منظمات الأعمال: اعتماد مجلس التنسيق الأعلى المصرى السعودى يفتح آفاقا جديدة للاستثمار بين البلدين    جهاز تنمية المشروعات: جاري الانتهاء من إجراءات الربط الشبكي مع مصلحة الضرائب    وزير الإسكان ومحافظ المنيا يتفقدان محطة مياه شرب صفانية ومحطة معالجة صرف صحي بلهاسة    البورصة تحت ضغط التوترات الجيوسياسية.. وتوقعات بارتداد مرتقب    وزير الخارجية يعلن استعداد مصر للانخراط في المشروعات التنموية بالعراق    سفير الولايات المتحدة لدى تل أبيب: بدء تسيير رحلات مغادرة من إسرائيل    صن داونز يفتتح أهدافه ضد بروسيا دورتموند بعد 11 دقيقة    رغم إغراءات الدوري السعودي.. نوتنجهام فورست يجدد عقد نونو سانتو    مدبولي: نستهدف تأمين احتياجات البلاد من المواد البترولية    حملات بيطرية لحماية الثروة الداجنة وضمان سلامة الغذاء بالإسماعيلية    حصاد أنشطة وفعاليات أخبار جامعة أسيوط خلال أسبوع    يسرا ومصطفى شعبان في طليعة نجوم الفن العائدين.. هل سيكون النجاح حليفهم؟    «للرجال أيضًا إجازة وضع».. إجازات قانون العمل الجديد تصل ل45 يومًا | تعرف عليها    انطلاق فعاليات الملتقى العلمي لقسم الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة    سقوط 65 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم 56 قطعة سلاح ناري ب3 محافظات    فسحة انتهت في المستشفى.. مصرع طفل وإصابة 16 آخرين في تصادم بطريق السخنة    ضبط قضايا اتجار غير مشروع في العملات بقيمة 5 ملايين جنيه    "يمين في أول شمال" في أول لياليه على مسرح السلام.. صور    محمد ثروت: وقوفي أمام ميمي جمال شرف.. وسعيد بفيلم «ريستارت»    كواليس أغنية «أغلى من عنيا» ل هاني حسن الأسمر مع والده الراحل    «امتحانات في عزّ النار».. كيفية تهيئة المناخ المناسب للطلاب؟    خطة للتوسع في المنشآت الرياضية والطبية بجامعة سوهاج    وزير العمل ومحافظ كفر الشيخ يمنحان خريجات البرامج التدريبية 11 ماكينة خياطة    خبير استراتيجي: حذرنا من التصعيد منذ 7 أكتوبر.. وإيران قد تلجأ لرد انتقامي    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم اتمنى القرب منك سيدى ودون فراق?!    الأرصاد: غداً طقس حار نهاراً معتدل ليلاً على أغلب الأنحاء    الاحتلال يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيميها لليوم 146    وزير الصحة يتفقد مستشفى مدينة نصر للتأمين الصحي ويوجه بزيادة القوى البشرية ورفع الكفاءة والتطوير    جنايات شبرا تصدر حكما بالمؤبد ل3 متهمين لإتجارهم بالمخدرات    وكيل الأزهر يطمئن طلاب الثانوية بشأن امتحان الفيزياء: «تتم دراسة ملاحظاتكم» (صور)    أسامة ربيع: تعاملنا بشكل فورى واحترافى مع حادث جنوح سفينة RED ZED1    محمود عاشور حكمًا لتقنية ال "VAR" في مباراة مانشستر سيتي والعين بكأس العالم للأندية    إمام عاشور يغادر معسكر الأهلي المغلق في نيوجيرسي    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء    خبير: إيران تستعيد توازنها وتلجأ لاستراتيجية استنزاف طويلة ضد إسرائيل    حسام حبيب يطرح نسخة معدلة من "سيبتك"    كشف أثري جديد في تل الفرعون بمحافظة الشرقية    بعد الزيادة.. مصروفات المدارس الحكومية والتجريبية لغات بالعام الدراسي الجديد 2025- 2026 (لكل الصفوف)    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفي والإعلامى (4)    الرئيس السيسى وملك البحرين: التصعيد الجارى بالمنطقة يرتبط بشكل أساسى باستمرار العدوان على غزة.. إنفوجراف    بايرن ميونخ يعادل برشلونة ويلاحق إنجاز الريال فى كأس العالم للأندية    نقابة المحامين توضح إرشادات يجب اتباعها خلال استطلاع الرأي بشأن رسوم التقاضي    طب قصر العيني" تعتمد تقليص المناهج وتطلق برنامج بكالوريوس الطب بالجامعة الأهلية العام المقبل    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    رسميًا.. اليوم بداية فصل الصيف في مصر (تفاصيل)    وائل جسار يُقبل عَلَم المغرب في حفله ب مهرجان موازين    ضبط 12 ألف مطبوع تجاري داخل مطبعة بدون ترخيص في القاهرة    أيمن محسب: استمرار التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران يهدد بانفجار إقليمي شامل    برلماني يطالب بتشديد الرقابة على الأدوية منتهية الصلاحية    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    رسالة أمل.. المعهد القومي ينظم فعالية في اليوم العالمي للتوعية بأورام الدم    ديمبلي يزف بشرى سارة لباريس سان جيرمان قبل مواجهة سياتل ساوندرز    «خلوا عندكم جرأة زي بن شرقي».. رسائل من وليد صلاح الدين ل مهاجمي الأهلي    الرئيس الأمريكى يعلن توقيع إتفاق سلام بين رواندا والكونغو    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    تركي آل الشيخ يكشف سبب إقامة "نزال القرن" في لاس فيجاس وليس في السعودية    مؤمن سليمان يقود الشرطة للفوز بالدوري العراقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن والعالم .. تجاذبات المحلية والعالمية!
