تفاصيل جولة وزيرالتعليم بمدارس البدرشين والصف بالجيزة اليوم    هيئة الرقابة المالية تُصدر «دليل خدمات متكامل» للقطاع المالي غير المصرفي    وزير الدفاع : الاستعداد الدائم لمواجهة المخاطر والتهديدات واجب لا يحتمل التهاون    الكرملين: الرئيس الروسي يلتقي المبعوث الأمريكي «ستيف ويتكوف» غدا    طلائع الجيش يستقبل السكة الحديد في مواجهة قوية بدور ال32 لكأس مصر    موقف الثنائي «الشناوي» من التواجد مع منتخب مصر    ضبط المتهمين بسرقة «كولدير» ببني سويف    طلاب ابتدائية القاهرة يؤدون امتحاني التربية الدينية والرياضيات.. وطلاب الإعدادية يبدؤون امتحانات الدراسات الاجتماعية والتربية الفنية    «السلم والتعبان 2» يكتسح.. و«ولنا في الخيال حب» يلاحقه بقوة في سباق الإيرادات    إعادة التدوير وتسويق المنتجات في ملتقى فتيات أهل مصربشرم الشيخ    وزير الأوقاف: الفائزون بمسابقة القرآن يكرمهم الرئيس السيسى في ليلة القدر    مشروع الجينوم: التخطيط لتحليل 25 ألف عينة بحلول 2027    قسم أمراض الذكورة بقصر العيني يحصد الاعتماد الأوروبي مجددا كمركز تدريبي خارج أوروبا    "معلومات الوزراء": 2 مليار دولار قيمة سوق الذكاء الاصطناعي في أفريقيا خلال عام 2025    موعد مباراة السعودية وعُمان في كأس العرب 2025.. والقنوات الناقلة    متحدث «الوزراء»: الإقبال السياحي على المتحف الكبير فرض ضرورة توفير خدمات جديدة    محامي رمضان صبحي يكشف 3 سيناريوهات أمام المحكمة ويحسم حقيقة دعم الأهلي القانوني    متى يبدأ رمضان 2026 وعيد الفطر؟ توقعات فلكية لموسم العبادة    تشيلسي ضد أرسنال.. تعرف على مدة غياب كايسيدو بعد طرده فى الديربى    محافظ أسوان يوجه بالاستعداد المبكر لموسم الأمطار والسيول    تطعيم 509 آلاف طفل ضد الحصبة بنسبة 90% في أسوان    فاكسيرا: لا يوجد فيروس خطير يهدد حياة الطلاب والترويج لذلك خطأ.. إنفوجراف    «جبران»: منظومة رقمية متكاملة لتطوير الخدمات بالوزارة    بدء تصويت المصريين بالكويت في الدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى لانتخابات النواب    «الأرصاد» تكشف تفاصيل آخر تحديث لخرائط الطقس    محافظة الجيزة : المركبة كيوت أرخص من التوكتوك وترخص كسيارة أجرة    الداخلية تضبط مروج صواعق كهربائية وعصي صدمات عبر مواقع التواصل    بالفيديو.. أستاذ قانون: 70% من دوائر المرحلة الأولى ستعاد فيها انتخابات مجلس النواب    رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر يهنئ المجمع العام لكنائس النعمة بانتخاب اللجنة التنفيذية الجديدة    ترامب يتعهد «النظر‌‌» في ضربة للجيش الأمريكي أجهزت على ناجين من قارب مستهدف بالكاريبي    مصر تعلن تصنيع أجزاء من الطائرة رافال محليا في ايديكس 2025    "يوم العلاج بالنباتات والروائح" فعالية بصيدلة حلوان    "التمثيل التجاري" يبحث مع المستشار التجاري الأمريكي تعميق الشراكة الاقتصادية    وزير الصحة يترأس اجتماع اللجنة الاستشارية العليا للتنمية البشرية    هيئة الاستثمار تستعد لإطلاق منصة تراخيص وموافقات إلكترونية موحدة    عاجل- قطر تفتتح مشوار كأس العرب 2025 بمواجهة فلسطين على ملعب "البيت"    «طلع لفظ مينفعش يتقال».. محمد رمضان يكشف كواليس ترحيل "كهربا" من الإمارات    طاهر محمد طاهر يكشف كواليس مشاجرة تريزيجيه أمام الجيش الملكي وأسباب تألقه في عدة مراكز بالأهلي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأثنين 1-12-2025 في محافظة الأقصر    الرئيس الإندونيسي يحث حكومته على التأهب لتغير المناخ في ظل أزمة الفيضانات    القاهرة تحتضن فعاليات الاجتماع الرابع والعشرين للأطراف المتعاقدة في اتفاقية برشلونة    بمناسبة الأسبوع العالمي لمقاومة البكتيريا... الثقافة الصحية بمديرية