يطاردني هذا السؤال منذ قيام ثورة يناير، ما الموضوعات التي يمكن ان تطرحها السينما المصرية في المرحلة القادمة؟ وهل صناع السينما سوف يقدمون للجمهور مستوي افضل من الافلام؟ وكانت إجابتي "لا أعرف" لكن دعونا ننتظر ونري! وطبعا لايتوقع عاقل ان يتغير حال السينما بين ليلة وضحاها، والثورة التي حدثت في ميادين مصر،لم تصل بالضرورة الي مكاتب شركات الانتاج، فمعظمهم لديه مشاعر سلبية للثورة،لانها من وجهة نظرهم وقفت حال السينما، مع إن حال السينما كان لابد وأن يقف في جميع الأحوال، حتي نلتقط أنفاسنا، ونشوف إحنا رايحين فين؟وخاصة بعد موجات الافلام الرديئة المتلاحقة التي هبطت علي ادمغتنا بدون إحم ولادستور! والحقيقه ان الثورة بريئة من دم الافلام التي فشلت ولم تحقق ايرادات، بل بالعكس فإن الثورة قدمت لأصحاب تلك الافلام حجة معتبرة، تبرر فشلهم، ومع شديد تقديري واعتزازي لكل من كريم عبد العزيز، وأحمد عز فلا يمكن ان يتصور مخلوق ان افلاما مثل: «فاصل ونعود» أو «365 يوم سعادة» كان يمكن ان يقدّر لها النجاح في اي وقت من العام!اما فيلما «سفاري» و"إي يو سي" فهما كارثة فنيه حقيقية، تستدعي المطالبة بتحويل صناعها للنائب العام! بتهمه تخريب عقل الجماهير. حملة صحفية وسبق نزول فيلم «سامي أوكسيد الكربون»، بعض اللقاءات الصحفية في جرائد ومجلات فنية، وقد اثار اهتمامي عنوان لحوار مع بطل الفيلم هاني رمزي يؤكد فيه انه كان بيستعبط ويعمل افلام فيها نقد سياسي، لكنه كان يمرر افكارها العظيمة عن طريق ادعاء العبط!! هل تستوعب معني الكلمة؟ يعني ايه بيعمل عبيط،وايه هي الافلام الخطيرة اللي قدمها واضطر يعمل فيها عبيط عشان تعدي؟ لأ بقي لا مؤاخذة إذا كنت فاكر العبط اللي بتقدمه ده فيه اي كلام مهم تبقي محتاج ان تنظر في المرآة! بكل براءة أقبلت علي مشاهدة أحدث افلام هاني رمزي، ورغم أني لم اكن متفائلة ولكني في نفس الوقت لم أكن متربصة، وقلت لنفسي اهه فيلم ويعدي واكيد حيكون فيه شويه ضحك، لكن للأسف الشديد الفيلم سوف يصيبك بحالة من الغثيان،ليس فقط لارتباك السيناريو الذي شارك في كتابته ثلاثة هم سامح سر الختم ومحمد نبوي وعلاء حسن، لكن لأن المخرج "أكرم فريد"ترك كل من ظهر في الفيلم حرية أن يفعل مايريد، وخاصة هاني رمزي، والطفله "جنا عمرو"، فالاول زاد حجمه بشكل لافت للنظر، وأصبح مثل كتلة ضخمة من الشحم ، ومع استخدامه المفرط لذراعيه أثناء الحديث، تصبح الفرجه عليه تشبه الفرجة علي مباراه في المصارعة الحرة، بين ديناصور ومجموعه من الكائنات الصغيرة! أما محاولة تقديم الطفلة جنا عمرو بوصفها صاحبه موهبة تحتاج لرعاية وعناية، فهو ضرب من الجنون. ضرب من الجنون وعلي كل حال فهناك جريمة ترتكب عمدا ضد بعض الاطفال"الإناث" بوجه خاص في افلامنا المصريه التي أنتجت أخيرا، حيث يتم تقديمهن وكأنهن نساء مساخيط، حيث ينطقن بكلمات لاتليق ببراءة اعمارهن ويدخلن في وصلات من الردح والرقص الماجن وهو أمر لايقود للضحك كما يتصور صناع تلك الافلام ولكنه يقود للقرف والازدراء، فيلم «سامي أوكسيد الكربون» خليط غير متجانس من مواقف ومشاهد مقتطعة من افلام سابقة بعضها مصري والآخر أمريكي. ضحك مفتعل في المشهد الاول من الفيلم الذي يدور