التقي الرئيس الأمريكي كلا من الوزير اللواء عمر سليمان، واحمد ابو الغيط وزير الخارجية، وسمع منهما تفاصيل المبادرة المصرية السعودية لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل. وقالت مصادر دبلوماسية ان المبادرة ترتكز في جوهرها علي منح ضمانات رئاسية أمريكية للفلسطينيين في صورة خطاب ضمانات يمنحه الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووعد بضمان عربي بان تقطع حركة حماس علاقتها بإيران، وان توقع علي اتفاق المصالحة الفلسطينية مع حركة فتح. وأوضحت المصادر أن الخطة التي يجري بلورتها بين القاهرة والرياض وواشنطن تنص علي ان يحتوي خطاب الضمانات الأمريكية الممنوح للفلسطينيين ان الولاياتالمتحدةالأمريكية تؤيد إنجاز تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين علي أساس حدود 1967، مع تعديلات تفرضها التغييرات الديموغرافية التي حدثت منذ ذلك الحين علي الأرض، وان الولاياتالمتحدة تؤيد حصول الفلسطينيين علي القدسالشرقية وإعلانها عاصمة لدولة فلسطين. وأشارت مصادر أمريكية إلي نقطة مهمة وعجيبة وتطرح الكثير من التساؤلات وهي ان هذه التعهدات الأمريكيةللفلسطينيين "غير ملزمة" لإسرائيل، وان كل المطلوب من الإسرائيليين هو استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين! وبالتالي لن يكون مطلوبا من إسرائيل تجميد الاستيطان في الاراضي الفلسطينية، بما في ذلك القدس! وذكرت مصادر إسرائيلية ان الوزيرين المصريين ابلغا اوباما ان رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، خالد مشعل، ابلغ العاهل السعودي الملك عبد الله، خلال زيارته للرياض الاسبوع الماضي، انه سيقطع علاقة حماس بإيران وانه وافق علي توقيع اتفاق المصالحة مع حركة فتح، وان يفتح الطريق لاقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية. وقالت المصادر ان مصر والسعودية ارادتا التأكيد لواشنطن ان حماس سوف تحترم أي اتفاق يجري التوصل اليه بين إسرائيل وابو مازن، لازالة حجة إسرائيل بان التوصل إلي أي اتفاق مع ابو مازن لن يكون ملزما لحماس وبالتالي لا فائدة منه! وقالت مصادر أمريكية ان اوباما وافق علي منح خطاب الضمانات للفلسطينيين بصفة مبدئية، ولكنه سيترك التفاصيل النهائية لمحتوي الخطاب والصياغة الدقيقة له رهنا لمفاوضات اخري تجري بين مبعوثه الخاص إلي الشرق الاوسط جورج ميتشل ومصر والسعودية. وفي إسرائيل يدركون ان خطاب اوباما سيكون في الواقع تعديلا لخطاب الضمانات الذي منحه الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن لرئيس الوزراء الإسرائيلي الاسبق اريل شارون في ابريل 2004. ومع ذلك ابدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقته علي المبادرة المصرية السعودية، لكنه شكك في التزام خالد مشعل بتعهده للعاهل السعودي بان يقطع علاقته بإيران. وقالت مصادر إسرائيلية ان وزير الخارجية السعودي سعود بن فيصل، زار دمشق 6 يناير كي يطلب من الرئيس السوري بشار الأسد موافقته علي الخطة المصرية السعودية والضغط علي قيادات حماس لديه لتنفيذها، لكن الأسد فاجأ ضيفه واعلن معارضته للخطة، وقال انه يري انها تتعارض مع المبادرة السورية التركية لادارة ملف الشرق الاوسط! اليمن 2 وبينما يبدو التحرك العربي مكثفا باتجاه السلام، تشير تحركات إسرائيل إلي انها تسير في الاتجاه المعاكس نحو الحرب، ففضلا عن الغارات والاعتداءات شبه اليومية التي تنفذها قوات الاحتلال علي قطاع غزة، بدأت إسرائيل في تمهيد الساحة الاعلامية الدولية عبر تكثيف الحملات الاعلامية الموجهة بشأن احتمال اندلاع حرب جديدة، او بمعني ادق شن عدوان إسرائيلي جديد علي قطاع غزة، ولكن التمهيد يأتي هذه المرة بغلاف جديد، حيث تدعي إسرائيل ان الحرب القادمة في غزة لن تكون بين إسرائيل وحماس كالمرة السابقة، وانما ستكون بين إسرائيل وتنظيم القاعدة! وتدعي مصادر إسرائيلية ان دوائر استخباراتية أمريكية مقربة من الإدارة الأمريكية ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) تتوقع ان يشهد العام 2010 حربا بين إسرائيل وقطاع غزة، ولكن ليس ضد حماس هذه المرة، بل علي العمكس سوف تحاول حماس منع اندلاع هذه الحرب، وانما بين إسرائيل وتنظيم القاعدة الذي بات يسيطر هذه الايام علي اجزاء واسعة من جنوب قطاع غزة. ونقلت المصادر الإسرائيلية عن مسئول رفيع بالاستخبارات الأمريكية يعمل مستشارا للرئيس الأمريكي في قضايا الإرهاب بالشرق الأوسط، قوله ان تمركز عناصر القاعدة في غزة لا يقل خطورة عن تمركزها في اليمن. ونقلت المصادر عن الخبير نفسه قوله ان ذلك هو السبب الرئيسي الذي دفع مصر إلي بناء