النيابة العامة تُنظم حلقة نقاشية حول تحقيق التوازن بين سلامة المريض وبيئة عمل آمنة    تيفانى ترامب تنشر صورة لوالدها يحتضن حفيده ألكسندر فى مارالاجو.. صورة    استقالة مدير مكتب زيلينسكى تربك المشهد السياسى فى أوكرانيا.. اعرف التفاصيل    ترامب: سأمنح عفوًا كاملًا وشاملًا لرئيس هندوراس السابق خوان أورلاندو هيرنانديز    130 مصابا جراء الاعتداء بالضرب منذ بداية العدوان على محافظة طوباس    إيرباص تستدعي 6 آلاف طائرة إيه320 بسبب خلل بأنظمة التحكم    أحمد دياب: بطل الدوري الموسم القادم سيحصل على أكثر من 50 مليون جنيه    خبر في الجول – الأهلي يقرر تقديم شكوى ضد الجيش الملكي والحكم    الصباحى: ركلة جزاء الجيش الملكى غير صحيحة.. ورئيس الحكام يهتم برأى الاعلام    كأس العرب - آسيا × إفريقيا .. من يتفوق؟    مصرع عاملين دهساً أسفل عجلات القطار بكفر الدوار    القبض على 3 متهمين بسرقة سيارات نصف النقل في أطفيح والصف    الحكم على التيك توكر «قمر الوكالة» بتهمة نشر الفسق والفجور| اليوم    أنغام تعود لجمهورها في أمسية ساحرة أمام الأهرامات    الحب سوف يُبقينا على قيد الحياة؟!    أجواء رومانسية من حفل زفاف أروى جودة والإيطالى جون باتيست.. صور    وفاة ابن شقيقة الفنانة تيسير فهمى    وزير الثقافة يحيي روح الحضارة المصرية خلال مناقشة دكتوراه تكشف جماليات رموز الفن المصري القديم    وزير الإسكان ومحافظ كفر الشيخ يفتتحان محطة مياه شرب قرية دقميرة اليوم    مصرع شخصين تحت عجلات القطار في كفر الدوار بالبحيرة    الأهلى يحافظ على الصدارة بعد تعادل مثير مع الجيش الملكي 1-1 في دورى الأبطال    بعد تعادل الأهلي مع الجيش الملكي.. ترتيب المجموعة الثانية بدوري الأبطال    توروب ينتقد الفار والجماهير بعد التعادل مع الجيش الملكي: "لحظة ركلة الجزاء كارثة"    لحظة الحسم في الإدارية العليا: 187 طعنًا انتخابيًا على طاولة الفصل النهائي    المفوضة الأوروبية لإدارة الأزمات: نحتاج رؤية جبال من المساعدات تصل إلى غزة    مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي يحتفي بالفائزين بمسابقاته    أخبار 24 ساعة.. مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية    كيف ينتشر فيروس ماربورغ وأخطر أعراضه؟    سفير مصر لدى أثينا: وفد رجال أعمال يونانى يزور مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية    أمين عام الأمم المتحدة يدين انقلاب غينيا بيساو.. ويحث على استعادة النظام الدستوري    وزير قطاع الأعمال العام يشهد افتتاح المعرض المصاحب للمؤتمر الوزاري الأفريقي    وزير الثقافة يتفقد موقع حريق ديكور مسلسل الكينج ويوجّه بمراجعة الشركات المنتجة    أروى جودة تحتفل بزفافها بحضور نجوم الفن (فيديو وصور)    مصر تفوز بعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية للفترة 2026 - 2027    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في احتفال مرور 20 عامًا على تأسيس مركز الإبراهيمية للإعلام    مفاجآة في حلقة "دولة التلاوة" متسابق ينسحب واللجنة تعيد عبد الله عبد الموجود .. فيديو    وزير قطاع الأعمال يلتقي وزيري الصناعة الصيدلانية والصحة الجزائريين لبحث توسيع آفاق التعاون الدوائي    محمود بسيونى يكتب: جيل الجمهورية الجديدة    تكريم حفظة القرآن الكريم بقرية بلصفورة بسوهاج    لجنة تابعة للأمم المتحدة تحث إسرائيل على التحقيق في اتهامات تعذيب الفلسطينيين    رفعت فياض يكشف حقيقة عودة التعليم المفتوح    غدا، الحكم علي التيك توكر محمد عبد العاطي في قضية الفيديوهات الخادشة    المفتى السابق: الشرع أحاط الطلاق بضوابط دقيقة لحماية الأسرة    بث مباشر.. إكس تويتر| مشاهدة مباراة الأهلي ضد الجيش الملكي اليوم في