كتبت ناريمان ناجى "لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ" صدق الله العظيم "إن الله لا يقيم دولة العدل و إن كانت مسلمة و يقيم دولة العدل و إن كانت كافرة" ابن تيمية لماذا لم يُقدر الله لمبارك أن يموت؟ أو أن يُلبي دعوات الاستضافة؟ لماذا أراد الله لنا هذا المشهد دون غيره؟ "رئيس مخلوع ونجليه وأعوانه بمحاكمة علانية حضورية وليست غيابية كزين العابدين، و أمام قاضي طبيعي و محكمة مدنية ليست بمحكمة ثورة أو احتلال كما حُكم صدام". في ظل هذا المشهد المهيب حيث اختلطت المشاعر و الأفكار ما بين شماتة و فرحة و تمجيد للثورة أو معارضة و حزن و تمجيد للرئيس المخلوع، حاولت أن أشاهد الموقف بعمق لأبحث عن مراد الله منه، فوجدت عِبر وجب علينا تدبرها فلو مرت مرور الكرام، سنكون بصدد " مشروع جديد لمبارك و نظامه"، بل أشد و أضل سبيلاً، لأن الأمر سيكون طواعية. أخشى على أصحاب شعارين "ارحموا عزيز قوم ذل" و "العفو عند المقدرة"، أن تختلط عليهم المفاهيم و تنقلب موازينهم و لا يفرقون بين الحق و الواجب أو بين أولوية العدل و الإحسان. "ارحموا عزيز قوم ذل" حديث غير صحيح و يصل إلى حد الموضوع و حسب قول د.خالد المصلح "حتى لو صح فمحمول علي ما إذا ذل بما لا يستوجب عقوبته، فإن الرحمة لا تعطل إقامة الحق و العدل". وكتطبيق لحد من حدود الله خطب رسول الله أمام الناس قائلاً "لو سرقت فاطمة (سيدة نساء العالمين) بنت محمد (سيد العالمين) لقطع محمد يدها". أما عن العفو فهو مشروط بتوافر "المقدرة"، فإنكار دفاع المتهم لازال قائما مماطلاً وحق المتضررين من أهالي المصابين و الشهداء لازال ضائعا، فكيف سيعفو المجني عليه عن الجاني وهو لازال في حالة ضعف و اغتصاب حق. لكل من علا صوته بكاءا و سقطت دموعه حزناً و تقطع قلبه كلما تذكر الرئيس السابق.. اقروأ قول الشيخ الشعراوي رحمه الله "حين ترى انسان يُعاقب على جريمة فإياك أن تأخذك به الرأفة، لاتنظر إلي نزول العقوبة عليه، لكن انظر ماذا فعل.. وإذا تذكرت البشاعة في المقتص منه، تذكر الجريمة في المقتص من أجله، تبقى بميزان واحد". قالوا " انتصرت إرادة الشعب و الثورة " بل انتصر الله لهما و لحقهما "وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ"... مبارك و النظام نموذج لنفس بشرية تغافلت عن الله و عن عدله وعن حق عباده، فلم يهملها الله بل أمهلها مرات (مرضه و وفاة حفيده و وقت ثورة تونس و ثورتنا)، لكنها تمادت في التغافل لتصل للعناد والتكبر على الله...نفس تتذكر الله في البلاء فقط ظآنة أنه منه بل هو منها "مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ"... منظر مبارك مع حاشيته في القفص كان مرعباً فمن قمة العزة لقاع الذل و العار "قُلْ اللَّهُم مَالِك الْمُلْك تُؤْتي الْمُلْك مَنْ تُشَاء وَتَنْزِع الْمُلْك مِمَّنْ تَشَاء وَتُعِزّ مَنْ تَشَاء وَتُذِلّ مَنْ تَشَاء" بِيَدِك الْخَيْر إنك على كل شيء قدير" ...نعم هو القدير أن يحيل نعمتك إلى نقمة إن لم تُر الله من نفسك خيراً فلا تغرنك نفسك بحديث الضامن لفعله و لفضله ، فنراهم من قائد قوات جوية و رئيس جمهورية إلى قاتل و سجين، ومن مهارة شرطية تجعله وزير ل13 عاماً، لقاتل ألف نفس، ومن ابن ناس و تربية قصور لعيش السجون..." أروا الله من أنفسكم خيراً"... لم أجد خيراً من كلمات زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبي طالب في قصيدته ليس الغريب لأختم بها لعلنا نأخذ من النظام عبرة: فَلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنْيا وَزِينَتُها * وانْظُرْ إلى فِعْلِها في الأَهْلِ والوَطَنِ وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِها * هَلْ رَاحَ مِنْها بِغَيْرِ الحَنْطِ والكَفَنِ خُذِ القَنَاعَةَ مِنْ دُنْيَاك وارْضَ بِها * لَوْ لم يَكُنْ لَكَ إِلا رَاحَةُ البَدَنِ يَا زَارِعَ الخَيْرِ تحصُدْ بَعْدَهُ ثَمَراً * يَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَى الوَهَنِ يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِي * فِعْلاً جميلاً لَعَلَّ اللهَ يَرحَمُني يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِي حَسَناً * عَسى تُجازَيْنَ بَعْدَ الموتِ بِالحَسَنِ