شاركت مؤخراً في مؤتمر مهم عنوانه "مسيحيو الوطن العربي: التاريخ، الدور، المستقبل"، ونظمه الفريق العربي للحوار الإسلامي- المسيحي بالتعاون مع مركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة.. ولقد كان لقاء متميزاً حضره نخبة من المثقفين والمفكرين من بلدان شتي، حيث ناقش المشاركون قضية الحضور المسيحي في المنطقة، مؤكدين أهمية هذا الحضور ودور المسيحيين في بناء الحضارة العربية، فضلاً عن أهمية التواجد الحي والفعال للمسيحيين في كل بلاد المنطقة.. في مصر والسودان ولبنان وسوريا والعراق والأردن وفلسطين. تناول الحضور، عبر جلسات اللقاء، العديد من القضايا الجادة والمهمة، وفي ختام المؤتمر صدر بيان عن المشاركين فيه، حيث تم التأكيد علي الكثير من معاني العيش الوطني المشترك- الأخوة الوطنية- المسئولية المشتركة- سلامة العلاقات المصيرية المسيحية الإسلامية- العيش الواحد الأخوي في المجتمعات المتعددة- التضامن الوطني- مواجهة التحديات معاً لصناعة مستقبل أفضل- العمل معاً علي بناء الدولة الوطنية التي تحقق العدالة والمساواة بين أبنائها جميعاً- بناء دولة القانون- ضرورة العمل علي نشر ثقافة المواطنة وتدعيم مُناخ الثقة المتبادلة والتنبه لمحاذير الاستغلال الخارجي- أهمية النضال الحياتي المشترك للمسيحيين مع المسلمين وكل أبناء الوطن الواحد من أجل احترام جميع الحقوق وفي مقدمتها حقوق المواطنة- أهمية أن يظل ملف العلاقات الإسلامية المسيحية بعيداً عن سوء التوظيف والتصدي للمتطرفين من الطرفين والذين تعرقل مواقفهم قيام حوار وطني جاد حول القضايا الكبري.. حيث جاء في البيان: "انطلاقاً من الاهتمام العربي الإسلامي بالقضايا التي تتعلق بالتبصر بأوضاع العرب المسيحيين، وإعراباً عن القلق الإسلامي من اتساع الهجرة المسيحية من بعض الدول العربية وما تسببه من استنزاف لمجتمعاتها ومن إساءة -ولو بشكل غير مباشر- لنموذج العيش الوطني المشترك، والتزاماً بقيم الأخوة الوطنية التي تجمع شعوب الدول العربية من مسيحيين ومسلمين. وعملاً بالمسئولية المشتركة في مواجهة الأوضاع المقلقة الراهنة بما تتسم به من ارتفاع في نبرة التوتر والعصبية الدينية، والتي تغذيها ظروف سياسية واجتماعية وثقافية غير مؤاتية. وحرصاً علي سلامة العلاقات المصيرية المسيحية- الإسلامية التي كانت علي مدي التاريخ، وتبقي إن شاء الله إلي ما شاء الله، نبراساً يحتذي للعيش الواحد الأخوي في المجتمعات المتعددة في تكويناتها والمتنوعة في أديانها. وتأكيداً علي التضامن الوطني وعلي مواجهة التحديات معاً لصناعة مستقبل أفضل يقوم علي الثقة والاحترام والمحبة المتبادلة، ورغبةً في مواصلة العمل معاً علي بناء الدولة الوطنية التي تحقق العدالة والمساواة بين أبنائها جميعاً.. عقد الفريق العربي للحوار الإسلامي- المسيحي ومركز الدراسات الحضارية وحوار الثقافات في جامعة القاهرة لقاء خاصاً في القاهرة من 17 إلي 19 سبتمبر/ أيلول 2010، لبحث العلاقات المسيحية الإسلامية في ضوء ما يواجهه المسيحيون العرب من قلق حول المستقبل والمصير . وقد أكد اللقاء أن ما يعانيه المسيحيون العرب يعانيه في الوقت ذاته المسلمون العرب، وأن هذه المعاناة أياً تكن أسبابها تشكل حافزاً لعمل إسلامي مسيحي مشترك يحافظ علي الحضور المسيحي العربي في النسيج الاجتماعي العام، ويحافظ علي ما يتميز