كتب عمرو حسين المكان: قاعة عرض بسينيما مركز مارينا التجارى بأبو ظبى الزمان: السادسة والثلث من مساء الجمعة 14 أكتوبر 2011. الحدث: عرض الفيلم المصرى الوثائقى: "التحرير 2011: الطيب والشرس والسياسي" بمهرجان أبو ظبى السينيمائى. و هذا الفيلم تحديدًا هو أحد العلامات المشرفة جدًا فى تاريخ السينيما الوثائقية المصرية. فخلال أشهر قليلة شارك هذا الفيلم فى مهرجان أوسلو وفينيسيا وتورونتو ثم أبو ظبى. بل وهو الفيلم الوحيد الذى تم إختباره للعرض فى مهرجانى فينيسيا وتورونتو. كما فاز الفيلم بجائزة أفضل فيلم فى مهرجان أوسلو. والوقت ما زال متسع فى 2011 لهذا الفيلم لمزيد من المشاركات فى مهرجانات أخرى دولية مثل القاهرة ودبى وهو بالفعل مرشح بقوة لأحد الجوائز فى مهرجان أبو ظبى. فأحد الثلاثة أنهى كلامه بأنه إستقال من جهاز أمن الدولة بعد عدة أشهر قضاها فيه بعدما رأى بنفسه عدم تحرى الدقة فى جمع المعلومات و أساليب العمل فى الجهاز. أما الثانى فأنهى حديثه بأنه مع كونه رجل شرطة وقف أمام المتظاهرين إلا أنه كمصرى كان يتمنى رحيل النظام لأنه على حد قوله أحد المتضررين منه. أما الثالث فظل يدافع عن وجهة نظر الشرطة حتى سألته أيتن عن الإيذاء البدنى الذى كانت الشرطة تمارسه فعجز عن الإجابة فى مشهد قوى جداً ختم هذا الجزء من الفيلم.. بعد هذه المقدمة السريعة والتعريف بالفيلم الذى قطعت مسافة طويلة لأراه أجد أنه من المخزى والمحزن أن القاعة التى إمتلأت عن آخرها بالجمهور من كافة أنحاء العالم خلت من السينيمائيين المصريين حتى هؤلاء الذين أعلم يقينًا أنهم كانوا فى أبو ظبى وحضروا حفل إفتتاح المهرجان! لم يحضر من السينيمائيبين المصريين إلا الناقدين الكبيرين على أبو شادى ويوسف شريف رزق الله (و الأخير هو رئيس مؤسسة مهرجان القاهرة السينيمائى الدولى). ومن الممثلين خالد أبو النجا وبشرى فقط! وبالطبع كان هناك بعض صناع الفيلم مثل المخرجين عمرو سلامة وأيتن أمين والمنتج محمد حفظى. الفيلم عبارة عن ثلاثة أفلام وثائقية، كل فيلم أو جزء أخرجه أحد المخرجين برؤيا مختلفة تمامًا عن الجزئين الآخرين، وعلى الرغم من الإختلاف الشديد بين الثلاثة أجزاء فى الأسلوب والصورة والطريقة التى إتبعها كل مخرج على حدى فقد بدت الأجزاء الثلاثة كقطع البازل التى تكمل بعضها البعض من عدة زوايا. فالحدث واحد ولكن كل مخرج نظر من إتجاه مختلف. وأيضًا إذا كان الجزء الأول واقعى والثانى كئيب بعض الشئ إلا أن الثالث فيه من الكوميديا السوداء ما يرسم الإبتسامة على الوجوه بل وبل وهناك بعض المشاهد التى ضحك المتقرجون عليها كثيرًا وصفقوا من شدة الإعجاب. الجزء الأول وهو بعنوان "الطيب" يحكى عن قيام الثورة منذ يوم الخامس والعشرين من يناير، حيث تلتقى عدسة المخرج مع نماذج