بعد أن انتهت مؤخراً مناقشات قانون الآثار ووافق مجلس الشعب علي مواد القانون بالصورة التي رضي عنها رجال الآثار ومختلف التيارات وإقراره بما يحقق الصالح العام.. تبقي مرحلة التطبيق بعد إعداد اللائحة التنفيذية. تختلف قضايا الاتجار في الآثار المصرية باختلاف الأشخاص والأماكن واختلاف جنسيات المشترين والزبائن ولكن يتفق جميع تجار الآثار علي دوافع ذاتها من حيث النصب والاحتيال والربح السريع والمضاعف من خلال التزييف وبيع القطع المقلدة والشبه أثرية، إلي جانب ظهور أسلوب جديد من الأساليب التي يتبعها المهربون والتجار وهو أولاً كسب ثقة الزبون المشتري واعطائه قطعاً أثرية حقيقية في أول تعاملات بيع ثم تأتي عملية البيع الثانية والتي تحتوي معظمها علي قطع مزيفة ومقلدة حديثة الصنع وتباع علي أنها أثرية وذلك باستغلال عامل «الثقة». في واحدة من قضايا الاتجار في الآثار المصرية من داخل الواحات البحرية تأتي وقائع حادثة جديدة داخل بيئة مختلفة قلما تم الكشف فيها عن مثل هذه القضايا في الاتجار. فالواحات البحرية هي إحدي واحات الصحراء الغربية في مصر وتتبع حالياً محافظة 6 أكتوبر وتقع علي بعد 365 كم من الجنوب الغربي للجيزة وهي تقع في منخفض ويوجد بها نحو 400 عين للمياه المعدنية والكبريتية الدافئة والباردة والواحات البحرية كانت تتبع إقليم «اكسيرنخوس» وكان جنود الجيش الروماني المكون من الأقباط والرومان دائماً ما كانوا يتحركون في الوادي بين مدينة اكسيرنخوس «البهنسا» والواحات البحرية حيث كانوا يحتلون الجزء الشمالي من الواحة شرق الباويطي وخلال الفترة المسيحية عندما دخلت مصر تحت حكم الرومان عرفت الواحات البحرية باسم واحة «البهنسة» ومن فترة لم تكن أمنة بالنسبة للواحات حيث كان القائد الروماني هادريان هو الذي كان يشرف علي القوات العسكرية في الواحات حوالي 213م. ومن المعروف أنه كان هناك احتلال ليبي «النوباتايين» الذي دمر فيه العديد من القري في الواحات، وفي عام 399 وضع الرومان ومن بعدهم البيزنطيون معسكراتهم علي الحدود. ومن المعالم الأثرية بالواحات البحرية مقابر الأسرة 26 من الحضارة الفرعونية وجبانة الطيور المقدسة وبقايا قوس النصر الروماني وأطلال معبد إيزيس وأطلال معبد يرجع إلي عصر الإسكندر الأكبر كما تحتوي علي مقبرة وادي المومياوات الذهبية. المزارع تاجر آثار من داخل نيابة قسم أكتوبر ثاني الواحات يروي لنا: باسم عبدالباقي- وكيل النائب العام تفاصيل القضية والتي بدأت وقائعها بإخطار المباحث العامة عن عملية بيع واتجار داخل أحد البيوت بالواحة يقوم بها أحد الأشخاص والذي يعمل مزارعاً ويتاجر أيضاً في بيع محصول البلح الذي يزرعه في أرضه التي يملكها. ويقول وكيل النيابة: إن أهل الواحات البحرية لم يتطرقوا لتجارة الآثار من قبل ونادراً ما يتم الكشف عن قضايا الاتجار داخل ظروف البيئة بالواحات نظراً لصعوبة الطبيعة الصحراوية المنغلقة علي أطراف مصر ولكن في هذه القضية يرجع الفضل إلي جهود شرطة السياحة والآثار لكشف عملية المتاجرة التي قام بها المزارع. في البداية عندما توجهت الشرطة لتفتيش بيت المتهم لم تجد أي قطع داخل