ما يعرف بالجدار الفولاذي علي طول الحدود مع قطاع غزة، واضاف ان المصريين يصرون علي عزل عناصر القاعدة في غزة عن شبه جزيرة سيناء، لانه بدون ذلك سوف تجد مصر نفسها في موقف صعب تفقد فيه السيطرة علي سيناء، بما يترتب علي ذلك من تسرب الانشطة الارهابية لتنظيم القاعدة إلي جميع انحاء مصر، في ظل دلائل علي استهداف القاعدة للمدن المصرية الرئيسية الواقعة علي امتداد قناة السويس! وتقول مصادر أمريكية ان ثمة دلائل متزايدة علي ان عناصر القاعدة في غزة نسجوا بالفعل علاقة تخطيطية وتنفيذية مع رجال القاعدة في باكستان، وان مقاتلين من باكستان بدأوا في التسلل إلي غزة. واوضحت المصادر ان الحديث كان يجري في البداية عن تسلل بضع مقاتلين كل شهر إلي غزة، ولكن العدد وصل إلي بضع عشرات في الشهر خلال الاونة الاخيرة. واشارت إلي ان من بين المقاتلين المتسللين إلي غزة مقاتلين من السعودية. ونقلت المصادر عن مسئول سابق بالمخابرات الأمريكية (سي آي إيه) يدعي "بروس ريديل" قالت انه يزود الرئيس الأمريكي اوباما بتقييمات للاوضاع في افغانستانوباكستان، قوله ان سيناريو الحرب القادمة في غزة سوف يبدأ بعد ان ينصب رجال القاعدة في غزة كمينا لوحدة عسكرية إسرائيلية، يسقط خلاله عدد من قتلي جيش الاحتلال الإسرائيلي، واخذ عدد من الجنود الإسرائيلية كرهائن بشرية، الامر الذي يدفع إسرائيل إلي التدخل عسكريا في غزة منعا لتكرار موضوع جلعاد شاليط الذي تأسره إسرائيل وتريد مقايضته بالف اسير فلسطيني في سجون الاحتلال. ويتوقع ريدي لان يقع هذا السيناريو في سبتمبر المقبل، وان هذا الحادث سيكون هدية من القاعدة بمناسبة ذكري 11 سبتمبر 2001 في نيو يورك وواشنطن! تهديد أوباما ويأتي الحديث عن الضمانات الأمريكية التي يعتزم اوباما منحها للفلسطينيين في ظل حديث عن ارساله عدة رسائل تهديدية إلي الإسرائيليين خلال الاسابيع الاخيرة. ونقلت الصحف الإسرائيلية عن قناصل إسرائيل في الولاياتالمتحدة قولهم ان رام عمانوئيل كبير مستشاري اوباما ابلغهم ان الرئيس الأمريكي تعب من إسرائيل والفلسطينيين علي حد سواء، وان الجانبين يضيعان وقتا ثمينا وفرصة لائحة في الافق لتحقيق السلام، وان واشنطن تقترب من المرحلة التي ستقرر فيه ان تنفض يدها من الموضوع وتتوقف عن التدخل في هذا الصراع الأبدي وتترك الجانبين بمفردهما! وقال الكاتب الإسرائيلي يوئيل ماركوس ان هذه التحذيرات المزعجة لإسرائيل بدت واضحة ايضا في مقال للكاتب الأمريكي توماس فريدمان، اقترح فيه علي الرئيس اوباما ان يسحب يده ويمتنع عن التدخل في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وان يسير علي طريق وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر الذي قال لقادة إسرائيل وقتها: "اذا اردتم التحدث معي اتصلوا بي علي البيت الابيض فانتم تعرفون الارقام". وقال الكاتب الإسرائيلي في مقال له بصحيفة هآرتس الإسرائيلية بعنوان "لنبدأ من النهاية" ان كل هذه الامور تشير إلي غضب أمريكي من إسرائيل التي توشك علي ان تخسر اكبر حلفائها في العالم وان يمضي زمن العلاقات الخاصة إلي غير رجعة. وانتقد ماركوس حديث اوباما في جامعة القاهرة والذي استبشر به العالم خيرا، لكن ثبت انه كان مجرد فقاعات في الهواء! واكد ماركوس انه لولا الولاياتالمتحدة لما كان هناك سلام بين مصر وإسرائيل. واوضح ان السلام بين الدولتين تحقق لان المفاوضات بدأت من النهاية! عندما ادرك الجانبان ان الحرب لن تساعد أي منهما في تحقيق ارباح اكبر مما يمكن ان تحققه المفاوضات لاي منهما. وفي اللقاء السري الذي عقد في المغرب بين موشيه ديان ومستشار مقرب من الرئيس الراحل محمد انور السادات، اوضح ديان ان علي الرئيس السادات ان يدرك انه مقابل السلام سوف يحصل علي كل الاراضي المحتلة. ويقول ماركوس: "كان ديان متحمسا للتوصل إلي تسوية مع مصر، فاقنع بيجين بالموافقة علي التفاوض علي كل شيء، بما في ذلك القدس. وعندما تردد بيجين قال له ديان: "وما هي المفاوضات؟ انها تعني ان السادات يطلب ونحن نرفض، واننا نطلب والسادات يرفض"! وانتقد الكاتب الإسرائيلي فكرة الاتفاقات المؤقتة بين الفلسطينيين وإسرائيل، لانها لن تؤدي إلي الهدف النهائي المعروف منذ البداية. وقال ان خطوة مثل تجميد الاستيطان لعشرة اشهر تبدو كالاسبرين الذي يتناوله مريض بالسرطان! واكد ان نتنياهو يبدو الوحيد المؤهل الان للتوصل إلي تسوية مع الفلسطينيين عبر اتخاذ قرارات جريئة بالتنازل عن الاراضي الفلسطينية ونقل المستوطنين، وسوف يحظي بتأييد جماهيري حاشد اذا قدم التنازلات اللازمة لتحقيق السلام. لكن يوئيل ماركوس حذر من انه بدون خطة أمريكية لن يتحرك أي شيء!