مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي الدولي    وفد كنيسة ماري جرجس يحتفل مع مرضى السرطان بعيد الأضحى    الإسكان: إنهاء 381 مشروعاً ب3 محافظات ضمن مبادرة «حياة كريمة»    تراجع جديد في أسعار البترول العالمية خلال تعاملات اليوم.. ما الأسبب؟    مصر للطيران تسير غداً 12 رحلة جوية لعودة الحجاج من الأراضى المقدسة    خلال إجازة عيد الأضحى.. رفع 800 طن مخلفات وقمامة بمراكز أسيوط    مصدر رفيع المستوى: لا صحة لموافقة مصر على المشاركة في قوة عربية للسيطرة على معابر غزة    24 شهيدًا و71 مصابًا في العدوان على غزة خلال 24 ساعة    البنتاجون: الحوثيون سيدفعون ثمن منع حرية الملاحة فى البحر الأحمر    مصرع 11 شخصا جراء الفيضانات وسوء أحوال الطقس فى الهند    نجل نتنياهو يهاجم قائد سلاح الجو الإسرائيلي: أين كان في 7 أكتوبر؟    الزمالك يستأنف تدريباته اليوم استعدادا لمواجهة فاركو    إعلان حكام 4 مباريات في كوبا أمريكا    مليون مستفيد من «مبادرة العيد أحلى» بمراكز شباب كفر الشيخ    أخبار الأهلي : ثنائي جديد يقترب من الظهور مع الأهلي أمام الداخلية    الشناوي يدخل حسابات الوحدة السعودي    ضبط 10 أطنان دقيق مدعم داخل المخابز السياحية    شواطئ رأس البر كاملة العدد في رابع أيام عيد الأضحى    الحالة الثالثة.. وفاة حاجة من رأس غارب أثناء تأدية مناسك الحج    ضبط قضايا اتجار في العملة ب7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم بالقناطر الخيرية    لطلاب الثانوية العامة.. كيف تتعامل مع امتحان اللغة العربية؟    بإيردات 23 مليون جنيه.. «ولاد رزق 3» يُحلق في الصدارة منفردًا    "الجدي والسرطان" الأبرز.. خبيرة فلك تبشر 6 أبراج فلكية    لجنة التحقيق المعنية بالأراضى الفلسطينية: إسرائيل نفذت جرائم حرب ضد الإنسانية    في ذكرى ميلاد «حسن حسني».. 500 عمل فني رصيد «الجوكر»    عمرو دياب يستعيد الذكريات ب ميدلي من أغاني زمان في حفله بدبي    الصحة: تنفيذ 129 برنامجًا تدريبيًا ل10 آلاف عامل بالوزارة    هيئة الدواء تصدر منشورا عن «فقر الدم المنجلي» في يومه العالمي.. ما أعراضه؟    كورييري: الهلال يرغب في ضم بن ناصر    حملات مكثفة لرصد محاولات البناء العشوائي وإزالة التعديات المخالفة بالشرقية    تحرير (164) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    أجر عمرة.. مسجد قباء مقصد ضيوف الرحمن بعد المسجد النبوي    الصحة: تقديم خدمات الكشف والعلاج ل 18 ألف و726 حاجا مصريا    وكالة الأنباء السورية: مقتل ضابط جراء عدوان إسرائيلي على موقعين في القنيطرة ودرعا    استياء مجلس إدارة الزمالك من جوزيه جوميز بسبب «تسريح» فريق 2003 (خاص)    محمد رمضان يعلن غيابه عن دراما رمضان 2025 للموسم الثاني على التوالي    إيرادات قطاع الضيافة في ألمانيا ترتفع في أبريل    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    استشاري باطنة: المبادرات الصحية في مصر مبتكرة وساهمت في القضاء على أمراض متوطنة    «الصحة» تحدد أفضل طريقة لطهي اللحوم الحمراء: لا تفرطوا في تناولها    أول تعليق من اللاعب محمد الشيبي على قرار المحكمة الرياضية الدولية | عاجل    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب المناطق الشمالية في باكستان    بعد وصف وزارة العمل علاقتها بمصر بأزهى العصور.. تعرف على المنظمة الدولية    فعالية «توظيف مصر» برعاية «التحالف الوطنى»    عصابة الماكس.. أفراد تخلت عنهم العائلة وجمعتهم الجريمة    أسعار البيض اليوم الأربعاء    تنسيق الجامعات 2024.. قائمة الجامعات الخاصة المعتمدة بوزارة التعليم العالى    استشهاد 7 فلسطينيين فى قصف إسرائيلى على شمال غربى مخيم النصيرات وغزة    سورتان للمساعدة على التركيز والمذاكرة لطلاب الثانوية العامة    ناقد فني: أعمال عادل إمام توثق مراحل مهمة في تاريخ مصر    هل الأموات يسمعون كلام الأحياء؟ دار الإفتاء المصرية تكشف مفاجأة    «ثورة أخيرة».. مدينة السلام (20)    الحكومة الجديدة والتزاماتها الدستورية    «بايدن» يستنجد ب«المستنجد»!    في ثالث ايام عيد الاضحى.. مصرع أب غرقًا في نهر النيل لينقذ ابنته    لبيك يا رب الحجيج .. شعر: أحمد بيضون    احتفالية العيد ال 11 لتأسيس ايبارشية هولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النص في الدستور علي حق الإدارة في تعطيل الصحف
