مشاهد مصورة قيل إنها لمذبحة ارتكبت في البيضا يقول نشطاء بالمعارضة السورية إنهم وثقوا عمليات قتل نحو مئتي شخص بينهم نساء وأطفال في أحدى أسوأ "المذابح" خلال الصراع الدائر في سوريا. يأتي هذا بينما أعلنت الحكومة السورية في مطلع شهر مايو/آيار الحالي إنها قامت بعملية "تطهير للإرهابيين" في بلدتي البيضا وبانياس غربي البلاد. لكن المقاطع المصورة والشهادات الحية تميل إلى تأييد رواية المعارضة. "الدماء في كل مكان" تقول أم عبيد، التي اتشحت بالسواد ورفضت ذكر اسمها الحقيقي خوفا من الانتقام، "مهما وصفنا ما رأينا أو سمعنا من فظائع ارتكبت في البيضا لن يقترب مما حدث في الواقع". وتابعت السيدة، وهي أم لطفلين، وهي تغالب دموعها "لم يكن بامكانك السير لأن الجثامين كانت في كل مكان إما محروقة أو مذبوحة. كان الدم في كل مكان". ففي الثاني من مايو/آيار دخلت القوات الحكومية ومليشيات مسلحة إلى بلدة البيضا شمالي طروطوس الواقعة على البحر المتوسط ثم هاجمت مدينة بنياس المجاورة في اليوم التالي. ووصفت القوات النظامية تلك الهجمات بأنها "ضربات موجهة للمسلحين المتشددين". وفي الوقت الذي أعلنت فيه وسائل الإعلام المحلية الرسمية مقتل 40 ممن وصفتهم بمقاتلي المعارضة، قال نشطاء حقوقيون إن نحو 200 من المدنيين قتلوا بينما اعتبر المئات في عداد المفقودين في "هجمات طائفية استهدفت مدنيين". هجوم عسكري وأظهرت المقاطع المصورة التي نشرها النشطاء بقايا وأشلاء لجثث بعضها محترقة. وبالرغم من صعوبة التحقق من تلك المقاطع من مصادر مستقلة إلا أن مقابلات اجرتها بي بي سي مع سيدات في هذه المدن دعم روايات ارتكاب مذابح بهما. وبينما اختلفت الأراء حول السبب الذي أشعل هذه الأحداث إلا أن ثمة اتفاق بين الرواية الحكومية وما تقوله المعارضة بأن قوات المعارضة المسلحة نصبوا كمينا للقوات النظامية صباح ذلك اليوم. وبمجرد دخول القوات النظامية إلى البيضا مدعومة بقوات من الدفاع الوطني شبه العسكرية، احتشدت الأسر في أماكن واحدة وحين ذلك بدأت عمليات النهب والحرق، بحسب روايات لسكان البلدة. وقالت أم عبيد "بدأ الجنود بنعتنا بألفاظ بذيئة ثم طالبونا بإخراج الرجال من المنازل حتى لانُقتل جميعا". وأظهر مقطع مصور مسرب يبدو أنه تم تصويره بواسطة أحد عناصر القوات النظامية ما قد يؤيد رواية سكان البيضا حيث يظهر حركة الكاميرا مرورا على طريق في ميدان البيضا الممتلئ بعناصر القوات النظامية بينما نشبت النيران في سيارات ومنازل. كما تركز الكاميرا في المقطع نفسه علي أحد الجثامين لرجل تحيط الدماء برأسه ثم تنتقل عدسة الكاميرا لتظهر المشهد الأكثر اتساعا وفيه تظهر عددا من الجثث المسجاه في صفوف على الأرض. "صراخ" لم تكن المقاطع المصورة التي قيل إنها من بانياس أقل ترويعا وقالت أم أحمد وهي سيدة أخرى من سكان البيضا "بدأنا في سماع أصوات صراخ شديد ونشم رائحة حرائق لكننا لم نتمكن من ترك منازلنا قبل السادسة مساء وحينها روعنا ما شاهدناه". وأضافت "كان هناك جثث لعشرات الرجال كان من بينها جثمانا زوجي ووالده وقد قتلا بالرصاص بطلقات في الرأس". ويقول سكان البلدة إن القوات انتقلت فيما بعد إلى مدينة بانياس السنية ايضا في إشارة إلى الطابع الطائفي الذي اصطبغت به الأحداث حيث أن القوات الموالية للأسد تنتمي للطائفة العلوية. "جثث متفحمة" ولم تكن المقاطع المصورة من بانياس أقل ترويعا حيث أظهرت منازلا محترقة وعائلات بالكامل تم ذوحها وجثثا مشوهة وقد تم تجميعا فوق بعضها البعض لسيدات وأطفال ورجال. وتقول أم عابد من مدينة بانياس "كان هناك جثث متفحمة ودماء في كل مكان". ويظل الشيء المؤكد رغم الغموض أن ما حدث في البيضا وبانياس ليس الأول وربما لن يكون الأخير. ففي الوقت الذي يعول فيه البعض في المجتمع الدولي على مؤتمر جينيف 2 لجلب السلام إلى سوريا، يرى آخرون أن فرص تحقيقه أصبحت شبه منعدمة ليظل المدنيون هم من يدفع الثمن طالما يصر كل طرف على أن النصر حليفه.