لكن في تحد واضح غير مفهوم الأسباب ألقي رئيس القطاع الأسبق بكل ما نادينا به في سلة المهملات إلا مواجهة واحدة كان النصر فيها حليف ممثلي الجمعية وهي قضية الحرم الاثري لدير الانبا مقار بوادي النطرون التي وصلت الي النائب العام والتي استطعنا فيها انتزاع قرار من اللجنة الدائمة بعمل سور حول المنطقة الاثرية مثار النزاع لحمايتها من تعديات أصحاب النفوذ ورجال الأعمال. وبسبب السيد رئيس القطاع الأسبق خاصة موقفه من الاثار القبطية ومشاكلها احسسنا أن العمل العام في ظل مؤسسات المجتمع المدني هي ضرب من الخيال ومحاربة لطواحين الهواء في ازدراء واضح لجهودنا وحتي مجرد أفكارنا وأن أي مقترحات تطرح من خلالنا هي من قبيل "التنفيس" ولن تخضع لمرحلة "التنفيذ" مطلقا مهما حصلنا علي موافقات. وفي سرد سريع لما آلت اليه الآثار القبطية في العهد البائد - غير السعيد - نورد التالي : * بالرغم من كم المبالغ المنصرفة علي المتحف القبطي فهو يعاني سوء العرض (وكذلك البيانات المصاحبة) وسوء الانارة هذا بخلاف افتقاده لوسائل الأمان الحديثة. * الرضوخ لرجل أعمال يحتل جزءا من دير الراهبات بمنطقة قصر الشمع بجوار المتحف والتغاضي تماما عن مخالفاته بجوار الكنائس الاثرية . * التخبط الواضح في مراحل ترميم كنيسة أثرية في نفس نطاق المنطقة وهي كنيسة الانبا شنودة بجوار دير ابي سيفين . * عدم خضوع هذه المنطقة المهمة لأي دراسات توثيق او تسجيل معماري أو فني خاصة أنها تضم ثروة هائلة من الايقونات والفرسكات. * تدهور حالة مناطق أثرية بالكامل وتعرضها للدمار مثل منطقة أبو مينا والتي حذرت هيئة اليونسكو من شطبها من المناطق الخاضعة للتراث العالمي بسبب ما آلت اليه من إهمال وتدمير . * كذلك منطقة المنشوبيات بوادي النطرون بجوار أديرة وادي النطرون . * لقد نجح الامير عمر طوسون في رصد ما يقرب من أكثر من 30 ديرا بمنطقة وادي النطرون فيما نجح العهد البائد في طمس معالمها تماما بالسماح بتحويلها الي مزارع ومساكن بالتعاون مع محافظ البحيرة السابق . * وفي وسط هذه المنطقة الفريدة توجد عين مياه عذبة تسمي عين مريم أو عين الحمرا تنبع من وسط الملاحات في وادي النطرون ظهرت مع زيارة العائلة المقدسة للمنطقة وبدلا من الحفاظ عليها ووضع حرم أثري لها أصبحت مسقي للدواب والبهائم . * السماح بعمل دير بأسوان بجوار دير الانبا هدرا الاثري ( دير القديس سمعان حاليا ) وهو دير مخالف تماما معماريا لطبيعة المنطقة وكذلك مبني بالخراسانات في تحد واضح لطبيعة المنطقة الاثرية باسوان وهو يعتبر مسخا معماريا بالمنطقة . *وهذا لعدم السماح بتكملة الدير الاثري وإظهار عناصره المعمارية وهو دير يعتبر بكل المقاييس تحفة معمارية تنم عن مدي ما وصل إليه تطور العمارة القبطية في ذلك العصر . *ومن أسوان حتي القاهرة لا يمكننا حصر كم الاثار القبطية التي تدهورت حالتها أو دمرت بسبب الاهمال الواضح وأحيانا المتعمد لها . *أما في الوجه البحري فسنكتفي برصد كنيسة واحدة في مطروح وهي بازيلكا من القرن السابع تطل علي حمام كليوباترا أتحدي أي أثري أن