأهم فى بلد مثل مصر وينتقد بعضهم مشاركة جون كيرى ولاغاراد فى مثل هذه المؤتمرات "ويذكر البعض مشروع توشكى على سبيل المثال ويرى آخرون أن التجربة قابلة للتجاح وتؤتى ثمارها بالأشارة الى تجربة مماثلة فى البرازيل.. وخلاصة القول أن مصر دولة لها وزن وقيمة لا يستهان بها فكل مايدور داخلها يتردد صداه فى العالم وكأنها قدرا محور الكون.. من العدد المطبوع من العدد المطبوع