جهاز القاهرة الجديدة يُعلن جاهزية دفعة جديدة من أراضي بيت الوطن لتوصيل الكهرباء    برنامج تدريبي عن مبادئ وأساسيات «الإتيكيت المهني» للعاملين بالمتحف المصري الكبير    الضربة الإسرائيلية لإيران| تغييرات عسكرية كبرى بطهران لمحاصرة فراغ القيادة.. فيديو وصور    رئيس وزراء باكستان يعزي أسر ضحايا تحطم الطائرة الهندية    الكرملين: ندين التصعيد الخطير بين إسرائيل وإيران    النادي المصري ينعى نجمه وقائده الأسبق الكابتن سمير الغزناوي    مصرع وإصابة 15 شخصا في حادث انقلاب سيارة ميكروباص بدهشور    تحذيرات هامة لطلاب الثانوية العامة.. أخطاء شائعة في الإجابة على الأسئلة يجب تجنبها    ضبط صاحب مخبز بالمحلة الكبرى استولى على 16 جوال دقيق مدعم وباعها بالسوق السوداء    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    رئيس البيت الفني للمسرح يفتتح أولى ليالي «الفندق» بأوبرا ملك.. صور    "happy birthday" يحقق إنجازًا مصريًا ويحصد 3 جوائز من مهرجان تريبيكا    الأحد.. ثقافة الفيوم تقيم ورشة مجانية لتعليم كتابة القصة    إخلاء سبيل والدي عروسي الشرقية في واقعة زواج قاصر من مصاب بمتلازمة داون    سلوى محمد علي تكشف صعوبة أول يوم تصوير في «فات الميعاد»| خاص    بث مباشر| شعائر صلاة الجمعة من مسجد «الجامع الأزهر الشريف»    بالمواعيد.. جدول مباريات الترجي في كأس العالم للأندية 2025    16 مليون جنيه.. ضبط مرتكبى جرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    قطار الموت يدهس شابين بقنا.. أحلام "ولاد العم" انتهت في لحظة    ماهر الكنزاري: الترجي لا يخشى شيئا في كأس العالم للأندية    مطلوب في ليفربول.. باريس سان جيرمان يغلق باب الرحيل أمام باركولا    مالك سيراميكا كليوباترا: الأهلي لو طلب عيني أقدمها له.. وأتمنى توسيع دائرة المنافسة    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    الموجة 26.. استرداد 41 فدانًا من أراضي الدولة غرب الإسكندرية- صور    وكيل الأوقاف ببني سويف يوجه بضبط استخدام مكبرات الصوت لعدم إزعاج المواطنين    طريقة عمل كباب الحلة بمكونات بسيطة ومذاق لا يقاوم    تحرير 137 مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق    رسالة سلام من الباليه الوطني الروسي للعالم بالأوبرا    أسعار السمك اليوم الجمعة 13-6-2025 في الدقهلية    ميناء دمياط يستقبل 5 أوناش رصيف عملاقة من أوناش «STS»    سعر الدواجن البيضاء في الأسواق والمحلات المصرية اليوم 13-6-2025    "المستشفيات التعليمية": تقديم 2 مليون خدمة علاجية في الوحدات التابعة خلال 5 أشهر    بعد استهداف إيران.. رئيس الأركان الإسرائيلي: «كل من يحاول تحدينا سيدفع ثمنا باهظا»    محمد هاني: "لم يخطر على بالي انضمام زيزو إلى الأهلي"    من صمت الصخور إلى دموع الزوار.. جبل أحد يحكي قصة الإسلام الأولى    مستعدون لأي تضحية.. بيان من الاتحاد الإيراني لكرة القدم بشأن هجوم إسرائيل    ارتفاع أسعار الحديد وانخفاض الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    «الأرصاد» تعلن حالة الطقس غدًا السبت 14 يونيو| إنفوجراف    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    وزارة الطيران: المجال الجوي المصرى آمن ويعمل بشكل طبيعي    كوكا: "الفترة الماضية كانت صعبة.. واللعب بدلًا من معلول تحدٍ كبير"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 13-6-2025 في محافظة قنا    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    بعد مقتله.. من هو الجنرال غلام علي رشيد نائب رئيس الأركان الإيراني؟    