افتتح الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم إمارة دبي أمس فعاليات منتدى فقه الاقتصاد الإسلامي، وذلك في إطار مبادرة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي "رعاه الله"، "دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي في العالم"، تحت رعاية كريمة من الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي. وينعقد المنتدى بتنظيم من قبل دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي وبالتعاون مع مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي. واستُهل المنتدى بالسلام الوطني تبعه تلاوة آيات من الذكر الحكيم، ليتابع الحضور بعدها فيلماً وثائقياً تناول تجربة دبي في شتى المجالات وقصة نجاحها في التحول من صحراء إلى واحة أمن وسلام يؤمها الجميع ومظلة تحتضن تحت سقفها ما يقرب من 200 جنسية حول العالم. كما استعرض الفيلم المقومات التي تتمتع بها دبي من البنية التحتية القوية والديناميكية الاقتصادية ومرونة التشريعات والنُظم. وسلط الفيديو الضوء على الركائز الأساسية والعملية للمنتدى وذلك للانطلاق نحو هذا الهدف الطموح بقوة وثبات، وتتمثل هذه الركائز في: التمويل، قطاع الحلال، السياحة العائلية، البنية التحتية الرقمية، التصاميم، المعرفة والمعايير. وألقى الدكتور حمد الشيباني، المدير العام لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، عضو مجلس إدارة مركز دبي للاقتصاد الإسلامي، رئيس اللجنة العليا المنظمة للمنتدى، كلمة لفت فيها إلى أهمية انعقاد هذا المنتدى بوصفه يشكل أرضية للانطلاق نحو تأسيس مرجعية عالمية لمعايير الاقتصاد الإسلامي، لافتاً إلى أن وجود كوكبة من علماء الشريعة الإسلامية والاقتصاد يجعل من المنتدى المنصة الأبرز لرسم خارطة اقتصادية تستند إلى أسس شريعة متينية ترسيها نخبة من أعلام الفكر والفقه الإسلامي. وقال الشيباني: "تأتي مبادرة دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي تكريساً لجهود الشيخ محمد بن راشد أل مكتوم، في الإرتقاء بدبي لتكون عاصمة الاقتصاد الإسلامي على مستوى العالم. ونحن من جانبنا، سنبذل قصارى جهدنا في ترجمة توصيات المنتدى إلى واقع ملموس على الأرض وقرارات ملزمة لتكون نواة للعمل الاقتصادي الإسلامي وبداية تشكيل قاعد تشريعية فقهية متينة تكون مرجعاً للعمل الاقتصادي الإسلامي على الصعيد العالمي. واستشهد الشيباني بكلمة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عند إطلاق المبادرة، التي قال فيها: "نمتلك في الدولة بنية تحتية وموقع استراتيجي في قلب العالم الإسلامي بالإضافة لخبرة طويلة في مجال الاقتصاد الإسلامي، ولدينا فوق ذلك الطموح والعزيمة والإصرار للوصول وتحقيق رؤيتنا". منوهاً إلى أن دبي غدت أرضاً للفرصومدرسةً عالمية تقدم خبرتها للعالم رغم كل العقبات لأن وراءها قيادة تعمل قبل أن تقوم. وأكد الشيباني: "إننا نعول الكثير على القرارات التي ستصدر عن المنتدى، لتصبح مرتكزاً للتعاملات الإسلامية على المستوى العالمي، وما هذا المنتدى إلا البداية للمزيد من المؤتمرات واللقاءات التي تؤطر لمرحلة جديدة في الاقتصاد الإسلامي. كما ألقى كلمة المنتدى، رئيس منتدى تعزيز السلم، فضيلة العلاّمة الشيخ عبدالله بن بيه، أكد خلالها أن العلاقة بين السلام والاقتصاد هي علاقة حميمة لا انفصام لها. وشدد أن قيادة هذا البلد واعية لأبعاد أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف، فلولا الأمن الذي أنعم الله به على هذا البلد لما رأينا هذا الازدهار، مشدداً أن الإمارات هي واحة للسلم والأمن. ولفت بن بيه إلى أن الاقتصاد الإسلامي قديم قدم الإسلام ولكن الحاجة باتت ملحةلنظرة جدية ورؤية متجددة فيما يتعلق بواقع العالم والمعطيات الاقتصادية المعاصرة، مشدداً على أن المنتدى يأتي في مرحلة أشد ما يكون فيها العمل