يقول الفيلسوف «جون ديوي» : «عندما نسأل أنفسنا لماذا نحارب من أجل الوصول إلي الحرية؟ هل لأننا نعاني قيودا تجعل هذه الرغبة تلح علينا فإذا ما تخلصنا من هذه القيود ماتت هذه الرغبة» وهل ما يحدث الآن علي الساحة التشكيلية من خرق للوائح صالون الشباب يمثل في الاعتقاد كسرا لقيود العهد البائد وهل كان الوزير السابق فاروق حسني ليعترض علي نفس القرار الذي أصدرته اللجنة والذي يجيز كل الأعمال الفنية للشباب دون فرز علي الرغم انه مسابقة تحصد فيها الجوائز؟ وماذا بعد الإعلان عن هذه الجوائز؟ ألن يعترض أحد ونجد أن الشباب الذين لم يسعدهم الحظ في الحصول علي هذه الجائزة يقيمون وقفة احتجاجية لأحقيتهم بالجائزة رغم عدم استحقاقهم لها؟ ونحن نعرف ان تحديد الفائزين يخضع عادة للأهواء الذاتية لأفراد اللجنة وأحيانا يحيد عن الموضوعية، وما يحدث الآن في مصر هل هو عدم تمييز بين الحرية والاستهتار تحت شعار ثورة 25 يناير ونحن نذكر ان الناس قديما أطلقت للطبيعة البشرية العنان فلا تمل من المعارك والحروب ولولا حافز الحقوق لما خضع الناس للسلطة والمعروف لنا جميعا ان صالون الشباب من المناسبات المهمة التي تم طرحها عام 1989 وكان بمثابة وثبة ثقافية تطمع المؤسسة الثقافية من خلالها للنهوض بثقافة المجتمع المصري التي تاهت وسط التيارات الظلامية المتسترة وراء الدين وكان الصالون دافعا لاستمرار الحركة الفنية التشكيلية في مصر لكي نعرف أين نحن من هذا العالم الكبير والضيق بفضل ثورة المعلومات وأيضا يكشف لنا عن قدرات ومواهب الشباب المصري ليطلق خيالهم ويفجر طاقاتهم ليصبح هؤلاء الشباب إطارا لحركة التطوير والتحديث وقد بدأت الدورة الأولي بخمسة مجالات ثم زادت في الدورات التالية حتي وصلت إلي عشرة مجالات وبالتالي زادت قيمة الجوائز واعتادت إدارة الصالون إقامة عرض خاص لنجوم الصالون في قاعات العرض بالقاهرة والإسكندرية للتكريم وكوسيلة لربط الأجيال هذا بالإضافة لإقامة ورش العمل المختلفة وكانت إدارة الصالون تدعو بعض الفنانين العرب والأجانب للمشاركة من أجل التعارف والاحتكاك خاصة مع فنون الوطن العربي، لكن بدعم كامل من وزارة الثقافة متمثل في قطاع الفنون التشكيلية وقد حاولنا القيام بجولة بين الفنانين لاستطلاع بعض آرائهم في هذا الشأن ومنهم المؤيد والمعارض لقرار اللجنة ومنهم أيضا المؤيد والمعارض لقرار وزير الثقافة د. عماد أبو غازي الذي اعترض علي قرار اللجنة المخالف لشروط ولوائح الصالون وكانت اللجنة المكونة من تسعة أعضاء هم مع حفظ الألقاب محمد شاكر/ أحمد عبدالكريم/ ضياء الدين داود/ حمدي رضا/ عبدالوهاب عبدالمحسن/ عمر الفيومي/ سعيد بدر/ ريم حسن/ أحمد سعيد سليمان رضا عبدالرحمن القوميسير العام الذي قال إن وزير الثقافة لم يصدر قرارا حتي الآن فما زلنا في ظل النظام البائد ولم يصلني الآن سوي مجرد تصريحات صحفية وبالتالي احنا كان ردنا أيضا من خلال الصحافة وإذا تدخل الوزير في قرار اللجنة فإنها سوف تستقيل علي الفور لأن تدخله غير قانوني فهو ليس فنانا وغير مختص واللجنة عجبها كل أعمال الشباب وتمت الموافقة علي عرضها كاملة وقرارات لجنة التحكيم نافذة ولا يجوز لأحد الاعتراض عليها وقد قام حوالي 150 فنانا من المشاركين بالصالون بإنشاء صفحة علي الفيس بوك باسم احنا أصحاب البيان معترضين علي قرار وزير الثقافة». وعلي الجانب الآخر نجد للفنان محمد عبلة وجهة نظر مختلفة ومؤيدة لقرار وزير الثقافة فيقول: «إن تصرف الوزير قانوني فلابد من الالتزام بلائحة وشروط الصالون وعلي اللجنة ان تلتزم بهذه الشروط فليست هذه أول مرة نقيم فيها صالون الشباب فالقواعد والشروط ثابتة وليست لها علاقة بالعهد