جعفر: الفوز بكأس مصر كان مهم قبل بداية الموسم المقبل    عملية شعب كالأسد.. الجيش الإسرائيلي ينفذ هجوما استباقيا لضرب المشروع النووي الإيراني    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو التحرش بالأطفال في بورسعيد    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    «سهل أعمل لقطات والناس تحبني».. رد ناري من محمد هاني على منتقديه    "مستقبل وطن المنيا" ينفذ معسكرا للخدمة العامة والتشجير بمطاي    الاستماع لشكاوى المواطنين بقرى بئر العبد بشأن انتظام وصول المياه    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يؤكد على دور الإعلام الحيوي في دعم المنظومة الصحية    100% ل 3 طلاب.. إعلان أوائل الابتدائية الأزهرية بأسيوط    3 أيام متتالية.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ محمد الغزالي.. فقه وشجاعة و «رؤي عصرية»
نشر في القاهرة يوم 09 - 08 - 2011


عاش الشيخ محمد الغزالي حياة ثرية بعطاء نادر في صفائه وإخلاصه للدعوة، لكنه - علي عكس كثير من الدعاة - كان صادقا مع نفسه، لم يطمرها في رداء السوداويين، ولم يضع عليه عباءة الوهابيين، لكنه ظل مخلصا لكتابه الله الأعز، وقد جلب عليه ذلك مصائب بلا نهاية، ولكن كتابه " السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث " كان موجعا لهؤلاء الذين لا يقرأون ولا يفكرون ولا يفهمون، كتابٌ أثار جدلاً واسعاً وأحدث ثورةً فكرية في جدة الطرح مازالت آثارها تغمرنا ليومنا هذا، حين يبدأ كتابه مستخدماً الاستدلال العقلي والمنهج العلمي المدروس في دراسة السنة الشريفة والتفسير المحكم لآيات القرآن الكريم متخذاً طريق سرد المقدمات التي توصلنا للنتائج المقنعة. دلالة منهج حين ذكر شروطاً لقبول الأحاديث النبوية تتعلق بالسند والمتن من حيث توفر راوٍ واعٍ وحديثاً غير شاذ. ويؤكد دلالة منهجه بإنكار السيدة عائشة "رضي الله عنه" حديثاً لرسول الله"«ص" بأن الميت يعُذب ببكاء أهله حين ترفضه بذكر قوله تعالي "ولا تزر وازرة وزر أخري " وقوله "«ص" "إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه " ليثبت الغزالي أن حديث الآحاد يفقد صحته بالعلة القادحة . ويطوف بك في حدائق القول بيسرٍ في مسألة نقاب المرأة حين يتخذ من كلام السيدة عائشة ذريعةً "بأنه من العادات لا من العبادات وأن وجهها ليس بعورة ذاكراً قولها كامرأةٍ تهتم بشؤون جنسها حين تذكر أن النساء كن يصلين صلاة الفجر مع الرسول "«ص"وبعد انقضاء الصلاة يذهبن لبيوتهن ولولا غبش الفجر لعرفن لانكشاف وجوههن . وينتقل بموازنةٍ ذكيةٍ بين بقاء المرأة في بيتها كربةٍ تنفث المودة وبين خروجها للعمل تنميةً لمواهبها ويتأتي ذلك بضمانات العفة والشرف مستشهدا في جرأةٍ وإعجابٍ جلىٍ بالمرأة اليهودية وقوتها في إقامة دولة إسرائيل بالرغم من قيامها علي أشلائنا. عمل المرأة يهزم القول الشائع "بعدم أحقية تولي المرأة مناصب في الدولة" مستشهداً بعهد عمر "رضي الله عنه" عندما ولي قضاء الحسبة في سوق المدينة للشفاء فقد أطلق حقوقها علي أهل السوق رجالاً ونساءً، ورغم إصراره الملح بعد عشقه لجعل النساء رئيسات للحكومات، إلا أن روح العدل تسكن قوله ٍ بمعاصرة نماذج نسائية تدعو للفخر" ليدحض قصور تفسير الحديث الشريف " خاب قوم ولوا أمرهم لامرأة"موضحاً بأن الولاية هنا مقصورة علي رياسة الدولة ومعانقاً قول ابن حزم "إن الإسلام لم يحظر علي المرأة تولي منصب ما حاشا الخلافة العظمي". ويطرح أسئلة استنكارية لتحرك مياه الفكر الجامدة وبسؤاله فيما يخص شهادة المرأة "هل من مصلحة الأمن العام اهدار شهادة المرأة في قضايا يقع ألوف منها بمحضر النساء؟ رافضاً من ينكرون شهادة المرأة في كل شيء معلياً "النص القرآني "بأن شهادة المرأة علي النصف من الرجل" حتي ليعمل عقله لتفسير ذلك بأن المرأة في عادتها الشهرية يصيبها الارتبالك متفقاً مع ابن حزم في وجود قضايا كثيرة تُقبل فيها شهادة المرأة فقط كموضوعات "الولادة والبكارة وعيوب النساء". في حقل الألغام ويسير في حقل ألغام الأحاديث الرافضة للغناء صارخاً بعدم صحة سندها جميعاً أو أنها منقطعة السند ولغير الثقات، حتي يتفق مع ابن حزم بأن "الغناء كلام حسنه حسن وقبيحه قبيح " مصنفاً الغناء الحسن إلي سبعة أصناف كلها تدعو للفضيلة. ويتحدث بروحنا حين يقر "بأن العبادات من عند الله أما العادات فمن صنع الناس" ليهدم كل خرافات ساقها عالم هندي بآرائه الغربية عن آداب الإسلام في المأكل والملبس والمسكن .