تراجع دور المسرح المصري خلال النصف قرن الأخير فبعد نهضة الستينات المسرحية، حدثت ردة ثقافية واجتماعية كانت وراء انتشار ثقافة العشوائيات التي سيطرت علي المجتمع لنعيش في ردة حضارية وثقافية ساهمت في إرساء ثقافات مغلوطة وقيم بيئية متدنية. ومع نجوم وصناع المسرح المصري كان هذا التحقيق لنتعرف علي الأسباب الحقيقية لتراجع دور المسرح المصري وانهيار الذوق العام. ولأن المسرح هو أبو الفنون فهو المقياس الوحيد للفنان ولكن الآن تغيرت المقاييس والمعايير ولم يعد المسرح هو الصرح الذي يصنع النجم كما كان من قبل بل أصبح يستقطب نجوم السينما كعنصر لجذب الجماهير يا تري إيه السبب؟ قنبلة المهندس شويكار : الانفتاح الفضائي والقنوات الفضائية المتعددة التي ليس لها أول أو آخر وأغاني الفيديو كليب والدراما التليفزيونية المكثفة وأشياء أخري كثيرة جذبت الجماهير لها وابتعدت عن المسرح ولا يوجد من يقوم بطفرة مسرحية قوية لكسر حالة الملل والركود المسرحي مثلما كان يفعل الأستاذ فؤاد المهندس فعندما كان يشعر أن السينما بدأت تجذب الجمهور علي الفور كان يفكر في فكرة مسرحية كقنبلة وله في ذلك أحداث ومواقف وحكايات ومحطات مسرحية رئيسية في مشواره الفني. سيف قاطع يضيف المخرج المسرحي سمير العصفوري إلي ذلك: المعايير والمقاييس التي تغيرت فالمسرح الان يستعين بفناني ونجوم السينما التي تداري عيوبهم أحيانا الكاميرا وعندما يقف فنان السينما علي المسرح ينكشف وتظهر عيوبه ويتعري أمام جماهيره ومن هذا المنطلق بدأ يفقد المسرح بريقه وتوازنه بعد إن كان فن المسرح تهتز له كل أرجاء الدنيا وكلمته كحد السيف القاطع لأي مشكلة اجتماعية وكان يوجد كتاب للمسرح فقط قضيتهم الأساسية هي المسرح ولكن الآن لا يوجد كتاب للمسرح وكلهم الآن هواة والكل اتجه لكتابة الدراما التليفزيونية لأننا الآن في العصر الذهبي للتليفزيون. ريادة مسرحية يري النجم محمود ياسين: مصر زاخرة بعظمائها وتمتلك رواداً بدليل أننا متفوقون كرويا ولكن ينقصنا التوحد والتكاتف ووضع خطة موضوعية مدروسة للجهات المعنية بعودة ريادة المسرح إلي جهات معنية ومسئولة ولها تأثير إيجابي علي المسرح كوزارة الإعلام، وإعادة منظومة التعليم بقرار وزاري لإعادة الأنشطة الفنية والثقافية والأدبية بالمدارس وعدم هدم مسرح أو أي مكان ثقافي دون الرجوع لوزارة الثقافة وبهذا نستطيع إنشاء جيل نفرز منه عباقرة في جميع المجالات ولأننا منذ فترة ليست قصيرة حدثت في مصر بعض السلبيات كان علي أثرها تدهور الحالة الجمالية العامة للمجتمع. يستكمل د. أحمد سخسوخ الحديث بقوله: يجب الاهتمام بالمؤسسات التعليمية التي تمتلكها الدولة ابتداء من الحضانة إلي الجامعة وتهئ جواً ثقافياً معيناً بمعني أن تراثنا من المسرحيات والأفلام والأغاني يجب أن يشاهده ويسمعه الأجيال الجديدة من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وأنا اقترح إنشاء قناة خاصة تهتم بعرض التراث فقط وان لم يحدث هذا فالمفروض أن يكون لدي كل مدرسة وجامعة ومعهد تراث فني للطلبة وعمل مسابقات فنية في المدارس والجامعات يحضرها ويهتم بها كل المهتمين بالمسرح. يستطرد النجم نور الشريف الحديث بقوله: توجد موجة رهيبة من التخلف انتشرت بين المجتمع المصري بل وصلت به إلي مستنقع العشوائية الفكرية كالموسيقي من عمل الشيطان، والسينما حرام، واللوحة الفنية التشكيلية تجلب الفقر واناقة المرأة تبرج، وأحدث مقولة في ثقافة الجهل أن جلوس الرجل علي نفس مقعد المرأة من كبائر الذنوب، وآراء وآراء نندهش لسماعها من مصريين ذوي حضارة عريقة وتاريخ وثقافة أصيلة فكيف في ظل هذا التخلف والفكر المتطرف العشوائي نقنع الجيل الجديد بأهمية الرسالة الفنية؟ بالإضافة إلي تجاهل وتهميش المثقفين جعلهم مطموسين في كل مكان وبجميع المجالات ولذا أصبحنا كالصحراء الجرداء بالرغم من وجود عباقرة موهوبين ولكن ينقصهم من ينقب عنهم وينقيهم فكريا. تواصل النجمة رغدة الحديث بقولها: استطاعت رؤس الأموال غير المصرية استقطاب المثقفين تحت عباءتها وغيابهم عن الساحة الفنية والثقافية نتج عنه كارثة بكل المقاييس لأنهم العمود الفقري للمجتمع وتوجد جهات من مصالحها الشخصية أن يظل المجتمع العربي مريضا وجاهلا ومتخلفا ويعاني دائما من خطر مستقبل مظلم والمسرح كان متوهجا بالمثقفين أصحاب كلمة الشرف والمثقفون كانوا بمثابة شعلة نور للمجتمع الذي بدوره الطبيعي يفرز نجوما، ولكن الآن أين هؤلاء؟!. يؤكد نقيب الممثلين د. أشرف زكي علي ضرورة وجود مسرح مدرسي كجرعة تذوق لنبات فن المسرح وتأسيس الأطفال منذ الصغر علي تذوق الجمال سواء من خلال الكلمة أو الموسيقي أو الحركة أو السلوك والتعبير، كما حدث من قبل مع عظماء المسرح الذين كانت بدايتهم جميعا من خلال المسرح المدرسي وتحويل المسرح إلي فصل دراسي وحصة الموسيقي والرسم إلي حاسب آلي كل هذه الأحوال السيئة أدت إلي عدم الإحساس بالجمال وبالتالي قتل العملية الإبداعية وعدم ظهور موهوبين كنجوم مستقبل وحال الطلبة يرثي له سواء من الناحية اللغوية أو الثقافية فمعظمهم لا يعلم شيئا عن سعد زغلول ولكنهم يعرفون سعد الصغير ولا يعلمون شيئا عن تاريخهم المجيد وتراثهم الفني ونحن نبذل قصاري جهدنا من أجل القضاء علي هذا الجهل من خلال مهرجانات مسرحية عديدة ذات عروض مجانية ومسرحيات أخري منخفضة التكاليف للطلبة لتعريفهم الحضارة المصرية والعربية من خلال عروضنا المسرحية. تتابع سيدة المسرح العربي سميحة أيوب الحديث بقولها: استخدمنا الانفتاح التكنولوجي بطريقة عشوائية بالإيجابيات التكنولوجية مما كان أثره ظهور التطرف والفكر الإرهابي والمظلم وهذه فيروسات تسربت في كل المجالات وكلها ظهرت بشكل واضح بالمسرح لأنه هو المرآة الأولي للتعبير عن الحالة الفنية للمجتمع وغياب الجماهير عن المسرح هو الذي يؤدي إلي تراجع المسرح لأن الفنان أو المخرج أو الكاتب يخشي ويخجل من عدم حضور الجماهير له لأن الجمهور هو صانع النجم والبيئة التكنولوجية من حولنا والفيروسات الفضائية خلقت حالة من الغفلة والظلام والهراء عند الجماهير وللأسف الدولة عاجزة عن مواجهة هذا التيار المظلم الذي ينجرف فيه الشباب الذين هم الأمل والمستقبل. يندهش النجم عزت العلايلي من تعداد المصريين الذي يقترب من ال 00000.85 مصري ولا يوجد كتاب مسرح عظماء مثلما كان يحدث من قبل فعندما كان يلقي نجم المسرح بجملة تحترق وجدان الجماهير لأنها تمس وجع وألم اللحظة الراهنة فيرد عليه الجمهور بكلمته «الله» أين هؤلاء الذين زلزلوا أرجاء الكون بالفكر والبصيرة الثاقبة؟!.