(أ ش أ) - إيمانا بأن الأهمية الحقيقية للبحث العلمى تكمن فى تطبيقه على أرض الواقع، وأن الحاجة باتت أكثر إلحاحا إلى البحث العلمى وتطبيقاته من أى وقت مضى ، أحدثت موافقة الدكتورة نادية زخارى وزيرة البحث العلمى على تشكيل فرق عمل علمية تتولى تطبيق توصيات الملتقى الأول لدور البحث العلمى فى تنمية سيناء ومحور قناة السويس على أرض الواقع فى سيناء شمالا وجنوبا، تواصلا وتفاعلا مع البيئة المحلية وشركاء التنمية من سكان وأهالى سيناء. وتقول وكالة أنباء الشرق الأوسط فى تقرير لها حول "تنمية سيناء" إن مناقشات الملتقى، الذى نظمته وزارة البحث العلمى تحت رعاية الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية، أكدت قدرة البحث العلمى على تحويل أرض سيناء إلى معمل كبير يمكنه سد احتياجات مصر من الفجوة الغذائية والطاقة البديلة والغلال والمواد الفعالة المستخدمة فى صناعة الدواء والتى يمكن أن توفر لمصر الملايين من العملات الصعبة وذلك لندرتها فى العالم وانفراد مصر ببعضها. وقد حظى الملتقى بالتركيز على الجزء التنموى لتلك البقعة الحارسة لحدود مصر الشرقية، وطرح العديد من الحلول البديلة العلمية والعملية لمشكلات مصر من الطاقة والغذاء ورغيف الخبز التى سيتم تطبيقاها على أرض سيناء لتحولها من مسرح للعمليات العسكرية إلى سلة للغذاء والطاقة تلبى احتياجات كافة المحافظات من الخبز وبدائل الطاقة والقمح، وقد وافقت الأطراف الثلاثة المعنية (المنتج والمستهك والمستثمر) على المشاركة فى تلك المعادلة التى يحفزها ويدعمها محافظا شمال وجنوبسيناء والقيادات المحلية بهما. وقد بدأ صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية اعتبارا من أمس الاثنين فى تلقى طلبات التقدم لتمويل المشروعات البحثية الهادفة لتنمية سيناء والتى خصص لتمويلها مبلغ 10 ملايين جنيه مصرى سنويا، وبنجاح تلك المشروعات سيتم نقل نتائجها من النطاق نصف المعملى والحقول الإرشادية إلى النطاق التطبيقى مما يسهم فى توفير احتياجات كافة محافظات الجمهورية. أما بالنسبة لشركاء التنمية من سكان سيناء الذين عانوا مرارا من التهميش والعزلة فى نفوسهم تجاه الآخرين، فقد أكد الخبراء والمتخصصون الذين شاركوا فى مناقشات الملتقى أن تنمية سيناء ونهضتها يجب أن تبدأ بتنمية العنصر البشرى الذى يعد حارس أمنها ومفتاحها السحرى، فالموارد البشرية متوافرة بسيناء، وينقصها التوظيف الأمثل والمناسب من خلال منهجية علمية، حيث يقطنها أكثر من 400 ألف نسمة، يشكل البدو فيها نسبة لاتقل عن 70 % من إجمالى عدد السكان، وينتشرون فى تجمعات صغيرة فى المناطق الصحراوية فى شمال ووسط وجنوبسيناء. وتنمية القوى البشرية فى سيناء تتضمن تنمية مهارات المرأة السيناوية بهدف رفع مستوى معيشة أسرتها من خلال إتاحة فرص التدريب لكافة الشرائح من النساء والفتيات بما يتيح لهن إما الدخول فى سوق العمل أو أن تكن صاحبات مشروع صغير. وتستلزم التنمية البشرية فى سيناء الاهتمام بمحور الخدمات الطبية ورفع المستوى الصحى والثقافى والاجتماعى لأبناء سيناء، وقد بادر معهد تيودور بلهارس للأبحاث بإجراء بحوث ميدانية فى