نشر في القاهرة يوم 27 - 09 - 2011


المشهد الثقافي في العالم العربي كله - وليس فقط في الفنون التشكيلية - متنازع ما بين المحلية والعالمية .. في الشعر وفي الرواية وكذلك في الموسيقي والمسرح، هناك توق دائم إلي الإبحار في الفضاء الخارجي .. لأن البحار المحلية باتت - علي ما يبدو - ضيقة علي الطموحات والتطلعات لاسيما في ظل العولمة مترامية الأطراف، وطموح كل مثقف هو .. " العالمية شهرة وتوزيعا " والتشكيل العربي جزء من هذا المناخ لاسيما أن معظم الفنانين درسوا في الغرب الإيطالي / الفرنسي / البريطاني .. الخ أو هم علي الأقل تنفسوا هواءه حتي صار جزءا منهم .. وإن لم يتمكنوا هم من أن يكونوا جزءا منه ..!! وقد ظلم الفنان العربي إرثه الفني العظيم حين لم ير منه سوي نسبه المحلي فقط دون البعد الإنساني فيه، وهنا نشأ صراع ملفق بين مفهومي المحلية والعالمية كما لو أنهما يقيمان في منطقتين منفصلتين، فقد سعي الفنان العربي الي دفع تهمة التغريب عن إبداعه الفني عن طريق لجوئه الي مفردات جمالية تراثية، وهو لجوء غالبا ما اتخذ طابعا تزينيا، لأن الفنون هي في البداية والنهاية عمل إنساني، وأي عمل فني يجب أن يكون عملا إنسانيا أولا ثم مصريا أو سوريا أو مغربيا بعد ذلك ..!! وقد حسم إدوارد سعيد القضية في كتابه الشهير (الاستشراق) عندما أكد أنه لا توجد ثقافة نقية مائة في المائة، فكل الثقافات قد أخذت من بعضها .. والثقافة الحية القوية هي التي تؤثر وتتأثر، أما الثقافات التي تنغلق علي نفسها ولا تتفاعل مع متغيرات العصر فإنها تندثر وتموت مثل ثقافة الهنود الحمر بأمريكا وثقافة شعب (البروجيز) في أستراليا ..!! فقد كان الفن في أزمنة العزلة والتقوقع للجماعات وللشعوب يحمل خصوصية الجماعة أو الشعب .. ولكن مع الاحتكاك الحضاري وصيرورة التاريخ انتهت هذه الخصوصية ليكون " الفن لغة لونية وبصرية عالمية .." انعكست في فعل (التأثير) و (التأثر) وتلاقح الأفكار والإبداع في العمارة والفنون - سمعية وبصرية - وهكذا ذابت الحدود أمام حركة الفن وآليات تطوره في إطار الحوار الحضاري النديج . وفي هذا الإطار نجد العديد من الأمثلة علي التلاقح الفني والثقافي، فنجد بيكاسو الذي استلهم الفن الياباني والفن الإفريقي في أعماله خصوصا فيما يسمي بالمرحلة الزرقاء، كما نجد جوجان الذي ترك العالم المتقدم / أوروبا وركب البحر الي جزيرة (هاييتي) الذي تصور أنها الفردوس المفقود ومنحت تجربته الفنية زخما وعمقا غير مسبوق، كما لم يعترض أحد عندما رسم ديللاكروا نساء الجزائر، ولم يجد أي أحد أدني نوع من الغضاضة في كل هذا .. بل تعاملوا معها علي أنها روافد جديدة للحضارة الأوروبية تجعلها أكثر تنوعا وأكثر خصوبة . لذلك لا يوجد تقابل فعلي بين مفهومي المحلية والعالمية لأن المحلية .. مفهوم (جغرافي) بينما العالمية مفهوم (ثقافي)، وكثيرا ما كان يتردد أن .." الإغراق في المحلية هو الطريق الي العالمية ".. وهي مقولة ليست صحيحة علي إطلاقها، أو أنها