الفابت المالكة لجوجل تعزز من عائداتها وأرباحها في الربع الأول    مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر الآيس كريم والبيتزا بعد منتصف الليل، والسبب غريب    عاجل - حزب الله يعلن استهداف قافلة تابعة للعدو قرب موقع رويسات العلم.. وهذه خسائر قوات الاحتلال    إسرائيل تدرس اتفاقا محدودا بشأن المحتجزين مقابل عودة الفلسطينيين لشمال غزة    وزير الخارجية الصيني يجري مباحثات مع نظيره الأمريكي في بكين    أحشاء طفل و5 ملايين جنيه وتجارة أعضاء بشرية.. ماذا حدث داخل إحدى الشقق السكنية بشبرا الخيمة؟    أنغام تبدع في غنائها "أكتبلك تعهد" باحتفالية عيد تحرير سيناء بالعاصمة الإدارية (فيديو)    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    البنتاجون: أوكرانيا ستتمكن من مهاجمة شبه جزيرة القرم بصواريخ «ATACMS»    عاجل - قوات الاحتلال تقتحم نابلس الفلسطينية    أسعار الأسماك واللحوم اليوم 26 أبريل    سيول جارفة وأتربة، تحذير شديد اللهجة من الأرصاد بشأن طقس اليوم الجمعة    طريقة تغيير الساعة في هواتف سامسونج مع بدء التوقيت الصيفي.. 5 خطوات مهمة    ماجد المصري عن مشاركته في احتفالية عيد تحرير سيناء: من أجمل لحظات عمري    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024.. توجيهات الصحة بتجنُّب زيادة استهلالك الكافيين    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    طارق السيد: ملف بوطيب كارثة داخل الزمالك.. وواثق في قدرات اللاعبين أمام دريمز    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    رئيس لجنة الخطة بالبرلمان: الموازنة الجديدة لمصر تُدعم مسار التنمية ومؤشرات إيجابية لإدارة الدين    نجم الأهلي السابق يوجه رسالة دعم للفريق قبل مواجهة مازيمبي    ناقد رياضي: الزمالك فرط في الفوز على دريمز الغاني    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    إصابة 8 أشخاص في تصادم 3 سيارات فوق كوبري المندرة بأسيوط    تطبيق "تيك توك" يعلق مكافآت المستخدمين لهذا السبب    أبرزها الاغتسال والتطيب.. سنن مستحبة يوم الجمعة (تعرف عليها)    بشرى سارة للموظفين.. عدد أيام إجازة شم النسيم بعد قرار ترحيل موعد عيد العمال رسميًا    عاجل.. رمضان صبحي يفجر مفاجأة عن عودته إلى منتخب مصر    انطلاق حفل افتتاح مهرجان الفيلم القصير في الإسكندرية    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    يونيو المقبل.. 21364 دارسًا يؤدون اختبارات نهاية المستوى برواق العلوم الشرعية والعربية بالجامع الأزهر    الزراعة: منافذ الوزارة تطرح السلع بأسعار أقل من السوق 30%    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    رمضان صبحي يحسم الجدل بشأن تقديم اعتذار ل الأهلي    ليلى زاهر: جالي تهديدات بسبب دوري في «أعلى نسبة مشاهدة» (فيديو)    نقابة محاميين شمال أسيوط تدين مقتل اثنين من أبنائها    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    عاجل - بعد تطبيق التوقيت الصيفي 2024 فعليًا.. انتبه هذه المواعيد يطرأ عليها التغيير    مواقيت الصلاة بالتوقيت الصيفي .. في القاهرة والإسكندرية وباقي محافظات مصر    ذكري تحرير سيناء..