المناطق المستصلحة حديثا على جانبى قناة السويس شرق سيناء وغرب البحيرات المرة لدراسة انتقال مرض البلهارسيا فى تلك المناطق، وأوصى الفريق البحثى بضرورة البدء فى إنشاء جامعة ومراكز بحثية تضم نخبة من العلماء وترتبط مشروعاتهاالبحثية بالبيئة السيناوية لتحقيق أعلى درجات التنمية البشرية، وإعداد برنامج للتثقيف الصحى لتمكين أهالى سيناء من الوقاية ومنع انتشار الأمراض خاصة فيروس سى. فيما يمكن أن يساهم معهد بحوث أمراض العيون فى تنمية سيناء من خلال إرسال قوافل طبية على فترات متقاربة لمحافظتى جنوب وشمال سيناء لمناظرة حالات أمراض العيون المختلفة والقيام بالفحوصات والأبحاث والجراحات اللازمة، وإجراء بحث ومسح ميدانى لأمراض العيون الوبائية، وأسباب عيوب الإبصار مع بحث إمكانية إقامة فرع للمعهد فى سيناء. كما قدم الملتقى حلا لمواجهة العوامل الوراثية الشائعة فى سيناء الناتجة عن زواج الأقارب حيث قام فريق قسم بحوث الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة بالمركز القومى للبحوث من خلال مشروع تحسين الحالة الصحية والغذائية لأطفال جنوبسيناء المدعم من الاتحاد الأوروبى فى الفترة (2010 – 2011) ، وقدم تحذيرا من زواج الأقارب فى مدينة أبو رديس حيث بلغت نسبته 52 % من الزيجات مما يساهم فى ظهور العديد من الأمراض الوراثية وانخفاض سن الإنجاب بما قد يعرض المرأة إلى الإجهاض المتكرر. وبالنسبة لمحور النباتات الطبية، والذى يعد ثروة قومية يجب تنميتها واستغلالها، لاحتواء سيناء على 472 نوعا نباتيا نادرا منها و37 نوعا مستوطنا لا يوجد فى أى مكان فى العالم، فقد تم اقتراح إنشاء وحدة تجريبية لزراعة وتجهيز وتصنيع النباتات الطبية والعطرية فى سيناء، وتطوير عمليات الاستخلاص إلى إدخال تكنولوجيا حديثة صديقة للبيئة للحصول على المواد الفعالة من النباتات الطبية، ووافقت إحدى شركات الدواء المتخصصة على دعم إقامة هذه المحطة. وفى مجال الزراعة والغذاء، طرح الملتقى العديد من الحلول لمشكلة الغذاء ليس فقط فى سيناء وإنما لمصر بكافة محافظاتها من خلال مشروعات بحثية يمكن تنفيذها علميا على أرض سيناء ومنها مشروع زراعة نبات الكينوا الذى يعد بديلا لمحصول القمح والشعير ومنافسا لهما، ويمكن زراعته بمختلف المناطق الصحراوية نظرا لعدم احتياجه لكميات كبيرة من المياه، فضلا عن تناوله كوجبة كاملة العناصر الغذائية لاحتواء حبوبه على نسبة عالية من البروتين. ونبات الكينوا يزرع بكثافة نباتية قدرها 100 – 120 ألف نبات فى الفدان الواحد ويتراوح ناتج الفدان من 2 – 5ر2 طن من الحبوب الناضجة وحوالى 5ر1 طن من الأراضى الملحية كالصحارى فقيرة الخصوبة وفى مناطق الإنتاج المرتفعة لا يحتاج النبات إلى كميات كبيرة من المياه للرى ويكفى رطوبة الندى الصباحى لإنماء المحصول وهو ما يجعل ظروف وبيئة ومناخ سيناء ملائمة لزراعته. ومشروع زراعة أرز الجفاف فى أراضى الاستصلاح الجديدةبسيناء والذى نجحت جامعة الزقازيق فى استنباط أصناف منه مقاومة للجفاف والملوحة عالية الإنتاجية، وحصلت به على شهادة براءة اختراع، وتستهلك هذه الأصناف نصف كمية المياه فقط المستخدمة