محافظ البحر الأحمر يضع إكليل الزهور على مقابر الشهداء احتفالًا بنصر أكتوبر    وزارة الشباب والرياضة تُحيي اليوم العالمي للشلل الدماغي    «تنمية المشروعات» وشباب «تراثنا» يحتفلون بذكرى انتصارات أكتوبر    جامعة شرق بورسعيد الأهلية إحدى ثمار التنمية الشاملة بمدن القناة    رئيس اتحاد عمال الجيزة: نصر أكتوبر رمز للتكاتف الوطني والعبور نحو التنمية    الرابط مفعل.. خطوات التقديم على وظائف وزارة الخارجية عبر منصة مسار في السعودية    عاجل- مدبولي: مصر ملتزمة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني بالتعاون مع صندوق النقد الدولي لتحقيق أهداف التنمية والاستقرار المالي    وزير البترول يتفقد الحفار القاهر-2 استعدادًا لحفر بئر جديدة لإيني بالمتوسط    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الإثنين 6102025    "Taskedin" تطلق مبادرة لدعم 1000 رائد أعمال بالتزامن مع انطلاق قمة "تكني سميت" بالإسكندرية    رئيس الوزراء يصدر 3 قرارات جديدة (تفاصيل)    خطوات التسجيل في برنامج الهجرة العشوائية إلى أمريكا 2026.. كل ما تحتاج معرفته عن اللوتري الأمريكي    عاجل| وصول الوفود المشاركة في مباحثات وقف إطلاق النار بغزة إلى مصر    باحث فلسطيني للفجر: لا أتوقع حدوث فارق بمفاوضات غزة.. ونتنياهو يعتبر رد حماس الإيجابي مناورة سياسية |خاص    عضو بالبرلمان الإستوني: الحرب الروسية في أوكرانيا تمثل اختبارا قويا لحلف الناتو    أبو الغيط يحتفل بإطلاق ترجمات عالمية لكتابيه "شاهد على الحرب والسلام" و"شهادتي"    منافسة شرسة بين 8 لاعبين على جائزة نجم الجولة السابعة فى الدوري الإنجليزي    فى تكرار لسيناريو بايدن..جرائم الإبادة ضد الفلسطينيين تلاحق ترامب بالزهايمر والجنون    إسبانيا تعتزم تقديم شكوى أمام الجنائية الدولية بأحداث أسطول الصمود    تطورات الحالة الصحية لحسن شحاتة.. جراحة مرتقبة وتوجيهات رئاسية بعلاجه    البطلة آية سويلم بنت الإسماعيلية تحصد ذهبية بطولة نيويورك للقوة البدنية    إنجاز جديد للفروسية المصرية، طاهر زيادة يحصل على برونزية جولة الملكية المغربية    جلسة ثلاثية في الأهلي لتحديد موعد السفر إلى بوروندي لبدء المشوار الأفريقي    كرة سلة - أهلي بني غازي يعين سامح صلاح مديرا رياضيا    منتخب إنجلترا يعلن استبعاد ريس جيمس.. وانضمام مدافع سيتي بدلا منه    إصابة شخصين في حادث تصادم أعلى كوبري قها بالقليوبية    4 متهمين: جنايات المنيا تحجز قضية قتل واستعراض قوة.. للأربعاء القادم    موعد امتحانات شهر أكتوبر لصفوف النقل 2025-2026.. (تفاصيل أول اختبار شهري للطلاب)    قرار جمهوري بالعفو عن باقي العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد القوات المسلحة    وزير الخارجية يلتقي رئيسة المؤتمر العام لليونسكو والمندوبة الدائمة لرومانيا لدى المنظمة    لحظة مؤثرة.. ياسر جلال يودع ابنته بعد حصولها على منحة تفوق    سر خطير كشفته بدلة استشهاد "السادات".. وكيف تغير مسار رصاصة فقتلته.. فيديو    موعد عرض مسلسل المدينة البعيدة الحلقة 32 والقنوات الناقلة في مصر    «عاوز الحاجة في نفس الثانية».. 3 أبراج غير صبورة ومتسرعة    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 6اكتوبر 2025فى محافظة المنيا    رمضان عبدالمعز: جيش مصر خير أجناد الأرض ونصر أكتوبر من أيام الله العظام    جولة لنائب وزير الصحة بمستشفى أم المصريين تتسبب فى استبعاد المدير ونائبه    ممثلًا عن إفريقيا والشرق الأوسط.. مستشفى الناس يشارك بفريق طبي في مؤتمر HITEC 2025 العالمي لمناظير الجهاز الهضمي العلاجية المتقدمة    فى يوم التوعية به.. ما هو الشلل الدماغى وأنواعه ولماذا يحدث    مصرع طفل سقط من علو في إمبابة    السينما وحرب أكتوبر: كيف تُشكل الأفلام وعي المصريين بالتاريخ؟    