لماذا ابتعدت عن مجال الأغنية في الفترة الأخيرة واتجه تركيزك للتمثيل سواء مسرحاً أو تليفزيوناً؟ - يوجد مجموعة جيدة من المطربين المحترمين يقومون بتقديم فن جيد في العديد من الحفلات، لكن للأسف تلك الحفلات لا يتم تصويرها تليفزيونياً، وهذا يحدث معي أيضاً، لذلك فعندما يكون الفنان غير متواجد أمام الجمهور 24 ساعة وقتها يقول الناس إن هذا الفنان «اختفي وغير موجود» خصوصاً انه يوجد مجموعة كبيرة من القنوات الفضائية كل تركيزها علي سبع أو ثماني مطربات فقط طوال الوقت، مما تسبب في عدم إتاحة مساحة معروضة لنا علي التليفزيون سواء الفضائيات أو المصري، مما يؤكد فعلاً أن هذا الفنان أو هذه الفنانة غير متواجد، مع اننا نجد كل حفلات المطربين اللبنانيين والخليجيين معروضة علي القنوات الخاصة بهم. أين أضواء المدينة ما سبب تجاهل التليفزيون المصري في رأيك؟ - ليس تجاهلاً، ولكن من المفروض إتاحة إمكانيات في عالم المنوعات، خصوصاً أن حفلات «أضواء المدينة» تقلصت، وكذلك حفلات «ليالي التليفزيون»، ويرجع ذلك لوجود العديد من الأسباب ومنها أجور الموسيقيين المرتفعة، وإذا أعطينا لهم أجراً أقل سنجد أنهم سيكتفون ببروفة أو اثنتين مما سيجعل الحفلة غير جاهزة بالشكل الكافي وبالتالي سيظهر بها أخطاء ولا يتقبلها الجمهور، وعلي المدي الطويل فإن الخسارة ستطول الكل. ولكن معروف انك منتجة وتملكين شركة إنتاج فماذا كان تأثير ظروف السوق عليك، ولماذا لم تستمرين في الإنتاج؟ - كنت أقوم بالإنتاج لأغلب أعمالي بنفسي، ولكني للأسف وجدت أن التركيز في الإنتاج يعرقلني كثيراً، ويجعلني غير قادرة علي التركيز في فني، وذلك لأن الفنان يتعامل بقلبه وإحساسه مع الفن الذي يقدمه، إنما بالنسبة للمنتج، فكل تفكيره ينحصر في الماديات، فقد عطلني الإنتاج عن كثير من الأشياء منها أني لو أردت أن أشارك أحد المطربين في دويتو ووجدت بالفعل أن صوته جيد ومتناسب معي، لكني لن أستطيع مشاركته بنظرة عين المنتج، لأنه للأسف إنتاجياً لا يعطي إيرادات، إنما لو كان يوجد منتج متفرغ للإنتاج فقط، ففي هذه الحالة سيقوم بعمل موازنة بين الصوت الجيد، وما الذي يستطيع تحصيله من إيرادات، هذا بالإضافة إلي أهم سبب في كوني لم أستمر في الإنتاج، وهو وجود «قرصنة النت» وسرقة الأغاني التي هددت معظم سوق الكاسيت، حيث إننا نجد الأغاني في دقائق علي النت بمجرد نزولها، مما يؤدي إلي تكبد المنتج الكثير من الخسائر وبالتالي أدت إلي أن كثيراً من الشركات أغلقت أبوابها، فلا يمكن أن يتكلف منتج مبالغ هائلة، ويتم سرقة كل هذا المجهود، وتعتبر قرصنة النت من الأسباب التي جعلتني لم أستطع الصمود كمنتجة، بالإضافة لمبالغة العديد من الملحنين والشعراء في أجورهم، وذلك لأنهم وجدوا عروضاً تنهال عليهم من شركات كبري مما أدي لرفع أسعارهم، بالإضافة لوجود العديد من المراحل حتي يتم إذاعة الأغنية مثل الإعلان، الأفيشات، والفضائيات والتي تطلب مبالغ هائلة لإذاعة الأغنيات، وبصراحة لا يتواجد لأي شخص كل تلك الإمكانيات. بعد ابتعادك عن الإنتاج، هل من الممكن أن تتعاملي مع شركات إنتاج أخري؟ - وما المانع، ياريت صندوق لكل فنان ولكن هل يضايقك احتكار الشركات للمطربين والمطربات؟ - لا يضايقني ذلك، لأن من حق أي شركة أن تسترد المبالغ التي قامت بصرفها، فهذه المبالغ لن تقوم بتحصيلها بين يوم وليلة، لذلك فمن حق الشركة احتكار الفنان لبعض الوقت، ولكن ليس من حقها أن تقوم بوضع الفنان في صندوق وتغلق عليه، لذلك فنحن من المفروض أن نلتمس العذر للمنتج ونعرف أسبابه، لأنه يجب أن يحقق مكسباً حتي يواجه خطر قرصنة الإنترنت لسوق الكاسيت، وكذلك نفس الحال يحدث في السينما، فنجد أنه يحدث سطو علي الأفلام ونجدها علي «السي دي» بمجرد عرضه علي شاشات السينما. ولكن أيهما أقوي صراعات السينما أم صراعات سوق الكاسيت؟ - أنا لا أسميها صراعات في السينما بقدر ما تكون بمثابة «اللعب مع الكبار» أما بالنسبة للوسط الغنائي فيوجد فيه أنصاف مطربين و«ناس فاضية» ولا يوجد هم لهم إلا الكلام، وبالتالي فأنا لا يوجد عندي وقت للمهاترات. ولكن ألا تجدين أن تركيز شركات الإنتاج الآن أصبح ينصب علي مطربات الإثارة دون النظر لأي اعتبارات أخري؟ - أنا عن نفسي أشجع الحرية في تقديم العمل الفني إلي أبعد الحدود، ولكن علي كل فنان أو فنانة أن يقوم بتقديم العمل الذي يريده، ويتحمل نتيجة ما يقدمه، فنحن لا نستطيع أن نمنع أحداً، ولكن الذي أريد قوله إنه ليس من اللائق أن يتم تسليط الضوء علي عدد محدود من المطربات دون الباقي، فيجب تسليط الضوء علي الكل، وأنا واثقة أن الجمهور سيختار الشيء الصحيح، لأن الجمهور علي وعي تام بكل ما يحدث حوله. وهل أنت ضد تلك النوعية من الأغاني المثيرة؟ - لست ضدها، فعندما يتم عرض أغنية جميلة فإن الجمهور سيقوم بمشاهدتها وكذلك الحال لو تم عرض فيلم جيد أو حفلة جميلة لفنان يقوم فيها بالغناء بصوته بدون استخدام أجهزة تصحيح للصوت، وبالتالي فلا يمكن أن يشاهد الجمهور شيئاً جميلاً ويقول عليه إنه سيئ خصوصاً ان هؤلاء الفتيات جميلات، فنحن كمبدعين ليس من واجبنا أن نقوم بتربية الجمهور، ولكن نحن نقدم الشيء علي الشاشة، والجمهور له حرية الاختيار، فليس من دورنا أن نقوم دائماً بتوعية الجمهور، فهذا لا يجوز. ملء فراغ ألا ترين أن اهتمام الشركات بذلك النوع من الأغاني وتلك النوعية من المطربين والمطربات سيضيع الفرصة علي الموهوبين في الظهور؟ - للأسف الشديد، فإن الاهتمام بالمواهب الغنائية لم يتم تسليط الضوء عليه بشكل كبير، وكذلك فإن الاهتمام بالأغنية بصفة عامة لم ينل نفس حجم الاهتمام بالمسلسلات، فمازالت شركات الإنتاج تتعامل مع بعض الأغاني علي انها مجرد شيء يملأ فراغ الفضائيات، لكن لا يمكن أن نستطيع إنكار أن هناك مجهودات كبيرة في مجال الأغنية، لكن للأسف لا تتضح بدرجة كبيرة، لأنه يوجد بعض الشركات التي تتمسك مثلاً بمطرب أو مطربة وتضع لهم ألقاباً، وتظل تمجد فيهم، وبصراحة لا أعرف سبباً لكل هذا. تم عرض مسرحية لكِ وهي «أيام الحب والغضب» والتي كان قد تم عرضها من قبل عام 2001، فماذا عن هذا العمل؟ - كنا بالفعل قد قمنا بعرض «أيام الحب والغضب» عام 2001 ولكن الفنان توفيق عبدالحميد رئيس الهيئة قرر إعادة العرض مرة أخري بغرض تصويرها للتليفزيون، وبصراحة أشعر أن هذا العمل متميز لأنه عمل غنائي استعراضي، أقوم من خلاله بتقديم فن يشمل الأداء التمثيلي إلي جانب الغناء والاستعراض. ما بين 2001/ 2010 وما الاختلاف الذي لاحظتينه بين عرض المسرحية 2001 وعرضها 2010 - بالتأكيد تم وضع بعض التغييرات في السيناريو إلي جانب أنه أصبح عندي حالة من النضج عند تناولي للشخصية، وظهر ذلك واضحاً في الأداء والاستعراض. ما الطرح الذي قدمته تلك المسرحية؟ - «أيام الحب والغضب» لمست أغلب المشاكل الاجتماعية والسياسية، فهي مسرحية جادة ولكنها مغلفة في قالب استعراضي غنائي فكاهي، بالإضافة إلي أنها مليئة بعناصر التشويق، وفيها مواجهات بين الجيل الحالي والجيل السابق له، والحمد لله أن الجمهور تجاوب مع العرض، وكان در فعله إيجابياً، وهذا شيء أسعدني جداً. هل من الممكن أن تخوضي تجربة المسرح مرة أخري؟ - طالما يوجد عمل جاد ومميز فلما لا أخوض فيه، لأن العمل المميز هو الذي يفرض علينا الذهاب إليه، وأنا دائماً ما أحب أن أحافظ علي ثقة الجمهور في فني، فعندما قمت سابقاً بتقديم مسرحية «حلم بكرة»، وهي أساساً عمل مسرحي للأطفال، وبالمناسبة هي من تأليف إبراهيم محمد علي وإخراج أحمد عبدالحليم، فقد كانت تناقش موضوعات مشي الطفل ولكن بالمفهوم الحالي، أي الطفل الواعي والناضج، إلي جانب احتوائه علي الأغاني والاستعراضات التي تجذب الأطفال، واستمر عرضها أربع سنوات بناء علي رغبة الجمهور، وتحولت من مسرحية أطفال إلي عرض خاص بالأسرة كلها، لذلك فأنا أسعي دائماً لتقديم العمل الهادف الذي يؤثر في الجمهور، خصوصاً أن مسرح الدولة تغير الآن للأحسن، وأصبح له جمهور كبير. قانون المراغي لك تجربة متميزة في الدراما التليفزيونية من خلال مسلسل «قانون المراغي» فماذا أضافت لك هذه التجربة؟ - لقد حققت لي نجاحاً كبيراً ونقلة فنية يرجع الفضل فيها للمخرج أحمد عبدالحميد الذي وثق في، لأنه بالطبع مخرج متمكن واستطاع أن يستخرج من داخلي طاقات فنية كامنة وبالتالي عمل علي توظيفها بطريقة سليمة. وهل لم تعرفي أن تلك القدرات موجودة بداخلك؟ - بالطبع كنت أعرف، لكن المخرج أحمد عبدالحميد هو الذي اكتشفها ومعه النجم خالد الصاوي الذي احتواني بشدة داخل العمل الفني. ولكن عدم غنائك لتتر المسلسل آثار دهشة الجميع، فلماذا لم تقومي بغنائه؟ - صحيح أن العرف جري علي أن المطرب لو قام ببطولة مسلسل يجب أن يقوم بغناء تتر المسلسل، ولكني وجدت أن هذا سيقوم بصنع خط فاصل بين شخصيتي في المسلسل، وتحقيق المصداقية عند الجمهور، لذلك فضلت التمثيل فقط، ولأني أردت كذلك أن أؤكد أن العمل لا يتطلب الغناء، لذلك فلا يوجد داع أن أفرضه علي العمل، فالمخرج أعطاني دوراً كبيراً يعتمد علي الأداء التمثيلي العالي فلابد أن أكون عند حسن ظن المخرج والجمهور. وكيف استطاع هذا العمل أن يفرض نفسه وسط زحام أعمال رمضان؟ - لأنه احتوي علي جميع مقومات النجاح من إخراج ورواية قوية، وممثلين علي درجة عالية من الأداء، لذلك فإني اعتبر «قانون المراغي» كان يدخل في منافسة مع كبار النجوم، وبالفعل حقق النجاح وسط هذه المسلسلات، وهؤلاء النجوم ممن يملكون مواهب كبيرة، وليس ذلك فقط ولكنه حقق نسبة مشاهدة عالية، بالإضافة إلي حصول الفنان خالد الصاوي علي جائزة أحسن تمثيل عن دوره في المسلسل وبصراحة فقد اعتبرت نفسي ان تلك الجائزة قد حصلت عليها أنا، لأن جائزة خالد هي جائزة لفريق عمل المسلسل بأكمله. نوعية الدور هل تفرق معك مساحة الدور في اختيارك العمل الفني، خصوصاً أن دورك في قانون المراغي كان له مساحة عريضة؟ - الأهم من حجم الدور هو نوعيته وأبعاده، فكما وجدتي في قانون المراغي فقد كان دوري يعتمد علي أبعاد وتركيبة معينة، لذلك فلابد أن تكون اختياراتي تضيف لتاريخي الطويل ولا تتخيلي مدي سعادتي عندما وجدت الفنانة القديرة «نادية لطفي» وهي تحدثني وتشيد بأدائي في المسلسل، ومازالت كلماتها ترن في أذني حتي الآن، ووقتها شعرت أنه لا يمكن أن أقدم عملاً أقل من قانون المراغي، فلابد أن يكون علي نفس المستوي، وفي نفس الوقت تحقق عنصر المنافسة مع النجوم الكبار، لأني دائماً أقول إن «اللعب مع الكبار» ملئ باللذة. حلم الفن السابع وبالنسبة للسينما ألم تفكري في اقتحامها؟ - أتمني ذلك بكل تأكيد في ظل وجود الطفرة الكبيرة من المؤلفين والمخرجين الجدد، حيث إن أهم شيء هو وجود الموضوع الجيد، فالسينما كانت تمر في فترة من الفترات بمرحلة انهيار، لكنهم الآن عملوا علي تطويرها، لذلك نجد أن الأفلام المصرية أصبحت تشارك في المهرجانات العالمية وتحصد العديد من الجوائز.