أساليب ملتوية للحفاظ علي هوية البيانات الشخصية في عالم الكمبيوتر تعتبر شركات التكنولوجيا صاحبة القرار فيما يختص بالبرامج التي يمكن للمستخدمين تحميلها علي هواتفهم الذكية، في حين يقوم "فيس بوك" ببيع البيانات الشخصية الخاصة بالمشتركين لشركات أخري من أجل استخدامها لأهداف غير معروفة. ويضطر مستخدمو الإنترنت إلي اللجوء لأساليب ملتوية لحماية خصوصياتهم. نشرت صحيفة "دير شبيجل" الألمانية مقالاً لريتشارد ستالمان يتناول تحول شبكة الإنترنت العالمية تدريجياً إلي نظام للحوسبة عن بعد، فتخزن بيانات المستخدم ومعلوماته، وغالباً ما تحد من إمكانية وصوله إليها إنما تسمح لمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) باستخدامها في أي وقت. تقوم هذه الشبكة بأعمال البحث والبرمجة نيابة عنك، لكنك لا تستطيع السيطرة عليها. وتقدم للمستخدم إغراءات عديدة، لكن يجب مقاومتها. تقنيات البرمجة بالنسبة إلي تقنيات البرمجة هناك نوعان من الاستخدام: إما أن تكون للمستخدم قدرة التحكم في البرنامج، وإما أن يتحكم البرنامج بالمستخدم. في التسعينات، كان الناس يستخدمون برمجيات الانترنت الاحتكارية لأن ذلك كان الخيار الوحيد المتاح لهم في ذلك الوقت. ولم يكن باستطاعة المستخدمين تغيير هذه البرامج أو حتي معرفة ما تفعله. منذ ذلك الحين ازدادت أضرار البرمجيات الاحتكارية، ومن المرجح أنها اليوم تتجسس علي المستخدم وتقيد عمله عمدًا، أو عبر المواربة والأساليب الخفية. ومن الأمثلة علي ذلك: - يتم تجديد برنامج (ويندوز) تلقائياً من دون الحصول علي إذن المستخدم. - جهاز "كيندل" يعطي شبكة "أمازون" للتجارة الاليكترونية القدرة علي مسح الكتب التي تم شراؤها من أجهزة العملاء. - العديد من هواتف ال "أندرويد" ترفض السماح للمستخدم بتثبيت نسخة معدلة من برنامج اندرويد. - جهاز ال "آي فون" يحدد التطبيقات التي يمكن للمستخدم تحميلها. ونقلت الصحيفة عن ستالمان قوله إنه قام بخطوات عدة لمنح العملاء قدرة السسيطرة علي البرامج الخاصة بهم. أنشأ ستالمان "حركة البرمجيات الحرة" عام 1983، من أجل تطوير نظام التشغيل والتطبيقات من دون قيود يمكّن المستخدم من السيطرة عليها. وسمي النظام ب GNU الناس الذين يستخدمون هذا النظام لديهم القدرة علي السيطرة علي أنظمة الحوسبة الخاصة بهم. ويقول: "تمكنا من تحرير جزء صغير من الفضاء الإليكتروني حتي الآن، وهذه الخطوة الأولي من أجل الحرية". لكن تطور شبكة الانترنت يهدد بعرقلة هذا الإنجاز. فالمشكلة الأولي كانت في استخدام الإشارات غير المرئية للمواقع التي من صلب مهمتها المراقبة (وربما الدعاية). لم يدرك المستخدمون الذين زاروا مواقع معينة علي الانترنت أن تلك الصفحات تضمنت إشارات إلي مواقع أخري غير مرئية، لذلك كل زيارة إلي موقع معين تعلم بها مواقع أخري، وتسجل بشكل دائم أن هذا المستخدم قد زار صفحات معينة. نظام ال "جافا سكريبت" خلق مشكلة أخري. استخدمت هذه الخاصية في البداية لأشياء غير مؤذية، مثل فك رموز القوائم غير العادية، وتم توسيع قدراتها إلي حيث تتمكن من القيام بأعمال الحوسبة البديهية. إضافة إلي ذلك، تبرز مسألة تخزين البيانات الخاصة بك في "سيرفر" أي خادم العملاء في الشركات. أكبر هذه الشركات تملك القليل من الاحترام لخصوصية المستخدمين. علي سبيل المثال، إذا كنت من مستخدمي فيس بوك، فأنت تسلم الشركة كل بياناتك الخاصة، وتقوم الشركات بشراء هذه المعلومات من فيس بوك، وليس منك، لاستخدامها في الإعلانات. بضائع وليس عملاء منذ عام 1980، كانت شركات الانترنت تتعامل مع بيانات مستخدميها باحترام، لأن العملاء يدفعون لقاء الخدمات ويمكنهم التعامل مع شركة أخري في حال تعرضت خصوصيتهم للخطر. لكن مستخدمي فيس بوك لا يدفعون مقابل الخدمات، لذلك هم ليسوا عملاء الشركة، بل هم البضائع التي يتم بيعها للشركات الأخري. اذا كانت الشركة في الولاياتالمتحدة أو تابعة لشركة أمريكية، يستطيع مكتب التحقيقات الفيدرالي جمع بيانات المستخدمين كما يشاء، حتي من دون أمر المحكمة، وذلك بموجب قانون يعرف ب "الفعل الوطني". أشارت "دير شبيجل" إلي حملة تسويقية منتظمة لدفع المستخدمين إلي تكليف الحوسبة والبيانات الخاصة بهم لشركات الانترنت. هذه الحملة تعرف ب "سحابة الحوسبة"، وهو مصطلح معناه: "أن يقوم المستخدم بتسليم بياناته ومعلوماته الشخصية الي شركات الانترنت من دون أن يعي خطورة ما يفعل". هذا لا يعني أن مستخدمي الإنترنت لا يمكن أن يتمتعوا بالخصوصية، ولا يعني أنهم لن يتمكنوا من السيطرة علي أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، بل يعني أن علي المستخدم أن يسبح عكس التيار، ويلجأ إلي أساليب ملتوية للحفاظ علي خصوصيته، والسيطرة علي برامج الانترنت التي يستخدمها. لميس فرحات نقلا عن إيلاف