بعض التعهدات الطموحة التي اطلقها الرئيس محمد مرسي خلال حملته الانتخابية مثل الوعد بتطبيق الشريعة الإسلامية قد توضع على الرف الآن لأن الحقيقة على أرض الواقع تشير إلى انقسام حاد في البلاد بشأن فكرة أن يتولى الإخوان المسلمون الحكم. وقال جوشوا ستاتشر - استاذ العلوم السياسية المساعد في جامعة ولاية كنت- خلال تقرير لوكالة رويترز: "ما يفكر فيه مرسي هوأن يكون له موضع قدم في الرئاسة ويستخدم بعض السلطات غير الرسمية التي تجيء معها -لأنه رئيس صوري- ليحاول ببطء جمع السلطات ليحدث توازنا أمام المجلس العسكري". موضحًا أنه في إطار المشهد الحالي للبلاد لا يملك الرئيس مرسي الآن برلمانا ليمرر من خلاله مثل هذا التشريع حتى لو أراد ذلك وإن كان سيشكل إدارة رئاسية ويعين رئيسًا للوزراء وحكومة جديدة، فالبرلمان المنتخب في يناير وهيمن عليه الإخوان المسلمون لا وجود له الآن ليحتفظ المجلس العسكري لنفسه بسلطة التشريع في غياب المجلس التشريعي. وأضاف: "الموقف أمامنا موقف ستلقى فيه اللائمة في استمرار مشاكل مصر على الرئيس المدني المنتخب بينما سيظل المجلس العسكري فوق النقد قائلا: الأمر أشبه بوضع الملوك. وأكد على استمرار هذا الفصل الدائم في تاريخ مصر منذ أن اطاحت مجموعة الضباط الأحرار بالملك عام 1952، قائلا: إنه الصراع القديم بين الإسلاميين والجيش. ورغم كل النواقص ستضيف الرئاسة وما تمثله من تفويض شعبي وترا جديدا إلى القوس الذي يمسك به الإخوان الآن وهم يستعدون لصراع أهم من انتخابات الرئاسة.. وهو مصير دستور جديد سيحدد النظام الجديد في مصر. وقال دبلوماسي غربي في القاهرة "سيغتنم الإخوان المسلمون ما هو متاح - جائزة لم يكونوا يتخيلوها قبل 18 شهرا فرئاسة منقوصة هي أفضل كثيرا من لا شيء على الاطلاق". وأضاف: "انها جزء من الحل الوسط السياسي الجديد والحساس.. جزء من التعايش الجديد في مصر". وأكد أن الدستور الذي لم يكتب بعد سيحدد سلطات الرئيس ودور المؤسسة العسكرية التي يقول الإخوان المسلمون: إنها عازمة فيما يبدو على أن يصاغ بطريقة تحمي مصالح الجيش. وحصل الإخوان المسلمون على نصيب جيد في اللجنة التي بدأت في وضع الدستور الأسبوع الماضي. لكن المجلس العسكري أعطى لنفسه أيضا سلطات جديدة للأشراف على العملية بما في ذلك حق تشكيل لجنة جديدة لكتابة الدستور إذا رأى أن اللجنة الحالية فشلت في مهمتها وهو ماستنظره المحكمة غدا الثلاثاء في الطعن في دستورية اللجنة الحالية. وأوضح أن خارج إطار الصراع بين الاخوان والجيش هناك معارض آخر لمرسي قد يكون أكثر تحديا هو المصالح الراسخة لاجهزة اعتادت العمل بالطريقة القديمة. فما يعرف "بالدولة العميقة" وما تشمل من أجهزة أمن سرية ستكون على الأرجح عقبة رئيسية أمام التغيير. وفي تصريحات من القاهرة قال اليجاه زاروان وهو من الخبراء السياسيين الكبار في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "الرئيس مرسي سيكافح من أجل السيطرة على أدوات الدولة، وسيواجه على الأرجح ممطالة بل ربما محاولات صريحة لتقويض مبادراته من قبل مؤسسات رئيسية". وأضاف " في مواجهة هذه المقاومة قد يدفعه الشعور بالإحباط إلى محاولة الإلقاء بثقله الجديد في كل اتجاه وهذا سيكون خطأ". وفي أول تصريحات له كرئيس منتخب وعد مرسي بأن يكون رئيسًا لكل المصريين، كما وعد بتشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة وهو شيء يقول المحللون أنه سيكون رصيدا هاما للإخوان وهم يسعون لتنفيذ أجندتهم الإصلاحية. وتبدأ عملية تشكيل الحكومة يوم الإثنين، ومن بين الأسماء التي طرحها مسؤولون كبار في الإخوان محمد البرادعي الإصلاحي والدبلوماسي السابق في الأممالمتحدة الذي سُئل عن مدى استعداده للمشاركة. كما أعلن شفيق أنه جاهز للمشاركة اذا طلب منه ذلك. ووعد نشطاء الإخوان مواصلة احتجاجات الشوارع لإجبار المجلس العسكري على التراجع عن بعض القرارات التي أزالت قدرا من البريق عن فوز مرسي. لكن خلف الأبواب المغلقة سيسعى الإخوان أيضا إلى التوصل إلى حلول وسط مع القادة العسكريين كما فعلوا في الأيام القليلة الماضية منذ صدور الإعلان الدستوري المكمل. وقال شادي حميد مدير مركز بروكينجز الدوحة: "ما من شك في أن هناك صفقات ستحدث". واستطرد: "المجلس الأعلى للقوات المسلحة لديه دباباته وأسلحته والإخوان المسلمون يفهمون هذا. وقال مصطفى كمال السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن هناك بعض القضايا الحاسمة بينهم وهي على قدر كبير من الأهمية. وقال: إن من المهم لمرسي أن يتفق معهم أو أن يقبل ببعض الحلول الوسط وإلَّا اهتز حكمه.