لسنوات طويلة ظلت صناعة السينما قائمة علي نجوم المسرح لأنه المقياس الحقيقي للفنان ولكن في الآونة الأخيرة تغيرت المقاييس ولم يعد المسرح سواء العام أو الخاص هو الصرح لإفراز نجوم للسينما وكم عاش حالة من الركود! يا تري في المرحلة القادمة هايسترد مكانته ك«أبو الفنون»؟ في البداية يحدثنا د.عمرو دوارة بقوله: في الفترة السابقة أغرقتنا موجة رهيبة من التخلف ليس فقط علي مستوي المسرح ولكن أيضاً في الموسيقي التي كانت معظمها تشبه الزار وكلمات متدنية وسينما العنف والدم والعشوائيات والانتهاكات وأصوات اتهمت الموسيقي بأنها من عمل الشيطان، واللوحة الفنية تجلب الفقر، ومشاهدة السينما حرام وأناقة المرأة تبرج فكيف للمبدعين ان ينطلقوا بأفكارهم في ظل هذا المناخ الفاسد الذي كان يتجاهل ويهمش المثقفين عن قصد وتعمد من خلال طمسهم بكل المجالات ولأن الفن مرآة للواقع فأصبح كل من لامهنة له يعمل بالفن وأعتقد أننا كإدارة جديدة للمسرح سنعيد الترتيب والأولويات والمحسوبية والواسطات، لم ولن يكون لها مكان وكل السلبيات الخاصة زمان ستتحول إلي إيجابيات ان شاء الله وهذه مسئوليتنا. يؤكد د. أحمد مجاهد علي: الاهتمام بالمؤسسات التعليمية التي تملكها الدولة ابتداء من الحضانة إلي الجامعة وتهيئة جو ثقافي معين بمعني عودة حصة الرسم والموسيقي وعودة النشاط المسرحي من خلال إعادة تراثنا من الموسيقي والمسرحيات والأفلام لكي تتعلمها الأجيال الجديدة وتواصل مسيرتها وتخلق مبدعين وموهوبين وكذلك أهمية دور وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وأقترح بإنشاء قناة خاصة بالتراث الفني وعمل مسابقات فنية علي مسارح الجامعة ومن هذه المنافسة تولد الموهبة وحضور المهتمين بالحركة الفنية هذه المسابقات وهذا ما سوف نفكر فيه ونسعي إليه في المرحلة القادمة. المسرح المدرسي يشير رئيس البيت الفني للمسرح: السيد محمد علي إلي المسرح المدرسي الذي تحول إلي فصل دراسي في الآونة الأخيرة وتحولت حصة الموسيقي إلي حاسب آلي وكانت توجد مسابقات فنية علي مسارح المدارس والجامعات لفرز الموهوبين أما الآن فلا توجد أي مسابقات من أي نوع ولا يوجد أصلاً أي نشاط فني أو سياسي أو ثقافي في المدرسة أو الجامعة ولذا في الآونة الأخيرة ظهر جيل جديد لم يستطع حتي الإملاء ولم يعرف سعد زغلول من سعد الصغير بالإضافة إلي انه في الآونة الأخيرة كانت المحسوبية والوساطة هي التي تتحكم في العروض بمعني ان الصحفي الذي له علاقة ببعض موظفي البيت الفني للمسرح يسمح له بالموافقة علي سيناريو أعده للمسرح دون النظر إلي موضوعيته أو قيمته ولكن أنا منذ توليتي رئاسة البيت الفني للمسرح أصدرت قراراً بعدم كتابة اسم المؤلف ويكتفي فقط بالرقم لعدم التلاعب وسيكون الاختيار علي أساس قيمة العمل وأهميته ونحن نبذل قصاري جهدنا من أجل القضاء علي الظلام الدامس المسرحي الذي عشنا في سنوات عجاف طويلة وتعمدنا عمل مهرجان مسرحي في ظل هذه الظروف الصعبة نتحدي ذاتنا ونثبت أننا سوف نخرج من هذه الأزمة التي تشبه عنق الزجاجة وأنا متفائل لأن معي كوكبة من