العربي الغنوشي: لن نمنع الخمور والمايوه في تونس وأحذّر من تأجيل الانتخابات البرلمانية الرجل ذو السبعين عاما دائما ما يطرح تفسيرا ديمقراطيا للإسلام شبيها بما يتبناه صديقه رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان من المرجح أن يكون حزب النهضة الإسلامي له اليد العليا في انتخابات الثالث والعشرين من أكتوبر الغنوشي حذر من قوي غامضة تعمل علي تقويض عملية الانتقال السلمي السياسي في تونس حركة النهضة أعلنت أنها لن تتراجع عن قرارها بالانسحاب من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي لحين توفر الشروط الضامنة لهذا الإصلاح ما أحلاها دولة يحكمها إسلاميون تسمح بالخمور والمايوه "البكيني". جملة قد يقولها مواطن عاشق للدولة المدنية، أو يقولها علماني، أو ملحد. إنما يقولها راشد الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي في تونس فهو من عجب العجاب. صحيفة "التايمز" البريطانية، يوم الجمعة الماضي، نشرت تقريرًا تعهد فيه "الغنوشي" بعدم حظر ظهور النساء علي الشواطئ التونسية ب"المايوه"، والمايوه الذي قصده الرجل، هو "البكيني"، المكون من قطعتين. أقولها حتي لا يقول قائل إن ما قصده هو مايوه شرعي إسلامي. والدليل أن الرجل ذاته قال إنه لن يمنع "النساء" من التشمس علي الشواطئ عاريات. الغنوشي تعهد أيضا بعدم حظر المشروبات الكحولية "الخمر" التي يقبل عليها السياح الذين يزورون تونس بأعداد غفيرة. تونس السياحية تونس الخضراء، كما يقال عنها، يزورها سبعة ملايين سائح سنويا، وهي من أكثر البلدان العربية تماشيا مع النمط الغربي. الغنوشي اتخذ منهجا وسطا في التعامل مع "المحظورات"، فادعي أن الإسلام ينبغي ألا يحظر المشروبات الكحولية، بل يحث علي الابتعاد عنا. مضيفا "لا أعني أننا نؤيد تناول الكحول، أعتقد أنها مضرة، لكن ليس علينا أن نتعامل مع الناس من خلال إجبارهم علي فعل الأشياء، بل من خلال إقناعهم". المنهج الوسطي نفسه اتخذه الرجل في التعامل مع الشواطئ المليئة بالنساء، فهو يقول إن تونس مثل تركيا، "قوي السوق تؤدي إلي وجود أنواع مختلفة من الفنادق تخدم أنماطا مختلفة من الزبائن"، هكذا يري الزعيم الذي عاد إلي تونس في يناير الماضي، بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي. الغنوشي، وهو زعيم أكثر الأحزاب شعبية في تونس بعد الثورة، قال إن أي حكومة إسلامية "محتمل" وجودها علي رأس الدولة في تونس، ستحافظ علي شكل الدولة باعتبارها دولة مدنية تجتذب سياحا غربيين.مطلة علي البحر المتوسط كوجهة سياحية. زعيم الجماعة التي كانت محظورة قبل الثورة، زار عاصمة السياحة في تونس وهي"الحمامات"، وعقدت لقاءات مع رجال أعمال ومجموعة من ملاك الفنادق، وعندما سألوه عن نظرة حزب النهضة إلي السياحة، أخبرهم بأن الإسلام ليس دينا منغلقا. نريد أن تكون دولتنا مفتوحة أمام جميع الأمم. قالها رجال الأعمال التوانسة ل"الغنوشي"، فكان رده "إنني سأفعل ما بوسعي من أجل إنجاح الموسم السياحي، علي ألا يخل هذا بالتقاليد المحلية». الرجل ذو السبعين عامًا، دائمًا ما يطرح تفسيرًا ديمقراطيا للإسلام، شبيها بما يتبناه صديقه رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوجان. القوي الليبرالية في تونس خافت من وصول حزب النهضة إلي الحكم وفرض قيود إسلامية علي أسلوب حياتهم الغربي، لكن "الغنوشي" بتصريحاته هذه يقدم لهم ضمانات بدولة أكثر حرية، مما كانوا يتوقعون. اليد العليا من المرجح أن يكون حزب النهضة، له اليد العليا في انتخابات الثالث والعشرين من أكتوبر المقبل. زعيمه مازال مصرَّا علي أنه لا يخطط لإدارة الجمعية التأسيسية التي