الاقتصادي الإسلامي إلى تأطير فقهي وتشريعي يكفل أن تأتي جميع تعاملاته في سياق إسلامي صحيح وسليم. من جانبه، قال عبد الله محمد العور، المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي:" إن البحوث والدراسات المتعلقة بفقه الاقتصاد الإسلامي وتقنين أحكامه الخاصة بالتعاملات والمنتجات المصرفية الإسلامية هي إحدى الركائز الاستراتيجية لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي. ونحن على ثقة بأن هذا المنتدى سيشكل علامة فارقة في مسيرة دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي لأنه يسهم في صياغة منظومة فقهية جديدة ومتكاملة لكافة القطاعات الناشطة في هذا المجال والتي تتوفر أمامها فرص واعدة للنمو على مستوى العالم. إننا نعتز بقدرتنا على جمع كبار الفقهاء والمتخصصين في البحوث الإسلامية من أجل التوصل إلى بلورة القوانين والتشريعات التي تضبط التعاملات المختلفة في مختلف القطاعات والمنتجات الاقتصادية الإسلامية مما يعزز تنافسية دبي كعاصمة الاقتصاد الإسلامي بعدما أصبح هذا القطاع اليوم منظومة اقتصادية عالمية تسعى العديد من الدول الى تبنيها. وكرّم المنتدى الشركاء الاستراتيجيين والرعاة ممثلين في: مؤسسة دبي للإعلام، الشريك الإعلامي، ومؤسسة دبي الإسلامي الإنسانية، وشركة النابودة للسيارات. وشهدت الجلسة الأولى طرح المحور الأول في المنتدى وهو المحور التشريعي والذي يتضمن أصول الاقتصاد في الإسلام، حيث أدار الجلسة فضيلة الأستاذ الدكتور محمد عبدالرحيم سلطان العلماء، أستاذ الفقه وأصوله بجامعة الإمارات، إذ جرى استعراض أربعة بحوث ضمن هذا المحور، كان أولى هذه الأبحاث للدكتور مطلق جاسر مطلق الجاسر أصّل فيها للاقتصاد الإسلامي وأركانه والأسس التي يقوم عليها. أما البحث الثاني، فكان للأستاذ الدكتور شوقي دنيا، تحت عنوان المشكلة الاقتصادية وحقيقة الندرة النسبية وإشكالية التوفيق بين الحاجات المتشعبة والموارد المحدودة، حيث يعد هذا البحث من الإضاءات الهامة على جزئية التوازن بين الطلب والحاجة في الموضوع الاقتصادي. أما الورقة البحثية الثالثة، فقدمها الدكتور هايل عبدالمولى طشطوش بعنوان المشكلة الاقتصادية بين التوصيف والحل من منظور اقتصادي إسلامي. كما عرض الأستاذ الدكتور عبدالله محمد الشامي بحثه الذي حمل عنوان، الاقتصاد والتمويل الإسلامي بديلان لمعالجة الأزمة الاقتصادية العالمية، وتبرز أهمية هذا البحث كونه يغوص عميقاً في أسباب الركود الاقتصادي الذي ضرب العالم في آواخر العام 2008، ومحاولة وضع الحلول من وحي الشريعة الإسلامية. وانعقدت الجلسة الثانية برئاسة الدكتور جاسم علي سالم الشامسي، عميد كلية القانون بجامعة الإمارات سابقاً، حيث استمع الحضور إلى بحث مقدم من الدكتور عبدالسميع الأنيس، تحدث فيه عن أدوات التمويل وموجهاته في الحديث النبوي، كما قدم الدكتور عبدالكريم أحمد قندوز قراءة اقتصادية مستفيضة من وحي الشريعة الإسلامية ببحثٍ تحت عنوان التحوط في التمويل الإسلامي: حماية للمال ودافع للتنمية. واستعرض الشيخ شاه جيهان نقاب ببحثه أصول الاقتصاد الإسلامي بين الإعمال والإهمال، أكد فيها على عُمق التشريع الإسلامي في المجال الاقتصادي وضرورة تفعيله بما يؤتي أكله. واختتمت الدكتورة أسماء فتحي عبدالعزيز الجلسة ببحثها، ضوابط استثمار المال وإنفاقه في الشريعة الإسلامية، شرحت المرونة الكبيرة التي تتمتع فيها الشريعة الإسلامية من حيث تنوع قنوات الاستثمار المتاحة أمام الناس. وفور فتح المجال للنقاش، شهدت أروقة الجلسات تفاعلاً كبيراً من الحضور نظراً لغنى المواضيع المطروحة والتصاقها بحياتهم اليومية، إضافة إلى الرغبة الكبيرة لدى الجمهور بمعرفة المزيد عن التعاملات الاقتصادية الإسلامية. يُذكر أن فعاليات منتدى فقه الاقتصاد الإسلامي افتتح أعماله يوم 22 الشهر الجاري ويستمر لغاية 24 من الشهر الحالي.