رغم أن ميدان التحرير تحول خلال 18 يوما منذ اندلاع الثورة في الخامس والعشرين من شهر يناير وحتي الحادي عشر من شهر فبراير إلي مولد كبير للحرية فمن كان يذهب إلي هناك ويشاهد مظاهر حياة المتظاهرين يجدها لا تختلف من بعيد أو قريب عن حياة المريدين ومظاهر الموالد الشعبية إلا في الهدف والغرض فقط وإن كان منشد الموالد يتغني في صاحب المولد وحب آل البيت فإن المشاركين في مولد الحرية تغنوا في حب مصر ومدح محاسن شعبها الأصيل فقد أعادت لنا ثورة 25 يناير ليس الوطن فقط بل الكثير من المعاني التي افتقدناها علي رأسها الإحساس بالأغاني الوطنية وقد ألهمت هذه الثورة الكثير من المنشدين لكتابة قصائد أو البحث عن قصائد تشيد بالثورة وتتفق مع طابع الإنشاد الديني للتغني بها في الموالد الشعبية المختلفة خاصة ونحن نحتفي في هذه الأيام بمولد الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما فقد استعد بعض المنشدين بقصائد عن الثورة لإحياء ليالي المولد بها. عن هذه القصائد ومدي تقبل جماهير المولد لها كان هذا التحقيق. غضبة الأحرار يؤكد المنشد الديني الشيخ جودة هيكل مؤسس فرقة الحضرة أنا أسعي حاليا لإقامة حفل إنشاد ديني في حديقة الأزهر للتغني للثورة وتحية شهدائها كذلك اتفقت مع المسئولين عن ساقية الصاوي لتقديم حفل إنشاد ديني في إحدي قاعات الساقية للإشادة بالثورة وشبابها بشرط يتواكب ذلك مع فترة إقامة مولد الإمام الحسين خاصة أنه سيد الشهداء وهو أحد الثائرين الأوائل في التاريخ الإسلامي وقد اخترت قصيدة قرأتها في جريدة المصري اليوم أقوم حاليا بإجراء بروفات لتلحينها استعدادا لتقديمها في المولد وحديقة الأزهر وساقية الصاوي والقصيدة بعنوان (غضبة الأحرار) من أبياتها : من غضبة الأحرار صغت بياني.. وبساحة الثوار هتف لساني الله أكبر سوف ترقي مصرنا.. نفر الرجال بصيحة الشجعان حملوا لواء الحق فانقشع الدجي.. كسروا بعزم غلظة الأركان متوحدين بقوة قد مزقوا.. ثوب المذلة بعد ذل هوان يا أيها الثوار طاب جهادكم .. أنتم حديث الفخر للازمان بكت السماء علي اسود جاهدوا .. أرواحهم سكنت فسيح جنان ملهمة يقول المنشد محمود ياسين التهامي ثورة 25 يناير أصبحت وستظل ملهمة لكل مبدع فقد ألهبت حماسي كمنشد في التغني لها بطريقة الإنشاد الديني وألا يقف المنشد متفرجا أما هذا الحدث الفريد عند حد الإنشاد التقليدي ولكن لابد أن يطوع فنه لهذا الحدث العظيم الذي سوف يقف عنده التاريخ طويلا فأنا مع الثورة منذ اندلاعها وقد شاركت في أكثر من ائتلاف لثوار محافظة أسيوط وكنت أدعم أبناء المحافظة الذين شاركوا في اعتصامات التحرير لذلك أول شيء فكرت فيه تقديم قصيدة للإشادة بالثورة وشهدائها أقوم بإجراء بروفات لها حاليا لوضع اللحن المناسب للكلمات وسوف يتم تقديمها في إحياء الليلة الكبيرة لمولد الإمام الحسين رضي الله عنه فقد قمت بتأليف قصيدة خاصة بهذا الحدث عنوانها (شبابنا الباسل) مطلعها: إنا نريد شبابا باسلا يقظا يضحي غير مبتذل يحرر الأرض من باغ ومغتصب فدولة الحق تعلو سائر الدول هيهات ... هيهات يعلو قدر ذي سفه هيهات يسري ركاب الغدر والخطل ما أحوج الشرق للإيمان مبعثه منا مثال نحن وربي أعظم المثل ومجدنا في الوري مجد ندين به علي الزمان ومنذ الاعصر الأولي إن السبيل إلي العلياء هي وجهتنا لعمري هي أعظم السبل.. أكثر تأثيرا يقول المنشد الديني الشيخ بدر الأسواني