نشر في القاهرة يوم 28 - 08 - 2012

يعطي لكلّ شاويش في البوليس الحق في إغلاق أي صحيفة! حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: لم أتكلم عن التفسير الدستوري وإنما تكلمت عن تفسير الدستور لفهمه. حضرة صاحب السعادة محمود حسن باشا (رئيس لجنة قضايا الحكومة): بناء علي هذه الاعتبارات أري أن الحكومة كانت في حدود سلطتها الدستورية بإصدارها قرارات التعطيل وأن الأسباب التي بنيت عليها القرارات من حيث الموضوع سليمة ومؤدية لهذه النتيجة، وأن كل حكومة تعرف واجباتها وتبعاتها ومسئولياتها ما كان يسعها إلا أن تفعل ما فعلته الحكومة الحاضرة. (تصفيق). حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: زملائي الأعزاء لا أريد أن أطيل عليكم في هذه المسألة وإنما سأتكلم في الموضوع مباشرة. المسألة المعروضة علينا هي مسألة خطيرة جدا وهي هل لمجلس الوزراء أن يصدر قرارا بتعطيل أية صحيفة تعطيلا نهائيا أم لا؟ وهل لمجلس الوزراء - وهذا أيضا مما يدخل في الموضوع - أن يصدر قرارا بإلغاء جمعيات سواء أكانت علمية أم سياسية؟ الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): أرجو من حضرة الزميل المحترم أن يتكلم في الموضوع فلم يحدث أن مجلس الشيوخ تكلم عن جمعية كهذه. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: الذي حصل هو أن نوادي أغلقت. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): دعنا في حدود الموضوع الذي عرض علينا. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك:اسمحوا لي حضراتكم أري أن المادة الخامسة عشرة من الدستور لا تعطي مجلس الوزراء حق تعطيل أي صحيفة تعطيلا نهائيا، وإنما هذه المادة في ختامها وضعت مبدأ عاما كالمبادئ الواردة في المواد الأولي من الدستور، كالمادة الثالثة التي تقول «المصريون لدي القانون سواء» هذه مبادئ عامة تركت لتشريعات مستقبلة والمسألة أخطر من أن تمر سريعا. حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا ( وزير المعارف العمومية): هذا كلام قيل ونوقش. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي: سأقدم لكم أدلة تحتاج إلي شيء من الصبر والحكمة، والمسألة أخطر من أن تمر سراعا لأنها خطر حقا. أنا أقول أن هذا مبدأ عام وضع في المادة الخامسة عشرة من الدستور ولا يمكن مطلقا أن ندع تطبيقها لمجلس الوزراء إلي بعد صدور قانون يحدد تطبيق هذا المبدأ. ولماذا؟ سأبدي الرأي الذي أعتقد أنه صواب: تقول المادة الخامسة عشرة من الدستور «إنذار الصحف أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإداري محظور كذلك إلا إذا كان ذلك ضروريا لوقاية النظام الاجتماعي». فهل معني ذلك يا حضرات الزملاء أنه ما دام الدستور قد وضع قاعدة عامة هي أنه يجوز التعطيل الإداري للصحف، هل معني ذلك أن يأتي القسم ويغلق صحيفة من الصحف نهائيا؟ حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا (وزير المعارف العمومية): هل هذا الإغلاق نهائي؟ حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: وهل لجاويش القسم أن يغلق جريدة باعتبار أن الدستور يعطي للحكومة الحق في إغلاق الصحف بالطريق الإداري؟ هذه مسألة يا حضرات الزملاء أرجو منكم أن تعيروها جزءا كبيرا من اهتمامكم. حضرة الشيخ المحترم محمد شفيق باشا: هل الجاويش يتحرك من تلقاء نفسه؟ أو هو يؤمر من السلطات العليا فينفذ الأمر؟ حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: مادام أن إغلاق هذه الصحف جائز بهذه الطريقة فلكل رجل من رجال الإدارة الحق في أن يغلق أية صحيفة. حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا ( وزير المعارف العمومية): هل هذا كلام يقال؟ إن السلطة العليا هي المسئولة. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: المشرع المصري وجد هذا المبدأ موضوعا في المادة الخامسة عشرة من الدستور، ولكنه منذ سنة 1923 أي منذ صدور الدستور لم يفكر في أن يضع قانونا لتنفيذ هذا المبدأ لأن تنفيذه - مهما كان محاطا بضمانات- مصادرة لحرية الصحافة. لم يضع المشرع قانونا ولم يفكر في أن يضع قانونا من سنة 1923 للآن وهذا دليل علي أن قصد الشارع إنما ينصب علي المادة الخامسة عشرة كما وضعتها لجنة الدستور، ولم يقبل التحفظ الذي أدخلته وأقحمته اللجنة التشريعية عندما قدمت الدستور للإمضاء الكريم، وهذا أول دليل علي أن المشرع المصري لم يرد مطلقا أن يعطي السلطة الإدارية حق إغلاق الصحف. حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا ( وزير المعارف العمومية): لمن أعطي السلطة؟ حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: أعطاها للقضاء وألاحظ أن هذه المقاطعة ليست طريقة للمناقشة. هذا أول دليل علي أن المشرع المصري لم يشأ أن يعطي السلطة الإدارية حق تعطيل الصحف. الدليل الثاني أنه من يوم أن نفذت أحكام الدستور وفي مختلف العهود التي نفذت فيها هذه الأحكام لم تقدم حكومة ما علي تعطيل صحيفة ما بالطريق الإداري إنما لجأت إلي القضاء. فهذه السوابق تفسر لنا قصد الشارع من تفسيره لنص الفقرة الأخيرة من المادة 15 من الدستور لأنه رأي أن هذه الفقرة إنما أقحمت إقحاما علي المادة خلافا لما رأته لجنة الدستور. لم يشأ الشارع مطلقا أن تنفذ هذه الفقرة وهذا معناه أن الأمور كانت تجري علي السنن الطبيعية، وهي أن السلطة التي تملك تعطيل الصحف هي السلطة القضائية. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): هذا تفسير خطير وفيه تعطيل لنص دستوري صريح اقسمنا جميعا اليمين علي احترامه. حضرة الشيخ المحترم «محمد صبري أبوعلم باشا»: يقصد حضرة الشيخ المحترم «عبدالرحمن الرافعي بك» أن هذا النص لم ينفذ. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا) : تقول سعادتكم بوجوب وضع قانون، ولكن حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك يقول بتعطيل المادة (15 من الدستور). حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي: ما لم يوضع هذا القانون فلا يمكن للسلطة التنفيذية أن تعطل الصحف لأن المشرع قد رأي أن في قانون العقوبات ما يكفي وزيادة للطرق الوقائية لمنع الصحف من ارتكاب الجرائم الصحفية التي منها الإخلال بالنظام الاجتماعي للبلاد. لماذا؟ لأن المادة 198من قانون العقوبات تنص صراحة علي أنه إذا ارتكبت جريمة من الجرائم بواسطة النشر فللنيابة العمومية أن تأمر بمصادرة الورقة أو الصحيفة التي نشرت الأعمال التي تعد جريمة. فالقانون رأي الاكتفاء بهذه الوسيلة وهي منع نشر الصحيفة، وهذه هي الوقاية التي أرادها القانون. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا : هذا صحيح لأن المصادرة تمنع النشر. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي: أقول أن المشرع المصري رأي أن في قانون العقوبات ما يكفي لمنع النشر الذي يتضمن المسائل المعاقب عليها لأن العقوبة علي قدر الجريمة وهذا هو المبدأ الدستوري السليم، فالصحيفة التي تنشر شيئا مؤاخذا عليه سواء أكان للإخلال بالنظام الاجتماعي أو السلام العام أو نظام الدولة يكفي أن تمنع النيابة هذه الصحيفة وتقدمها للقضاء فيحكم عليها وعلي صاحبها وتصبح المصادرة أمرا نهائيا. أما إذا ارتكبت جريدة جريمة صحفية وتعاقب بالإقفال النهائي فهذا ما لم يرده الدستور ولاقانون العقوبات. عندما طرح هذا الأمر علي حضراتكم بجلسة 11 مارس سنة 1944 (66) كان كل ما فعلته الحكومة أنها كانت تصادر الصحف التي نشرت أعمالا معاقبة عليها وكانت هذه المصادرة تصدر بناء علي أمر من النيابة. حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: ليس هذا في كل الأحوال. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: كانت النيابة تأمر بمصادرة العدد الذي يحتوي علي الجريمة. لقد برر دولة «صدقي باشا» هذا العمل وله الحق من الوجهة القانونية لأنه ما دامت هذه السلطة قد خولها قانون العقوبات للنيابة العامة فلها أن تصادر الصحف التي تنشر الأعمال المعاقب عليها. يا حضرات الزملاء كنت أعتقد في جلسة 11 مارس سنة 1944 أن الحكومة ستقف عند هذا الحد لأنه الحد الذي رسمه القانون وإن كنا قد رجونا ألا تتوسع النيابة العامة في المصادرة والا تلقي بالا إلي بعض ايعازات الحكومة. رضينا بهذا كله ولكن المسائل سارت... حضرة الشيخ المحترم محمد فؤاد سراج الدين باشا: من سيء إلي أسوأ. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): يمكن أن يقال من حسن إلي أقل حسنا. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: تعبير سعادة «فؤاد سراج الدين باشا» أفضل لأن الحكومة لجأت إلي طريق خطير وهو الإقفال النهائي، ما معني الإقفال النهائي يا حضرات الشيوخ المحترمين؟ معناه أنه بدلا من مصادرة العدد الذي يحتوي علي عمل يقال أنه معاقب عليه تصبح المصادرة مستمرة، وهذا أمر لا يمكن لحضراتكم إقراره. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): حتي في نشر المبادئ الهدامة للمجتمع؟ هل يريد حضرة الشيخ المحترم أن تترك الحكومة الجريدة التي ارتكبت مثل هذا الأمر الخطير حتي تنشر في البلاد كلها ثم بعد ذلك تصادرها؟ حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: الحكومة لها أن تتحري الأمر وتراقب الصحف. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): هل تريد أن تخصص الحكومة جيشا لهذه المراقبة؟ حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي: المسألة تحتاج إلي مراقبة لا إلي جيوش. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): هذه الرقابة لم ترق لديكم. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: لم ترق لدينا ولكنها تقررت و«رب يوم بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه» لم أكن أتصور بعد أن كنا غير راضين عن المصادرة أن تلجأ الحكومة إلي الإقفال النهائي لا يمكن مطلقا أن يقر مجلسكم الموقر هذه الوسيلة لأنها لا تتفق مع التشريع الذي أصدره بالأمس والذي لم يجف مداره بعد، وهو تحريم حبس الصحفيين في الجرائم الصحفي (67)) ، وليس من المعقول أن يجيء المجلس بعد ذلك ويوافق الحكومة علي ما فعلته من إقفال الصحف وحبس رجالها. هذا لا ينسجم أبدا مع التشريع السابق الذي أقررتموه حضراتكم. المسألة الأخري التي أود أن ألفت نظر حضراتكم إليها. الرئيس(د.محمد حسين هيكل باشا): ألا يري حضرة الشيخ المحترم أن الموضوع قد استوفي بحثا وأن ما يقوله الآن ترديد لما قاله سعادة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا؟ حضرة الشيخ المحترم محمد صبري أبوعلم باشا: حضرة الشيخ المحترم «عبدالرحمن الرافعي بك» يذكر حججا أخري. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: لما أصدر دولة صدقي باشا دستوره.... حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): لم أتعرض للمادة 15 من الدستور. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: دستور دولة «صدقي باشا» يدل علي أنه لم يقر مطلقا التعطيل الإداري، وقد وضع طريقا وسطا وهو الالتجاء إلي دائرة استئنافية. وإليكم ما جاء في الصفحة الثالثة والثلاثين من البيان الذي رفع به دستور سنة 1930 لحضرة صاحب الجلالة مولانا الملك" «وإذا كانت الوزارة لا تري أن يكون العمل بعد نفاذ الدستور علي أن للإدارة حق تعطيل الصحف أو إلغائها بلا تعقيب علي تصرفها، فلن يسعها من جانب آخر أن تترك الأمر في الخطوات الأولي للحياة النيابية لمحض المحاكمات القضائية فعدم كفايتها لا تحتاج إلي بيان أو تدليل. وهي تري أن تأخذ في هذا الشأن بحل وسط أساسه أن ثمت شؤونا يجب ألا تترك الصحافة تعبث بها، فالدستور الجديد وهو ثمرة رغبة صادقة في إسعاد البلاد وبحث طويل دقيق في سبيل تحقيق تلك الرغبة يجب أن يكون وأن يظل محترما مطاعا، والآداب العامة والسكينة والسلام العام أحوج