سؤال قد يكون متأخرًا، ولكن آن الأوان لضرورة طرحه- ليأتي المهرجان أكثر مصداقية وجوائزه أكثر شفافية وقيمة- بعيدًا- عن التوازنات أيا كان نوعها سواء أكانت سياسية أو تسويقية أو إعلامية، وخاصة أن مهرجاننا أصبح له منافسون في أكثر من دولة عربية وخليجية فلم نعد وحدنا علي الساحة.. فهل آن الأوان لبحث تطوير لائحته في إطار عصري وبحث وضع أسس للتقييم وتحديد آليات تنظيمه وتفعيل منح جوائزه ومعايير اختيار لجان تحكيم مسابقات وتحديثها وتنوع مصادرها واستحداث شكل جديد للتسابق. صحيح أن هذا العام قد شهد فكرة جديدة وهي بدء إرسال الأعمال المشاركة اعتبارًا من يوم 6 ديسمبر إلي أعضاء لجان التحكيم في منازلهم علي شرائط C.Dمع مطالبتهم بإرسال رأيهم علي «الإيميل»!! هذا في الوقت الذي لم تصل إلي إدارة المهرجان حتي كتابة هذه السطور معظم أعمال الدول العربية المشاركة بما فيها مصر إلي المهرجان!! في الوقت الذي فيه معظم أعضاء لجان التحكيم بمن فيهم الكثير من رؤساء اللجان لا يجيد التعامل مع لغة الكمبيوتر بعد أن تخطي أصغرهم عمرًا «السبعون»- بل إن بعضهم لا يتعامل مع التليفون المحمول، ويتم الاتصال به في التليفون المنزلي، وبالتالي فإن إرسال رأيهم علي «الإيميل» فكرة لم يتعاملوا بها من قبل. ثم كيف يحكم علي عمل مرسل منه إليه عدة لقطات مع ملخص مكتوب. فهل هكذا يكون «التقييم»- لأنه علي أرض الواقع يستحيل أن يرسل لكل عضو مجموعة من حلقات كل مسلسل علي حدة- لأنه في النهاية ستكون حلقات أكثر من مسلسل خارج إطار السيطرة مع وضع في الاعتبار أن كثيرًا من تلك الأعمال مازال قيد «التسويق»!!- وبالتالي الأفلام القصيرة والتسجيلية والبرامج.. إلخ. مقر للتحكيم وأعتقد أن المفروض وهذا رأي ليس شخصيا لكن يشاركني فيه الكثير من «الإعلاميين»- أن تبدأ اللجان في مشاهدة الأعمال داخل مكان معد لذلك بمبني ماسبيرو أو مدينة الإنتاج الإعلامي قبل المهرجان بعشرة أيام علي الأقل بشرط توفر كل «الأعمال المشاركة» بعد تصنيفها من قبل لجان إعلامية متخصصة حتي لا يضيع وقت لجان التحكيم في مشاهدة أعمال لا ترقي أصلاً للمهرجان سواء أكانت مصرية أو عربية- دون حرج أو زعل- فهذا مهرجان إعلامي وليس احتفالية لتوزيع الجوائز علي كل من هب ودب علي طريقة فرح العمدة! ولسنا هنا بهدف سرد الانتقادات التي توجه للمهرجان بقدر الرغبة في عرض مقترحات وأفكار إعلاميين كبار شكلوا علي مدي عمر هذا المهرجان، ومنذ انطلاقته الأولي عام 1995 وحتي قبل ذلك بعامين- عندما نظمه اتحاد المنتجين العرب قبل أن ينتقل إلي وزارة الإعلام المصرية علامة مضيئة في تاريخه فهؤلاء الإعلاميون شاركوا في فعالياته سواء من خلال لجان تحكيمه أو هيئاته الاستشارية، وإن كان لهم دائمًا ملاحظات وتوصيات ربما أخذ ببعضها ولم يؤخذ بالبعض الآخر!! وانطلاقًا من حرصنا علي أهمية هذا المهرجان باعتباره واحدًا من أهم المهرجانات الإعلامية