مدير فرقة النيل للإنشاد الديني بالهيئة العامة لقصور الثقافة إن الفرقة توقف نشاطها في الاحتفاء بالمناسبات الدينية مثل المولد النبوي حيث تم إلغاء جميع التعاقدات لإحياء ليالي شهر ربيع الأول سواء داخل مصر أو خارجها ولم يتغير الأمر بعد تنحي الرئيس مبارك عن الحكم وسوف تستأنف فرقة النيل للإنشاد الديني نشاطها من جديد بالتزامن مع إقامة مولد الإمام الحسين وسوف تخصص حفلاتها التي تقام في بيت السحيمي للثورة وشهدائها . ويضيف الأسواني قائلا : التغني في حب الوطن ليس واجبا بل فرض علي كل منشد للاحتفاء بالثورة وإنجازاتها وتأثيرها الكبير في إصلاح المجتمع فبعد اندلاع الثورة أحرص علي دمج الأغاني الوطنية بقصائد الإنشاد الديني لإحداث التأثير الجماهيري المطلوب وإيقاظ الروح الوطنية لدي المريدين وحثهم علي المشاركة في تغيير المجتمع مع الحرص علي إشباع حبهم للإنشاد الديني المعتاد فالمنشد هو داعية بكلمات مغناة وهو قد يكون أكثر تأثيرا من الكثير من خطباء المساجد خاصة إذا تعلق الأمر بحب الوطن. مثار سخرية يري المبتهل والمنشد فكري الشرنوبي أن الإنشاد هو بلسم ودواء للنفس البشرية ومن شأنه تهدئة الأوضاع الساخنة راهنا وإحداث التأثير الإيجابي علي الناس . ويؤكد ضرورة الاحتفاء بالثورة وتحية شهدائها لكن عن طريق قصور الثقافة والتليفزيون أما أن يكون الاحتفاء بالثورة في الليالي الخاصة أو الموالد فسوف يكون مثار سخرية من الجماهير الموجودة في السرادقات حيث إنهم حضروا لسماع الإنشاد الديني وقصص المديح النبوي فقط . يتغني للثورة يقول المنشد الشيخ سيد الهلاوي أنا مع ثورة 25 يناير التي أطاحت بالنظام السابق وضد ما حدث من اعتصامات وتظاهرات بعد ذلك وقد ألهمتني الثورة كتابة قصيدة للتغني بها في مولد الإمام الحسين وفي كل ليلة أقوم بإحيائها أبدأ بالإنشاد للثورة ثم بعد ذلك أقول القصائد المعتادة وقصيدتي عن الثورة يقول مطلعها: يارب إحنا عبيد إحسان فلا تجعل لمصر سيدنا الحسين مجال امتحان فأكرم الثورة والشهداء بالقرآن وزعزع قدم العدوان تتفق والمولد أما المنشدة الحاجة وفاء المرسي فتقول نحن في فرقة النيل للإنشاد الديني بالهيئة العامة لقصور الثقافة قد شاركنا في الاحتفاء بالثورة وشبابها في الحفلات المختلفة الخاصة والتابعة لهيئة قصور الثقافة فقد تغنينا بقصيدة مطلعها : في يوم 25 قام المناضلين وحرروا بلدنا كلنا واقفين في التحرير بنادي الشعب بنادي الثورة بنادي الدنيا بنادي الدين مسيحي ومسلم كلنا واحد وطن ودين.. وتقول حاليا استعد للإنشاد في مولد سيدنا الحسين بقصائد عديدة مثل أسلوب أغاني حمادة هلال الأخيرة عن حب الوطن والثورة والشهداء وكذا أغاني المطربة شادية . وتؤكد وفاء قائلة: إن هذه الأغاني الوطنية تتفق مع روح المولد ودليل ذلك أنني منذ أسبوعين قمت بإحياء ليلة دينية في محافظة المنوفية خصصتها كلها للتغني في حب الوطن وكانت مثار إعجاب من الجماهير وتفاعلوا معها بشكل كبير انتهت بأن هتف الجميع تحيا مصر في صوت واحد. تمتص الغضب يؤكد المنشد والمبتهل الشيخ محمد مصلحي أن الموالد قد تكون فرصة حقيقية علي الجميع اغتنامها لتهدئة الأوضاع وامتصاص فورة الشباب الثائر نظرا لما يبثه الإنشاد من راحة نفسية للناس ويؤثر إيجابيا علي مزاجهم فالإنشاد وألحان القصائد الدينية من شأنها امتصاص حالة الغضب والضغط العصبي السائد حاليا بين الناس علي تباين فئاتهم.