وزير التعليم يتفقد مدارس الحوامدية: تقديم كافة سبل الدعم للمعلمين والطلاب    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    غدا آخر موعد للتقديم.. وظائف شاغرة في جامعة أسيوط    الأكاديمية الطبية العسكرية: فتح باب التسجيل للدراسات العليا لمقدمي الخدمة الصحية 2025- 2026    سعر الدولار اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025 منتصف التعاملات    إيرادات ب24.8 مليار جنيه.. «المصرية للاتصالات»: 8% زيادة في مشتركي الإنترنت و4% بالتليفون الأرضي    اليوم.. "مدبولي" يفتتح مشروعي "شين شينج" و"هيات إيجيبت" بالسخنة باستثمارات 210 ملايين دولار    البترول تبدأ استقبال مستندات تعويض المتضررين من طلمبات البنزين المعطلة بحد أقصى 2000 جنيه    ترامب في الرياض بصفقات تريليونية.. اتفاقيات اقتصادية ودفاعية    عبد العاطي ونظيره التركي يناقشان التطورات في غزة وليبيا    شوبير يكشف تطورات جديدة في مفاوضات الأهلي مع خوسيه ريفيرو    الأهلي يواجه المقاولون العرب اليوم في بطولة الجمهورية مواليد 2008    ضبط 7 أطنان دقيق مدعم في حملات لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز    «الداخلية»: مصرع 3 عناصر شديدة الخطورة خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في قنا وأسوان    تبدأ غدا.. جداول امتحانات الشهادتين الابتدائية والإعدادية بالأزهر    «لا للعُري».. مهرجان كان السينمائي يضع ضوابط لإطلالات النجوم قبل انطلاق دورته ال 78    رئيس الوزراء يفتتح مصنع "شين شينج" الصيني لإنتاج مواسير حديد الدكتايل في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    رئيس الاتحاد البرازيلي: تلقيت تعليقات من اللاعبين بشأن أنشيلوتي    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة سيراميكا في الدوري    مدير عمل بني سويف يسلم عقود توظيف لشباب في مجال الزراعة بالأردن    وزير الرى يتابع موقف الأنشطة التدريبية الإقليمية بالمركز الإفريقي للمياه    الولايات المتحدة توافق على بيع طائرات وأسلحة للإمارات بنحو 1.4 مليار دولار    التصريح بدفن طفلة سقطت من الطابق الرابع بالخصوص    20 مصابًا في تصادم مروع بين أتوبيس وسيارة نقل ثقيل بالشرقية    صحة غزة: شهيدان فلسطينيان إثر قصف إسرائيلي استهدف مجمع ناصر الطبي    الآثار: حصن بابليون محطة رئيسية في المسار السياحي للزائرين    داعية إسلامي: احموا أولادكم من التحرش بالأخذ بالأسباب والطمأنينة في التوكل على الله    هل يحق للزوجة طلب زوجها "الناشز" في بيت الطاعة؟.. محامية توضح الحالات والشروط    دراسة: الإفراط في تناول الأغذية فائقة المعالجة يزيد مخاطر الإصابة بالاعراض المبكرة للشلل الرعاش    صبحي خليل يكشف أسباب تألقه في أدوار الشر وممثله المفضل ورسالة محمد رمضان له    بعد تهريبها ل نيويورك| مصر تسترد قطع أثرية من الولايات المتحدة    عاجل- الأمم المتحدة تحذر من أزمة غذائية وصحية حادة في غزة    عاجل- الأمم المتحدة تحذّر من جرائم حرب في ليبيا عقب مقتل عبدالغني الككلي    إرشادات دقيقة لأداء مناسك الحج والعمرة كما فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم    بعد ساعات من وفاته.. شريف ليلة يتصدر تريند "جوجل"    البنك الأفريقي للتنمية يمول المرحلة الرابعة من محطة معالجة المياه بأبو رواش    وزارة الصحة تحذر: تغيرات في سلوك الطفل قد تشير إلى اضطرابات نفسية    قبل