ما المقصود بسن اليأس؟ أولا هذا المصطلح يجب إعادة النظر فيه، فهو ليس سن اليأس بل هو مرحلة انتقالية بيولوجية طبيعية في عمر المرأة، مثلها مثل البلوغ والحمل وغيرها. وهي ليست مرضا من الأمراض حتى تخافه النساء، لأن كل امرأة ستصل إليه لا محالة، واليأس من الإنجاب هو حقيقة بيولوجية يجب علينا تفهمها والتعامل معها. وعلى العموم فسن اليأس ما هو إلا مرحلة انقطاع الدورة الشهرية لفترة معينة، وهي ظاهرة طبيعية تحدث عندما تصل المرأة عمر 50-51 سنة (المعدل الطبيعي في المغرب)، وتمثل مرحلة انتقال من سن الخصوبة إلى مرحلة عدم القدرة على الإنجاب. وقبل دخول المرأة هذه المرحلة تكون أمام مرحلة ما قبل سن اليأس، وتدوم ما بين 8 إلى 10 سنوات، وعادة ما تبدأ هذه الأعراض في الظهور من 42 سنة إلى غاية 50 سنة. ماهي هذه الأعراض؟ غالبا ما تشعر المرأة بنوبات الحرارة أو ما يصطلح عليها ب«الكربة»، ويرافق السخونة في بعض الأحيان عرق ليلي بشكل مفرط، عدم انتظام الدورة الشهرية، نزول دم الحيض بكميات كثيرة أو قليلة أحيانا، انتفاخ الثديين، بالإضافة إلى الشعور بالتعب والإرهاق، ومشاكل في الذاكرة، والتغيرات السريعة في المزاج.. وهنا ننصح المرأة بزيارة طبيبها لمعرفة كيفية التعامل مع هذه المرحلة من حياتها، لأن في هذه الفترة تكثر الأمراض السرطانية، لهذا على المرأة ابتداء من 40 سنة أن تقوم ب"الماموغرافي" مرة كل سنتين، وكل سنة ونصف أو سنتين تقوم بفحص عنق الرحم. متى يمكن القول بأن المرأة قد دخلت هذه المرحلة؟ لابد للسيدة من انتظار سنة كاملة عن عدم نزول دورتها الشهرية، لأن في فترة ما قبل سن اليأس قد تغيب دم الحيض ثلاثة أشهر أو أكثر، ثم تعود لتنتظم مرة كل شهر، وبالتالي على السيدة أن تنتظر 12 شهرا، لنقول بأنها قد دخلت مرحلة اليأس. وأشير فقط إلى أن هناك بعض الحالات نضطر فيها لوصف بعض الأدوية لتنظيم دورة المرأة الشهرية. هل لحبوب منع الحمل تأثير على المرأة في هذه السن؟ أولا لابد من توضيح المقصود بالدورة الشهرية الطبيعية، أي أن الدورة الشهرية تتم ما بين 24 إلى 32 يوما. لكن الخطأ هو أن تستمر السيدة في أخذ حبوب منع الحمل وهي في سن 48 و50 سنة، لأن في مثل هذه الحالات ننصح باستعمال وسائل أخرى لمنع الحمل، بدءا من بداية الأربعينيات. ماهي هذه الوسائل؟ بعد إجراء السيدة لمجموعة من التحاليل لمعرفة نسبة خصوبتها، يمكن لهذه الأخيرة اللجوء لوسائل منع الحمل الأخرى المعروفة، لأن استعمال حبوب منع الحمل في هذه المرحلة يبقى استثنائيا..وإذا ما كان هناك خوف من الحمل، نقترح على السيدة استعمال اللولب، لأن الدورة الشهرية تكون دورة عادية وطبيعية بخلاف حبوب منع الحمل التي تكون دورتها اصطناعية إن صح التعبير، أو استعمال العازل الطبي حتى نتأكد أن الدورة الشهرية لازالت تنزل بطريقة طبيعية. هل من عوامل تساعد على دخول المرأة في هذه المرحلة، وكيف نفسر حالات السيدات اللواتي يدخلن هذه المرحلة وهن في بداية الثلاثينيات من عمرهن؟ صحيح، هناك بعض النساء يدخلن مرحلة سن اليأس في سن مبكرة قبل الأربعين. هذا للأسف غير طبيعي، لأن السيدة غالبا ما تكون تعاني من مشاكل جينية أو مصابة بمرض السرطان، وتناولها للمواد الكيماوية يؤثر على رصيد بويضاتها. كما أن السيدات اللواتي لديهن أكياس في المبيض قد يدخلن هذه المرحلة مبكرا. لهذا على السيدة أن تعرف جيدا بأن خصوبتها شيء مهم، وعليها أن تحافظ على رصيد بويضاتها، لذلك نطالبها بإجراء بعض التحاليل لمعرفة ما إذا كانت ستدخل هذه المرحلة في سن مبكرة. هل من علاقة بين زيادة وزن السيدة وسن اليأس؟ ليس بالضرورة الزيادة في الوزن، فقد يكون العكس، لأن وجود خلل بالهرمونات وشعور المرأة بأعراض هذه المرحلة من توتر وقلق، قد يجعلانها تأكل كثيرا فيزداد وزنها أو تقلل منه فتخس. كيف تفسرون إحساس المرأة بالألم أثناء المعاشرة الجنسية في هذا السن؟ الألم عند الجماع راجع بالأساس إلى نقص هرمون الأستروجين، مما يؤدي إلى قلة إفرازات المهبل، وبالتالي جفافه، وهو ما يعطي الإحساس بالألم أثناء المعاشرة الزوجية. بشكل عام كيف يمكن للسيدة أن تتعامل مع هذه المرحلة؟ النساء لا يعشن نفس الأعراض، فكل سيدة حالة خاصة. ومن المفروض أن تزور السيدة طبيبها مرة كل سنة على الأقل، وتقوم بفحص لماموغرافي وفحص عنق الرحم..وإذا ما شعرت المرأة ببعض الاضطرابات في علاقتها الجنسية مثلا أو كثرة تبولها، أو مشاكل على مستوى عظامها لأنها أكثر عرضة لهشاشة العظام في هذه المرحلة، لابد لها من استشارة الأخصائي. ماذا عن العلاج الهرموني؟ لا توصف الأدوية الهرمونية إلا في بعض الحالات التي تتميز بالحدة، وتكون فيها الأعراض غير محتملة، ولا يتم ذلك إلا بعد خضوع المرأة لمجموعة من التحاليل. وتتميز الأدوية الهرمونية بالتنوع، فمنها ما يتم تناوله عن طريق الفم، بينما تتخذ أخرى شكل مراهم، أو تحاميل. أما النساء اللواتي يعانين من بعض الأمراض المزمنة كأمراض القلب والغدد، فيمنع عنهن أخذ هذه الهرمونات. علما أن العلاج الهرموني يجب أن يعطى للسيدة بطريقة مدروسة ومدققة، ولا تتجاوز مدته خمس سنوات. أي دور للتغذية والرياضة في تجاوز أعراض سن اليأس؟ صحيح، تلعب التغذية السليمة دورا مهما في مقاومة أعراض مرحلة ما بعد انقطاع دم الحيض والتقليل من حدتها، ويتأتى ذلك من خلال تناول أغذية متوازنة غنية بالكالسيوم والفيتامينات والألياف مع الإكثار من شرب الماء. كما أن ممارسة الرياضة تبقى ضرورية، لأن ذلك سوف يقيها من تداعيات هذه المرحلة الفيسيولوجية الطبيعية في حياة كل امرأة. ما هي النصيحة التي تقدمها للسيدات؟ سن اليأس هو مرحلة عادية تمر منها كل النساء، زيارة الطبيب مرة كل سنة مسألة ضرورية لتفادي مشاكل هذه المرحلة العمرية، ولابد للسيدة كما سبق وقلت من تغذية متوازنة وممارسة الرياضة حتى تحافظ على رشاقتها وطلتها، فلا يجب اكتئاب المرأة وقلقها وخوفها من هذه المرحلة الطبيعية جدا.