ستفرزها الانتخابات، كما يقول أيضا إنه لا يسعي لأن يكون رئيسًا أو رئيسًا للحكومة، هو يقول "أريد أن أبتعد عن السياسة والتركيز علي العمل الاجتماعي والثقافي، لقد قام الشباب بالثورة، لذا علينا أن نمنح الشباب فرصة لتولي المسئولية. النخبة السياسية في العالم العربي مليئة بكبار السن. نريد أن نمنح الشباب فرصة للوصول إلي القمة. ستكون تلك ثورة حقيقية". الغنوشي حذر من قوي غامضة تعمل علي تقويض عملية الانتقال السياسي في تونس لتقييد دور الحركة بعد بروزها كقوة سياسية مهمة منذ الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين، قائلا "إن أقساماً من النخبة عادت إلي التحرك في محاولة للالتفاف علي الثورة، وتمهيد الطريق أمام عودة النظام القديم من خلال أحزاب جديدة ومناورات من وراء الكواليس لشخصيات قوية من عهد بن علي". وأضاف الغنوشي "هناك غياب للثقة في الشعب ومحاولة لتقييد خياره بقرارات مسبقة من الهيئات غير المنتخبة"، محذراً من أن أي تأخير جديد للانتخابات البرلمانية يمكن أن يثير تهديداً جديداً لعملية التحول الديمقراطي في تونس، وقال أيضا "نحن لسنا واثقين من أن هذه لن تكون المرة الأخيرة في مساعي تأجيل الانتخابات، ولدينا شعور بأن هناك محاولة لإيجاد سبل أخري ليس بينها الانتخابات، لأن هناك من يتحدث الآن عن إجراء الانتخابات الرئاسية أولاً". النظام القديم يحاول وشدد علي أن النظام القديم يحاول العودة من خلال تشكيل حزب جديد يضم بعض أعضاء من حزب الرئيس المخلوع -الدستوري الديمقراطي- فضلاً علي شخصيات وطنية من عهد الحبيب بورقيبة، وأضاف الغنوشي أن النهضة تراجع بشكل جدي مشاركتها في المجلس الذي بدأ مناقشة القوانين الجديدة، بعد أن حوّلت دورها في إطار تحرك لتشكيل حكومة ظل تقوم بسحب الخيوط من وراء الكواليس، مشدداً علي أن الضغط للحد من دور الحركات الإسلامية في مرحلة ما بعد الثورة في الدول العربية لن يكون مجدياً. وفي شأن آخر نفت حركة النهضة أن تكون تراجعت عن قرارها بالانسحاب من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، وذلك خلافا لما ذكرته بعض وسائل الإعلام التونسية، وأكدت الحركة في بيان حمل توقيع "الغنوشي"، مواصلة الانسحاب من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة إلي حين توفر الشروط الضامنة لإنجازها للمهام الموكولة إليها في تحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي، وأضافت في بيانها أن هذا الانسحاب سيتواصل إلي حين توفر الشروط الضامنة لحماية الهيئة المذكورة "من كل انحراف وعدم تحولها إلي هيئة تنتحل صفة مؤسسة تشريعية منتخبة تمارس الوصاية علي الشعب وتصادر حقه في صياغة دستور يمثل مرجعية عليا للقوانين المنظمة للحياة السياسية". الحركة الإسلامية كانت قد أعلنت في السابع والعشرين من الشهر الماضي انسحابها النهائي من الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي وصفها الشيخ راشد الغنوشي بأنها " لا تمتلك الشرعية الشعبية"، وتزامن انسحاب "النهضة" مع انسحاب مماثل نفذه البعض من ممثلي الأحزاب السياسية والجمعيات والشخصيات الوطنية احتجاجا علي أداء الهيئة التي تأسست في نهاية فبراير الماضي لتحديد ملامح الوضع السياسي في تونس بعد ثورة 14 يناير . الهجوم علي أقسام الشرطة وفي شأن آخر، يبدو أنه تأثرا بما يحدث في مصر أعلنت مصادر شرطية تونسية أن عددا من مراكز الشرطة ومنطقة منزل بورقيبة (65 كم شمال العاصمة)، تعرضت لهجمات، مما أدي لإصابة أربعة أشخاص بجروح خطيرة. 300 أو 400 شخص مسلحين بحجارة وزجاجات مولوتوف استطاعوا دخول المركز الرئيسي للشرطة، واستمرت المواجهات لساعات.