هذا نداء عاجل من مصري بسيط أسعده عادل إمام كثيرا ورأي فيه نفسه.. يطالب فيه بقطع رأسه.. ودون محاكمة.. لأن معني «الازدراء» الاستخفاف والاحتقار. اقطعوا رأسه.. لأنه من الخوارج.. ولأن مضي علي طريق أحمد بن حنبل وقد وجهت إليه نفس التهمة لأنه قال إن القرآن الكريم كلام الله.. ومع ذلك توجه تهمة الازدراء إلي من يمس الذات الإلهية.. أو الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم.. وقد جاء في القرآن الكريم بسورة هود 31: «ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيراً الله أعلم بما أنفسهم إني إذا لمن الظالمين».. وإذا كان معني الآية أن من يزدري الناس وهو منهم الله أعلم بنواياه.. فما بالك بمن توجه إليه تهمة ازدراء الدين نفسه؟! وهناك فارق رهيب بين افتقاد سلوكيات المسلم.. والتطاول علي الإسلام نفسه.. وماذا نقول علي سبيل المثال عن محجبات يتسكعن جهاراً نهاراً علي كورنيش النيل وفي الطرقات.. إلا أن هذه إهانة لأشخاصهن وليست للحجاب.. وفي القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة الكثير من الأمثال علي وصف أفعال بعض المسلمين.. فهل يعد هذا تطاولاً علي جموع المسلمين والإسلام نفسه؟! ليست ازدراء لقد كان مشهد السخرية من المأذون في الأفلام مادة أساسية ومكررة في معظم الأفلام.. رغم ارتداء الزي الأزهري.. فهل كان ذلك من أبواب الازدراء.. وهل هجومنا وانتقادنا لأفعال الإخوان والسلفيين في الوقت الحالي في مجال الجدل السياسي يعد تطاولاً علي الإسلام نفسه.. وهل هم أوصياء علي هذا الدين الذي هو في أرقي وأجمل وأسمي معانيه علاقة بين العبد وربه.. يحاسبه عليها وحده لأنه أعلم سبحانه بما تخفي الصدور.. فالرجل كما قال النبي الكريم صلي الله عليه وسلم قد يفعل أفعال الجنة ولا يبلغها.. وقد تدخل امرأة باغية الجنة لأنها سقت كلبا في حذائها وقد تدخل أخري مصلية صائمة النار لأنها عذبت قطة. وإذا كان ربنا سبحانه وتعالي يقول لرسوله الكريم صلي الله عليه وسلم: «لست عليهم بمصيطر» وفي قول آخر «ما عليك إلا البلاغ».. وفي ثالث «إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء» فبهذا المفهوم فإن محاسبة الناس علي أفعالهم والخوض في نواياهم مسألة لا تخص العباد بين بعضهم البعض.. وفي الأفلام والأعمال الفنية عموماً تختلف التفاسير.. ويمكنك تأويل المشهد الواحد بأكثر من معني.. وما تراه أنت عيبا ووقاحة يعتبره غيرك جرأة وصراحة.. وفي ذلك تختلف من منظور اختلاف الثقافة العامة والدينية.. وهناك ثوابت لا جدال فيها ولا فصال. أنا مثلا علي سبيل المثال رغم معرفتي بعادل إمام من قرب لا أحب بعض ما يجيء بأفلامه وأقول له هذا وجها لوجه.. ولكني لا أنكر ومن قرب أيضاً انه رجل مسلم وزوجته امرأة فاضلة حجت واعتمرت أكثر من مرة وابنته مرتبطة بزوج والده من قيادات الإخوان، وابنه رامي من الذين يؤدون الصلوات في أوقاتها.. وقد خرج من بيئة بسيطة محافظة للدين عندها قانون الدين الأعظم المقدس. مسلم غيور وقد رأيت عادل في مواقف عديدة شخصية يتصرف كمسلم غيور علي دينه.. رغم أن هذه التصرفات جرت بعيداً عن الكاميرات والعدسات ومن هنا تستطيع أن تكتشف بسهولة من هذه الحكايات.. ما فعله عادل مع مخرج راحل كبير لم تكن بينهما صداقة أو معرفة.. بل علي العكس علاقة ملتهبة.. فكل منهما ينظر إلي الآخر علي أنه مغرور ومتعجرف وعندما مرض المخرج وكان في أزمة مادية خانقة واحتاج إلي علاج.. فجأة وجد عادل تفوق رأسه يقول له: شبيك لبيك.. وبكي المخرج من فرط المفاجأة.. وأراد أن يرد الجميل لهذا النجم بقدر ما يستطيع لكن القدر لم يمهله فقط قال في حقه كلمة صدق أمامي، وهذه ليست الحالة الوحيدة التي أعرفها من قرب.. وقد قال عادل ذات مرة إنه يرفض لابنته أن تعمل بالتمثيل رغم انها مهنته وقامت الدنيا ولم تقعد وخلطوا بين الخاص والعام.. ونسي هؤلاء أن الراقصة تقول بالفم المليان علناً وعلي رءوس الأشهاد: إنها لاتتمني لابنتها أن تعمل في مجالها.. وهذه أمور شخصية بحتة.. وفي البيت الواحد قد تجد النجم اللامع والشيخ الملتحي.. والأخت الممثلة التي ارتبطت بأدوار الإغراء وأختها منتقبة. لاحظوا أنني طوال هذه الأسطر لم أتوقف عند مسألة حرية الفنان والخوف عليها في ظل هذا المناخ الذي يتربص بالكلمة والحركة.. لأن زملائي.. المؤكد سوف يخوضون في هذا وبتفاصيل أكثر مني.. لذلك قصدت أن أقتصر في كلمتي علي الجوانب الأخلاقية عند إنسان مصري مهما أحاطت به الأضواء والشهرة فانه يلخص لنا قصة كفاح هائلة ومعدنه الطيب تستطيع أن تلمسه في بيته وأولاده وفي تلك المحبة الجارفة.. التي بلغت أمام عيني في العراق سنة 2000 تقريباً أن ترك الناس مزار الإمام الكاظم وما أدراك ما هو في الكاظمية.. وطافوا حول سيدي عادل إمام شيخ مشايخ الطرق الفكاهية.. لا تحمدن أمراً حتي تجربه ولا تذمنه من غير تجريب فحمدك المرء ما لم تبله خطأ وذمه بعد حمد شر تكذيب