السفر للحج... وزارة الصحة تنشر دليلك الصحي الشامل للوقاية وسلامة الحجاج    حكم تسوية الصف في الصلاة للجالس على الكرسي.. دار الإفتاء توضح    عيد ظهور العذراء مريم في فاتيما.. ذكرى روحية خالدة    ستيف ويتكوف: حرب أوكرانيا وروسيا لم تكن لتحدث لو كان ترامب رئيسا في 2022    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مواجهات اليوم الثلاثاء    بيان هام من محامية بوسي شلبي بشأن اتهامات خوض الأعراض: إنذار قانوني    حديد عز فوق ال 40 ألف جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 13 مايو 2025    3 شهداء وإصابات جراء قصف الاحتلال خيمة نازحين في خان يونس    حبس عصابة «حمادة وتوتو» بالسيدة زينب    غيابات مؤثرة بصفوف الأهلي أمام سيراميكا كليوباترا في الدوري المصري    مستشفى سوهاج العام يوفر أحدث المناظير لعلاج حصوات المسالك البولية للأطفال    ذهبت للمسرح بعد وفاة زوجها بأيام.. رسالة دعم ومساندة من إلهام شاهين ل كارول سماحة    بعد اطمئنان السيسي.. من هو صنع الله إبراهيم؟    انفجار أسطوانة غاز السبب.. تفاصيل إصابة أم وطفليها في حريق منزل بكرداسة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    اليوم| محاكمة 73 متهمًا في قضية خلية اللجان النوعية بالتجمع    يلا كورة يكشف.. التفاصيل المالية في عقد ريفيرو مع الأهلي    منتخب مصر للباراسيكل يكتسح بطولة إفريقيا لمضمار الدراجات ويحصد 29 ميدالية.    جامعة القاهرة تحتفل بيوم المرأة العالمي في الرياضيات وتطلق شبكة المرأة العربية- (صور)    طفل ينهي حياته داخل منزله بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رانيا منصور تكتب: من حقكَ أن تدخّن
نشر في الجريدة يوم 01 - 09 - 2012

أريد أن أحكي لكم اليوم عما حدث لي منذ يومين.. كنتُ قد دُعيتُ إلى أمسية شِعرية لأشارك فيها، من قِبل أستاذ جامعيّ وناقد أدبي لي معرفة بسيطة به.. وقد اتُفق على إقامة الأمسية بمقر حزب سياسي بالسيدة زينب، حيث يبعد مسكني بنحو ساعتين ونصف من العذاب.. لذا قمتُ ببدء الرحلة مبكرًا وأخذتُ "ترانزيت" ببيت أبي، ثم استعنتُ بالله في البقية وأكملتُ طريقي. وصلتُ في موعدي ودخلت المكان لأجد مقبرة من الأدخنة تتصاعد فلا تكاد ترى ما بالداخل للحظات.. معظم الجالسين ينفثون الدخان في شراهة واستمتاع واضحيْن.
كنتُ مع صديقتين وتوقعت أن ينتهي الحفل المنغلق احترامًا لنا كفتيات، كنوع من الذوق العام، وعندما لم يحدث، استأذنتُ أحد الرجال المسنّين في أدب لعدم تحمّلي دخان السجائر هذا، وياللهول !
عاصفة من عواصف سيبيريا التي كانت تواجه رجل المستحيل تعصف بي لتخطيّ الحدود فيما يبدو، كان التأفف وتعكير المزاج واضحين على وجه الرجل وردوده شديدة السُمِّية من نوعية "لا معلش احنا قاعدين ف تكييف ومروحة أهه"..
وإذا ب "خدوهم بالصوت" شديدة الصحة، حيث انكمشت مكاني لفترة أشعر بالخجل حتى من إبداء تعبي أو من خروج سعال هنا أو هناك. خرجت مع صديقاتي حتى تنتهي هذه الفقرة المسلّية وأنا أحاول بيني وبين نفسي أن ألتمس العذر للمدخن الذي بالتأكيد يصعب عليه أن يطفئ سيجارته العزيزة هكذا ! حسنًا، لأنتظر عشر دقائق حتى وأدخل.
يخرج أستاذ الجامعة ال"معرفة" ليقول: "إيه الوسوسات دي كلها" !
باعتبار السرطانات وأمراض الرئة والوفيات، وحتى تأثر طفلي الجنين الجالس في جوفي.. محض (وسوسات) !
أدخل بعدها لأجد الحفل انتعش والسجائر بين أصابع الجميع تغمز لنا لتغيظنا !