صحيحة بشروط .. أهمها أن يكون هذا الموروث المحلي ذا قيمة فنية وإنسانية يساعد علي جعل الحياة أكثر جمالا واحتمالا، ولعل أدب نجيب محفوظ يعد نموذجا دالا علي ذلك. ويجاور مفهوم المحلية التفات متواتر لمفهوم (الأصالة) التي غالبا ما يشار إليها في بعض أدبيات وأفكار التشكيل العربي بوصفها من خصائص (المكان) ومن ثم تفهم (المعاصرة) بوصفها من خصائص (الزمان) والعصر، وفي هذا السياق لابد من توضيح الفارق النوعي بين مفهومين بينهما الكثير من اللبس وهما مفهومي العالمية والعولمة، (العالمية) مفهوم متنامي يسمح بالتمايز الثقافي، حيث يسمح لكل ثقافة تمتلك ضمن بناءها ومكوناتها خصائص نوعية مفيدة تمثل قيمة مضافة أن تنتقل وتنتشر وتصبح جزءا من مكونات الثقافة الإنسانية العالمية، فنجد موسيقي الراي الإفريقية والسامبا البرازيلية والصلصا الكوبية .. كل هذه الأنواع المتمايزة من فنون الموسيقي قد أصبحت عالمية رغم أنها قادمة من العالم الثالث . أما (العولمة) فهي مفهوم لا يسمح بأي نوع من التنوع الثقافي ويعمل علي فرض نوع واحد ومحدد من الثقافة الغربية / الأمريكية - الأنجلو سكسونية - القائمة علي مبادئ وخصائص الرأسمالية المتوحشة التي لا ترحم، والقائمة علي تعظيم الربحية وقوانين السوق وآليات العرض والطلب حيث كل شيء معروض للبيع لمن يدفع أكثر .. كل شيء حتي التاريخ والجغرافيا والإنسان ذاته ..!! كما أن مفهوم العالمية بنموذجه الغربي علي صلة وثيقة بالطبيعة المهيمنة للحضارة الغربية لذلك فإن مفهوم العالمية لا يجد مواقع مصداقية خارج العواصم الغربية باريس / لندن / روما / نيويورك .. حيث يتم الإجازة الفنية لعالمية الفنان، ولعل هذا ما يفسر هجرة كثير من الفنانين العرب - وغير العرب - الي هذه العواصم لمزاولة حياتهم وإنتاجهم هناك، وليس ببعيد عن ذلك أيضا تنامي جماعات فناني الشتات في العالم الغربي حيث تتراءي لفناني هذه الجماعات فراديس الحرية والرعاية لإنتاجهم ..!! ومشكلتنا الثقافية في منطقتنا العربية أننا نحول كل شيء الي طقس تكراري حتي في شعائرنا الدينية في هذه الحالة حين يكرر فنان عربي عملا لفنان من الخارج معتمدا علي ألا أحدا يطلع علي الأعمال العالمية فإنه هنا يمحو نفسه مقابل الآخر، لكن في المقابل هناك فنانون عرب نجحوا في استلهام تراثهم وإنجازاته أيضا .. فتعاملوا بندية مع الآخر، وتمكنوا من الفوز بالعديد من الجوائز العالمية، مثلما حصل الفنانون المصريون علي الجائزة الكبري لبينالي فينسيا في منتصف التسعينات . علي ضوء هذا فإن الفكرة الأساسية هي أن يظل للفنان العربي مشروعه الخاص كإنسان قبل أن يكون فنانا مدركا كيف يعيش بجسده ومشاعره في سياقات وعلاقات محددة في زمان ومكان معين، ومن حسن الحظ أن أسلوب التشكيل الذي تعلمه الفنانون العرب من الغرب قد تحول عند بعضهم الي ملكة فنية فتمكنوا من الفصل بين الوعاء ومحتواه، فأتقنوا الوعاء وملأوه بمحتوي من تراثهم .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.