عديدة من الشباب الذين شاركوا فى الثورة كفتاة مصرية ومصور فوتوغرافى وطبيبة بالمستشفى الميدانى بالتحرير وشاب من شباب الإخوان. ويحكى كل شاب منهم تجربته بالإستعانة بمواد حقيقية كثيرة كصور وفيديوهات تم تصويرها أثناء الثورة. أخرج هذا الجزء من الفيلم المخرج "تامر أمين" وساهم فى جمع تلك المواد وكتابة سيناريو هذا الجزء المخرج المصرى أحمد عبد الله. الجزء الثانى من الفيلم يتناول نفس الحدث ولكن من وجهة النظر الأخرى. الشرس هنا هو جهاز الشرطة المصرية. تقول صانعة هذا الجزء المخرجة أيتن أمين أنها قابلت أكثر من 12 رجل شرطة لإقناع أحدهم بالتحدث عن أحداث الثورة من وجهة نظر الشرطة فرفض أغلبهم وقبل ثلاثة فقط وطلب إثنان منهم ألا يظهر وجههم بوضوح فى الفيلم. والحق أن أيتن تركت الكاميرا والميكروفون لهم ليعبروا عن وجهة نظر الشرطة فى كل ما حدث أثناء الثورة، ومع ذلك فقد إنتصرت وجهة النظر الثورية بالضربة القاضية على الثلاثة. فأحد الثلاثة أنهى كلامه بأنه إستقال من جهاز أمن الدولة بعد عدة أشهر قضاها فيه بعدما رأى بنفسه عدم تحرى الدقة فى جمع المعلومات وأساليب العمل فى الجهاز. أما الثانى فأنهى حديثه بأنه مع كونه رجل شرطة وقف أمام المتظاهرين إلا أنه كمصرى كان يتمنى رحيل النظام لأنه على حد قوله أحد المتضررين منه. أما الثالث فظل يدافع عن وجهة نظر الشرطة حتى سألته أيتن عن الإيذاء البدنى الذى كانت الشرطة تمارسه فعجز عن الإجابة فى مشهد قوى جدًا ختم هذا الجزء من الفيلم... أما الجزء الثالث "السياسى" فقد أبدع عمرو سلامة فيه كسينارست وكمخرج. السياسى هنا هو الرئيس المخلوع مبارك، وقد رأى عمرو سلامة أن الكوميديا قد تخفف من حدة الجزئين الآخرين فكتب سيناريو كوميدى بعنوان "كيف تصنع دكتاتورًا فى 10 خطوات". وقد إعتمد فى هذا الجزء على حوارات أجراها مع العديد من الشخصيات المصرية العامة مثل د. محمد البرادعى، د. علاء الأسوانى، بلال فضل، د. مصطفى الفقى، د.حسام بدراوى، د. أحمد عكاشة، وغيرهم الكثير. تميز هذا الجزء بخفة الدم مع العمق فى تحليل شخصية مبارك خاصةً والديكتاتور عامةً. وهذا التحليل النفسى قام به د. أحمد عكاشة ود. علاء الأسوانى وإستعان عمرو سلامة ببعض مشاهد من مسرحية "تخاريف" للمبدعين لمحمد صبحى ولينين الرملى للتأكيد على أن الشخصية النفسىة للدكتانور لا تتغير... إستقبال الجمهور للفيلم كان رائعًا (و الجمهور هنا كان من كل أنحاء العالم) فقد تفاعل بشدة مع الفيلم وصفق بشدة لدقائق بعد إنتهاء العرض. يبقى السؤال، ما هى الوسيلة التى تمكن المشاهد العادى من مشاهدة هذا الفيلم الوثائقى؟ فأغلب الظن أن هذه الأفلام الوثائقية لا تعرض عرضًا تجاريًا، فكيف يستطيع المشاهد العادى أن يشاهد فيلمًا ممتعًا ومهمًا كهذا الفيلم؟