أجلس مكاني مضطرةً، ما زلت أخجل من إبداء سخطي أو إظهار منديل أسد به أنفي المشتعل أو أربطه على دماغي المتفجر من الصداع (يقولون ان الصداع أول علامات السيجارة الأولى.. إشارة جيدة جدًا !!)
يبدأ الدكتور العزيز في إلقاء مقدمة للندوة، ثم يبدأ زميل في إلقاء بعض القصائد، أكاد لا أسمع كلمة وأنا أبتسم طوال الوقت محرجة من إبداء ضيقي وانقطاع أنفاسي. كل عدة دقائق أخرج متحججة بهاتفي الذي لا يرن ألتقط بعض الأنفاس وأعود.. أخيرًا، يغمرني شعور باللوم على تخاذلي سوى مرة واحدة. أستمر في وقوفي بالخارج وأسير لصيقتيّ لتخرجا لالتقاط أنفاسهما هما الأخرتان. وحين يأتي دوري في إلقاء قصيدة لي، أكون قد قررت أن أطالب بحقي أو الرحيل. أتجه إلى مدير الندوة "المعرفة"، أتوقع منه شيئًا من تطييب الخاطر إن لم يكن كلمة حاسمة تمن حني بعض الهواء حتى ك "بريك" ثم ليستعيدوا ما يرغبون من الدخان بعد رحيلي. أقول بهدوء أنني لا أحتمل المزيد من الدخان، فإن لم يكن ذلك ممكنًا فأنا أعتذر عن إزعاجهم وسأرحل في هدوء، يكاد يشير لي أن أخفض صوتي لكي لا أزعج الرجال من حوله ممن يهتم هو لسخطهم فيما يبدو، الجميع ينظر بلا مبالاة، غير أن أنفة عدم الانهزام الخيالية تفرض سيطرتها على الأستاذ المحترم: "مقدرش أجبر حد يطفي سيجارته ثم دي حرية شخصية"، وإذن فحريتي الشخصية لا تهم أحدًا هنا حتى في ظل هذا التجمع السياسي المزعوم.. وحريتي تلك تلزمني أن أتحرك فورًا. أرحل.
تلاحقني كلماتهم "هي عايزة ندوة مشفّيّة؟" "المفروض الواحد يبقى عامل حسابه ان ممكن يبقى في سجاير" !
* إذن فها هي القاعدة وليس العكس.. أن الطبيعي أن المعظم لا يدخنون وبالتالي لا يحق لأحد إلزامهم بتنفس السم ما لم يرغبوا فيه !
أنا لم أعترض أبدًا على أن يدخن أحدهم، حتى أن أخي يدخن!
فلتدخن، بشرط ألا تنفث دخانك في وجهي يا سيدي!! يا عزيزي أنت حر ما لم تضر.
في أوربا والدول المتقدمة تكنولوجيًا والمتأخرة جدًا أخلاقيًا، هناك ذوق عام وقوانين حادة تمنع التدخين في الأماكن المغلقة، يعني لك أن تفعل ما تشاء بنفسك، لا بنفسي أنا !
قررتُ ألا أتنازل عن حقي أبدًا، لا في مكان عام ولا خاص. وأن أتساءل قبل الذهاب لأي مكان أُدعى إليه إن كان المكان سيرغمني على تذوق الدخان مرة أخرى وأنا غير راغبة في ذلك.
سأطالب بحقي ولن أخجل حين أكون في سيارة تاكسي مع ابنتي وحدنا، أو أكون السيدة الوحيدة في ميكروباص يكتظ بالرجال الساكتين لأنهم فقط تعوّدوا ذلك وإن لم يستمتعوا بدخان السيجارة، بل الأغلب أنهم سيحاولون إسكاتي أنا بحجة "افتحي الشباك شوية". لن أخاف من طلب حقي، ولن أغضب إن لم يشاركني أحد دعوتي ولن أشعر بالوحدة. سأحتفظ بروح المبادأة وإن لم تظهر النتيجة.
إن أهم ما يجب أن يتغير بعد الثورة، هو قدرة كل منّا على التجرؤ لطلب حقه والتظاهر لأجله. صديقي المدخّن تناول حقه كاملًا وأنا سأفعل بالمثل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.