بدأت الأبواق الإعلامية حملتها المحمومة فيما تبقى لها من أيام معدودات على موعد جولة الإعادة للإنتخابات الرئاسية... التي سيتحدد بعدها المصير المباشر لكل هذه الأبواق... فترى منهم الآن دفاعا مستميتا وهجوما شرسا... ليس مع أو ضد أى من المرشحين المتنافسين فقط... ولكن... دفاعا طبيعيا عن وجودهم ومستقبلهم وهجوما شرسا على من سيحاسبهم حسابا عسيرا لما اقترفوه فى حقه من تشويه... نجلس يوميا أمام الشاشة المستطيلة المضيئة التي تُخرج من قلبها كل ما يدعوا إلى الإحتقان وإلى رفع ضغط الدم والإصابة بمرض السكر... وكأنها أصبحت أحد أفضل وسائل التعذيب لدى النظام القائم... تتقافز أصابعك بعصبية وتوتر فوق أزرار "الريموت" الطويل بصورة روتينية للتنقل بين منبر وآخر فى ملل خانق... أملا فى أن تقع عيناك أو تلتقط أذناك ما يجذب إهتمامك..وبين محطة وأخرى... تطلق تلك السبة الطبيعية لهذا الوغد الرعديد الذي لا يعجبك رأيه...! أصبحت الألة الإعلامية تعمل بمنتهى الوضوح والوقاحة فى محاباة مرشح أمام الأخر... وأصبح معلومًا لدى جموع الشعب المصرى... من يستميت للدفاع عن مرشح الحزب الوطنى وفلوله وطعميته ايضا... ومن يتشدق بإسم الثورة ليحسب على الثورة طرفا كل علاقته بها أنه بفضلها خرج من المعتقلات... متقلدا مقاليد السلطة التشريعية فى مصر ومنافسا على رئاستها... لقد أصبح الإعلام الموجه الذي يطل علينا كل ليلة يمارس أقدم وأرذل المهن التي نعرفها عبر التاريخ... وأخيرا انفجر الشعب مطلقا وملقبا ما يخرج من أفواه وحناجرهؤلاء المأجورين بما يستحقه.... العهر الإعلامى... نعم بالفعل لقد أصاب الشعب فى مسماه... فكم من مرة ترى ضحكات وابتسامات ماجنة خليعة مجلجلة تكاد تقترن بالرقص لمجرد وصول مرشح الحزب الوطنى لجولة الإعادة... وكم من هجمات مسترشدة بأيات قرآنية وأحاديث نبوية شريفة أُطلقت فى غير محلها... فقط من أجل توجيه الجموع نحو مرشح دون غيره... مهددين ومتوعدين من يخالفهم بالعقاب فى الدنيا والخزى فى الأخرة بما يخالف شرع الله...! توجيه على طول الخط... ودفاع مستميت.... وهجوم شرس.... وفى النهاية المتضرر الأكبر..بل ويكاد أن يكون الخاسر الوحيد... هو مصر وشعبها... الذي لم يعد يستطيع التمييز بين الصواب والخطأ... كل إعلامي على صواب... والآخرين مخطئون.... كل إعلامى يتحدث بإسم مصر.... والباقون عملاء وخونة وأصحاب أجندات خارجية قطرية إسرائيلية إيرانية أمريكية... مطلوب منا كمواطنين الآن...ألا نلتفت إلى الألة الإعلامية التي تشن حملة مسعورة ليس من أجل شيئ الا مصالحها الخاصة... مطلوب منا كمواطنين أن ننظر إلى مستقبل مصر بما تمليه علينا ضمائرنا وعقولنا... وأن لا نلتفت إلى مصلحة فصيل أو جماعة أو البحث عن إستقرار أمنى زائف أو دولة مدنية ظاهرها التمدن وباطنها القهر وتكميم الأفواه كما كان حالنا من قبل أم أننا قد أصابنا النسيان فجأة... مطلوب منا كمواطنين أن نتحد لنخلق حالة التوافق حول مستقبل مصر... الأفضل... يجب علينا أن نسعى لاختيار من يمثل مصر بالفعل... من يمثل الطبقات المختلفة من شعب مصر.... من يمثل رغبةَ أكيدةً فى طمس معالم الماضى المظلم... ومن يمثل تصميما على تغيير المستقبل للأفضل... ومرة أخرى... وأخيرة... دعونا نحاول أن نبتعد تماما عن محطة الصرف الصحى التي تنفجر فى وجوهنا كل ليلة من خلال شاشات التلفاز.... فهي لا تخرج علينا كل ليلة إلا بالفساد... فلا تقضِ ليلتك كل يوم تشاهد برنامج... الفساد والسهرة... للتواصل مع الكاتب عبر فيسبوك : http://facebook.com/sherif.asaad1