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق "كوبري السمك" بحي غرب شبين الكوم    وزير العمل: القانون الجديد أنهى فوضى الاستقالات    نجم الزمالك السابق يعتذر لمحمد مجدي أفشة    «الداخلية»: ضبط متهم بالنصب على مواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    3 علماء يفوزون بجائزة نوبل في الطب لعام 2025 (تفاصيل)    فالفيردي يغيب عن معسكر منتخب الأوروجواي    نائبا رئيس الوزراء يشهدان اجتماع مجلس إدارة هيئة الدواء المصرية.. تفاصيل    «عبد الغفار» يشارك في ختام «مهرجان 100 مليون صحة الرياضي»    رئيس الوزراء الفرنسي بعد استقالته: لا يمكن أن أكون رئيسًا للوزراء عندما لا تستوفي الشروط    مياه القناة: تجارب عملية لمواجهة الأمطار والسيول والأحداث الطارئة في الشتاء    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو يُظهر اعتداء على مواطن وأسرته بدمياط    كجوك والخطيب: القطاع الخاص المصرى مرن وإيجابي وقادر على التطور والنمو والمنافسة محليًا ودوليًا    لماذا يستجيب الله دعاء المسافر؟.. أسامة الجندي يجيب    ما حكم وضع المال فى البريد؟.. دار الإفتاء تجيب    جمهور آمال ماهر يتفاعل مع سكة السلامة واتقى ربنا فيا بقصر عابدين    أسعار الخضراوات والفاكهة بكفر الشيخ الإثنين 6 أكتوبر 2025    اعرف مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 6-10-2025 في بني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة مخطوطة من يوسف إدريس إلي توفيق الحكيم
نشر في القاهرة يوم 22 - 11 - 2011


علي الرغم من أن توفيق الحكيم (1898- 1987) كان يمثل في حياتنا الثقافية - بعد رحيل طه حسين - شيخ القبيلة الأدبية الذي يحيط بكل ما تتعرض له، إلا أنه كان يحرص دائما علي أن يلتقي بالأدباء علي انفراد، بعيداً عن جلسة الخميس الأسبوعية التي يعقدها في مكتبه في «الأهرام»، وفيها تدور حوارات الأدباء بعضهم ببعض، وبينهم وبينه من الحادية عشرة صباحا إلي ما بعد الثالثة بعد الظهر. وبعد أن تنفض الجلسة، ويستعد الحكيم لمغادرة المكتب، يصحبه أحد الأدباء المقربين إليه في عودته إلي بيته. وخلال المسافة بين مبني «الأهرام» في شارع الجلاء وبيت الحكيم في الجيزة أمام حديقة الحيوان، يستكمل الحكيم مع رفيقه الحوارات التي لم تكتمل أو انقطعت لسبب أو آخر، خاصة في الفترات التي كانت فيها السلطة لا تقبل المعارضة، وتمنع الكتّاب من الكتابة وإبداء الرأي، وتصادر الكتب والمسرحيات التي تطالب بالتغيير، معبرة عن أفكار متحررة لا يتحملها النظام، كما حدث لنعمان عاشور، ويوسف إدريس، وعبدالرحمن الشرقاوي، وألفريد فرج وغيرهم. ولهذا لم يكن غريبا أن يكون لدي الحكيم دائما ملاحظات وتساؤلات لا يستطيع الافصاح عنها أو مناقشتها في مكتبه الذي يغص - في هذه الجلسات - بالزوار الغرباء الذين يدفعهم الفضول لحشر أنفسهم في هذا التجمع الثقافي المفتوح، الذي يضم ألمع الأسماء، وقد يكون بين هؤلاء الغرباء، إن لم يمكن من المؤكد، وجود أفراد من أمن الدولة، أو من الشرطة السرية، اندسوا وسط المثقفين لكتابة التقارير عنهم، إذا أحسنا الظن بالأدباء، واستبعدنا أن يكون بينهم من يكتب التقارير عن زملاء القلم. وقد وجد الحكيم أنه ليس هناك حل للتغلب علي هذا الخطر غير الرسائل التي يكتبها لمن يريد من المثقفين الذين يحيطون به ويعتبرون أنفسهم من أبنائه، مضمنا اياها كل ما يريد قوله والتعليق