ليبطل الغزالي مقولة له "بأن استخدام السكين حرام في تقطيع اللحم "بتأكيده أن الرسول "ص" كان يستخدم السكين ونراه مجدداً حين يرفض اقتصار الزي الإسلامي علي لبس العمامة وأنه لبس عربي وليس شارة إسلامية مستدلاً بالحديث الشريف "كُل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك خصلتان سرف ومخيلة" ليكتمل عقد الآداب معه حين يرفض حديثاً يتعلق ببناء المسكن بأن المسلم يؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب" قائلاً " القصد الطيب في العمل للبناء يجرجرصاحبه للتقوي. المس ومفهومه وكعادة الغزالي يدلل بالحجة لمروجي قول "أن مس الشيطان للإنسان ثابت في الكتاب والسنة" ليتخذ الغزالي من العلم والدين سبيلاً لمنطقه ملخصاً القول بأن المس الشيطاني هو وساوس وخداع وأن الشيطان يملك استغفال المغفلين فحسب تصديقاً لقوله تعالي "ولقد صّدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين وما كان له عليهم سلطان" ويرد علي قول المتكلمين بأن الجن أجسام حية خفيفة لا تري تسبب الطاعون بأن العلم الحديث يفسرها بالميكروبات وهي نوع من العلل تسبب الطاعون. ليصح القرآن ويصبح أرفع من أن يعارضه العلم. ثم يقفز مسمي "سوء التغذية" عند حديثه عن فقه الكتاب ليشبه قلة قراءة القرآنوكثرة قراءة الأحاديث بسوء التغذية، و يعيب علي فقهاء يقسرون القرآنوالحديث من منطق واحد مستشهداً بحديث ذكره أنس بن مالك "رضي الله عنه" أن مال سلمان الفارس جُمع بعد وفاته فبلغ خمسة عشر درهماً ليرينا صور الخشية ولدي قائد من قادة الدنيا مقابلاً بذكاء حديثاً لرسول الله "ص" إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالة يتكففون الناس". تغير الزمن والوسائل وهنا يوضح الغزالي حقيقة أن المشكلة ليست في المال بل في كيف يمتلكه وكيف ينفقه الفرد، ويعيب كلام الوعاظ الغير واعيين بالقرآن حين يزف بعضهم في خطبة الجوامع حديث "أبي وأبوك في النار" كبشري للمسلمين معلقاً الغزالي عليه بقوله "كيف أن أبوي رسولهم في النار !! ثم يخرج عن درب التصدي بأحاديث ثبت ظهور الدجال في آخر الزمن، كحديث أم شريك للنبي "«ص" وأن بين عينيه كلمة كفر لمن يقرؤها من المسلمين . "كلما تغير الزمان تتغير وسائله التي توصلنا لغاياتنا" مبدأ سعي الغزالي لتوضيحه وأن الأنبياء بعثوا لبث التعاليم التي تحكم صلات الناس بربهم، فالوضوء وسيلة للصلاة وضعها الشارع وضبطها أم أدوات الجهاد ووسائله فلم يضبطها الشارع، كذلك نظام الغنائم. ليصل بقيمة التطور في الأسلحة والشوري والديمقراطية التي وجدها في قول علي بن أبي طالب لمعارضيه "أبقوا علي رأيكم ما شئتم علي شرط ألا تحدثوا فوضي ولا تسفكوا دماً" فالغايات الجليلة كما يقول الغزالي وسائل نبيلة بها تقوم شوري صحيحة وجهاد نزيه في طرحه لقضايا القدر والجبر نراه يتصدي للقول بأن التكليف اكذوبة والناس مسوقون إلي مصائرهم ويتصدي لحديث "أن هناك ناس خصهم الله للجنة وآخرين للنار" برغم صحة سند الأحاديث التي تعبر عن إرادة الإنسان المسلوبة وأن سعيه في الدنيا باطل مادام كل شيء مقدر له سلفاً نراه يرفض كل ما قيل ويدعو بأن الله منح الإنسان عقلاً يفكر مؤكداً أن القرآن الكريم رفض كل ظواهر الجبر في الأحاديث حين أرجع الأمر إلي أمرين أما الدعوة إلي تأويل قريب أو اعتبارها علة غير صحيحة لينهي الغزالي كلامه بأن لو كان سعي الإنسان باطل لما قال الله عن يوم الحساب "إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعي" رحم الله شيخنا الجليل ذجازاه علي صدق اجتهاده .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.