الشئون الصحية بالأقصر تكثف الجهود التوعوية    أوسينات للمزادات: بيع لوحة المسيح على الصليب مقابل 2.94 مليون يورو    "علوم رياضة" قناة السويس تعزز الوعي الصحي في المدارس بمبادرة "صحتنا حياتنا"    بدءا من اليوم.. الحجز الكترونيا فقط لزيارة المتحف المصرى الكبير    ارتفاع أسعار النفط بفعل خطة أوبك+ للإنتاج    «التضامن» تقر تعديل قيد جمعيتين في الجيزة والقليوبية    انتخابات هندوراس.. بدء فرز الأصوات وسط دعم ترامب لعصفورة    دراما بوكس| هنا الزاهد تغيب عن رمضان 2026.. واستئناف تصوير «الكينج» بعد الحريق    موعد غُرة شهر رجب فلكيا لعام 1447 هجريا.. كم مدة رؤية الهلال في مصر؟    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يختتم دورته العاشرة ويعلن جوائز مسابقاته    إخلاء سبيل المعلمة المتهمة في واقعة تلميذ لغات الألومنيوم بكفالة مالية بقنا    مصرع سيدة إثر اصطدام سيارة بها بالطريق الدائري في القليوبية    الداخلية تضبط سايسًا بدون ترخيص بعد مشاجرة ومنع مرور السيارات بالجيزة    كوكا: هذا موقفي من الانضمام ل الزمالك.. وشخص ما لا يريدني في المنتخب    القاهرة تستعد لافتتاحية كبرى بمدينة الفنون والثقافة بعرض "تأثير بيغماليون"    عواصف ثلجية تقطع الكهرباء في ويسكونسن وتلغي مئات الرحلات الجوية في شيكاغو    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 30نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا.... اعرف مواعيد صلاتك بدقه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن والعالم .. تجاذبات المحلية والعالمية!
نشر في القاهرة يوم 27 - 09 - 2011


المشهد الثقافي في العالم العربي كله - وليس فقط في الفنون التشكيلية - متنازع ما بين المحلية والعالمية .. في الشعر وفي الرواية وكذلك في الموسيقي والمسرح، هناك توق دائم إلي الإبحار في الفضاء الخارجي .. لأن البحار المحلية باتت - علي ما يبدو - ضيقة علي الطموحات والتطلعات لاسيما في ظل العولمة مترامية الأطراف، وطموح كل مثقف هو .. " العالمية شهرة وتوزيعا " والتشكيل العربي جزء من هذا المناخ لاسيما أن معظم الفنانين درسوا في الغرب الإيطالي / الفرنسي / البريطاني .. الخ أو هم علي الأقل تنفسوا هواءه حتي صار جزءا منهم .. وإن لم يتمكنوا هم من أن يكونوا جزءا منه ..!! وقد ظلم الفنان العربي إرثه الفني العظيم حين لم ير منه سوي نسبه المحلي فقط دون البعد الإنساني فيه، وهنا نشأ صراع ملفق بين مفهومي المحلية والعالمية كما لو أنهما يقيمان في منطقتين منفصلتين، فقد سعي الفنان العربي الي دفع تهمة التغريب عن إبداعه الفني عن طريق لجوئه الي مفردات جمالية تراثية، وهو لجوء غالبا ما اتخذ طابعا تزينيا، لأن الفنون هي في البداية والنهاية عمل إنساني، وأي عمل فني يجب أن يكون عملا إنسانيا أولا ثم مصريا أو سوريا أو مغربيا بعد ذلك ..!! وقد حسم إدوارد سعيد القضية في كتابه الشهير (الاستشراق) عندما أكد أنه لا توجد ثقافة نقية مائة في المائة، فكل الثقافات قد أخذت من بعضها .. والثقافة الحية القوية هي التي تؤثر وتتأثر، أما الثقافات التي تنغلق علي نفسها ولا تتفاعل مع متغيرات العصر فإنها تندثر وتموت مثل ثقافة الهنود الحمر بأمريكا وثقافة شعب (البروجيز) في أستراليا ..!! فقد كان الفن في أزمنة العزلة والتقوقع للجماعات وللشعوب يحمل خصوصية الجماعة أو الشعب .. ولكن مع الاحتكاك الحضاري وصيرورة التاريخ انتهت هذه الخصوصية ليكون " الفن لغة لونية وبصرية عالمية .." انعكست في فعل (التأثير) و (التأثر) وتلاقح الأفكار والإبداع في العمارة والفنون - سمعية وبصرية - وهكذا ذابت الحدود أمام حركة الفن وآليات تطوره في إطار الحوار الحضاري النديج . وفي هذا الإطار نجد العديد من الأمثلة علي التلاقح الفني