به من تنوع وتعدد علي أرضية مصالح الوطن ووحدته . كما يؤكد علي أهمية الاندماج الكامل للمسيحيين العرب في إطار الحضارة العربية الإسلامية التي تدعم هويتهم وتخرجهم من حالة قلق الهوية وقلق الحضور. وقد رأي المشاركون ضرورة إعادة قراءة التاريخ بما يساهم في تجديد دور المسيحيين العرب في الواقع والمستقبل، وبناء دولة القانون، وضرورة العمل علي نشر ثقافة المواطنة وتدعيم مناخ الثقة المتبادلة والتنبه لمحاذير الاستغلال الخارجي. مع التأكيد علي أهمية النضال الحياتي المشترك للمسيحيين العرب مع المسلمين وكل أبناء الوطن الواحد من أجل احترام كل الحقوق وفي مقدمتها حقوق المواطنة. ودرس اللقاء باهتمام كبير الأسباب التي أدت أو التي قد تؤدي إلي توتر هذه العلاقات، كما درس كيفية التصدي لها بحكمة ووعي ومسئولية وطنية وذلك من خلال تشريح اجتماعي للظروف الخاصة التي تتعلق بكل حالة في كل من لبنان وسوريا والسودان وفلسطين وتوقف اللقاء بصورة خاصة أمام ما يجري في العراق حيث يواجه المسيحيون صعوبات تحملهم علي هجرة وطنهم، كما توقف أمام ما يجري في مصر وأعرب عن الألم والأسف الشديدين لما يتردد من خطابات وما يجري من أعمال تهدد الوحدة الوطنية وتنذر بالخطر علي العلاقات الإسلامية والمسيحية. وأعرب اللقاء عن رفضه خطابات التحريض والاستفزاز ودعوات المقاطعة وأهاب بالإخوة العقلاء والحكماء المسلمين والمسيحيين المبادرة إلي وأد الفتنة وصدها حتي تبقي مصر كما كانت علي مدي تاريخها نموذجاً ومثلاً يحتذي للعيش الوطني الواحد بين المسلمين والمسيحيين .كما أكد اللقاء علي أهمية أن يظل ملف العلاقات الإسلامية المسيحية بعيداً عن سوء التوظيف والتصدي للمتطرفين من الجانبين الذين تعرقل مواقفهم قيام حوار وطني جاد حول القضايا الكبري. ويهيب المؤتمرون بوسائل الإعلام والاتصال المتنوعة الالتزام بقواعد مسئولية الكلمة والميثاق المجتمعي الذي يحفظ له عافيته وكيانه، فأمن المجتمعات والأوطان والأديان لا يجوز التهاون فيه أو التهوين منه . ويؤكد المؤتمر ضرورة بناء رؤية استراتيجية أصيلة للعلاقات الإسلامية المسيحية، تسمو بهذه العلاقات من الوقوع في أسر الحدث العابر وتجعل من الحفاظ علي ثوابت هذه العلاقات أمراً واجباً. وأكد اللقاء المسئولية الإسلامية - المسيحية المشتركة في وجوب العمل معاً للتصدي لأسباب الخلافات ولسوء التفاهم وناشد المرجعيات الدينية المسيحية والإسلامية والرموز الثقافية اعتماد مبادئ الحوار الأخوي أساساً وحيداً لمعالجة هذه الاختلافات أملاً في تكريس أسس الوفاق والتفاهم والثقة التي لابد منها من أجل كيان وطني يوفر لجميع أبنائه الطمأنينة والعدالة والسلام علي قاعدة المواطنة وسيادة القانون". وختاماً، فإننا أمام مشهد مجتمعي يحتاج منا إلي وقفة جادة، حيث أصبحنا في أمس الحاجة إلي تفعيل الحضور المسيحي في المنطقة، والعمل علي مواجهة الانسحاب من المجتمع ومعالجة مشكلة الاغتراب، كما نحتاج إلي تأكيد قيم المواطنة والتعايش المشترك والعمل الجماعي البناء لخير الوطن ومجتمعنا الإنساني، وفي جملة واحدة نحتاج إلي أن نعمل سوياً من أجل الخير العام. وربما لن تتحقق تلك المعاني بالكلمات فقط وإنما بأن يعمل كل واحد فينا ويشارك في المجتمع كمواطن صالح لا يمنعه الانتماء الديني من الانتماء للوطن حيث إن كلا الانتماءين يتكاملان للصالح العام.