العربية، فقد استطلعنا آراء عدد من الإعلاميين المرموقين في هذا المجال للتعرف علي وجهة نظرهم في سبيل تفعيل هذا المهرجان خلال دورته المرتقبة. إعلاميون عرب في البداية يقول الإعلامي «وجدي الحكيم»: طالما أن المهرجان قد اختار الإعلام العربي عنوانًا له فإنه من البديهي أن يشترك في التخطيط له إعلاميون عرب من مختلف البلدان العربية، وإلا تقتصر مشاركتهم علي لجان التحكيم فقط، مطالبًا بعدم ابتعاد قدامي الإعلاميين المصريين من الإشراف والتخطيط. ويري الحكيم ضرورة أن تتناسب الجوائز مع القيمة الفنية للأعمال الفائزة، وألا تمنح الجوائز للترضية فقط، ولابد أن تكون فترة مشاهدة الأعمال المتقدمة للمهرجان داخل لجان التحكيم أطول حتي تتاح الفرصة لأعضاء اللجان للتقييم السليم، ورفض «الحكيم» كلمة التوازنات التي نادي بضرورة إلغائها ليكون رأي لجان التحكيم مطلقًا دون تدخل من سلطات أعلي تحت زعم التوازنات حتي تكون القيمة الفنية للعمل هي جواز المرور لاستحقاق الجائزة. لائحة إيجابية أما الإذاعية «نجوي أبوالنجا» فتري ضرورة تفعيل لائحة المهرجان بشكل إيجابي بحيث لا يكون هناك أي استثناءات أو تجاوزات في بنود اللائحة علي أن يكون لأعضاء لجان التحكيم حرية الرفض أو استبعاد أي عمل يتجاوز شروط المسابقة سواء من حيث المدة الزمنية للعمل أو المضمون أو المسمي- دون تذمر أو اعتراض من أصحاب العمل أو من المسئولين عن المهرجان علي أن يكون لأعضاء لجان التحكيم الحق في منح جائزة خاصة في حالة وجود أكثر من عنصر إبداعي في الجائزة الواحدة في حالة التأكيد علي مبدأ عدم تقاسم الجائزة الواحدة. ودعت أبوالنجا إلي ضرورة الاهتمام بالاختيار الجيد لموضوع الندوات باعتبارها وسيلة لتبادل الأفكار والخبرات بين الإعلاميين العرب. وأكدت علي أهمية أن تحرص الجهات الإعلامية العربية علي التجديد الدائم في العناصر الإعلامية أن تختارهم للمشاركة في لجان التحكيم أو المناقشات الإعلامية داخل الندوات بحيث لا تكرر نفس الأسماء والشخصيات في كل عام لأن ذلك يمنح المهرجان ثراء وتميزًا. استفادة إيجابية من جانبه تساءل رئيس اتحاد المنتجين العرب «إبراهيم أبوذكري» عن الهدف من مهرجان القاهرة للإعلام العربي؟ وهل هو مجرد تجمع للإعلاميين العرب وصرف الملايين علي احتفالات دون استفادة إيجابية من هذا التجمع العربي الإعلامي؟ وهل حقق المهرجان سواء تحت اسمه القديم أو عنوانه الجديد أشياء إيجابية أو توصيات تحولت إلي قرارات أو مشاريع جادة؟! حتي لو افترضنا أن وجود الإعلاميين العرب فرصة للتسويق السياحي لمصر- فهل وضعنا لهم برنامجًا سياحيًا لمشاهدة معالم مصر المهمة- بعد أن حددنا إقامتهم داخل الفنادق أو في مدينة الإنتاج الإعلامي في عمل دائم سواء داخل لجان التحكيم أو الندوات وينتهي الأمر بسفرهم دون عائد منوهًا بأن أعضاء لجان التحكيم أصبحوا أسماء نمطية متكررة. غياب جماهيري أما الناقدة الصحفية «ماجدة موريس» فقد أكدت علي ضرورة تصفية الأعمال المصرية المشاركة سواء الإذاعية أو التليفزيونية لاختيار ما يستحق الترشيح للجوائز بدلاً من قبول أعمال مقدمة للمهرجان وترك الحكم للجان التحكيم التي يضيع وقتها في أعمال ربما لا ترقي لمستوي العرض. مشيرة إلي أن المهرجان لايزال غير جماهيري بمعني أن الجمهور لا يعلم شيئًا عن المهرجان إلا من خلال حفلي الافتتاح والختام اللذين ينقلهما التليفزيون المصري علي قنواته الأرضية والفضائية ويجب أن تحدث علاقة تفاعلية بين المهرجان والجمهور وهناك أكثر من اقتراح في هذا الإطار منها تخصيص أكثر من قناة لعرض الأعمال العربية والمصرية المرشحة لجوائز المهرجان كما يمكن اختيار عدد من الأعمال العربية المشاركة في المهرجان لعرضها جماهيريًا وسط المدينة، داخل مركز للإبداع بدار الأوبرا المصرية علي سبيل المثال لإتاحة الفرصة للجمهور للمشاركة في الفعاليات وخاصة الندوات التي يجب أن تركز علي قضايا إعلامية ذات بعد ثقافي وليست ذات طابع إخباري علي أن تكون المناقشات من خلال «أوراق عمل» تتضمن أبحاثًا ودراسات وألا تكون مجرد مناقشات ارتجالية، وهناك العديد من القضايا المهمة بالنسبة للمشاهد ومنها علي سبيل المثال تعدد القنوات التي أتاح الفرصة لظهور قنوات تهدف إلي تغييب العقل بالدعوة إلي الدجل والشعوذة. الأداء الإعلامي ويقول رئيس قطاع الإذاعة المصرية الأسبق الإعلامي «حمدي الكنيسي»: إذا كان هدف مهرجان الإعلام العربي يتمثل في الارتقاء بمستوي الأداء الإعلامي أو الإنتاج الإعلامي، فلابد من استطلاع وجهات نظر الإعلاميين العرب في أمور المهرجان، وإعادة النظر في نوعية المسابقات ومجالاتها إلي جانب الاتفاق في وقت مبكر مع الإعلاميين العرب للمشاركة في الندوات ووجهة نظرهم في الموضوعات التي ستتناولها، لتكون مشاركتهم لصالح العمل الإعلامي وليست لمجرد التواجد، كما ركز علي ضرورة الاستعانة بالإعلاميين الذين لديهم خبرات سابقة ووعي إدراكي لتطور مفهوم الإعلام ومستحدثاته العصرية، كذلك دراسة الدورات السابقة للمهرجان لمعرفة السلبيات وتحديد سبل تداركها. بينما دعا الناقد الدكتور «رفيق الصبان» إلي الحيادية المطلقة بالنسبة للتحكيم وخاصة للمسلسلات العربية، بعد أن ظهر تقدم كبير بالنسبة للدراما الخليجية والسورية والأردنية في السنوات الأخيرة. أما بالنسبة لاختيار أعضاء لجان التحكيم فيجب أن يراعي فيها أن تكون متناسبة مع مضمون ما تشاهده، وليس مجرد حشد أسماء لتقييم أعمال في غير تخصصاتها. أيضًا الحرص علي عدم تكرار الأسماء المرشحة للمشاركة في لجان التحكيم من الإعلاميين العرب بعد أن تكررت نفس الأسماء لعدة سنوات دون تغيير مما يعتبر في غير صالح العمل الإعلامي. كانت هذه آراء ومقترحات خبراء الإعلام في مصر حول الاستعدادات لبدء فعاليات مهرجان الإعلام العربي للإذاعة والتليفزيون في القاهرة خلال الفترة من 21- 24ديسمبر.