والثقافي، فنجد بيكاسو الذي استلهم الفن الياباني والفن الإفريقي في أعماله خصوصا فيما يسمي بالمرحلة الزرقاء، كما نجد جوجان الذي ترك العالم المتقدم / أوروبا وركب البحر الي جزيرة (هاييتي) الذي تصور أنها الفردوس المفقود ومنحت تجربته الفنية زخما وعمقا غير مسبوق، كما لم يعترض أحد عندما رسم ديللاكروا نساء الجزائر، ولم يجد أي أحد أدني نوع من الغضاضة في كل هذا .. بل تعاملوا معها علي أنها روافد جديدة للحضارة الأوروبية تجعلها أكثر تنوعا وأكثر خصوبة . لذلك لا يوجد تقابل فعلي بين مفهومي المحلية والعالمية لأن المحلية .. مفهوم (جغرافي) بينما العالمية مفهوم (ثقافي)، وكثيرا ما كان يتردد أن .." الإغراق في المحلية هو الطريق الي العالمية ".. وهي مقولة ليست صحيحة علي إطلاقها، أو أنها صحيحة بشروط .. أهمها أن يكون هذا الموروث المحلي ذا قيمة فنية وإنسانية يساعد علي جعل الحياة أكثر جمالا واحتمالا، ولعل أدب نجيب محفوظ يعد نموذجا دالا علي ذلك. ويجاور مفهوم المحلية التفات متواتر لمفهوم (الأصالة) التي غالبا ما يشار إليها في بعض أدبيات وأفكار التشكيل العربي بوصفها من خصائص (المكان) ومن ثم تفهم (المعاصرة) بوصفها من خصائص (الزمان) والعصر، وفي هذا السياق لابد من توضيح الفارق النوعي بين مفهومين بينهما الكثير من اللبس وهما مفهومي العالمية والعولمة، (العالمية) مفهوم متنامي يسمح بالتمايز الثقافي، حيث يسمح لكل ثقافة تمتلك ضمن بناءها ومكوناتها خصائص نوعية مفيدة تمثل قيمة مضافة أن تنتقل وتنتشر وتصبح جزءا من مكونات الثقافة الإنسانية العالمية، فنجد موسيقي الراي الإفريقية والسامبا البرازيلية والصلصا الكوبية .. كل هذه الأنواع المتمايزة من فنون الموسيقي قد أصبحت عالمية رغم أنها قادمة من العالم الثالث . أما (العولمة) فهي مفهوم لا يسمح بأي نوع من التنوع الثقافي ويعمل علي فرض نوع واحد ومحدد من الثقافة الغربية / الأمريكية - الأنجلو سكسونية - القائمة علي مبادئ وخصائص الرأسمالية المتوحشة التي لا ترحم، والقائمة علي تعظيم الربحية وقوانين السوق وآليات العرض والطلب حيث كل شيء معروض للبيع لمن يدفع أكثر .. كل شيء حتي التاريخ والجغرافيا والإنسان ذاته ..!! كما أن مفهوم العالمية بنموذجه الغربي علي صلة وثيقة بالطبيعة المهيمنة للحضارة الغربية لذلك فإن مفهوم العالمية لا يجد مواقع مصداقية خارج العواصم الغربية باريس / لندن / روما / نيويورك .. حيث يتم الإجازة الفنية لعالمية الفنان، ولعل هذا ما يفسر هجرة كثير من الفنانين العرب - وغير العرب - الي هذه العواصم لمزاولة حياتهم وإنتاجهم هناك، وليس ببعيد عن ذلك أيضا تنامي جماعات فناني الشتات في العالم الغربي حيث تتراءي لفناني هذه الجماعات فراديس الحرية والرعاية لإنتاجهم ..!! ومشكلتنا الثقافية في منطقتنا العربية أننا نحول كل شيء الي طقس تكراري حتي في شعائرنا الدينية في هذه الحالة حين يكرر فنان عربي عملا لفنان من الخارج معتمدا علي ألا أحدا يطلع علي الأعمال العالمية فإنه هنا يمحو نفسه مقابل الآخر، لكن في المقابل هناك فنانون عرب نجحوا في استلهام تراثهم وإنجازاته أيضا .. فتعاملوا بندية مع الآخر، وتمكنوا من الفوز بالعديد من الجوائز العالمية، مثلما حصل الفنانون المصريون علي الجائزة الكبري لبينالي فينسيا في منتصف التسعينات . علي ضوء هذا فإن الفكرة الأساسية هي أن يظل للفنان العربي مشروعه الخاص كإنسان قبل أن يكون فنانا مدركا كيف يعيش بجسده ومشاعره في سياقات وعلاقات محددة في زمان ومكان معين، ومن حسن الحظ أن أسلوب التشكيل الذي تعلمه الفنانون العرب من الغرب قد تحول عند بعضهم الي ملكة فنية فتمكنوا من الفصل بين الوعاء ومحتواه، فأتقنوا الوعاء وملأوه بمحتوي من تراثهم .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.