دوري أبطال إفريقيا – قمة لحظة بلحظة    أكاديمية الشرطة تستقبل عدد من طلبة وطالبات المرحلة الثانوية    وزارة البترول توقع إتفاق مع جامعة «كيرتن» الأسترالية لتطوير قطاع التعدين في مصر    الأرصاد: طقس الغد معتدل على أغلب الأنحاء والعظمى بالقاهرة الكبرى 26 درجة    زيارة مفاجئة لوكيل صحة أسيوط لمستشفى منفلوط المركزي اليوم    السيطرة على حريق باستديو مصر بالمريوطية    خلال لقاء ودي بالنمسا.. البابا تواضروس يدعو رئيس أساقفة فيينا للكنيسة الكاثوليكية لزيارة مصر    سعر اللحوم في مصر منتصف تعاملات اليوم الجمعة    تحقيق عاجل بعد انتشار فيديو استغاثة معلمة داخل فصل بمدرسة عبد السلام المحجوب    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    فضل سورة الكهف.. لا تتركها يوم الجمعة وستنعم ب3 بركات لا توصف    مشاركة مصرية بارزة في أعمال مؤتمر جودة الرعاية الصحية بالأردن    استعدادات مكثفة في مساجد المنيا لاستقبال المصلين لصلاة الجمعة اليوم 28نوفمبر 2025 فى المنيا    «الصحة» تعلن تقديم خدمات مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية ل15 مليون مواطن    رئيس شعبة الدواجن: سعر الكيلو في المزرعة بلغ 57 جنيهاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الخواجة عبدالقادر».. رحلة فنية مثيرة إلي العالم الغامض
نشر في القاهرة يوم 14 - 08 - 2012


في هذا العمل يخترق المؤلف الواعد عبدالرحيم كمال عالم «ما بين الواقع والخيال» ويدلف إلي ساحة التقاء وتحابب الأرواح وعالمها الغامض محاولا سبر أغوارها.. والإجابة عن سؤال: لماذا قيل إنها جنود مجندة؟! هو يمزج بين الماضي والحاضر ويزاوج بين المادة وما وراءها ويقابل الشرق بالغرب ويلاقي الإلحاد بنور الصوفية.. سعيا وراء الإجابة. هربرت السكير موظف إنجليزي يعيش بلندن أجواء الحرب العالمية الثانية يتوسل إلي غارات الألمان أن تصطاد روحه فهو قد فقد رغبته في الحياة بعدما لقي شقيقه وزوج شقيقته «الحبيب إلي قلبه» حتفهما في الحرب ثم جاءت القشة التي قصمت ظهر بعيره حينما اكتشف خيانة زوجته له. بينما يبحث عن الموت توهب له حياة جديدة حقيقية حين يفرض عليه عمله السفر إلي السودان، حيث يتعرف علي الإسلام من خلال فضل الله العامل البسيط الذي يجذبه إلي عالم الصوفية، يشهر إسلامه ويفارق زجاجة الخمر ويقبل علي «العرق ديب»! كما يودع الحياة العبثية ويتخذ الحب هدفا ومعني لحياته.. يصدق في حبه للخالق ولمخلوقاته حتي تظهر له «كرامات» تمس البشر والحجر. لم نعلم شيئا عن «هربرت» صبيا أو شابا لكن ما علمناه عنه كهلا برر عبر منطق مادي سديد سعيه إلي مغادرة الحياة، بل ومحاولته الانتحار، لكن منطقا خاصا ميتافيزيقيا بدأ يحكم تطور الرواية منذ حلم هربرت بالشيخ السوداني عبدالقادر ورآه في منامه قبل رؤيته في الواقع. وتجري المزاوجة بين المنطقين خلال رحلة هربرت بالسودان صعيد مصر لينجح النص في الامتحان الدرامي العسير، كيف يتحول سكير ملحد إنجليزي إلي أحد أولياء الله الصالحين عبر تصاعد درامي محكم، قد تتساءل لماذا هربرت بالذات يتحول إلي ذاك الولي وهناك الآلاف من الصادقين في عشقهم للذات الإلهية ولكل خلقها يحق لك أن تتساءل عن هذا وعن أحداث تعلق زينب بهربرت مثلا وإنقاذ الأخير لحياة زايد دون أن يدري، لكن من حق الكاتب أن يري منطقه الخاص مبررا لها وهو قد أعلن في بدايات الرواية أنه سينطلق بنا من العالم الأرضي إلي عالم الروح إلي ما وراء المادة، حيث لا تستطيع أن تفرض منطق المادة علي الأشياء أو الأحداث. الشخصيات من لحم ودم وروح زايد الذي عاش حياته غارقا في الملذات يندم ويبكي بحرقة بعدما طلب من صابر الأعمي أن ينتقم له من أخيه، يتذكر ابني شقيقه ويذرف الدمع ثم يبكي فرحا حين يعلم أن هربرت حال دون اعتداء الأعمي علي الشقيق «شهاوية» تتنقل بين أحضان الرجال لكن قلبها يعشق زايد وحده، يوسف يعرف الحقد والكراهية منذ نشأته في بيت عبدالظاهر. يكبر كارهًا لكمال ولحبيبه عبدالقادر «هربرت» ويتمني هدم مقامه، سلطنة زوجة عبدالظاهر تغار من زينب شقيقته بسبب اهتمام عبدالظاهر الشديد بها وتدليله لها وبسبب ما نال ابنها يوسف- من أذي بفعل تصرفات زينب، مدرس اللغة العربية الحساس الراقي الذي يحبه الأولاد هو الذي يقودهم في مظاهرات القرية ضد الإنجليز ويبدو في مقدمة الصف الوطني..