برلماني : بطولات سطرها شهدائنا وإعمار بإرادة المصريين    بالصور.. مصطفى عسل يتأهل إلى نهائي بطولة الجونة الدولية للاسكواش    هاني حتحوت يكشف تشكيل الأهلي المتوقع أمام مازيمبي    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    برج العذراء.. حظك اليوم الجمعة 26 أبريل 2024 : روتين جديد    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    أنغام تبدأ حفل عيد تحرير سيناء بأغنية «بلدي التاريخ»    عاجل - "التنمية المحلية" تعلن موعد البت في طلبات التصالح على مخالفات البناء    قيادي بفتح: عدد شهداء العدوان على غزة يتراوح بين 50 إلى 60 ألفا    المحكمة العليا الأمريكية قد تمدد تعليق محاكمة ترامب    أنغام باحتفالية مجلس القبائل: كل سنة وأحنا احرار بفضل القيادة العظيمة الرئيس السيسى    «اللهم بشرى تشبه الغيث وسعادة تملأ القلب».. أفضل دعاء يوم الجمعة    فيديو جراف| 42 عامًا على تحرير سيناء.. ملحمة العبور والتنمية على أرض الفيروز    حدثت في فيلم المراكبي، شكوى إنبي بالتتويج بدوري 2003 تفجر قضية كبرى في شهادة ميلاد لاعب    استشاري: رش المخدرات بالكتامين يتلف خلايا المخ والأعصاب    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    مواطنون: التأمين الصحي حقق «طفرة».. الجراحات أسرع والخدمات فندقية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشرف فهمي هددني بانتهاء الصداقة بيننا لو لم أكتب سيناريو
نشر في القاهرة يوم 26 - 04 - 2011

وحوار «لايزال التحقيق مستمرا» فكان الفيلم الذي صنع نجومية نبيلة عبيد قدم الكاتب والمؤلف السينمائي الكبير مصطفي محرم للسينما المصرية ما يقرب من مائة فيلم وضعته بقوة ضمن الصفوة من كبار كتَّاب السينما في مصر والوطن العربي والمتتبع لمسيرة السينما في مصر يلحظ أن مصطفي محرم قد ضرب بسهم وافر في التأليف السينمائي علي مدي ما يزيد علي نصف قرن منذ قدم أول أعماله «فندق النجوم الزرقاء» عام 1966 حتي 2010 عندما قدم آخر أعماله السينمائية - حتي الآن- مجنون أميرة ولا تنسي له الشاشة الفضية عشرات الأفلام التي صارت من كلاسيكيات السينما العربية «أغنية علي الممر»، «ولا يزال التحقيق مستمرا»، «الباطنية»، «أشياء ضد القانون»، «درب الهوي»، «وكالة البلح»، «الخادمة»، «أرجوك أعطني هذا الدواء»، «ليلة القبض علي فاطمة»، «الراقصة والطبال»، «المجهول»، «اغتيال مدرسة»، «حارة برجوان»، «الشرف»، وغيرها من الأعمال السينمائية التي صنعت نجومية اثنتين من نجمات السينما المصرية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي هما نادية الجندي التي لقبت بعد عرض أفلامها التي كتبها لها «نجمة الجماهير» بينما حملت «نبيلة عبيد» بأفلامه لقب نجمة مصر الأولي. ولم تتوقف اسهامات مصطفي محرم علي الكتابة للسينما ولكنه كان ضيفا عزيزا دائما علي الدراما التليفزيونية التي كتب لها مسلسلات أثارت الجدل عند عرضها وتابعتها الجماهير ومنها