فى الأرز التقليدى، وتعطيه إنتاجا يصل إلى 5ر3 طن للفدان فى المتوسط، وسيتم إقامة حقول إرشادية بسيناء العام الحالى لتحقيق الهدف من المشروع وهو زراعة نصف مليون فدان من الأراضى الرملية المستصلحة حديثا بحلول عام 2016. وبالنسبة للثروة السمكية تعتمد التنمية فى هذا المجال على أرض سيناء على مشروع للتنمية المستدامة لبحيرة البردويل أهم وأنقى البحيرات المصرية والعالمية والتى تنتج أفخر أنواع الأسماك البحرية فى العالم (الدينيس والقاروص)، إلا أنها تتعرض حاليا لحالة إطماء شديدة أدت إلى انخفاض إنتاجيتها من الأسماك البحرية الفاخرة، وسيادة أنواع أخرى غير اقتصادية من القشريات، ومن خلال توصيات الملتقى الأول لدور البحث العلمى فى تنمية سيناء سيتم إنشاء مفرخ بحرى خاص بالبحيرة يعمل على إنتاج زريعة هذه الأسماك وتسكينها فى مرابى حتى تصل إلى الوزن المناسب يتم بعدها إعادة تسكينها مرة أخرة داخل بحيرة البردويل مما يعمل على إعادة التوازن البيولوجى لأنواع الأسماك البحرية فى البحيرة. والنظرة الشاملة لتنمية الثروة الغذائية التى سيعمل البحث العلمى على النهوض بها تتضمن تنمية الثروة الحيوانية والداجنة والرعوية بمحافظتى شمال وجنوبسيناء واللتين تضمان سلالات نادرة تتميز بإنتاج نسبة عالية من اللحوم والالبان ، حيث يمكن أن يساهم البحث العلمى فى دراسة المكونات الوراثية لتلك السلالات التى مكنتها من الاستمرار تحت الظروف السائدة من بيئة قاسية وإجهاد حرارى والتعرف على مواطن القوى فى التركيب الوراثى لهذه السلالات والانتخاب لها تمهيدا لنشره فى إطار برامج التنمية باستخدام تقنيات الوراثية لرفع كفائتها وعمل مخزون جينى من هذه السلالات للحفاظ عليها لتكون نواة لإكثارها ونشرها. وفى ظل الحاجة المتزايدة للطاقة فى مصر، طرحت خلال مناقشات الملتقى أهمية الاعتماد على نبات الجاتروفا، الذى يعد بديلا عمليا وعلميا للنفط التقليدى لما تتميز به بذور النبات من ثراء فى الزيت المحرك للماكينات حيث أثبتت التجارب العلمية أن المعالجة الكيميائية والفيزيائية لزيت الجاتروفا تكفى لتحويله إلى نوع من "البايوديزل" أو الديزل الحيوى، وهو ما يعرف بالبترول الأخضر وبتكلفة أقل، فالنبتة لا تحتاج إلا لقليل من الماء لتمنح كثيرا من النفط. ومما يشجع على زراعة نبات الجاتروفا فى سيناء القدرة الكبيرة لهذه النبتة على النمو فى كل البيئات، خاصة الصحراوية، مما يساهم فى تحقيق هدف استراتيجى وهو توفير احتياجات مصر من الجازولين (الديزل). ولأن سيناء تزخر بالعديد من الثروات التعدينية التى يمكن أن تساهم فى التنمية الصناعية وتحقيق استراتيجية الدولة فى تعمير سيناء وزيادة فرص الاستثمار بها وإقامة مجتمعات عمرانية جديدة، فقد احتل هذا المحور أهمية خاصة فى مناقشات الملتقى، حيث تم مناقشة مشروع رفع القيمة الاقتصادية للرمال البيضاءبسيناء التى تتواجد باحتياطات ضخمة تزيد على مليارات الأطنان وأغلبها مكشوف فوق سطح الأرض وتتوافر بمركز بحوث وتطوير الفلزات العديد من الدراسات ودراسات الجدوى الهادفة إلى رفع جودة الرمال البيضاءبسيناء واستخراج المعادن ذات القيمة الاقتصادية.