تتراوح نسبة الأشخاص الذين مروا بحالة إغماء أو فقدان مؤقت للوعي في مرحلة معينة من حياتهم ما بين 30-50% من بين سكان الكرة الأرضية. هناك عدد كبير جدًا من أسباب وقوع الإغماء ولكن السبب الشائع بينها هو حدوث انخفاض مفاجىء في ضغط الدم الأمر الذي يؤدي إلى نقص مؤقت في كمية الدم والأكسجين المتدفقة نحو المخ. وفي الغالب، وليس دائمًا، ما يشعر الأشخاص المصابين بالدوخة أو الدوار قبل حدوث الإغماء وربما يذكرون أنهم قد فقدوا الرؤية أو السماع بشكل تدريجي قبل أن يفقدوا وعيهم. وكذلك ربما يذكرون أنهم قد أصابهم الشعور بالغثيان أو القيء أو تصبب العرق أو الشعور بسرعة وحدة في دقات القلب. دائمًا ما ترتبط حالات الإغماء وفقدان الوعي الحقيقية بفقدان التوتر العضلي الأمر الذي يؤدي إلى سقوط المريض على الأرض إذا كان ناهضًا في هذا الوقت. وفي بعض الأحيان يسقط المريض مغشيًا عليه نتيجة لنقص كمية الأكسجين المتجهة نحو المخ ويجب عدم الخلط بين هذه الحالة وبين النوبات المصاحبة للصرع. وبمجرد السقوط على الأرض، غالبًا ما يستأنف تدفق الدم وصوله للمخ على وجه السرعة وفي العادة يسترد المريض وعيه في غضون دقيقة أو اثنتين؛ بالرغم من أن نوبة الإغماء هذه غالبًا ما تبدوا أطول بكثير من ذلك. يشار إلى الإغماء أيضًا بالمصطلح الطبي "الغشيان" وهذه الكلمة مأخوذة من كلمة يونانية معناها الحرفي "انقطاع مؤقت". يعتبر الإغماء من الحالات شائعة الحدوث والتي يتعامل معها معظم الناس على أنها "أحد الحالات المعتادة" وفي الغالب لا يلجئون إلى طلب التفسير الطبي لهذه الحالة إلى بعد تكرارها لعدة مرات. ويرجع أكثر أنواع الإغماء شيوعًا إلى التفاعل اللاإرادي الذي يحدث بين الجهاز القلبي الوعائي والجهاز العصبي، وهو التفاعل الأساسي الذي يتحكم في معدل نشاط القلب ودرجة استرخاء الأوعية الدموية بالجسم. ولعل أكثر أنواع الإغماء شيوعًا، والذي اشتهر بواسطة ممثلات هوليود في أفلام السود والبيض التي قدمت خلال الأربعينينات والخمسينيات، وهو عبارة عن نوبة انهيار قصيرة تنتج عن الشعور بعاطفة أو بألم شديد. في العادة يستخدم المصطلح "وعائي مبهمي" للإشارة إلى ذلك النوع من الإغماء وذلك إشارة إلى العلاقة الوثيقة بين الأوعية الدموية والجهاز العصبي في جسم الإنسان. في معظم الحالات يوفر الوصف الدقيق للظروف المحيطة بمكان تواجد المريض أثناء الإصابة وكذلك الوصف التفصيلي لأي شاهد عيان - إذا توفر - معظم المعلومات الازمة لإعداد التشخيص الدقيق للحالة. تساعد الفحوصات البسيطة التي يتم إجرائها مثل رسم القلب الكهربي - أو (ecd) - وفحص الموجات فوق الصوتية للقلب - أو "الصدى" - في تشخيص المرض الذي يصيب هيكل القلب، ويتم إعداد التشخيص الجيد لمثل هذه الحالة. وغالبًا لا يستفاد من التسجيلات الخاصة بالنشاط الكهربي للمخ - رسم المخ الكهربي أو (eeg) - وفحوصات مسح المخ. وقد تقع حالات الإغماء الأخرى نتيجة الحركة المفاجئة للرقبة أو أثناء التبول أو أثناء اللعب على الة نفخ مثل البوق! بصرف النظر عن أنواع الإغماء المعروفة بحالات الإغماء الناتجة عن رد الفعل اللاإرادي، ربما يحدث إغماء أيضًا نتيجة سرعة أو بطء نظم القلب وربما يحدث نتيجة لاضطرابات عضلة القلب أو في وظائف الصمامات وكذلك في الحالات المرتبطة بالجهاز العصبي مثل أمراض البول السكري ومتلازمة "parkinson". أخيرًا، وليس أخرًا، ربما تسبب بعض الأدوية المعينة التي يتم وصفها لعلاج الأعراض المرضية الشائعة، في خفض ضغط الدم بشكل غير مقصود وربما يشعر المرضى بالدوار وقد يصل إلى الإغماء عند النهوض فجأة ويطلق على هذا العرض "الغشيان". عندما يسعى المرضى للحصول على العناية الطبية نتيجة الإصابة بفقدان متكرر للوعي، فلابد من الحصول على التقييم الدقيق لحالتهم وهذا التقيم ضروري لإستبعاد الأسباب التي ترتبط بأمراض القلب الخطيرة. ولحسن الحظ يعتبر عدد المرضى الذين يصابون بالإغماء نتيجة مرض بالقلب قليل بالنسبة لمن يصاب بالإغماء المتكرر بشكل عام ولكن الجميع بحاجة إلى إجراء فحوصات وطرق للعلاج. في حالة الإصابة بمرض في عضلة القلب و/أو بأحد الصمامات فإنه