صناعة الفرعون صناعة مصرية بامتياز نملك كافة حقوق الملكية الفكرية لها ، كما نملك سر صنعتها علي مر العصور وأبداً لا يولد الفرعون وهو فرعون صغير بل أنه حتي في بداية حكمه لا يكون فرعوناً ، بل بطانته هي من تصنع منه فرعوناً ولا يقتصر الأمر علي بطانة الفرعون بل يمتد لمن يحكمهم فمجرد صمت الشعب يسهم في صناعة ذلك الفرعون وقد وثق ذلك الأقدمون في المثل الشعبي القائل " يا فرعون ايه فرعنك ، قال ملقتش حد يلمني " . فلم يكد الرئيس محمد مرسي يتولى تقاليد الأمور الا وبدأ من حوله في محاولة صناعة الرئيس الفرعون تارة بذكر مناقبه وذكر أنها لم تتوافر لرئيس قبله مثل أنه أول رئيس حافظ للقرآن ، وذهابه لشراء البقسماط من الفرن المجاور لمنزله وكأن ذلك أصبح من الخوارق ، رغم أننا نري في الدول عريقة الديموقراطية الرئيس يتصرف علي طبيعته ألم نري كيف استضاف اوباما ذات مرة ميدفيديف في احد مطاعم الهامبورجر لدرجة اطلاق قمة الهامبورجر علي هذا اللقاء الذي جمع بين رئيسي أكبر دولتين في العالم ، ولم يهلل المحيطين بأي منهما ببساطة اوباما أو ميدفيديف لأنهم يرون رئيسهم يخرج ويمارس حياته كمواطن بدرجة رئيس وليس كفرعون أو نصف اله كما يري البعض الحاكم عندنا . فلتتركوا مرسي علي بساطته وسجيته ، ويا أيها المحيطون به لا تزايدوا ولا تضخموا أي عمل يقوم به ، ولا تنافقوه ان أحسن قولوا له أحسنت وان جانبه الصواب في قرار فلتشيروا عليه بالصواب ولا تخشوا الا الله ، ولا تنظروا لمنصب أو حظوة لدي الرئيس كونوا امناء لأجل صالح مصر وشعبها ، لا نريد أن نري بطانة مستنسخة من بطانة الرئيس السابق فهم من أفسدوه وزينوا له كل ما يفعل ، حتي وصلنا لدرجة أن كل ما كان ينجز في ربوع مصر لم يكن يتم الا بناء علي توجيهات وتعليمات السيد الرئيس وبمثل هذا نصنع الفراعين ، فلا نريد داعية ولا خطيبا ولا صاحب قلم الا ويكون منصفا في مدحه وقدحه لأي عمل من أعمال الرئاسة دون تهويل أو تهوين . فلا نريد قارئ للقرآن ينتقي من الآيات ما يناسب حضرة الرئيس مثلما فعل مقرئ الجامع الأزهر حين أدي الرئيس أول جمعة له بالجامع الأزهر حين أعاد قول الحق " فأصبحتم بنعمته إخوانا " مرتين أثناء تلاوته لقرأن الجمعة – ومن باب حسن الظن فلن أظلمه وأقول أنه كان يقصد – لكن علينا حتي أن نتقي مواطن الشبهات حتي لا نعطي حتي فرصة لسوء الظن ، فتلك الواقعة تذكرني بأحد القراء الذي تلي قول الحق " كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه " في وجود الرئيس السابق فوقف في موضع لا يجوز فيه الوقف ويقرأه " مبارك فاتبعوه " ، ولا نريد أن نري من ينحني مقبلا يد الرئيس كما فعل الدكتور صفوت حجازي في ميدان التحرير ، ولا نريد مراسلا كمراسل قناة " مصر 25 " الذي قدم تقريراً من الميدان ليلة خطاب القسم حين فاخر قائلا : أن خطاب الرئيس مرسي في ميدان التحرير سابقة تاريخية لأي رئيس مصري وكأنه نسي أو تناسي خطب محمد نجيب وعبدالناصر في اكثر من ميدان من ميادين مصر ، وكان عليه أن يراجع التاريخ جيداً لكن يبدو أن انتماؤه قد غلبه ! . لا نريد أن نصنع فرعوناً جديداً فقد ثرنا لنقضي علي عصر الحكام الفراعين ، ثرنا لكي نبدأ عصر المواطن الرئيس الذي قبل ثقل الأمانة والمسئولية ليتقي الله فينا يسهر علي مصالح الوطن والمواطن ، ويجب أن يبقي خطاب مبارك الأول عالقاً بأذهاننا حين وقف معلناً " ان الكفن مالوش جيوب " بل وأكد أنه " لن يبقي في الحكم اكثر من فترتين ، وبعدها يذهب الي لندن بلد الاكسلنسات ليقضي بقية حياته " الا أنه بقي يحكمنا ثلاثون عاماً ولم يتخلي عن موقعه الا بثورة شعبية عارمة أجبرته علي ذلك ، فعلينا أن نكون أمناء مع الرئيس الجديد حتي لا نصنع منه الحاكم الفرعون ، حتي يقف في نهاية حكمه بميدان التحرير كاشفاً عن صدره ليؤكد لنا أنه ما زال كما بدأ لا يرتدي قميصاَ واقياً من الرصاص ، ولا يكفي الوصول لذلك صلاح الرئيس فقط بل الأهم صلاح البطانة .
strong a href="http://twitter.com/share" class="twitter-share-button" data-url="http://www.algareda.com/2012/%d8%b9%d8%a7%d8%b7%d9%81-%d9%82%d9%85%d8%b1%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%a9-%d9%8a%d9%83%d8%aa%d8%a8-%d9%81%d8%a3%d8%b5%d8%a8%d8%ad%d8%aa%d9%85-%d8%a8%d9%86%d8%b9%d9%85%d8%aa%d9%87-%d8%a5/" data-count="vertical" data-text="عاطف قمرالدولة يكتب : " فأصبحتم بنعمته إخوانا " ..." data-via="algareda"