يعلم مكانها . *وخلاف ذلك فمنطقة الفرما والتي شهدت دخول العائلة المقدسة وتحتل مساحة تقرب من 90 فدانا تذخر بكنز أثري يمكن أن يحول سيناء الي منطقة جذب سياحي لا يوجد مثيل لها في العالم كله هذا نذر من يسير فيما يتعلق بالآثار القبطية.. ولكن دعونا نري ماذا فعل العهد البائد ايضا في الاثار الاسلامية: * في داخل القاهرة وعلي مسافة قريبة من مبني القطاع تقع منطقة مهمة وهي قرافة المتصوفة علي طريق صلاح سالم تذخر بفنون وعمارة إسلامية متفردة وتحتوي علي أثر مهم لرائد التصوف في مصر وهو ذو النون المصري ، تحولت الي مقلب زبالة ومأوي لتجار المخدرات وكانت مغامرة غير محمودة حين قمنا بمحاولة زيارتها وتصويرها . *وبالقرب منها وعلي هضبة المقطم تحولت مساجد المنطقة خاصة التي تخص طائفة البهرة بالرغم من كونها خاضعة للاثار الي منطقة خاصة يحرم الدخول اليها . *السرقات المتكررة للمساجد الاثرية بمنطقة الازهر وشارع المعز وبالرغم من خضوع المنطقة للتطوير والترميم نجد التعديات الصارخة علي المساجد من الباعة والمحلات التجارية في نشاز واضح للمنطقة الاثرية الفريدة . *مدينة رشيد وهي تحتاج مقالا منفردا لما آلت اليه من تخبط وسوء ترميم وعشوائيات وتعد علي الاثار والمدهش ترك مسجد حديث داخل قلعة رشيد يتم بناؤه بدون تصريح او اي موافقات وهو يعتبر تعد صارخ علي الاثر ومن اجل المسجد تترك ابواب القلعة مفتوحة ليل ونهار لدخول المصلين . *هذا علي سبيل العرض وليس الحصر لان كم الاثار الاسلامية التي تنتشر في جميع انحاء مصر تصرخ من الاهمال والتسيب في الترميم وعدم اتباع القواعد الاساسية في ترميم الاثار . إذن ماذا نريد من رئيس القطاع الجديد الذي جاءت به علينا الثورة؟ سؤال أصبح ملحا خاصة ان الدكتور مصطفي امين شخصية علمية ومهنية محترمة ويلقي تقديرا كبيرا داخل الوزارة وخارجها وهو ليس ببعيد عن هذا المجال . ان حماية الاثار ليست ترفا بل هي مدخل الي تنمية مستدامة لصالح الدخل القومي لذا فنحن نطالب بوضع مفاهيم جديدة لأهمية تاريخنا وتراثنا وكيفية استغلاله لصالح المجتمع والفرد ، وهنا تظهر أهمية مؤسسات المجتمع المدني التي يمكنها العمل المتوازي مع المؤسسات الرسمية في وضع استراتجية جديدة تبدأ من القاعدة العريضة الشعبية لحماية ممتلكاتنا الاثرية وتفعيل دورها في رفع معدل الدخل القومي للفرد والمرتبط بهذا المجال الاثري الواسع الانتشار في كل مصر . نحن نطالبه أن يفتح المجال لكل الجهود التي تريد الحفاظ علي تاريخنا وتراثنا وكل فكر جديد يساهم في ذلك نحن نطالبه ان يربط بين المتحف والمدرسة ، بين المنطقة الاثرية والبيئة المحيطة . نحن نطالبه أن يولي الاثار القبطية مزيدا من الاهتمام بعد ما عانته علي مدار عقود كثيرة من السنوات. نحن نطالبه بتكثيف البعثات المصرية للكشف عن كنوزنا بدلا من البعثات الاجنبية لخلق جيل من شبابنا يدرك ويعي أهمية ما يقوم به وتحفيزا لشبابنا لمزيد من الدراسات والتخصص . وأخيرا نعلم أن المشوار صعب ولكن الالف ميل تبدأ بخطوة فهيا نخطوها سويا ونحن بالقطع نستبشر به خيرا كثيرا .