يلزم إجراء الفحوص غير البضعية مثل رسم القلب الكهربي الذي يستمر 24 أو 48 ساعة لتسجيل معدل ونظم القلب أو إجراء فحص تمارين المشي وذلك لتقييم قدرة المريض وللحصول على دليل يثبت وجود اضطراب في نظم القلب أو نقص في كمية الأكسجين التي تصل لعضلة القلب أثناء إجراء التمرين. في بعض الحالات يعتبر إجراء الفحوصات البضعية، مثل الدراسات التشخيصية للقثطرة القلبية و/أو الدراسة الخاصة بكهربية القلب - المعروفة ب "وظائف الأعضاء الكهربية أو الدراسة (ep)" -، ضروريًا لتحديد طبيعة أية مشكلات تتعلق بالشعيرات الدموية أو صمامات القلب أو الوظائف الكهربية به. وفي حال عدم العثور على سبب لحالة الإغماء المتكررة واستمرت مع المريض برغم التزامه بالمشورة الطبية وبرغم تلقيه للإجراءات العلاجية البسيطة (انظر فيما يلي)، عند ذلك قد يتم إجراء فحص خاص تم تصميمه للتأثير على التفاعل اللاإدرادي بين كل من الجهاز القلبي الوعائي والجهاز العصبي. يعرف هذا الفحص ببساطة بأنه "اختبار سرير الفحص المتحرك" ويشتمل هذا الفحص على مرحلة تمهيدية أو أساسية يستلقى المريض خلالها على طاولة متحركة مزودة بأربطة للقدم وأربطة أمان. بعد اجتياز المرحلة الأساسية، يتم إمالة الطاولة لتصبح في الوضع الرأسي بحيث يبدوا الشخص منتصبًا لمدة تتراوح ما بين 20 إلى 40 دقيقة في الوقت الذي تستمر فيه التسجيلات الخاصة بمعدل نشاط القلب وضغط الدم. في بعض الحالات يتلقى المريض بعض الأدوية خلال إجراء الفحص وذلك لتحسين دقة الفحص. وفي حال إصابة المريض بحالة إغماء أثناء إجراء الفحص - الأمر الذي يحدث لنصف عدد المرضى الذين يخضعون لهذا الاختبار - عند ذلك يقوم الطبيب المعالج بجمع المعلومات الخاصة بطبيعة حالة فقدان الوعي المؤقت التي تصيب المريض (بمعنى أن يتحقق من أن السبب في الإغماء يرجع في الغالب إلى حدوث تغير في دقات القلب أو إلى تغير في ضغط الدم أم أنه يرجع إلى تغيرات فورية في كل من معدل نشاط القلب وضغط الدم). وفي جميع الحالات يسترد المريض وعيه على وجه السرعة بعد إعادة الطاولة إلى الوضع الأفقي. في الحالات الأخرى ربما يلزم زراعة "مسجل مزود بدائرة كهربية مغلقة" والذي يتم الإطلاع عليه باستمرار وكذلك يتم تسجيل أي تغيرات شاذة تتعلق بسرعة أو بطء نظم القلب خلال فترات ربما تصل إلى 18 شهرًا؛ وتستخدم المعلومات التي يتم تسجيلها بشكل ذاتي والخاصة بمعدل نشاط ونظم القلب في أي وقت يتعرض فيه المريض لنوبة إغماء في إعداد التشخيص وبالتالي فإنها تساعد في تسهيل علاج المريض. تشتمل طرق العلاج الفورية بالنسبة للمريض المصاب بنوبة إغماء على استدعاء المساعدة ثم القيام بحماية أو ضمان عدم تعرض المريض لإصابات بقدر المستطاع. ولابد أن يتأكد الفرد على وجه السرعة من أن المريض يتنفس ومن وجود النبض. وفي مثل هذه الحالات ينبغي أن يُسمح للمريض بالإستلقاء على جانبه أو جانبها بشكل يوفر له الراحة. ربما يساعد رفع ساقي المريض في سرعة إفاقته وينبغي عدم ارتكاب الخطأ الشائع وهو محاولة رفع رأسه لأن هذا يؤدي في الغالب إلى إطالة مدة نوبة الإغماء وتفاقمها. ربما تشتمل طرق العلاج الخاصة بالمرضى الذين يعانون من نوبات إغماء متكررة على تقديم النصائح لهم بضرورة تجنب المواقف التي تتسبب في حدوث الإغماء (مثل السفر في قطار مكتظ بالمسافرين في طقس دافىء) والزيادة في كمية الملح والماء التي يتناولها المريض واستخدام الجوارب الضاغطة وتناول أدوية معينة وفي حالات عرضية يوصى بزراعة منظم القلب. ويمكن أن ينتفع المرضى الذين يصابون بنوبات إغماء نتيجة سرعة نظم القلب على نحو مضطرب من تقنيات (key-hole) للتخلص من أو لإجتثاث الدائرة الكهربية المضطربة والمسئولة عن الاضطراب في نظم القلب أو الاستفادة من زراعة جهاز إزالة الرجفان المصغر. بالرغم من ذلك فإن الغالبية العظمة من المرضى الذين يصابون بنوبات إغماء متكررة يصابون بالأشكال المتنوعة للإغماء الناتج عن التفاعل اللاإرادي بين الجهاز القلبي الوعائي والجهاز العصبي أو "الإغماء الوعائي المبهمي" في الوقت الذي يعمل فيه القلب بشكل طبيعي ويتم تشخيص حالتهم على أنها جيدة جدًا.