تنتهي اليوم وفقا لقرار إدارة القمر الصناعي "يوتلسات" المهلة الممنوحة لقناة "الاقصي" حتي تعيد النظر في مضامينها البرامجية، التي تم اتهامها بالحث علي "الكراهية"، وإلا سيتم توقيف إشارة بثها علي القمر الفرنسي الذي يغطي القارة الاوروبية. كانت إدارة القمر "نورسات" وهي الشركة الوسيطة بين القناة والقمر الفرنسي-ومقرها البحرين- قد بلغت إدارة القناة الثلاثاء الماضي عزمها وقف البث خلال 48 ساعة علي ضوء قرار مجلس البث الفرنسي بوقف بث القناة ، بعد ان رأي أنها تبث بعض البرامج المخالفة للقوانين الفرنسية المعنية بحظر المواد المحرضة علي الكراهية والعنصرية. بعد إعلان القرار ،اندلعت احتجاجات ومظاهرات غاضبة سواء من قبل العاملين في القناة، او من قبل بعض العاملين في الإعلام الفلسطيني، والنشطاء الحقوقيين، معتبرين ان القرار "جائر" ،ويجسد السطوة الإسرائيلية علي الحكومات الغربية بشكل عام، فبضغط اللوبي الصهيوني علي الإدارة الأمريكية قامت الاخيرة بالضغط علي فرنسا وشركة يوتلسات. المحتجون أكدوا ان القرار يتنافي مع مبادئ الحريات الإعلامية التي ينادي بها الاتحاد الأوروبي الذي جاء قرار مجلس البث الفرنسي بناء علي طلب منه، ومن جهة اخري اعتبروا أن القرار ينفي أي نوايا اوروبية صادقة تهدف الي رفع الحصار والظلم عن الفلسطينيين. في حين ردت القنصلية الفرنسية العامة في القدس إن قرار وقف بث القناة قانوني وليس قرارا سياسيا بسبب عدم التزام القناة بالقوانين المعمول بها في أوروبا . ومما فاقم ردود الفعل الغاضبة هو أن القرار كان مفاجئا من ناحية، ولايحتوي علي أي تفاصيل من ناحية أخري، فأوضح سمير أبو محسن، مدير البرامج في القناة أنه لم تصلهم من قبل أية رسائل أو ملاحظات لا من قبل القمر الصناعي ولا من الحكومة الفرنسية، وأبلغوهم ان سبب القرار هو «التحريض علي الكراهية» دون أي تفاصيل شارحة، واستنكر أبو محسن أن تمنع فرنسا القنوات التي تحرض علي الكراهية، وتسمح ببث القنوات الإسرائيلية التي تحرض علي القتل ،مشيرا الي ان القناة تدفع ضريبة تغطيتها لجرائم الاحتلال في قطاع غزة بدءاً من الحصار ومروراً بالحرب الإسرائيلية وانتهاء بمجزرة أسطول الحرية. وتساءل رئيس منتدي الإعلاميين الفلسطينيين عماد الإفرنجي "هل كشف جرائم القتل والدمار "الإسرائيلية" يعتبر ارهابا أو جرماً أو تحريضاً علي الكراهية يتطلب وقف البث؟" كان قد تردد ان سبب وقف القناة هو برنامج أسبوعي عرضته قناة الاقصي، يظهر فيه شبيه لميكي ماوس اسمه "فرفور" يحث الاطفال علي دعم المقاومة المسلحة ضد اسرائيل مما أثار استياء واشنطن وتل ابيب خاصة بعد أن استشهدت الشخصية في آخر حلقة للبرنامج واسمه "رواد الغد". اسرائيل رأت ان هذا البرنامج يحض علي كراهيتها بين الاطفال الفلسطينيين ، ومن جهة أخري بادرت وسائل إعلام أمريكية باتهام الفضائية ب" سرقة شخصية ميكي ماوس" الأمريكية وتحويلها إلي شخصية "فرفور" لتعليم الأطفال الفلسطينيين ما وصفته ب"الإرهاب" و"كراهية" الولاياتالمتحدة. الخطوة المقبلة بعد قرار مد البث الذي تنتهي مهلته اليوم، أكد مدير القناة حازم الشعراوي ان إدارة القناة أرسلت ردها إلي إدارة القمر "نورسات" المستضيفة للقناة علي الملاحظات والاستدراكات التي دفعت إدارة قمر "يوتلسات" باتخاذ قرار وقف البث ، علي ان تجتمع إدارتا شركة "يوتلسات" و"نورسات" لبحث رد القناة، و أشار الشعراوي إلي تصريحات الناطق باسم الخارجية الفرنسية عن استعداد إدارة القمر لإعادة النظر في قرارها بوقف بث قناة الأقصي