، فضل الله المتدين الذي يعي روح الإسلام ويتمسك بتعاليمه كما يتمسك بكرامته الإنسانية وهو الذي يأخذ بين «هربرت» إلي الإسلام. الحوار في جزء العمل الأول - الذي دار بلندن- كان بليغا ساعدته «الفصحي» (التي تحاور بها هربرت مع زوجته مرجريت في أغلب الأحيان) علي أن يقترب من لغة المسرح الفخمة مع توافر الصدق الشديد الذي لازم صنعة تحمل موهبة، أما حوارات البطل في السودان مع الشيخ فغلبت عليها المسحة الصوفية والعمق الفسلفي «الديني» - «السبحة ياعبدالقادر هي قلب العبد» واليد التي تحملها ترمز لله سبحانه»، «الحب ليس له سبب.. هو في ذاته سبب.. هو السبب وهو السر»..، وفي المنطقة الثالثة من العمل «صعيد مصر» تصطبغ حوارات هربرت «عبدالقادر» وزينب بصبغة روحية رومانسية، حوارات عبدالظاهر ويوسف وأحمد شقيقه صعيدية بسيطة.. حوارات الأحبة من «الصعايدة» تلقائية تصل إلي القلب «شهاوية لزايد: تعرف إيه اللي خللاني أحبك.. ضحكتك الرايقة اللي ماباشوفهاش من حد»!». هضم المخرج الشاب الموهوب شادي الفخراني النص المشحون بالخيال وبالمشاعر.. صنع كادرات معبرة «عن الفزع وانتظار الموت في مرحلة لندن، وعن السكينة والوداعة في أرض السودان».. تعامل دون تزيد مع مشاهد اللقاءات الروحية بين «هربرت» والشيخ.. استغل الطبيعة جيدا سواء في لندن أو الخرطوم، فقط.. بدا الإيقاع بطيئاً نسبياً في الحلقات التي سبقت رحيله إلي مصر، تسارع بعدها ودبت الحركة في المشاهد بقوة مع تسارع الأحداث ذاتها الناعسة الهادئة والمقبضة أحيانًا أعجبت شادي «أضواء المشاعل وأضواء مصابيح الجاز» وأحسن استغلالها سواء للتواكب مع أحزان وكآبة هربرت «في بداية تواجده بالسودان» أو للتعبير عن شعاع النور الذي تبدي لهربرت وسط ظلام حياته فيما بعد «مرحلة إسلامه»..، أما الموسيقي المصاحبة فأتصور أن صاحبها أهدر فرصة رائعة لخلق جمل ذات روح سماوية معبرة عن «مورال» النص فقد جاءت الموسيقي مفتقرة إلي الأصالة عادية معادة «شديدة الشبه بموسيقي مسلسل مسألة مبدأ». أداء يحيي الفخراني يستحق أن يتم تدريسه في معاهد التمثيل بالعالم، بالتجاوز عن تزيده أحيانا في الابتسام - والذي يمكن تبريره بميل أصحاب الهوي الصوفي إلي إبداء الشاشة- نري أن الفخراني قد بلغ قمة النضج في أدائه لشخصية هربرت.. بتعبيراته التلقائية في حزنه علي موت معلمه السوداني وببراءة عينيه وهو يكشف عن حبه لزينب دون كلام، وبعبثيته المجنونة وهو يسعي إلي الموت والصادق وهو يحاول هداية «صابر الأعمي»..، «سلافة معمار» قدمت أداء متوازنا واعيا، أحمد فؤاد سليم قدم واحداً من أقوي أدواره وتألقت سوسن بدر - كالعادة- عاش محمود الجندي قمة الإحساس في دور كمال شيخا ولا يمكن أن ننسي مشهده وهو يحمل نعش أمه ويتوقف أمام مقام عبدالقادر ويناجيها.. «خلاص سلمتي ع الحبيب ياامه؟» وعيناه تترقرقان بالدمع الصادق، الممثل الصاعد الذي أدي دور «زايد» يستحق التقدير علي وعيه وإحساسه بتقلبات الشخصية والمواقف المختلفة التي مرت بها علي المستوي النفسي، الطفل أحمد خالد الذي أدي دور «كمال» موهبة رائعة لها مستقبل ويستحق الفخراني الأب.. أو الفخراني الابن التحية علي اختيار هذا النابه الصغير!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.