منزله ولكن بالضغط عليه اعترف عن المكان الذي يخبئ فيه التماثيل والقطع والتي وجدت داخل شونة بجانب منزله وتم استخراج التماثيل. تختلف هذه القضية عن غيرها بظهور دافع جديد اعترف به المتهم أمام النيابة العامة حيث قال وكيل النيابة إن المتهم بدأ المتاجرة في القطع الأثرية من فترة خلال سنوات بدأ فيها البيع والاتجار بالآثار والقطع الأثرية واعتاد عليه زبائنه فكان عليه أولاً كسب ثقة الزبون المشتري واعطائه قطعاً أثرية حقيقية في أول تعاملات بيع ثم تأتي عملية البيع الثانية والتي تحتوي معظمها علي قطع مزيفة ومقلدة حديثة الصنع وتباع علي أنها أثرية فبدأ المتهم في كسب الثقة «يربي زبون» ثم استعمل أسلوب النصب والتزييف لمضاعفة الأرباح من خلال الاتجار. وصف الضبطية داخل نيابة قسم أكتوبر ثاني توجهت اللجنة الفنية لفحص ومعاينة المضبوطات يقول د. يوسف حامد خليفة رئيس اللجنة الأثرية بالمجلس الأعلي للآثار والمشرف العام علي المتحف المصري الكبير، احتوت القضبطية علي كمية كبيرة من القطع والتماثيل الأثرية والتي تم تقسيمها إلي مجموعات والتي تعتبر من أحسن القطع المضبوطة حيث وجدنا 263 تمثال صغير الحجم يبلغ ارتفاع أكبرها 12 سم والعرض عند الكتفين 5.3 سم وسبعة منهم مكسورون إلي نصفين وعليها جميعاً من الأمام كتابة بالهيروغليفية وجميعها تماثيل أثرية تنتمي إلي العصر المتأخر من الحضارة الفرعونية وتخضع لقانون حماية الآثار المصرية رقم 117 لسنة 1983، وتماثيل الأوشابتي التي كانت توضع داخل المقابر بعدد أيام السنة 365 يوماً مقابل 365 تمثالاً مختلفاً من المعدن أو الحجر أو الخشب باختلاف أهمية الشخص المتوفي وكانت توضع هذه النوعية من التماثيل بجانب المتوفي لحمايته في الدار الآخرة. المجموعة التي تم ضبطها في هذه القضية تحتوي علي مجموعة «بادي إيست» «عطية إيزيس» بهذا المعني ترجع إلي الأسرة 26 من العصر الصاوي وهو عصر فرعوني متأخر وتعتبر من أحسن المضبوطات التي تم ضبطها هذه النوعية من تماثيل الأوشابتي. ويضيف د. يوسف خليفة رئيس اللجنة الأثرية: أن الضبطية تحتوي علي مجموعة كبيرة من القطع المزيفة حديثة الصنع من مواد من الجبس والأسمنت والأكاسيد ومعظم القطع عليها بعض الحروف والعلامات التي تشبه الهيروغليفية من بينها 49 تمثالاً مصنوعاً من الجبس والأسمنت وستة تماثيل صغيرة بهيئة الإله بس حديثة الصنع وغير أثرية. وأيضاً من بين محتويات الضبطية عدد 2 تمثال بهيئة قط أحدهما مكسور إلي نصفين حديث الصنع وغير أثريين، ويقول علي ضاحي مفتش آثار: تحتوي أيضاً الضبطية علي 2 تمثال بجسم ادمي ورأس حيوان ابن أوي وأنثي الأسد يقفان علي قاعدة بها بعض الحروف والعلامات التي تشبه الهيروغليفية وهما تمثالان مصنوعان حديثاً وما عليهما من علامات وحروف مقلدة ومكتوبة حديثاً ولا تؤدي إلي معني. وقد أوصت اللجنة الفنية بعد المعاينة الدقيقة لمحتويات الضبطية بفصل القطع والتماثيل الأثرية عن المقلدات وإعدامها لعدم تداولها داخل الأسواق علي أنها أثرية وإيداع القطع الأثرية بالمخزن المتحفي بمنطقة آثار الهرم كحرز علي ذمة القضية طبقاً لقانون الحماية رقم 17 لسنة 1983.