عظماء المسرح ومصممون علي النهوض بالمسرح وإعادته كصرح أبو الفنون والحضارة. خطر داهم تشير الفنانة شويكار إلي: رءوس الأموال غير المصرية التي استقطبت المثقفين تحت عبائتها حتي نعيش في جهل وظلام وخطر داهم لأن المثقفين هم العمود الفقري للمجتمع وغيابهم كان كارثة بكل المقاييس وعلي جميع المستويات سواء في السينما أو الدراما أو الأغنية ولكن كان أثره واضحاً في المسرح لانه المرآة الثقافية الحضارية لأي مجتمع وإذا أردت ان تقرأ حضارة مجتمع اذهب إلي مسرحها وفي المرحلة السابقة كان يوجد من يقتل ويحارب الثقافة والإبداع وإصدار وجهات النظر من جميع الاتجاهات من أجل مصالح شخصية ويرون أن من مصلحتهم ان يظل هذا المجتمع مريضاً وجاهلاً ومتخلفاً حتي يستطيع الانتباه لحقوقه وهذا كان سبباً مباشراً لتجاهل الأستاذ فؤاد المهندس عن عمد وقصد مما كان له أثره نفسيا وإنسانياً وللخروج من هذه الورطة لابد من عودة العمود الفقري للمجتمع وأقصد المثقفين أصحاب الكلمة المؤثرة والنبض الصادق للمسرح. قهر ولا مبالاة انتشار هدم المسارح وإغلاقها في المرحلة السابقة خلق نوعاً من القهر واللامبالاة لدي المبدعين الذين رأوا في ذلك الاستهانة بالفن والثقافة ولكن مصر في كل العصور زاخرة بعظمائها ومبدعيها بدليل اننا متفوقون في رياضة كرة القدم والمفروض في المرحلة القادمة بناء مسارح جديدة كصرح ثقافي وفني يفجر طاقات الشباب وعدم هدم أي مسرح أو مكان ثقافي دون الرجوع لوزارة الثقافة وتكاتف الإعلام مع الثقافة لتقديم كل فن راق وله قيمة أدبية والتصدي للفن المبتذل لأن مسئولية الفن الأساسية هي السمو والرقي بالسلوك الإنساني والحضاري بالإضافة إلي المتعة المعنوية والإبهار وإذا فقد الفن هذا لا يجب ان يسمي فناً ونحن جيل تربينا علي مسرح المدرسة والجامعة وأساتذتنا الكبار غرسوا لدينا قيمة الإنسان في تفكيره وثقافته وهويته وانتمائه الوطني ولذا كانت أحلامي وأحلام كل جيلي منحصرة فقط كيف نكون ذا قيمة في عالم المسرح؟ ولكن شباب اليوم يفكر في تكوين المادة قبل أي شيء لأن معطيات العصر السباق كانت تدور في فلك عالم المادة دون النظر للمثاليات والكفاءات، وهم جيل مظلوم لأنه لم يقابل القدوة ولم يجد من يغرس في وجدانه الانتماء والحس الوطني وثورة 25 يناير قامت كانفجار بركان غضب من الفساد المتراكم علي مدي قرون وأعتقد ان الثورة هذه نواة ربما يترتب عليها بناء مجد وحضارة وحياة جديدة. طفرة تكنولوجية يري المخرج سمير العصفوري: إن الانفتاح التكنولوجي العشوائي في الآونة الأخيرة وهذه الطفرة التكنولوجية كانت مخططاً مرسوماً بعناية لقتل الإبداع وسرقة كل ماهو أجنبي تحت مسمي الاقتباس ومن هذا المنطلق أصاب الخمول الذهني والبدني الشباب والذي خلق التطرف الناتج عن الفكر المظلم بالفضائيات والمواقع الأخري التي كانت فيروسات تسربت في شتي المجالات وكلها تظهر بوضوح في المسرح لانه المرآة الأولي للتعبير عن الحالة الجماهيرية كما ان هذه الفضائيات سحبت البساط من المسرح وخطفت الجماهير منه ومن هنا تراجع المسرح للوراء لأن الفنان بطبيعته