عليه، دون خوف من أحد، ويضع ما يكتبه في مظروف مغلق، يرسله مع مخصوص إلي المرسل إليه، في منزله أو في مكتبه الذي قد يكون ملاصقا لمكتب الحكيم في الدور السادس في «الأهرام». قد تكون هذه الرسائل، كما سنري، تعليقا علي موقف أو حدث سياسي يشغل الرأي العام، أو تعبيراً عن ظاهرة لم تتح الفرصة لمناقشتها، أو مجرد خواطر لا تقال إلا لصديق له وزنه ومكانته مثل لويس عوض، ويوسف إدريس، وحسين فوزي، وغيرهم من الشخصيات التي يكن لها الحكيم كل تقدير واحترام. ولو كان توفيق الحكيم يمارس النقد الأدبي، لكتب المقالات الطوال عن هذه الشخصيات التي عرفها، خاصة التي تلتقي معه في أفكاره ومبادئه الفنية، أو التي يجد فيها وفي أدبها شبها به وبأدبه. ولكنه لم يكتب كلمة واحدة عن أحد منهم أغلب الظن لأنه، ككل المبدعين، كان يعتبر نفسه المبدع الفرد الذي لا يحب أن يعترف بقيمة أحد سواه، وإن لم يمنعه هذا الموقف من أن يهتم بشئون الأدباء، ويتابع إنتاجهم، بصفته شيخ هذه القبيلة، كما كان شيخ الحارة يصنع في الأحياء الشعبية. ومن بين الرسائل العديدة التي وجهها الكتّاب للحكيم، ننشر هذه الرسالة المخطوطة ليوسف إدريس (1927 -1991) التي كتبها رداً علي رسالة سابقة للحكيم، يسأله فيها لماذا توقف قلمه المطبوع عن الكتابة. وكل من يعرف يوسف إدريس يعرف أنه كان صاحب طبيعة انفعالية، يكتب بأحاسيسه ومشاعره، وأنه كان يمر بحالات نفسية من الكآبة، يلزم فيها الصمت، نتيجة للظروف الصعبة التي تنزل به أو بالوطن، ثم يعود لحالته الطبيعية، أكثر صخبا مما كان من قبل. في هذه الرسالة يعد يوسف إدريس توفيق الحكيم بالعودة إلي الكتابة بعد هذا الانقطاع الذي لم تكن له أسباب معلنة غير ما ذكره يوسف إدريس في مقدمة كتابه «البحث عن السادات» من إساءة فهم ما قاله عن حرب أكتوبر واتفاقية كامب ديفيد، وهو ما دفع الحكيم إلي توجيه هذا السؤال له. وهذا نص رسالة يوسف إدريس: أستاذنا الكبير توفيق الحكيم رسالتك تلك - ولو أنها بلا تاريخ - إلا أن لها قيمة «تاريخية» عندي، وعند أي كاتب في مصر أو في العالم العربي، فهي من شيخ الكتاب حين يقرأ، وحين يحس بغياب كاتب، وقد أكون أنا الغائب هذه المرة، ولكني لن أكون الأخير، فما أكثر الأسباب التي ترغم الكاتب علي الغياب في عالمنا هذا، ولكن المهم أننا - أخيرا - قد حبانا الله بشيخ خليل لفنوننا وآدابنا «يتمم» بين الحين والحين علي أبناء المهنة، ويعرف من مات ومن عاش ومن غيب. وبعد.. لم أسكت يا أستاذنا، ولن أسكت، فالسكوت للكاتب ليس نوما، ولا بتأثير مخدر يضعه كاهن لكاتب، السكوت للكاتب موت محقق. وإذا كنت أنا قد سكت عن الأهرام أو سكت الأهرام عني، فأسباب عاصفة كانت وهو جاء يعرفها الناس جميعاً وباستطاعتك أن تسأل عنها أي عابر سبيل في شارع الجلاء، إذا كان هذا قد حدث، فلا تزال المسئولية مشتركة، ولايزال السؤال حاداً كالنصل: وما ذنب القارئ؟ وكم كثيرون قد أرسلوا يسألونني ويلحون في السؤال حتي اضطررت أن أرسل لبعضهم خطابات خاصة، أما حين يجيء السؤال من أشهر كاتب وأشهر قارئ بالتالي فلاأملك، ولا يملك الأهرام فيما أعتقد، إلا أن نجيبه علي الملأ. ولا أملك أنا أيضا، إلا أن أعدك - أيها الأستاذ والقيمة والرمز - أن أكون عند حسن ظنك وظن القراء الأعزاء، وإلا أن أبدأ الكتابة عن رحلتي الأخيرة إلي أوروبا تلك التي بلسمت الجراح وملأني التأمل لحياتنا خلالها بكثير من الطمأنينة. ودوما - أنت هكذا وستظل - سباقا إلي المودة وإلي السلام. تمنياتي لك وللكتّاب والقراء جميعا بعام جديد حافل بكل ما هو «أرفع وأنفع» في الفكر والخلق والإبداع.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.