ما كانا وما يكونان إلي الصون والوقاية، وليس من شك في أن ما للصحافة من السرعة والتكرار وقوة الانتشار لا يقوي عليه إلا السهولة والسرعة في إصدار قرار بالتعطيل لمدة تكفي في إزالة أثر الاعتداء وفي الردع عن معاودته. ولكي يؤمن أن يقع هذا التعطيل علي خير وجه بعيدا عن شبهة التحيز أو التعسف رؤي أن يحتكم إلي القضاء في أمره للحصول علي إذن به بحيث إذا لم يأذن القاضي بالتعطيل لم يكن للإدارة - مهما يكن تقديرها لما نشر في تلك الجرائد - أن تباشر ذلك التعطيل، ويكاد الحد من حرية الصحافة علي هذه الصورة لا يخرج عن أن يكون طريقة من طرق المنع والوقاية، وهو علي أي حال لا ينافي بوجه من الوجوه أحكام المادة 15 . فدولة صدقي باشا وضع في دستوره مادة جديدة لم تكن واردة في دستور سنة 1923 وهي المادة 153 التي نصها كالآتي: مادة 153: «يجوز أن تعطل الجرائد والنشرات الدورية من شهر إلي ثلاثة بقرار من محكمة الاستئناف بناء علي طلب النيابة
العمومية إذا انتهكت حرمة الآداب انتهاكا خطيرا أو إذا استرسلت - بالأخبار الكاذبة أو بالكتابات الشديدة أو بغير ذلك من وجوه التحريض والإثارة - في حملة من شأنها أن تعرض النظام الذي قرره الدستور للكراهية أو الاحتقار أو أن تهدد السلام العام». من ذلك ترون حضراتكم أن أقصي عقوبة رئي أن تعاقب بها جريدة ارتكبت أمرا هو تعطلها من شهر إلي ثلاثة أشهر. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): لم ألغ المادة 15 من الدستور إنما وضعت هذه المادة إضافية لها. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: غرضي أن أقول إن دولة صدقي باشا رأي أنه من الأحكام لصيانة حرية الصحافة أنه عندما تسترسل الجريدة في الحملات وتعرض سلامة البلاد للخطر تعاقب بالتعطيل من شهر إلي ثلاثة أشهر. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): ليس هذا هو الغرض بدليل أن المادة 15 من الدستور باقية علي حالها. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: أظن أن الشرح الوارد في مذكرة سنة 1930 واضح ويؤيدني في هذا. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): يكون هذا صحيحا لو أن المادة 15 ألغيت. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): كل ما يمكن أن يفهم الآن هو أن النظام الاجتماعي شيء وما ورد في هذه المادة شيء آخر. حضرة صاحب المعالي محمد حسن العشماوي باشا ( وزير المعارف العمومية):إن الوارد بهذه المادة صور أخري أقل أهمية من الواردة في المادة 15 والقانون فن لا سياسة. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: لي ملاحظة أخري أريد أن أوجه إليها نظر دولة «صدقي باشا» والمجلس لأنها ملاحظة خطيرة. راجعت الفقرات الواردة في البيان الذي ألقاه دولة «صدقي باشا» فاسترعي نظري. حضرة الشيخ المحترم محمد شفيق باشا: انقضت نصف الساعة المحددة للمتكلم طبقا للائحة الداخلية وسعادة الرئيس يطالبنا باحترام اللائحة فليؤخذ رأي المجلس في السماح لحضرة الشيخ المحترم بالاستمرار في الكلام. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): أنا لا أحب أن أوجه النظر إلي احترام اللائحة كل لحظة: وأرجو أن يعاونني حضرات الزملاء علي احترام اللائحة دون توجيه نظرهم إلي ذلك. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: أرجو أن تسمحوا لي ببضع دقائق إني أريد الرجوع إلي القضاء لأنه خير كفيل لحماية حرية الصحافة والحكومة معا. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): لقد قيل هذا من قبل. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: إن الحكومة لم تحترم احكام القضاء فقد جاء في بيان دولة «صدقي باشا» بين الفقرات التي وصفها بأنها دعاية شيوعية أن مجلة «الضمير» نشرت بعددها الصادر في 7 أكتوبر سنة 1945 تحت عنوان «هجوم الرأسماليين علي أجور العمال» ما يأتي: «إن العمال يفهمون جيدا أن صاحب العمل يستولي علي مجهودهم بأجر اسمي والعمال يتكتلون عندما يشن الرأسماليون غاراتهم علي العمال ويعلنون الاعتصامات والإضرابات دفاعا عن أجورهم فيفشلون مرة وينتصرون أخري ويرجع فشلهم إلي عدم ادخار أموال للطوارئ وفي الوقت الذي أضرب فيه زملاؤنا في العالم دفاعا عن أجورهم تنهال علينا الرسائل بأن أصحاب الأعمال في مصر بدأوا بالفعل بانقاص أجور العمال». هذه المقالة عرض أمرها علي القضاء إذ رفعت النيابة العمومية الدعوي علي «محمود أحمد العسكري» وترافعت أنا عنه في القضية رقم 414 قسم الخليفة سنة 1946 وفصلت فيها محكمة جنايات مصر في 30 مايو سنة 1946 وقضت ببراءته من التهمة التي قدم بشأنها إلي المحاكمة. أما كان يجدر بالحكومة أن تحترم حكم القضاء؟ حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا (رئيس مجلس الوزراء): هذه صحيفة وهناك متهم. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: هذه المقالة بالذات هي التي حوكم من أجلها «محمود أحمد العسكري» وقضت فيها المحكمة بالبراءة وكان يجدر بالحكومة أن تحترم حكم القضاء. يقول سعادة محمود حسن باشا: إن القضاء هو المرجع ومعني ذلك أن يلجأ صاحب الشأن إلي القضاء فيرفع دعوي تظل أمام المحاكم خمس سنوات إلي أن يفصل في هل يستحق تعويضا أو لا يستحق. حضرة صاحب الدولة إسماعيل صدقي باشا ( رئيس مجلس الوزراء): هذه قضية من خمسمائة قضية. حضرة الشيخ المحترم عبدالرحمن الرافعي بك: هذه المقالة بالذات هي التي ذكرها دولة رئيس الوزراء، وقد حوكم من أجلها «محمود العسكري» وبرئ ، فاحترموا حكم القضاء علي الأقل، وأرجو أن تتدبروا الأمر، أما أن تترك لكل حكومة الحرية في إلغاء الصحف بحجة المحافظة علي سلامة النظام الاجتماعي أو حفظ الأمن العام فهذا خطر محيق يقضي لا علي حرية الصحافة فحسب، بل علي حرية التفكير ويقضي علي الصحافة ورسالتها وهذا ما أعتقد أنكم لا تقرونه والرأي الأعلي لحضراتكم. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): تقدم اقتراح (68) من عشرة من حضرات الأعضاء بإقفال باب المناقشة. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ حسين محمد الجندي: انني أطلب الكلمة واللائحة الداخلية تبيح لثلاثة أن يتكلموا، ويجب احترام اللائحة. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): ليس هذا استجوابا وإنما هو اقتراح بمشروع قرار. حضرة الشيخ المحترم الأستاذ حسين محمد الجندي: طلبت الكلمة قبل الذين تكلموا، ولي رأي يخالف آراءهم وأود أن أعرضه ولا يستغرق ذلك أكثر من خمس دقائق. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا):إني أعرض الأمر علي المجلس. حضرة الشيخ المحترم محمد فؤاد سراج الدين باشا: اللائحة تقول بأن يتكلم ثلاثة علي الأكثر وقد تكلموا بالفعل. الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): والآن هل توافقون حضراتكم علي إقفال باب المناقشة وتأجيل أخذ الرأي علي الاقتراحات المقدمة عن تعطيل الصحف بسبب الشيوعية إلي أول جلسة في الأسبوع القادم؟ (موافقة). الرئيس (د.محمد حسين هيكل باشا): قدم إلي حضرة الزميل المحترم محمد صبري أبوعلم باشا مشروع قرار بمناسبة تعطيل الصحف. وقد نوقش هذا الموضوع أمام حضراتكم فرأيت أن أدلي ببيان عن رأيي في هذا الأمر وأن أترك لحضراتكم الرأي الأخير فيما يتعلق بتقرير الفصل في ذلك، بإقرار رأيي أو بإحالة الموضوع إلي لجنة الشئون الدستورية واستميحكم العذر في تلاوة هذا البيان وهو: «أثار البيان الذي ألقاه حضرة صاحب الدولة رئيس مجلس الوزراء في هذا المجلس يوم الاثنين الماضي (15يوليو 1946)عن الشيوعية وتعطيل الصحف إداريا، وما دار حوله من مناقشة، بعض مسائل دستورية يجمل بمجلسنا أن يبدي رأيه فيها. وقد استند البيان في تعطيل الصحف إلي الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة عشرة من الدستور، إذ تقول: «وإنذار الصحف أو وقفها أو الغاؤها بالطريق الإداري محظور كذلك إلا إذا كان ذلك ضروريا لوقاية النظام الاجتماعي»، ومن المتفق عليه أن عبارة «النظام الاجتماعي» تتناول الشيوعية. فهذه الفقرة قد أضيفت إلي المادة 15 من مشروع لجنة الدستور الذي كان صريحا في حظر إنذار الصحف