مجموعة تعد الأكثرشهرة وإثارة للجدل في ربع القرن الأخير بشغف كبير بداية من «برديس» 1985، ليلة القتل، لن أعيش في جلباب أبي، رد قلبي، عائلة الحاج متولي، العطار والسبع بنات 2002، المهنة طبيب، عيش أيامك، بنت أفندينا، ريا وسكينة، علي يا ويكا، الباطنية، قاتل بلا أجر، زهرة وأزواجها الخمسة، هذا بالإضافة إلي اسهاماته الفكرية في مجال الترجمة والنقد. وخلال السنوات الأخيرة نشرت «القاهرة» مذكرات الكاتب الكبير مصطفي محرم تحت عنوان «حياتي في السينما» التي أصدرها - بعد ذلك - في جزءين عن الهيئة المصرية العامة للكتاب. واليوم نبدأ مرحلة جديدة مع مذكرات الكاتب السينمائي الأكثر صدقا وكتاباته الأعمق أثرا وموضوعاته الأكثر جدلاً. في أوائل عام 1978 اتصل بي صديقي المخرج أشرف فهمي، لا أتذكر اليوم أو الشهرولكني أتذكر أنه طلب مني الحضور ضروري إلي بيته في الثامنة مساء، كان هذا هو الميعاد المحبب لكي نلتقي فقد اعتاد أن ينام بعد تناوله طعام الغداء حتي السابعة مساء ويستغرق ما يقرب من الساعة حتي يفيق ويرتدي ثيابه. كنت أعلم أنه انتهي من تصوير فيلم المرأة الأخري، الذي كتبه المخرج والمنتج السينمائي حسن رمزي بالاشتراك مع أحمد عبدالوهاب وقام ببطولته نور الشريف ونبيلة عبيد وميرفت أمين، ولم أكن قد التقيت به إلا مرة أو مرتين أثناء تصوير الفيلم، وعندما علمت بأن الأمر ضروري أدركت علي الفور أن الموعد هو من أجل عمل جديد. كنت أذهب دائما في الميعاد المضبوط المتفق عليه، وعندما لا أجد أن أشرف هو الذي فتح لي الباب أعلم عندئذ بأنه استغرق في النوم ولم يستطع أن يستقيظ فأدخل عليه حجرة نومه، وكانت حجرة نومه حجرة واسعة للغاية تذكرني بحجرة ليلي مراد من ناحية اتساعها في فيلم «غزل البنات»، وعندما يدرك أنني أقوم بايقاظه كان ينهض وهو يشعر بالذنب ويعتذر لي بأنه كان مجهدا ويطلب مني الانتظار حتي يأخذ حماما ينعشه ويستعد لي وكان من عادته أن يشفق علي انتظاري له كل هذه المدة فكان يحضر لي كل المجلات التي يشتريها حتي لا أشعر بملل الانتظار، وأنا لست من عشاق قراءة هذه المجلات مثل الكواكب والمصور والشبكة وآخر ساعة ونورا والموعد ولكن كنت اتصفحها وأعرف منها بعض أخبار الوسط الفني التي كنت أعرف معظمها واكتشف أن ما كتب في هذه المجلات من أخبار معظمه أخبار كاذبة لم تحدث فهي أخبار يختلقها بعض الصحفيين الذين لا يجدون ما يكتبوه، فكنت أجد أحيانا بالنسبة لي ينسبون كتابة أفلام لم أكتبها ولا أعرف عنها شيئا فكنت أتعجب من ذلك وأقول لنفسي ساخرا ربما كتبتها ونسيت. جريمة في الخارج المهم دخل علي أشرف مشرقا بعد أن أنعشته مياه الحمام وارتدي الروب في أوائل الصيف فقد كان مثل الموسيقار محمد عبدالوهاب والمخرج محمد راضي يخشي دائما علي نفسه من الإصابة بالبرد، وقبل أن يجلس سألني عن أخباري للمرة الثانية فلم أجد ما أضيفه فوقف في وسط الحجرة وقد تهللت أساريره وصاح بي بأنه قد قرأ قصة رائعة لإحسان عبدالقدوس بعنوان «ولا يزال التحقيق مستمرا» فلم يظهر علي وجهي أي بادرة من الحماس أو ربما لويت شفتي امتعاضا فإذا به ينزعج ويسألني هل قرأتها؟ وبالفعل كنت قرأت هذه القصة ربما في جريدة «الأهرام» أو في مكان آخر فلست متأكدا من ذلك ولكني متأكد من قراءتها، وأذكر عندما قرأت هذه القصة أنني تذكرت علي الفور أحداث جريمة وقعت ونشرت تفاصيلها الصحف عن أحد الأثرياء ويدعي فاروق الشواربي حاول أن يقتل زوج عشيقته فقتله الزوج أو أن العشيقة هي التي قتلت الزوج أو ربما هي التي قتلت عشيقها فلست أذكر الحادثة بكل تفاصيلها، وقد تمت هذه الجريمة في الخارج في إحدي المدن الإيطالية وربما كانت فينيسيا وأخذ إحسان عبدالقدوس وقائع هذه الجريمة وتناولها في قصة قصيرة وطويلة إلي حد ما تحت عنوان مثير وجديد فقد كان إحسان عبدالقدوس بارعا في اختيار العناوين لرواياته وقصصه - وهو «ولا يزال التحقيق مستمرا». أخبرت أشرف بأنني قرأت القصة من قبل فبادرني علي الفور وسألني في قلق عن رأيي فأخبرته بأنها لم تعجبني، فإذا به يسألني في استنكار وخيبة أمل: - ليه بس يأخي فسألته بدوري عما يريد من هذه القصة فأخبرني بأنه اشتراها من أجل تقديمها في فيلم من بطولة نبيلة عبيد، وعندما أخبرني باسم البطلة قضي علي كل ما عندي من ذرة حماس، كنت كلما شاهدت فيلما لنبيلة عبيد أتذكر ما قاله عنها مفيد فوزي في يوم من الأيام في بروازه الأسبوعي في مجلة «صباح الخير»، حيث كان يكتب فقرات قصيرة يضمن في كل فقرة رأيه في أشياء كثيرة بطريقة من يدلي بالرأي القاطع الحاسم، المانع حتي لا يصح الكلام في هذا الأمر بعد ذلك أو كمن يزن كلماته بميزان الذهب، كما أخبرني مرة المخرج عاطف سالم تعليقا علي ما يكتبه مفيد فوزي، قال مفيد فوزي رأيه الحاسم أيام الأبيض والأسود لنبيلة عبيد كمن يحكم عليها بالإعدام: «لا أعرف لماذا كلما شاهدت نبيلة عبيد وهي تمثل أنسي حرفا من اسمها»، وادركت علي الفور أن هذا الحرف الذي كان ينساه مفيد هو حرف «الباء»، وفي الواقع فإنني حتي هذه اللحظة كنت أوافقه علي ذلك النسيان. اعتذار.. وتهديد اعتذرت لأشرف عن كتابة سيناريو فيلم «ولا يزال التحقيق مسترا»، وعندما سألني عن السبب أخبرته بأن القصة تبدو غير مصرية ثانيا عدم حماسي لنبيلة عبيد، ولم يبد أشرف أية غضاضة ولم يحاول أن يضغط علي بل إنه غيرموضوع الحديث وكأن الأمر لم يكن. ومرت الأيام حتي أصبحت شهرا تقريبا فإذا بأشرف يتصل بي للضرورة، وعندما ذهبت في الموعد المحدود وجدته مستيقظا وهو الذي فتح لي الباب ولكن التجهم كان باديا علي وجهه، وعندما دخلت وجلست ولم يكن هو حتي هذه اللحظة قد نطق بكلمة حتي أنني توجست أن في الأمر شيئا. فوقف كعادته في وسط حجرة الاستقبال وصاح بي مهددا متوعدا: - اسمع.. صداقتنا دي كوم وأنك ما تعملش الرواية دي كوم فانزعجت واندهشت لما يقول وسألته أي رواية يعني فأخبرني بأنها «ولايزال التحقيق مستمرا» فإذا بي أسأله. - أنا مش سبق وقلتلك إن الموضوع ده مش عاجبني فإذا به يصر رغم ذلك علي أن أتولي كتابة السيناريو لهذه القصة وعلمت أنه أسند هذا الأمر لأكثر من كاتب سيناريو ولكنهم فشلوا في معالجة الموضوع، وعلمت أيضا أن نبيلة عبيد هي التي قامت بترشيح هؤلاء الكتاب له وقد طاوعها في البداية لأنه كان واقعا في