بعد معاناة مع المرض رحل فنان مصر الكبير حامد عويس عن 92 عاما ظهر الجمعة الماضية - وهو العلامة البارزة في مسار الحركة الفنية التشكيلية مي مصر من خلال ستين عاما من العمل المبدع والرائد الكبير من رواد الفن العربي المعاصر.. ولتنتهي رحلته الحياتية في مستشفي الجامعة بالإسكندرية واتجهت جنازته بعد الصلاة من جامع المواساة متجهة إلي مدافن المنارة.. رحل الفنان تاركا فنا ورصيدا وتاريخا محفوظا في أعماله الفنية وتلاميذه هم أساتذة للفن المصري المعاصر منهم الفنانون: فاروق شحاتة.. مصطفي عبدالمعطي.. محمود عبدالله.. عادل المصري.. محمد سالم.. سعيد العدوي.. وعبدالسلام عيد وغيرهم العشرات من كبار الفنانين.. وقد توجت حياته الحافلة بعشرات الجوائز من أهمها جائزة جوجنهاين العالمية وجائزة الدولة التقديرية وآخرها جائزة مبارك للفنون ووسام الجمهورية من الطبقة الثانية ونوط الامتياز من الطبقة الأولي.. وصدرت عنه كتابات متفرقة في العديد من كتب الفن المهمة ومنها كتاب مهم بعنوان «محمد عويس.. الإبداع والثورة» للناقد الكبير عز الدين نجيب إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة وكتاب نشر في إسبانيا وآخر في الاتحاد السوفييتي وحول فنه قدمت عشرات من رسائل الماجستير والدكتوراة بالتحليل والتقييم الفني والسياسي والاجتماعي. وقد كرس الراحل الكبير حياته لقضايا المجتمع والإنسان مركزا علي قيمة الحياة الكريمة للإنسان مترجما في لوحاته فكرة تمجيد قيمة العلم والعمل والبناء بمعناها الواسع من أجل ايقاظ الأمل لدي أبناء الطبقة العاملة والكادحة من أجل حياة أفضل.. وقد سبق وقال الفنان حامد عويس في هذا المجال: «إنني أؤمن بأن ما يبدعه الفنان هو ملك للناس جميعا.. ومن هذا المنطلق أتوجه بفني إلي الإنسان صانع الحضارة ومجتمعه». وقد عاش فنان مصر الكبير محمد حامد عويس مصورا ومفكرا منشغلا بأهمية الفكر في العمل الفني والذي حفزه منذ فترة مبكرة من حياته كمصور أن ينضم إلي الجماعات الفنية التي ظهرت في الحياة التشكيلية في مصر في أعقاب الحرب العالمية الثانية وكانت هذه الجماعات معبرة عن الأفكار المطروحة وقتها في مجال الفن وقضايا المجتمع، وقد كان مساهمة الفنان الراحل الكبير في تكوين جماعة الفن الحديث قدمت بوضوح اتجاهه الفني والفكري.. وقد ضمت هذه الجماعة تيارين أساسيين.. أولهما الانشغال بقضايا الشكل الفني والبحث عن صيغ تشكيلية جديدة من أجل تحديث التصوير المصري وقتها وذلك لمواكبة أهم التيارات العالمية ومواجهة التيار الأكاديمي الراكد الذي كان سائدا في ذلك الحين في مصر، وثانيهما: مناقشة قضايا الفكر والمجتمع بحثا عن صيغة جمالية وتشكيلية جديدة لتوظيفها لخدمة قضايا اجتماعية وسياسية. ويأتي الفنان عويس في مقدمة هذا التيار الثاني.. فبعد محاولاته الأولي في البحث عن شكل جديد لفنه مستفيدا من المدارس الفنية الحديثة كالتكعيبية والتعبيرية والحوشية وغيرها، استطاع حامد عويس أن يبلور أسلوبا فنيا يمثل التيار الفكري آخذا أشكاله من واقع الحياة اليومية ليوظفها جماليا لخدمة أهداف رمزية وتعبيرية مواكبا أهم الانجازات والانتصارات التي حققها الشعب المصري في قضاياه القومية لذلك تميزت أعمال عويس بمضمون فكري واجتماعي كبير وفيه تجميد ودفع لقيم العلم والعمل والبناء ليصبح من مجموع أعماله رائدا للواقعية الاشتراكية في الفن المصري المعاصر. وعقب هزيمة 1967 استمر عويس في تضمين أعماله ذلك المحتوي الاجتماعي السياسي الذي يبعث روح المقاومة لتجاوز الهزيمة وتمجيد الروح الإيجابية الكامنة في الشعب المصري، ومن جانب آخر تميزت لوحاته بإحكام البناء والتصميم وجمالية عالية. والفنان الراحل الكبير جاء من جنوب مصر من بني سويف التي ولد بها عام 1919 ليدرس الفنون ويعمل أستاذا بفنون الإسكندرية ثم عميدا لها ونقيبا سابقا لفناني الإسكندرية، كما شارك في تأسيس جماعة الفن الحديث وسافر إلي إيطاليا مشتركا في تمثيل مصر في جناحها بينالي فينيسيا عام 1958 وقد تخرج عام 1944 في مدرسة الفنون الجميلة العليا بالقاهرة وبعدها بعامين تخرج في معهد التربية العالي للمعلمين بالقاهرة وعام 1967 حصل من إسبانيا علي درجة الأستاذية في الفن من أكاديمية سان فرناند وللفنون بمدريد. وكان للفنان المصري الراحل الكبير مكانة مهمة عالمية واقتنت أعماله متاحف كبري لتوجد مصر في متاحف مثل: متحف درسدن بألمانيا الذي اقتني لوحة «صيادين من الإسكندرية». متحف الفن الحديث فبرليه بألمانيا اقتني لوحة «المطرقة». متحف بوزنان في بولندا مقتنيا لوحة «الجالسة». متحف بوشكين بموسكو- روسيا مقتنيا لوحات: «احنا الشعب» و«نحو النور» و«السد العالي». متحف الفنون الشرقية بموسكو - روسيا مقتنيا لوحة «السد العالي 2» و«العمل في الحقل». متحف الفن المعاصر ببرشلونة - إسبانيا مقتنيا لوحة «القيلولة». متحف الفن المصري الحديث بالقاهرة مقتنيا لوحتي «وردية الليل» و«البطالة». متحف الفنون الجميلة بالإسكندرية مقتنيا لوحة «الحصاد». متحف الفن الحديث بالإسكندرية متحف محمود سعيد مقتنيا لوحة «النيل والتعايش السلمي». متحف كلية الفنون الجميلة بالقاهرة مقتنيا لوحة «التعمير». متحف كلية الفنون بالإسكندرية مقتنيا لوحات «القنال لنا» و«الحلاق» و«بائع الورد». متحف دولة قطر بالدوحة مقتنيا لوحات «من الريف» و«صالون الحلاقة»، «العائلة»، «الورشة»، «علي شاطئ القنال» و«السمك والناس». وكانت آخر مشاركاته في المعارض الدولية والمحلية التي بلغت العشرات طوال حياته مشاركته الأخيرة التي مازالت في العرض في قائمة بيكاسو للفنون بالقاهرة مشاركا في معرض «جمال عبدالناصر الحلم».. رحم الله فنان مصر الكبير بما قدمه لمصر ولفنه ولمحبي الفنون وأساتذة وطلاب الفن.