داخل طائرة منطلقة بين السحاب، هناك محاولة مفتعلة للإضحاك،حيث نتعرف علي كابتن سامي وهو قائد الطائرة الذي يحيط نفسه بمجموعة من الحسان،يجلسن معه في كابينة القيادة! ويمر هذا الموقف دون ان يكون له أي امتداد، فمهنة البطل لاعلاقة له بالاحداث، لاننا لم نعد لذكر المهنة الا في نهاية الفيلم عندما نعرف بالصدفة انه طرد من العمل لسوء سلوكه! وفي محاولة من السيناريو لمحاكاة بعض الشخصيات التي يقدمها عادل امام في افلامه خاصة «السفارة في العمارة»، يتعرف سامي علي فتاة ثورية مناضلة ويسارية هي "درة"،وحتي يتقرب اليها يدّعي انه مقتنع بالثوره، ويخرج في مظاهره لإثبات ذلك، فتعجب به الفتاة، ولان كتاب السيناريو لديهم فهم خاطئ عن الثوار واصحاب الفكر اليساري، فهو يرسم شخصية البطلة مناهضة وكارهة لكل ألوان الرفاهية، وهنا يخفي عليها سامي امتلاكه لسيارة هامر، ويدعي أنه فقير،رغم ثرائه الشديد، ويدخل الفيلم الي منحني آخر، عندما تظهر مطلقة سامي"نرمين زعزع" وتخبره أنها أنجبت منه طفلة وأخفت الأمر عليه،حتي تقطع كل مابينهما من علاقة، ولكنها تضطر ان تترك طفلتهما في رعايته بعد أن اكتشفت مرضها بداء خطير، ويصبح علي سامي الذي لم يعرف المسئولية يوماً أن يقوم برعاية طفلته اللمضة، التي تتصرف مثل الكبار وتقول كلاما لايناسب عمرها، وفوق هذا تفتقد خفة دم الاطفال وبراءتهم، وحتي تكون هناك مشكلة عويصة، تؤدي للصدام، فلابد من زرع شخصية الشرير التقليدي، الذي يجسده يوسف فوزي وهو نموذج مكرر لدرجة الملل من كل اشرار السينما المصرية، فهو رجل اعمال بلا قلب، يمتلك مصنعا يرمي نفاياته في الارض الزراعية التي يمتلكها سامي، وغيره من الفلاحين، فتؤثر بالسلب علي صحة الفلاحين، وعلي جودة الارض التي هلك إنتاجها وزراعتها نتيجه غاز ثاني اكسيد الكربون الذي يخرج من المصنع! مغامرات عبيطة بعد سلسلة من المغامرات العبيطة، تدخل فيها الطفلة الصغيرة، وبطلة الفيلم درة، وصديق البطل إدوارد، وهم يمثلون الجانب الطيب،في صراع ضد معسكر الشر الذي يمثله يوسف فوزي وسكرتيرته، وينتهي الفيلم بترك سامي لمهنة الطيران بعد طرده منها ويعود الي الارض ليعتني بها يقوم برعاية طفلته بعد وفاة امها وطبعا يتزوج بالبطلة التي تنسي مبادئها الثورية وتتزوج بسامي رغم اكتشافها لثرائه! هاني ضد هاني أضاع الفيلم فرصة تقديم فيلم له قيمة نظرا للشوشرة المتعمدة وعدم وجود خطة للعمل،فالهدف هو وجود البطل علي الشاشة طوال الوقت، وهو امر أعتقد انه ضد هاني رمزي وليس معه،اما المناطق التي كانت في حاجة الي تدعيم فهي محاولات الاب الترفيه عن طفلته وإخراجها من حالة الحزن التي ألمت بها بعد وفاة أمها، مواقف كان يمكن ان تجمع بين الكوميديا والعلاقه الانسانية، ولكن الرغبة الملحة في التهريج افسدت هذه المشاهد، وكان علي هاني رمزي أن يراجع افلام زميله "احمد حلمي" التي يظهر فيها مع اطفال حيث يحرص احمد حلمي "وهذا أحد اسباب نجاحه" علي الشعرة التي تفصل بين الكوميديا والتهريج ! ورغم ان بدايات الفنانة "درة" مع السينما، كانت تبشر بالخير في فيلم «الأولة في الغرام» ،إلا أن رغبتها في الانتشار دفعتها لقبول اي أدوار تعرض عليها،وكانت النتيجة فيلم «سامي أوكسيد الكربون» !