يخشي ويخجل من عدم حضور جماهير له يعني المسألة في الأصل جمهور لانه هو صانع نجوم المسرح سواء في التمثيل أو الإخراج أو الكتابة وكم كان الجمهور في الآونة الأخيرة غارقاً في غفلة وهراء وفكر مظلم نتيجة التعتيم والتلوث من كل اتجاه وكم تحدثنا ونادينا وصرخنا ولا يسمعنا أحد والدولة عاجزة عن مواجهة هذا التيار المظلم الذي كان يسود الحياة بأكملها ولذا عندما قامت الثورة لم ولن يصدق أحد انها سوف تستطيع الإطاحة بالحكم الطاغي الذي استبد بنا وسرق عمرنا جيلاً عبد جيل ولكن عندما أشاهد وأسمع من حين لآخر تيارات دينية حالياً تمزج الفن بالدين يصيبني الخوف والهلع علي مصر بالإضافة إلي الركود الاقتصادي الذي ربما يكون نقطة ضعف للتحكم الخارجي وأتمني ان تعود الحياة الفنية إلي عصرها الذهبي من خلال المبدعين والمثقفين الذين هم مستقبل أي دولة في العالم من خلال الفكر المستنير للجماهير. لغات متعددة يستطرد الفنان القدير توفيق عبدالحميد الحديث: الاهتمام أولا وأخيرا بثقافة المدرسين في المدارس خاصة في قواعد وأصول ونطق اللغة العربية الصحيحة التي هي لغة القرآن وبها تذوق وفن وموسيقي لا تتوافر في اللغات الأخري وأعتقد انتشار المدارس والجامعات الأجنبية بثقافاتها ولغاتها المتعددة هي وراء اندثار اللغة العربية التي هي اللغة الأساسية للمسرح الذي يتفرع منها لغة الشعر وكيفية القراءة بحس مرهف وطريقة الإلقاء المؤثر وكل هذه الأشياء تغرس الذوق الفني لدي الطلبة وكان تهميش اللغة العربية بالمناهج التعليمية له أثر سيئ ووصمة في وجهنا كمصريين ونحن تخلينا عن لغتنا العربية وهويتنا بإرادتنا من خلال التحاق أطفالنا بالمدارس الأجنبية واللهث وراء تعليمهم اللغات الأخري علي حساب لغتنا الأساسية وهي العربية وكانت هذه هي بداية الانحدار وللعودة إلي أصولنا وجذورنا وهويتنا وتاريخنا لابد من عودة اللغة العربية بأصولها العريقة ودراستها المتعمقة كما كان من قبل وتعود لمكانتها الأولي كأهم مادة وعودة القصص التاريخية التي تظهر عظمة وأبطال مصر ليكونوا قدوة للجيل الصاعد لان كل هذا كان إما محذوفاً أو مختصراً أو عليه تعتيم من أجل حسابات شخصية وترتيبات سياسية وأنا متأكد من عظمة وقدرة المصريين علي مر التاريخ أنهم دائماً يستطيعون الخروج من كل كبوة وهذا ما تحقق من خلال ثورة 25 يناير فإذا كنا استطعنا قلب نظام حكم استمر ثلاثين عاماً ألم نستطع إعادة تنظيم حياتنا القادمة؟ يختتم النجم أحمد ماهر بقوله: مازال المسرح للآن هو الصرح الفني التي تختطف السينما منه النجوم فالنجوم أحمد السقا، هاني رمزي، محمد هنيدي، مني زكي، محمد سعد، كل هؤلاء كانوا نجوم مسرح قبل السينما ولكن مشكلة الإعلام انه لا يلقي الضوء عليهم إلا إذا نجحت أفلامهم وأندهش ان الإعلام يهتم بالسينما ويكثف الضوء عليها أكثر من المسرح والتليفزيون رغم ان المسرح في كل العالم هو الصرح والحضارة والترمومتر الحقيقي لموهبة الفنان ولذا فالاهتمام الإعلامي بالمسرح مكثف بدول أوروبا لأنهم يدركون قيمة المسرح ويعتبروه روح الدولة والجماهير عكس ما يحدث هنا.