ومبدئيا أقول إن المعنى الذي يستدل من الاسم العربي الشائع لهذه الجراحة وهو تغيير مظهر ما للأجمل لا يعبر عن الحقيقة ، وقد ظهر كترجمة غير موفقة لكلمة بلاستيك اليونانية اللاتينية والتي ظهرت في المؤلفات الألمانية ثم الإنجليزية والفرنسية والتي تعني تشكيلي وقد أضيف إلى الاسم كلمة بمعنى إعادة البناء في اللغات الأجنبية مؤخرا .. وفي العربية ظهرت كلمات كالإصلاح والتقويم والترميم غير ان التباين بين الاسم والحقيقة يبقى كبيرا كما سترون عندما نستعرض المجالات الواسعة لهذه الجراحة . تطورت جراحة التجميل كفرع من الجراحة العامة عندما اتسع مجال العمل وازدادت العمليات تعقيدا في أوائل هذا القرن ومع بداية الحرب العالمية الأولى . ومنذ عشرين سنة حصل تطور كبير في هذا التخصص ولا زال وفيما يلي عرض مختصر وتعريف بميادين هذه الجراحة : أولا : علاج الحروق : يوجد مركز لعلاج الحروق في مستشفى ابن سينا للجراحات التخصصية ويعني بعلاج الحروق من الدرجة الثانية والثالثة سواء كانت نتيجة للحرارة أو الكهرباء أو مواد كيميائية حارقة ، وأصبح في الإمكان إنقاذ المرضى المصابين بحروق نصل إلى 90% من سطح الجسم أحيانا . والعمل في هذا الفرع هو عمل فريق متكامل يشمل تخصصات مختلفة تتعاون على شفاء المريض بأحسن حال ممكن . ويحتاج المريض بعد شفاء الحروق لمتابعة وعلاج يتضمن في بعض الحالات إجراء عمليات مختلفة للتشوهات في الجلد أو العطل الوظيفي في حركة المفاصل. ثانيا : التشوهات الخلقية : نسبة معينة من المواليد تصاب ببعض العيوب الخلقية وهي تحصل في كل أجزاء الجسم وبنسب متفاوتة ويقع في مجال تخصصنا كثير منها ويجرى علاجها في أعمال مختلفة حسب نوع العيب . ومنها على سبيل المثال لا الحصر الشق في الشفة العليا وسقف الحلق الخلقي ، الأصابع الزائدة في اليدين والرجلين ، التحام الأصابع المتجاورة في اليد ، عيوب صيوان الأذن ، فتحة مجرى البول السفلية في الذكر وغيره كثير . وهنالك ميدان أصبح قائما بذاته يهتم بعلاج العيوب الخلقية التي تؤدي إلى تغير كبير في عظام الوجه والجمجمة أصبح يعرف باسم جراحة الوجه والجمجمة . ثالثا : جراحة الوجه والجمجمة : كما ذكرت جزء من الحالات في هذا الميدان وهو ناتج عن عيوب خلقية والجزء الآخر هو ما حصل كمضاعفات لكسور الوجه الشديدة بعد الحوادث وبالذات حوادث السير . وتطور هذا الفرع بجهود العديد من الجراحين ولكن يعود الفضل الكبير لجراح فرنسي معاصر اسمه " تسيير" درس بالتفصيل كل ما يحدث تشريحيا وكيفية إعادته إلى الوضع الطبيعي . والتغير في المظهر الذي يحصل بعد العملية كبير جدا لأن العظام التي تعطي المظهر الأساسي للوجه تحرك إلى أضاع جديدة وقريبة من الوضع الطبيعي . رابعا : جراحة الرأس والرقبة : هذا الفرع يعتني أساسا بعلاج الأورام في المنطقة وكذلك إعادة بناء الأجزاء المستأصلة ويتعاون فيه اختصاصيون من مختلف المجالات للوصول بالمريض للشفاء وفي نفس الوقت المحافظة على الوظائف المختلفة والشكل المقبول . ولقد كان الاستئصال قبل تقدم الإمكانيات في إعادة البناء شيئا مرعبا حقا في الأورام المتقدمة لا يتحمل كثير من المرضى آثاره النفسية فينزوون عن المجتمع وبعضهم يقدم على الانتحار ، وأما الآن بفضله تعالى يمكن إعادة بناء ما يخلفه استئصال أي ورم من نقص وفي نفس العملية ويرجع المريض إلى غرفته بشكل مقبول وظيفيا ومظهريا . خامسا : الجراحة المجهرية : ونعني بذلك نقل أنسجة على تنوعها من منطقة معينة في الجسم إلى منطقة أخرى بعيدة عنها كل البعد معتمدين على إقامة اتصال بين الأوعية الدموية لهذه الأنسجة وأوعية مشابهة في المكان الجديد وباستخدام المجهر . وقد تطورت هذه الجراحة وما زالت تسير بخطوات واسعة منذ أن قام الأطباء الصينيون وقبل ما يقرب من عشرين عاما بإعادة التحام الأصابع المبتورة إثر الحوادث وباستعمال العدسات المكبرة ولا تفتقر مثل هذه الجراحة على تخصص واحد إنما تجري في مجالات عدة حسب الحاجة إلى هذا الأسلوب . سادسا : جراحة اليد : هي كما يدل الاسم الاعتناء باليد وعلاج كل ما تتعرض له من إصابات وأمراض ويقتصر الكثير من الجراحين على ممارسة هذا النوع من الجراحة فقط