في حال وافقت علي مراجعة مضامين برامجها، وأكد أنه ليست لديهم مشكلة في دراسة هذا الطرح الفرنسي والتعاطي معه بإيجابية وفق قانون البث المفتوح، مشيرا إلي وجود معايير تضبط عالم الفضاء. الحقوقي والناطق باسم اللجنة العربية لحقوق الإنسان هيثم مناع أكد أنه يجب علي إدارة القناة كي تواجه هذه الازمة ان تقوم بعمل دراسة للقوانين الفرنسية بشكل كاف قبل أن تتحرك، اما المحلل السياسي الأردني هشام البستاني فرأي ان علي قناة الأقصي أن تحاول توصيل رسالتها الإعلامية بطرق أخري، كأن تحاول نقل بثها عبر شبكة الإنترنت ، أو أن تحاول إيجاد أقمار صناعية أخري تبث من خلالها، خاصة أن منع بث القناة علي "يوتلسات" يفقد القناة 70 % من مشاهديها، إذ إن البث علي القمر «عربسات» يغطّي فقط 30 في المائة من مشاهديهم علي حد تصريحات الادارة. قصف وعقوبات تعرضت قناة الاقصي من قبل لعدة غارات جوية خلال الحرب الأخيرة علي غزة في ديسمبر 2008 ، ورغم القصف الذي دمر مقر القناة في شارع النصر بمدينة غزة، إلا أنها واصلت بثها من مكان مجهول بعد دقائق فقط من انقطاعها، حيث أوردت خبر قصف مقرها. وكان مكتب القناة قد تعرض إلي مضايقات السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية التي أغلقت مكتبها واعتقلت مديره. أما وزارة المالية الأمريكية فقد قررت منتصف مارس الماضي فرض عقوبات علي القناة التي تأسست عام 2006 لعلاقتها بحركة "حماس" التي تصنفها الولاياتالامريكية ك "منظمة إرهابية"، وتم تجميد اي أرصدة لها مالية بها. القناة التي أسسها فتحي حماد القيادي في حركة حماس ، تعرف نفسها علي موقعها الالكتروني بأنها قناة فلسطينية الهوية ، إسلامية المنطلق، تطرح هموم الشعب الفلسطيني" وتبقي قضية الوطن حية علي كل المنابر والساحات"، وتبرز جرائم الاحتلال، وتنشر الفكر الإسلامي، وهي تملك مكاتب في خمس دول عربية بالاضافة الي فلسطين وهي مصر والأردن واليمن ولبنان وسوريا، إضافة إلي مكتب في تركيا، ويعمل بها 400 موظف. سيناريو"المنار" ليست هذه هي المرة الاولي التي تتخذ فيها فرنسا قرار وقف بث لإحدي القنوات، حيث قامت من قبل بوقف قناة 'المنار' التابعة لحزب الله اللبناني علي نفس القمر"يوتلسات" في ديسمبر 2004، حيث طلب المجلس الفرنسي للبث فرض عقوبات علي "المنار " بعدما أعطي الضوء الأخضر للمحطة في نوفمبر للاستمرار في البث ضمن شروط معينة بينها تعهد القناة ب"عدم التحريض علي الحقد والعنف والتمييز علي اساس الاصل والجنس والديانة والهوية". الا ان المجلس رفع بعد عشرة ايام طلبا بمنع البث امام مجلس الدولة، وهو اعلي محكمة ادارية فرنسية، فأمهل شركة يوتلسات 48 ساعة لوقف بث برامج القناة ، وقال إنها يمكن ان تستأنف البث اذا عدلت برامجها وفق شروط القانون الفرنسي، وفي مارس 2005 تم وقف بث "المنار" عبر جميع الاقمار الصناعية الاوروبية بقرار من الاتحاد الاوروبي. النقطة التي شدد عليها الاطراف المعنيون بقرار وقف قناة الأقصي شددوا علي أنه "إذا لم يتم التصدي لمثل تلك القرارات فإن الجهات التي تنزعج من التعبير عن رفض الظلم والاحتلال ، ستستمر في وقف الفضائيات الواحدة تلو الأخري، مطالبين مجلس وزراء الإعلام العرب لعقد اجتماع طارئ واتخاذ خطوات تكفل الحرية للمؤسسات الإعلامية العربية ، وتساءل البعض ماذا لو كانت قنوات مثل" الاقصي" و"المنار" تبث باللغات الاوروبية وليس بالعريية، ولم تكن توجه رسالتها الي العرب الذين هم بالفعل مقتنعون برسالتها ، ولا يحتاجون إلي أي "تحريض" ضد اسرائيل؟!