البائد ومن ضمن هذه الشروط ان تكون الأعمال جديدة لم يسبق عرضها من قبل وليست من مشاريع التخرج والمعروف ان هذه اللائحة محددة لشكل الحركة المصرية التشكيلية وتتجه لمصلحة الفنان». ويقول د. عبدالوهاب عبدالمحسن وهو أحد أعضاء اللجنة: «إنه أحيانا تحت ضغط الإحراج والمجاملة يتم قبول بعض الأعمال وهذا كان يحدث في الدورات السابقة وعند اجتماع لجنة الفرز هذا العام وجدنا ان الأعمال أقل من النصف «حوالي 600 فنان» مقارنة بالدورات السابقة التي قد يتجاوز أعدادها ألف فنان فأردنا هذا العام ان نوسع الدائرة ونبحبح أيدينا شوية فنحن أمام أمرين إما ان نفرز أو لا نفرز وحددنا التصويت علي ده أو ده فوافقوا علي عدم الفرز واعتبروها دورة استثنائية وقصر الفنون سوف يستوعب كل الأعمال وطبعا الأعمال المخالفة كالتي تمس التقاليد أو الدين يرفض عرضها ولابد العودة إلي اللجنة قبل اتخاذ أي قرار حتي لو كان من الوزير، وكان من المهم سماع رأي أحد المشاركين. والفنانة سامية عبدالمنصف في مجال النحت قد اعتادت المشاركة في الصالون خلال 6 دورات متتالية وهي تري ان الدورات السابقة هي مسابقة فلما أنا ألغي فكرة الفرز فأنا ألغي فكرة المسابقة وكل هذا من أجل دورة استثنائية بسبب الثورة فهذا ظلم لي لا أقبله فعملي سوف يظلم إذا عرض مع عمل لم يتم فرزه وكذلك سيظلم العمل الآخر وأنا مترددة من مسألة المشاركة من عدمها خاصة ان الفنان حمدي رضا وهو من أعضاء اللجنة قال: «إن الذي يعترض علي قرار اللجنة لا يشارك» وقالت: إن من حقها إبداء رأيها دون ان يؤثر علي حقها أو عدم حقها في المشاركة فصالون الشباب هو قناة اتصال مهمة بين الفنان وبين النقاد والصحافة والجمهور ويرشح من خلاله الفنانين للمعارض والمسابقات الدولية. ويقول د. أشرف رضا الرئيس السابق لقطاع الفنون التشكيلية ان العمل في إطار المؤسسة الثقافية يستلزم منا العودة للقوانين واللوائح والالتزام بها حتي لا تصبح الفوضي هي القاعدة والقانون هو الاستثناء. يقول الفنان محمد طلعت وكان يشغل مدير قصر الفنون : «إنه ليس ضد قرار اللجنة ، لكن لم يكتب له التوفيق لأسباب كثيرة حيث قبول الأعمال يتم علي مستويين فإذا نظرنا لمستوي التشجيع فنحن بصدد كم وإذا نظرنا إلي القيمة الفنية فنحن نتكلم عن كيف ومن سيستكمل أعمال اللجنة الأولي إذا قررت الاستقالة». يقول الدكتور والناقد صبحي الشاروني: إنه غير معترض علي قرار اللجنة فهذا العام ظروفه مختلفة عن الأعوام السابقة واستثناء هذه الدورة بمناسبة الثورة لن يضر فهناك أعداد كبيرة من الشباب غير محترفين وبدءوا حديثا الخوض في تجربة الصالون فلديهم حماس بسبب الثورة ونترك الحكم للجمهور والنقاد. وتخالف الشاروني في الرأي الفنانة مديحة متولي معلنة «اعتراضها علي قرار اللجنة فلابد أن تكون هناك مرحلة فرز واختيار للأعمال يرقي لمستوي المسابقة ومعني ان عدد الفنانين أقل فهذا يعني هبوط الحماس وتقاعس عدد كبير عن المشاركة للانشغال بأحوال البلاد والهم العام». وفي النهاية كان لابد من التحدث إلي وزير الثقافة د. عماد أبو غازي بشأن ما سبق وهل ما قاله مجرد تصريح أم قرار فأكد انه قرار وسوف يقوم بإعلانه في بيان صحفي فلا يجوز تغيير شروط أو لوائح سبق الإعلان عنها للكل ويعد هذا مخالفة للشروط واللوائح فلا يجوز إجرائيا مخالفة القانون العام وما أقوله ليس بدعة أو اختراعا فهذا نظام معمول به في كل المعارض والمسابقات الدولية حتي في مهرجانات السينما والمسرح التجريبي تتم عملية الفرز الأول من خلال المادة أو الشريط ثم يتم تحديد الفائزين في الفرز الثاني وأحيانا تعرض بعض الأفلام غير المطابقة للشروط خارج المسابقة أو خارج التحكيم.