أو وقفها أو تعطيلها إداريا لأي سبب من الأسباب واللجنة الاستشارية التشريعية هي التي أضافتها، وقد ذكرت في تسويغ هذه الإضافة ما نصه «فخطر الدعاية الشيوعية القائمة في الوقت الحاضر يجعل من واجب الحكومات أن تعمل علي حماية الدولة ولو استلزم ذلك الرجوع إلي تدابير قد تكون مخالفة للمبادئ المقررة في الدستور لصيانة حرية السكان الهادئين المخلصين للبلاد. علي أن مناقشة البيان الذي ألقاه رئيس الوزراء في المجلس قد أثار مسائل رئيسية أخري تلخص فيما يلي: 1- هل تقتصر عبارة النظام الاجتماعي علي الشيوعية أو تناول المسائل أخري كالدين أو الأسرة أو الملكية؟ 2- هل تكفي الفقرة الأخيرة من المادة 15 بذاتها سندا للحكومة في إنذار الصحف أو وقفها أو تعطيلها إداريا إذا رأت ذلك ضروريا لوقاية النظام الاجتماعي، أم أنها يجب أن تستند إلي قانون خاص ينظم هذه السلطة، وأن تلجأ إلي القضاء للاذن بها؟ 3- إذا أصدرت الحكومة أوامر إدارية بالوقف أو الإنذار، فهل يملك أحد المجلسين بقرار منه إلغاء الأمر الإداري الذي أصدرته الحكومة بحجة أنه غير دستوري أم أن الأمر الذي تصدره الحكومة يكون خاضعا لتقدير البرلمان في حدود الثقة بالوزارة أو عدم الثقة بها ولومها أو عدم لومها؟ والأمر الذي لا شبهة فيه أن الفقرة الأخيرة من المادة 15 قد أضيفت علي سبيل الاستثناء البحت، وأن الشيوعية وحدها هي التي كانت ملحوظة عند الذين أضافوها، بدليل ما أوردوه في مذكرتهم التفسيرية عنها. والشيوعية التي لحظها أعضاء اللجنة الاستشارية لم ينظر إليها من حيث قضائها علي الملكية وكفي، بل نظر إليها أكثر من ذلك علي أنها نظام يختلف في أساسه وفي مبادئه عن نظام دستورنا الديمقراطي في أساسه. ومبادئه، فالشيوعية تقوم علي ثورة طبقة بغيرها من الطبقات وقضائها عليها، وهي لذلك لا تعرف حرية الرأي ولا تعرف الأحزاب، ولا تعرف النظام البرلماني القائم علي أساس من هذه الأحزاب وهذه الحرية، أما دستورنا كغيره من الدساتير الديمقراطية فأساسه حرية الرأي، حرية يترتب عليها تعدد الأحزاب، تقوم في ظلها الطبقات المختلفة متعاونة للمصلحة العامة. علي أن ذلك لا يمنع البرلمان من إصدار أي تشريع يجعل أي نظام غير ديمقراطي في حكم الشيوعية، ولو أن النظام النازي أو النظام الفاشي كان معروفا قبيل صدور الدستور المصري لاعتبرت النازية والفاشية في حكم الشيوعية من حيث تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة 15 عليها. والسلطة التنفيذية وحدها لا تملك إنذار الصحف أو وفقها أو تعطيلها إداريا باسم وقاية النظام الاجتماعي ما لم يصدر تشريع بذلك، بل لقد كان واجبا أن يصدر تشريع يحدد معني الشيوعية التي أشارت إليها اللجنة الاستشارية التشريعية، فقد أجمع رجال الفقه الدستوري علي أن نصوص الدستور المقررة للحريات العامة لا يمكن تنفيذها لذاتها، بل يجب أن يصدر قانون يكل إلي سلطة معينة هذا التنفيذ، وينظم طريقته. وهذا ما قصدت إليه الحكومة المصرية في أول خطاب للعرش ألقي في يوم 15 مارس سنة 1924، إذ قالت: «وعليه (البرلمان) أن يتمم التشريع بوضع القوانين الناقصة التي أشار الدستور إليها». ربما أمكن التماس العذر للسلطة التنفيذية المصرية إذا هي عطلت إداريا الصحف التي تدعو في حملة منظمة للنظام الشيوعي وقاية للنظام الاجتماعي، فقد بحثت هذه المسألة في مجلس النواب المصري، وكان الرأي الراجح أن المادة 15 والمادة 20 من الدستور نافذتان لذاتهما من غير حاجة إلي تشريع جديد، ولذلك لم يصدر التشريع المنظم لهذه السلطة وهذا مذهب يخالف لإجماع فقهاء الدستور، لكنه وقد صدر من البرلمان المصري، يمكن أن يكون سندا تحتج به الحكومة المصرية. أما القول بأن التعطيل يجب أن يصدر به أمر القضاء، فلا محل له في تطبيق القانون الذي ننفذ بموجيه الفقرة الأخيرة من المادة 15، فهذه الفقرة صريحة في النص علي جواز التعطيل الإداري في الحالة الاستثنائية البحتة التي وردت بها والاستشهاد بالمذكرة التي استند إليها واضعو الدستور، الذي كان قد صدر في سنة 1930، يؤيد هذا الرأي، لأنه وهو ينص علي ايكال أمر التعطيل في مسائل سلامة الدولة وما هو شبيه بها إلي القضاء قد ترك النص علي التعطيل الإداري إذا كان ذلك ضروريا لوقاية النظام الاجتماعي». إذا أوقفت السلطة التنفيذية أو عطلت صحيفة أو أكثر استنادا إلي الفقرة الأخيرة من المادة 15 من الدستور، أفيجوز لأحد مجلسي البرلمان أن يلغي قرار التعطيل بحجة مخالفته للدستور؟ إن الرقابة البرلمانية التي تجعل للبرلمان الحق في محاسبة الحكومة عن تصرفاتها لا تبلغ تخويل البرلمان السلطة في الغاء تصرف تقوم به الحكومة، بل مداها الثقة بالوزارة أو عدم الثقة بها في مجلس النواب وتوجيه اللوم لها أو عدم تقديمه في مجلس الشيوخ فإذا ترتب علي عدم الثقة أن استقالت وزارة ما كان طبيعيا أن تتلافي الوزارة التي تليها ما كان سببا في عدم الثقة، وقد يشبه الأمر أن يكون كذلك عند توجيه اللوم من مجلس الشيوخ، أما الغاء التصرف بقرار من أحد مجلسي البرلمان، فأمر لا يجيزه الدستور. وعلة ذلك أن قرار البرلمان في مثل هذه الحال يكون خلافا علي تفسير النص الدستوري بين السلطة التنفيذية وأحد مجلسي البرلمان، ولا يكفي الخلاف علي التفسير لاسقاط رأي الحكومة، وإن أمكن أن يجر الخلاف علي تفسير الدستور إلي إسقاط الوزارة كلها. هذا في رأيي هو التصوير الدستوري للمسائل التي أثارها بيان دولة رئيس الوزارء عن
الشيوعية وتعطيل الصحف، وما دار حوله من مناقشات في هذا المجلس، وهي مسائل جد خطيرة كما ترون حضراتكم، فإذا أقررتم هذه الآراء فيها، وإلا فليحل الموضوع كله إلي لجنة الشئون الدستورية لبحثه وإبداء رأيها فيه. فالمكتفون من حضراتكم بهذا البيان يتفضلون بالوقوف. الهوامش «*» هذا هو القسم الأخير من مضبطة جلسة مجلس الشيوخ في 16يوليو 1946، التي ناقشت الاقتراح الذي تقدم به حضرة الشيخ المحترم «محمد صبري أبوعلم» - زعيم المعارضة الوفدية في المجلس - إلي المجلس بإصدار قرار باعتبار القرار الذي أصدره مجلس الوزراء برئاسة إسماعيل صدقي باشا» في 11 يوليو 1946 بتعطيل بعض الصحف باطلة ومخالفة لقوانين البلاد، ووجوب ترك الأمر للقضاء المختص وكان المجلس قد استمع في 15 يوليو إلي بيان من رئيس الوزراء يبرر به صدور قرار تعطيل الصحف، استند فيه إلي ذيل المادة 15 من دستور 1923، وفي جلسة 16 يوليو 1946، ردّ مقدم الاقتراح علي ماورد في بيان رئيس الوزراء وجرت بينه وبين رئيس الوزراء مناظرة حول تفسير ذيل المادة 15 من الدستور، وهل هي خطاب للإدارة يجيز لها أن تعطل الصحف بقرار إداري منها، كما كانت الحكومة تذهب أم أن ذلك خطاب للمشرع يقطب إصدار قانون ينظم حق الإدارة في تعطيل الصحف بقرار منها في حالة ما إذا كان ذلك ضرورياً لوقاية النظام الاجتماعي، وهي مناظرة شارك فيها «محمود حسن باشا» - رئيس أقلام قضايا الحكومة- الذي استعان به رئيس الوزراء لشرح وجهة نظره، كما شارك فيها أعضاء مؤيدون للحكومة، وآخرون أيدوا وجهة نظر مقدم الاقتراح.. كان من بينهم المؤرخ المعروف «عبدالرحمن الرافعي بك». «66» إشارة إلي استجواب قدمه د. محمد حسين هيكل باشا نفسه إلي مجلس الشيوخ في ذلك التاريخ، بشأن مصادرة الصحف في عهد حكومة «مصطفي النحاس» المعروفة باسم حكومة 4 فبراير. «67» هو اقتراح بقانون كان قد نوقش في المجلس، لكنه لم يصدر آنذاك، ولا يزال الصحفيون المصريون يطالبون حتي اليوم «2012» بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر. «68» هذه بداية وقائع الجلسة الثالثة من مناقشة مجلس الشيوخ للقرارات الإدارية التي أصدرتها حكومة إسماعيل صدقي باشا في 11 يوليو 1946 بتعطيل عدد من الصحف إداريا، تنقلها مضبطة الجلسة الخامسة والأربعين التي انعقدت يوم الاثنين 23 شعبان 1365 «ه» الموافق 22 يوليو 1946 ص- ص 999 - 1004 وقد استهل الجلسة «د. محمد حسين هيكل» رئيس مجلس الشيوخ ببيان استعرض فيه أوجه المسألة، وانتهي منه إلي الرأي الذي يقول بأن الحكومة لا يجوز لها أن تعطل الصحف إدارياً قبل أن تستصدر تشريعا ينظم ممارستها لهذا الحق طبقاً لذيل المادة 15 من الدستور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.