غرامها في ذلك الوقت، وبالفعل صارحني بأنه وعد نبيلة عبيد التي كانت تثق ثقة عمياء في كل كلمة يكتبها إحسان عبدالقدوس- بأن ينتج لها هذه القصة علي أفضل ما يكون. اضطررت في النهاية بأن أوافق علي أن اكتب السيناريو لقصة «ولا يزال التحقيق مستمرا» علي شرط أن تتغير أشياء كثيرة منها فهي بحاجة إلي تمصير فأشخاص القصة والجو المحيط بهم يجعلها تبدو أنها قصة أجنبية، ولذلك أبعدتها عن جو الثراء الفاحش الذي كان يعيش فيه الزوج والعشيق وجعلت الزوج مجرد مدرس لا يملك سوي مرتبه ويرفض الدخول في مستنقع الدروس الخصوصية ويدين بالقيم النبيلة وأن تدور الأحداث في بداية زمن الانفتاح وأن العشيق شخصية إنتاجية وكان زميلا للزوج أثناء الدراسة وجعلت الزوجة هي محور الأحداث بطموحها المادي وانفلاتها الأخلاقي ووقوعها في براثن صديق الزوج الذي أثار في دخلها أحلام الثراء مؤيدا من أفراد عائلتها الذين لا يدينون سوي بقيمة المال والحصول عليه من أي طريقة، واخترنا النجم محمود يس لدور الزوج والنجم محمود عبدالعزيز لدور الصديق عشيق الزوجة. اعتراض نبيلة عندما قرأت نبيلة عبيد السيناريو وجدته يختلف تماما عن القصة الأصلية فاعترضت لأشرف علي ذلك بل إنها أبلغت إحسان عبدالقدوس، ولم يخبرني أشرف بما حدث إلا عندما ذهبت إلي الرقابة للسؤال عن السيناريو فأخبرني الصديق إسماعيل البنهاوي وهو أديب وناقد ومترجم علي درجة رفيعة من الثقافة بأنه قرأ لي سيناريو رائعاً فسألته عما يقصد فأخبرني بأنه «وما يزال التحقيق مستمرا» ثم قابلت الصديق محمود أبوزيد في حجرة أخري فإذا به يهنئني علي هذا السيناريو الممتاز، وفرحت لأن الشهادة جادة من أديب متميز ومن مؤلف وسيناريت عظيم، وعلي الفور ذهبت إلي أشرف فهمي في الاستوديو وكان يقوم ببعض مشاهد فيلم «المرأة الأخري» كانت مؤجلة وأخبرته بما حدث في الرقابة فإذا بعيناه تبرقان في توهج وأمسكني من يدي وقادني إلي حيث حجرة نبيلة عبيد وكان بابها مغلقا وإذا به يخبط الباب بقدمه في انفعال شديد عدة خبطات حتي أنني ادركت أن الباب سوف ينكسر لا محالة وأن أي شخص في داخل الحجرة سيداهمه الذعر لما يحدث، وفتحت نبيلة عبيد الباب وقد اصفر وجهها من الذعر وسألت عما يحدث ووجدتنا أمامها وقد علت الدهشة وجهي والتحفز علي وجه أشرف وصاح بي أشرف بأن أخبرها ما حدث في الرقابة فأخبرتها باقتضاب باعجاب من قرأوه وأدركت سبب انفعال أشرف فهمي فإذا بي التفت إليه وأنا أتساءل في استنكار: - ليه هي كانت فاكرة إن السيناريو وحش؟ فإذا به يخبرني بكل ما حدث من وراء ظهري وكيف أنها لجأت إلي إحسان عبدالقدوس لتثيره ضد السيناريو، وحاولت نبيلة أن تدافع عن موقفها بأن السيناريو مخالف للقصة وهي كانت تخشي غضب إحسان عبدالقدوس فأخبرتها بأن التغيير حدث للأفضل في العرض الخاص لفيلم «ولا يزال التحقيق مستمرا» حضر إحسان عبدالقدوس العرض فسألته عن رأيه في السيناريو فأخبرني بأن السيناريو يختلف كثيرا عن قصته ولكنه سيناريو رائع يستحق أن يهنئني عليه وكان ذلك في حضور نبيلة عبيد وأكثر من ذلك ما حدث فيما بعد وسوف اتحدث عنه في حينه. جري عرض فيلم «ولا