استعرض دبلوماسيون أوروبيون الأوضاع المصرية الحالية إثر الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي. وفي تقرير نشرته وكالة "رويترز" للأنباء، أكد المحللون أن مرسي كان بإمكانه المرور من تلك الأزمة إذا كان وافق على صفقة سياسية مع المعارضة عرض فيها الاتحاد الأوروبي الوساطة بينهما في أبريل الماضي، وكانت تقضي بتعيين رئيس وزراء جديد خلفًا للدكتور هشام قنديل، وتغيير النائب العام مقابل اعتراف المعارضة بشرعية مرسي، والمشاركة في الانتخابات البرلمانية. الاتفاق الإطاري الذي يذكره التقرير كان سيؤيد حصول مصر على قرض من صندوق النقد الدولي قيمته 4.8 مليار دولار، وهو ما تعثرت المفاوضات بشأنه، وكان هذا سيفتح الباب أمام استثمارات ومساعدات اقتصادية أوسع. ولكن مرسي وجماعته رفضوا هذا العرض بحجة أن نصرهم الانتخابي يمنحهم شرعية كافية للحكم فليسوا في حاجة لعقد صفقات مع المعارضة، والتي كانت تعرض حل وسط توصل إليه مبعوث الاتحاد، برناردينو ليون، بعد أشهر من الدبلوماسية المكوكية، وهو اعتراف ستة أحزاب علمانية معارضة بشرعية مرسي، ومشاركتها في الانتخابات البرلمانية التي هددت بمقاطعتها. وفي المقابل كان الرئيس المعزول سيوافق على تعيين خليفةً لقنديل، وتغيير خمسة وزراء رئيسيين لتشكيل حكومة وحدة وطنية من التكنوقراط، وإقالة النائب العام وتعديل قانون الانتخابات إرضاء للمحكمة الدستورية، وفقًا للتقرير. كاترين آشتون، الممثل الأعلى للجنة السياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي، التقت وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي، الذي أيّد أيضًا المبادرة الأوروبية، وأكد إن الجيش لا يريد التدخل في السياسة، وسيرحب بتوافق وطني أوسع "بذل الجيش كل ما في وسعه ليستمر مرسي في منصبه". تقرير "رويترز" أشار إلى مساعدة الدكتور سعد الكتاتني، رئيس حزب الحرية والعدالة، ورئيس مجلس الشعب المنحل، في التفاوض على الاتفاق، لكنه لم يستطع أن يقنع مرسي وقياديين آخرين بالجماعة، وذلك نقلًا عن مصادر مطلعة على تلك المحادثات. أما حمدين صباحي، زعيم التيار الشعبي المعارض، فأكد أن المعارضة بذلت قصارى جهدها للتوصل إلى اتفاق، واقتربت جدًا من هذا لكن في النهاية لم يتغير موقف الرئيس المعزول، الذي طالب بحوار بلا شروط أو طلبات مسبقة أو جدول أعمال أو أهداف، على الرغم من تعهد المعارضة بالاعتراف الكامل بشرعيته وخوض الانتخابات البرلمانية، في حال موافقته على إجراءات بناء تلك الثقة. وعلى الجانب الآخر أشار وائل هدارة، مساعد الرئيس السابق، أن مرسي بالفعل عرض تشكيل حكومة ائتلافية في آخر خطاب بثه التليفزيون قبل ساعات من عزله "المشكلة الأساسية التي واجهت مصر كانت العنف والاضطرابات". وتسائل هدارة، في رسالة بالبريد الإلكتروني الخاص به، إنه إذا كانت الانتخابات قد أظهرت الواحدة تلو الأخرى أن أحزاب جبهة الإنقاذ الوطني غير قادرة على تكوين شعبية فلماذا كانت أي حكومة مكونة من هذه الأحزاب ستصبح أقدر على تفادي العنف أو تخفيف حدته. فريد إسماعيل، السياسي البارز بجماعة الإخوان المسلمين، في مقابلة له خلال اعتصام لمؤيدي مرسي بعد عزله، أكد أنه شارك مع زملاء له في محادثات مع مبعوث الاتحاد الأوروبي بشأن تسوية سياسية، عبر مشاركة نشطة على أحزاب جبهة الإنقاذ في تعديل وزاري، ولكن على ما يبدو أنه كانت هناك نية مبيتة لرفض كل شيء، إلى أن حدث "الانقلاب العسكري"، على حد قوله. وعلى جانب آخر ألقت الولاياتالمتحدةالأمريكية بثقلها وراء مبادرة الاتحاد الأوروبي، ولم تحاول التدخل في صياغة اتفاق بنفسها، حيث قال دبلوماسيون إن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، اتصل هاتفيًا بمرسي في مارس الماضي، وأبلغه بدعمه الجهود الأوروبية، كما أن السفيرة الأمريكية في القاهرة، آن باترسون، رافقت المبعوث الأوروبي إلى اجتماع مرسي بعد ذلك ببضعة أيام، مما يؤكد تأييد واشنطن للمبادرة. بعض المشاركين في المحادثات أكدوا أن مرسي لم يرفض المقترح بشكل تام، ولكنه إما كان شديد العناد، أو لم يستطع التوصل إلى توافق داخل قيادة الجماعة لصالح المبادرة قبل أن تخرجها الأحداث عن مسارها "كان هناك اقتراح مفصل وموصف جيدًا قبلته جميع عناصر جبهة الإنقاذ الوطني، وتم إرساله لمرسي… ولكن لم يصلنا رد قط". وما أساء أكثر لموقف الرئيس المعزول هو وقوع أعمال عنف طائفي أمام الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، وهو ما أضعف بالتأكيد من ثقة المعارضة في مرسي وجماعة الإخوان. واختتم التقرير برأي دبلوماسي أوروبي أكد أن المشكلة الرئيسية كانت في انعدام الثقة التام بينهم جميعًا.