" قول ذيع " جملة زكية زكريا الشهرية التي كانت تحاول بها الحصول على موافقة ضيف برنامج الكاميرا الخفية اللي ميعرفش أنه ضحية مقلب وكانت تحاول استفزازه طول البرنامج لتصل به إلى مستوى من الحوار يفقد فيه الضيف أعصابه وقدرته على التحكم في ردود أفعاله فيندلق في الكلام وينطق بجمل لا تُقال عادة إلا خلف الأبواب المغلقة وبعدها تكشف له زكية زكريا " إحنا كنا بنسجل لو تحب نذيع قول ذيع " فيضحك الضيف بطيبة أو ببلاهة أو بكسوف " هههههههه ذيع ". حضرني هذا المثل وأنا أشاهد اجتماع الرئيس بالقوى السياسية لمناقشة أزمة سد النهضة وهو موضوع أمن قومي من الدرجة الأولى وتُفترض فيه السرية بالنسبة للأطراف الدولية وتُفترض فيه الشفافية فيما يخص الشعب المصري. لكن ما حدث بالاجتماع بدأ بالشفافية ثم تلته التعرية. بدأت الشفافية عندما صارح الرئيس الحضور على الهواء مباشرة بخطورة الوضع وأثر سد النهضة السلبي على مصر ثم تعرينا جميعا دون مبالغة أمام المجتمع الدولي الذي شاهد – وهو على وشك الموت ضحكا – سياسيي مصر وهم يمارسون دور المتآمر والأهبل الذي يخطط على الهواء مباشرة لمكايد استراتيجية وعسكرية ومخابراتية للرد على الحكومة الأثيوبية. حوار استمر حوالي ساعتين و25 دقيقة، اكتشفوا أن الحوار مسجل بعد ساعة وسبعة وأربعين دقيقة عندما أخذ السيد مجدي حسين رئيس حزب العمل كلمته فاستهلها قائلا: " أنا من هواة المعارك وأحب المعارك جدا مع الأعداء أمريكا وإسرائيل .. لكن هذه المعركة لابد أن تخاض بالحكمة والهدوء ولو الاجتماع ده سري ونقسم على ألا نسرب شيء من هذا الاجتماع للإعلام مثلا والأخت باكينام تنشر المعلومات بشكل مقنن. فناوله من يجلس بجواره ورقة مكتوب بها أن الحوار مذاع فاستكمل - المبادئ العامة اللي باتكلم فيها مش سرية .. معركتنا مع أمريكا وإسرائيل وليست أثيوبيا… الرئيس: قال لك إيه؟ مجدي حسين: بيقولي الاجتماع مذاع على الهوا ههههههه الرئيس والحضور: هههههههههه " لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل خرج علينا دكتور أيمن نور الذي أدلى بدلوه ومعه آخرين مبررا ما قاله بعذر أقبح من ذنب " أنه لم يكن يعرف أن الحوار مسجل " فردت دكتورة باكينام الشرقاوي مساعدة الرئيس للشئون السياسية بهدوء وبأشياء أخرى معتادة " كان مرتبا أن يذاع الاجتماع الوطني اليوم مسجلا كعادة هذه اللقاءات و لكن ارتؤي لأهمية موضوع الأمن المائي قبل اللقاء مباشرة إذاعته على الهواء. أعتذر عن أي حرج غير مقصود لأي من القيادات السياسية سببه عدم الإشارة عن البث المباشر للاجتماع الوطني اليوم ". بعيدا عن الري والموارد المائية التي لا أدعي أنني متخصصة ولا أفهم فيهما بعمق، لكن ما حدث اليوم بالاجتماع جعلني أتوقف عنده بملاحظات مختلطة باسئلة أو اسئلة في صورة ملاحظات. هل هكذا تُدار البلاد هل صارت العشوائية والمفاجأة واصطناع الأزمات من رحم الأزمات هي السمات الغالبة على الإدارة الحاكمة من الرئاسة إلى رئاسة الوزراء؟ هذه ليست المرة الأولى التي يتكرر فيها نفس الموقف بنفس الملابسات وكلنا نتذكر هشام قنديل وحديثه عن الرضاعة والصدور المتسخة في لقائه بإعلاميي ماسبيرو. هل هكذا تُدار الجلسات السياسية المعتادة في مصر بحضور عدد من رؤساء الأحزاب؟ هل هذا هو مستوى الحديث في معظم الكواليس؟ كلام لا يغني ولا يسمن من جوع وما يظهرأمام الكاميرات ما هي إلا محاولات لاصطناع الحكمة… اللهم إلا قلة من العقلاء. هل سيُعاقب المهمل والمقصر؟ هل سيكون للرئاسة وقفة مع وزير الإعلام الذي تكررت معه الواقعة للمرة الثانية ومع دكتور باكينام المسؤولة عن إدارة هذا الاجتماع؟ ما هو مستقبل مصر في ظل نخبة سياسية حاكمة وموالية ومعارضة بهذا المستوى السياسي والفكري؟ هل سيظل المبررون على إسطواناتهم أن ما يحرج ويعرقل مسيرة مرسي التقدمية هو الإعلام الفاسد وجبهة الخراب والمحكمة الدستورية المتآمرة فقط ولا يوجد أخطاء من جانبهم في حين أن الحوار منقول على الهواء مباشرة من التليفزيون الرسمي وأن الورطة بأيادي رئاسية؟ أرجو أن تسبق عقولنا وضمائرنا ألسنتنا هذه المرة وأن نؤجل الشتمية ومعها التخوين لما بعد التفكير.