يزال التحقيق مستمرا» في زمن عرض فيلم «الباطنية» ونال نجاحا لم يحدث أن حقق أي فيلم لنبيلة عبيد جزءا من هذا النجاح، فقد استغرق عرضه 36 أسبوعا في دار سينما ديانا أما الباطنية فقد استمر عرضه 48 أسبوعا. معاناة ولقاء لم أكن أعرف المنتج محمد مختار معرفة قريبة، رأيته في بعض الاستوديوهات السينمائية بعض المرات في صحبة النجمة نادية الجندي التي لم تكن نجمة لامعة في ذلك الوقت ولم أكن أعرفها هي الأخري معرفة قريبة، قابلتها في إحدي المرات في بيت صديقي أشرف فهمي، وذلك أثناء عمله معها في فيلم «شوق» وهو إعادة للفيلم الشهير «امرأة علي الطريق» الذي أخرجه عزالدين ذوالفقار وكان يعمل فيه نجوم كبار مثل رشدي أباظة وشكري سرحان وزكي رستم وهدي سلطان. جلست أنا ونادية الجندي وأشرف وجري بيننا حديث مرح وأبدت إعجابها بالأفلام التي قمت بكتابة السيناريو لها وأخبرها أشرف بأنه يفضَّل العمل معي. لم يكن عندي تليفون في ذلك الوقت فقد كان الحصول علي التليفون أمرا في منتهي الصعوبة وربما كان يقتضي واسطة من رئيس الجمهورية، وكانت مكالمات العمل تأتي عبر تليفون عائلتي في حي السيدة زينب، فإذا كانت عاجلة يرسلون لي من يقوم بإبلاغي أو ينتظرون زيارتي الأسبوعية لهم. وكان يتم الاتصال بي بطريقة أخري إذا كان الأمر شديد الأهمية، وذلك عن طريق مكاتب الريجيسير
حيث يقوم من يريد الاتصال بي من أجل العمل بأحد هذه المكاتب فكانوا يرسلون لي أحد مساعدي الريجيسير ليخبرني بأن فلانا يريد أن أقابله أو أنه يريد أن يأتي لمقابلتي، وفلان هذا يكون إما أحد المنتجين أو أحد المخرجين. ولم أكن حتي هذه الفترة مشهورا لدرجة أن يقوم بترشيحي أحد النجوم أو إحدي النجمات. فوجئت في يوم من أيام أواخر عام 1978 بأحد مساعدي الريجيسير يأتي إلي بيتي ويخبرني بأن المنتج محمد مختار يريد أن يقابلني فقمت بتحديد موعد له، في الحقيقة لم أكن متحمسا فأنا أعلم أنه زوج نادية الجندي ولم أكن حريصا علي العمل معها. جاءني محمد مختار وقدم لي قصة طويلة أو رواية قصيرة للكاتب إسماعيل ولي الدين بعنوان «الباطنية» وذلك لكتابة السيناريو والحوار لها. كانت هذه هي المرة الأولي التي يقدم لي أحد قصة لهذا الكاتب لكتابة سيناريو لها، كنت قد سمعت عن هذه القصة ولم تكن هي المرة الأولي التي أسمع عنها للكاتب إسماعيل ولي الدين. كنت أعرفه وهو ضابط مهندس في الجيش برتبة العميد وذلك من خلال تردده علي «الوكالة العربية للسينما» التابعة لمؤسسة السينما حيث كنت أعمل بها، وكان أحد زملائنا وهو مدير الإنتاج عبداللطيف عمر صديقا له وبالتالي تعرفنا علي بعض وتحادثنا لكن لم تتحول هذه المعرفة إلي صداقة وثيقة كما هي الآن إلا فيما بعد. رفض وإصرار إسماعيل ولي الدين شخصية غريبة تعيش دائما علي أعصابها، ولذلك فهو سريع الانفعال فهو يغضب بسرعة ويصفو بسرعة ومن الصعب جدا أن يحظي أي إنسان بصداقته أو رضائه، وهو من نوع المخرج أشرف فهمي، فالناس عند كل منهما إما مقبولون أو مرفوضون وليس هناك وسط في المعاملة والحياة إما أسود أو أبيض ولابد من تشاء الأقدار أن يحظي بصداقة أحدهما أن يفهمه جيدا وأن يعامله معاملة خاصة أشبه بالترويض. المهم أن محمد مختار عندما طلب مني كتابة السيناريو لقصة «الباطنية» سألته هل هناك مخرج معين قام بالاتفاق معه؟ فأخبرني بأنه المخرج هشام أبوالنصر أو كما يسمي نفسه الدكتور هشام أبوالنصر وكان في ذلك الوقت عائدا من الولايات المتحدة ويقوم بتدريس الإخراج والسيناريو في المعهد العالي للسينما، لم أبد رأيا علي الفور فلم أكن حتي هذه اللحظة شاهدت له شيئا، كنت أعلم فقط أنه كان من المتفوقين في دراسته بالمعهد في الدفعة الثانية التي تخرجت في المعهد وكان ترتيبه الثاني في قسم الإخراج وذلك بعد المخرج نادر جلال الذي كان أول الدفعة وحصل علي تقدير ممتاز. آثر نادر جلال العمل في السينما دون أن يعمل بالتدريس في المعهد والحصول علي بعثة في الخارج وهذا ما فعله محمد عبدالعزيز وأحمد ياسين وسمير سيف، ونادر جلال هو ابن أحد رواد السينما وهو المخرج والمؤلف والممثل والمنتج السينمائي أحمد جلال أحد رواد السينما المصرية وشقيق كل من المخرج حسين فوزي والمخرج عباس كامل. أما والدته فهي النجمة السينمائية والمنتجة الكبيرة ماري كوين وهي من عائلة لبنانية وابن خالة النجمة السينمائية والمنتجة الكبيرة آسيا، وبني أحمد جلال وزوجته ماري كوين استوديو جلال الذي احتوي علي بلاتوهين للتصوير ومعمل للتحميض والطبع وأنجب الزوجان ابنهما نادر الذي ظهر في فيلم «أمير الأحلام» كان كابن لنور الهدي ولم يكن يتعدي الخامسة من عمره، وبعد عام من هذا الفيلم مات أحمد جلال تاركا ابنه في رعاية الزوجة الوفية التي لم تفكر في الزواج بعد رحيل زوجها وتفرغت لتربية ابنهما وإنتاج الأفلام السينمائية وذلك رغم أنها كانت من جميلات السينما العربية. تربي نادر جلال في الاستوديو الذي أنشأه والده حيث كانت الأسرة تقيم في الدور العلوي منه، والتحق نادر في مدارس الجيزويت إلي أن حصل علي الشهادة التي تعال الثانوية العامة. درس في كلية التجارة والتحق نادر بمدارس الجزويت إلي أن حصل علي الشهادة التي تعادل الثانوية العامة ودرس في كلية التجارة والتحق بعد ذلك بمعهد السينما وكان يعمل مساعدا أثناء الدراسة. حل هشام أبوالنصر مكان نادر جلال في المعهد وذهب أيضا إلي مدينة لوس أنجيلوس في ولاية كاليفورنيا بأمريكا وذلك في منحة الفولبرايت وهي المنحة التي حصل عليها كل من عطاء النقاش وأشرف فهمي وحسين فهمي من خريجي معهد السينما. وهناك حصل عطاء النقاش علي درجة الماجستير، أما أشرف فهمي وحسين فهمي فقد كانت بعثتهما تدريبية في الاستوديوهات في هوليوود. اتفاق غريب وعندما عاد إلي مصر أذكر أنه زارني في بيتي للتعاون معه. أحضره لي المخرج السينمائي عبداللطيف زكي، سألته عن الرسالة التي تقدم بها للحصول علي درجته العلمية، أخبرني بأنها كانت عبارة عن سيناريو قام بكتابته، تعجبت من ذلك فقد كنت حتي ذلك الوقت كتبت خمسة عشر سيناريو أي أنني كنت استحق حسب نظام الدراسة في أمريكا أن أحصل علي خمس عشرة درجة ماجستير أو دكتوراه كما ادعي هشام أبوالنصر. عقد هشام أبوالنصر صداقة مع الكاتب إسماعيل ولي الدين الذي كان أبرز كتَّاب جيله من الروائيين والقصاصين في ذلك الوقت. لم أكن أعرف أسباب أواصر هذه الصداقة ولكن هشام اشتري منه رواية «الأقمر» وأقنعه بأنه سوف يقوم بتحويل لكل أعماله السينمائية إلي أفلام لكن بشرط واحد، فما هذا الشرط؟ عقد هشام مع إسماعيل ولي الدين اتفاقا غريبا وهو أن أي رواية أو قصة يبيعها إسماعيل لأي منتج سينمائي فلابد أن يشترط عليه في عقد البيع بندا يحدد أن المخرج هو هشام أبوالنصر. كان هذا الاتفاق الذي بين هشام أبوالنصر وإسماعيل ولي الدين أشبه باتفاق مفيستوفوليس مع فاوست. اشتري محمد مختار رواية «الباطنية» من إسماعيل ولي الدين بعقد متضمن هذا الشرط، فأصبح سيفا مسلطا علي المنتج محمد مختار وفوق ذلك أصر هشام أبوالنصر أن يقوم هشام بكتابة السيناريو فوافق محمد مختار، ويبدو أنه كان مخدوعا بأنه دكتور في السينما. لم يكن هشام أبوالنصر قد سبق له كتابة سيناريو أي فيلم سوي السيناريو الذي قدمه للحصول علي درجة الماجستير. وعقب كتابة العقد علم هشام أن محمد مختار لديه شقة في مدينة الإسكندرية فطلب منه مفتاح هذه الشقة ليقيم فيها ليتفرغ للإبداع والانتهاء من كتابة السيناريو فوافق محمد مختار أيضا علي هذا الطلب. سافر هشام أبوالنصر إلي مدينة الإسكندرية وأقام في شقة محمد مختار، ظل هناك ما يقرب من العشرة أيام لكن علي ما يبدو أنه شعر بالملل أو أنه اكتشف أن جو الإسكندرية لم يساعده علي شحذ قريحة إبداعه فترك الإسكندرية وعاد إلي القاهرة دون أن يكتب شيئا. ترك المفتاح للبواب بعد أن شكره علي خدمته له، وعندما ذهب محمد مختار إلي الإسكندرية ليطمئن علي الشقة ويحصل علي المفتاح من البواب حتي لا يقوم بتأجيرها من الباطن في غيابه كما يحدث مع معظم البوابين في الإسكندرية فإذا بالبواب يطالبه بمبلغ خمسين جنيها اقترضها هشام منه أثناء إقامته. وعندئذ قرر محمد مختار أن يسند كتابة السيناريو إلي كاتب محترف واقترح له اسمي بناء علي اقتراح من نادية الجندي فوافق. قصة بلا مقومات لم أكن قد قرأت قصة «الباطنية» القصيرة الطويلة، ولذلك أحضرتها وقرأتها، لأبدي موافقتي أو رفضي بالنسبة لكتابة سيناريو لها، وعندما قرأتها وجدت أنه في الواقع يصعب تصنيفها حسب الأشكال القصصية، فهي لا تحتوي علي مقومات القصة القصيرة ولا مقومات الرواية، أستطيع أن أقول إنها أشبه بملخص رواية يحتوي علي الشخصيات والمكان ومن الصعب أن تتلمس حدثا وحبكة. ووجدت أن الكاتب قد تأثر تأثيرا كبيرا بفيلم وليس رواية «الأب الروحي» الذي كتب له السيناريو مؤلف الرواية ماريو بوزو بالاشتراك مع مخرج الفيلم فرانسيس فورد كوبولا وقام بالبطولة اثنان من أعظم من أنجبتهم السينما في العالم وهما مارلون براندو وآل باتشينو. المهم أنني اعتبرت ما كتبه إسماعيل رغم رشاقة أسلوبه واللغة المتدفقة الكلمات وكأن الكلمات تلهث لتلاحق بعضها البعض يعتبر بالنسبة لي قطعة من القماش ربما كانت ضيقة ولكنها تثير القريحة عندي لكتابة سيناريو يتطلب جهدا كبيرا. وبعد تراقص الأفكار المتناثرة في ذهني وافقت أن أقوم بكتابة سيناريو وحوار لقصة «الباطنية».

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.