وبالذات في المجتمعات الصناعية وعادة ما يقضي الجراح فترة سنة أو أكثر للحصول على الخبرة الخاصة في هذا المجال . سابعا : جراحة التجميل العامة : ويدخل في هذا المجال علاج الإصابات الحادة من جروح بأنواعها المختلفة وكسور في الوجه والفكين وفقدان الأنسجة السطحية وطرق تعويضها ومشاكل التقرحات السريرية وتصليح الندبات المعيبة الناتجة عن الإصابات وإزالة آثار حب الشباب وكذلك الوشم وأمور أخرى عديدة . والإلمام بأسس العلاج في هذا المجال ضروري لكل جراح تجميل . ثامنا : الجراحة الجمالية : كل ما تقدم ذكره من المجالات هو في الواقع علاج ضرورة إذ إن تركه دون علاج قد يهدد حياة المريض كما في الأورام والحروق أو يعقبه كما في حالات جراحة اليد والإصابات والتشوهات الخلقية ، وعندما نأتي إلى معرفة السبب الذي من أجله تجرى العمليات التي تعني بالشكل أساسا فهو عادة ما يكون انزعاج المريض من مظهر ما ورغبته في إصلاحه إلى مستوى مقبول . وأكثر العمليات شيوعا هي عمليات الأنف وفي حالات كثيرة تجرى كنتيجة إصابة سابقة تؤثر على شكل الأنف وقد يكون هنالك انسداد في إحدى فتحتي الأنف وفي بعض الأحيان يكون هنالك مبالغة كبيرة من المريض بتأثره بمظهر طفيف الاختلاف وهؤلاء المرضى عادة ما يكونون غير مستقرين نفسيا ومشكلتهم في شي آخر غير هذا المظهر . ثم يأتي بالمرتبة الثانية عمليات إزالة الجلد والدهن الزائد في البطن وعادة ما يتبع ذلك الحمل والولادة أو بعد تخفيف الوزن الكثير وفي معظم الأحيان يكون الترهل من الشدة بحيث يعيق الحركة والنشاط الطبيعي . ثم عمليات الثدي وأكثر ما نرى هنا في الكويت الحالات التي تستدعي تصغير الثدي الضخم جدا والتي قد يؤدي إلى تسلخات في الجلد أو ثقل زائد على الرقبة والكتفين وهنالك حالات تحصل في سن البلوغ وأخرى تأتي بعد الحمل والرضاعة. عملية التكبير قليل الطلب عليها وهنالك اتجاه علمي بأن مضاعفات إجراء هذه العملية كثيرة لدرجة أن إجراءها لا ينصح به . ثم تأتي عمليات التجميل للجفون وجلد الوجه وليس هنالك طلب كبير عليها غير أن المصابين بتجعدات شديدة في جلد الجفون أو الوجه يشعرون بتحسن كبير بعد إجراء هذه الجراحة وحديثا أخذت عملية شفط الدهن المتراكم نتيجة السمنة في مناطق معينة بالجسم بالانتشار حيث يدخل أنبوبة امتصاص تحت الجلد ويشفط بواسطتها كميات مختلفة من الدهن . المرضى هنا كما ذكرت تتراوح مشكلتهم بين الوهم والحقيقة ، فعلى جانب هناك مشال صحية ومعاناة جسدية وعلى جانب آخر هناك تأثر نفسي بشيء طفيف غير ملحوظ ونحن نحاول جاهدين في اختيارنا وقبولنا لإجراء العمليات أن نساعد من نرى أنه يعاني من مشكلة حقيقية غير أن الحكم في كثير من الأحوال لا يكون سهلا . عمليات تغيير الجنس : هذه العمليات تجرى في الغرب الآن في مراكز كثيرة كعملية روتينية سواء كان تحويل الذكر إلى أنثى أو العكس وفي الأول يجري استئصال العضو الذكري وبناء مهبل وعملية خصاء وتكبير الثديين وفي الحالة الثانية استئصال الثديين وبناء عضو ذكري وإلغاء القناة التناسلية الأنثوية بدرجات متفاوتة ويصحب كل ذلك علاج نفسي وهرموني وهؤلاء المرضى يشعرون بكراهية للجنس الذي ولدوا عليه نتيجة لعوامل مختلفة قد يعود أغلبها إلى فترات مبكرة في حياة الإنسان وتربية غير سليمة وهم لا يوجد أي لبس في تحديد جنسهم سواء مظهريا أو غيره عند الولادة كحالات الخنثى غير الكاملة وكثير منهم يقوم بدوره كاملا ويتزوج وينجب على حالته التي خلقه الله سبحانه وتعالى عليها ثم ينتاب هؤلاء المرضى شعور يأخذ بالطغيان وطالما كان مكبوتا بالرغبة في التخلي عن جنسه الطبيعي وممارسة الحياة ضمن الجنس الآخر . لا أريد أن أطيل في التحليل لمشاكل هذه الفئة من الناس غير أنه لا يوجد لدى أدنى مجال للشك في أن مثل هذه العمليات هي ضرب من التطاول على مشيئة الله سبحانه وتعالى بتحديد جنس المخلوق وإذا كان اللواط في السابقين قد استدعى عذابا من الله مباشرا بخسفهم فإن الشذوذ عن الطبيعي هنا يأخذ صفة التمادي في المنكر . لقد حاولت أن أعطيكم صورة واقعية بقدر الإمكان عن نشاطات هذه الجراحة وميادينها المختلفة ويسعدني أن أجيب عن استفساراتكم وأسئلتكم .