بعد أقل من شهرين من تولي الدكتور ناصر الأنصاري رئاسة الهيئة المصرية العامة للكتاب في مارس 2005، كتب ألفريد فرج إليه هذه الرسالة المخطوطة في أول مايو من تلك السنة. وبسبب مرض ألفريد فرج الذي عاني منه في أيامه الأخير وتأهبه للسفر إلي لندن للعلاج قمت نيابة عنه بتقديم هذه الرسالة إلي ناصر الأنصاري في مكتبه علي كورنيش النيل الذي كان يزدحم من أول الصباح بالكتاب والمثقفين والعاملين في الهيئة من كل الاتجاهات والمستويات. ذلك أن ناصر الأنصاري لم يكن يفرق في التعامل مع الآخرين بين أديب مشهور وأديب مغمور أو بين كاتب يملأ اسمه الأسماع وموظف صغير جاء يشكو حقا ضائعا. وأذكر أنني عندما توجهت لتسليم الرسالة إلي ناصر الأنصاري في مكتبه كان يجلس بين زواره - لا علي مكتبه - يستمع بهدوء إلي ما يقال فإن تحدث بصوته الخافت وكلماته القليلة كان آخر المتحدثين. ولأنه كان يقابل الجميع بالود والدعة لم تكتب عنه في الصحف شكاية من أحد علي كثرة هذا الطراز من البشر حتي أولئك الذين حالت الظروف القائمة بينهم وبين تحقيق مطالبهم في النشر أو في الترقية وما أشبه ثقة منهم في صدق هذا الرجل وفي إخلاصه للثقافة والمثقفين. لهذا لم أجد صعوبة قط في تقديم رسالة ألفريد فرج إليه ولا في متابعة ما جاء فيها رغم أني لم أكن قد التقيت به من قبل إلا لحظات عابرة حين كان يرأس دار الكتب وتقتضي الأمانة أن أقول إن الهيئة تأخرت شيئا في نشر مسرحية «الأميرة والصعلوك» التي ذكرها ألفريد فرج في رسالته فلم تصدر إلا في هذا العام ولكنها علي غير العادة وضعت صورة المؤلف بناء علي طلبي علي وجه الغلاف وليس علي ظهره كما هو متبع مع سائر المؤلفين إذ إنه لم يكن من المقبول أن تنشر صورة ألفريد فرج في حياته علي وجه أغلفة مؤلفاته التي صدرت عن الهيئة في اثني عشر جزءا ثم تحجب من وجه الأغلفة بعد رحيله. وبالنسبة للكتاب المشار إليه في الرسالة للنشر في «مكتبة الأسرة» وعنوانه «الناس في الحكايات» فقد صدر ككتاب عام في 2007، غير أني لم أحفل بذلك مراعاة للظروف الصعبة التي تحيط بالنشر في الهيئة نتيجة تكالب الكتاب وأنصاف الكتاب علي «مكتبة الأسرة». كما نشرت الهيئة مسرحية ألفريد فرج «غراميات عطوة أبو مطوة» في 2005 وهي غير واردة أيضا في الرسالة وأغلب الظن أن ألفريد فرج قدمها للهيئة عند عرضها علي المسرح قبل هذا التاريخ، ثم نسيها فلم يشر إليها بكلمة في رسالته. وتتضمن هذه المسرحية مقدمة قصيرة يتهكم فيها الكاتب بشدة علي الرقابة فيما لو كانت موجودة في عصر «شكسبير» قبل 400 سنة كما هي في مصر. ولولا أن الهيئة في عهد ناصر الأنصاري كما كانت في كل عهودها مع الإبداع والمبدعين والأفضل أن أقول حصن الإبداع والمبدعين لشطبت هذه المقدمة التي تندد بالرقابة والرقباء وتكشف دفاعا عن حرية التعبير ومقاصده الفنية العامة خطل النظرة الضيقة التي يقرأ بها الرقباء النصوص كما تتجلي في هذه المقدمة الخيالية التي كتبها ألفريد فرج في شكل رسالة بقلم أحد الرقباء يحض فيها الملكة إليزابيث الأولي علي هذا الكاتب العابث، وليم شكسبير الذي يفسد الشباب بما في مسرحياته من اسقاطات لا تحصي يتجني فيها علي الملكة بأوصاف سلبية متناقضة ورد الملكة علي الرقيب وعلي توجهاته برسالة مقابلة موقعة باسم الملكة إليزابيث تأمر فيها الوزير المسئول بتحويل هذا الرقيب إلي طبيب نفسي للكشف علي سلامة قواه العقلية. وقد نشرت الكتب الثلاثة لألفريد فرج بعد رحيله فلم يراجعها كما تعود أن يفعل ولم يهدها إلي أحد من أصدقائه الكتاب والنقاد.