استئصال اللوزتين في وضع تتنوع فيه الأفكار والاجتهادات، وتتضاعف فيه نسبة السلبيات، خصوصاً النزيف المباشر في أول 24 ساعة بعد إجراء العملية، لتصل في بعض الأحيان إلى نزيف قوي، قد يصل بصاحبه إلى الموت، ترى اللجنة العليا لتخصص الأنف والأذن والحنجرة أن توضح التفسير العلمي لهذا الموضوع الهام، وتبين أن من واجبنا توضيح تحديد الوقت المناسب لاتخاذ قرار إجراء عملية استئصال اللوزتين.هناك ثلاثة أسباب رئيسية يتوجب عندها إجراء عملية استئصال اللوزتين، وهي:أولاً: عندما يصبح حجم اللوزتين كبيراً متضخماً لدرجة تجعله يؤثر على مجرى التنفس.ثانياً: الالتهاب المتكرر للوزتين ثالثاً: في حالة الشك بوجود أورام في اللوزتين. السبب الأول:يحدث عند بعض الأطفال تضخم في اللوزتين وفي لحمية الأنف، التي تقع في القسم الأعلى من البلعوم، أي خلف فتحة الأنف الخلفية لدرجة، تؤدي إلى الانسداد الجزئي لجهاز التنفس من الأنف، الذي يجعل الطفل يتنفس من الفم، مما يؤدي إلى الانحراف في وضع اللسان، كما يؤثر على تطور الفك العلوي، وكذلك على وضع الأسنان، السبب الذي يؤدي إلى صعوبة في النطق، وإلى التلعثم.. ومن ثم يؤدي إلى الالتهابات المزمنة في الأنف، أي في الجيوب الأنفية، التي هي في بداية نموها أي تكوينها.وكذلك فإن تضخم اللوزتين يؤدي إلى صعوبة في التنفس أثناء النوم، لتصل في بعض الأحيان لدرجة إيقاف التنفس لبضع ثوانٍ الذي نسميه:" "obstructive sleep apnea syndrom "osas مما يجعل الطفل أثناء النهار متعباً، متنكداً، يستفز بسهولة، وينام في الصف، وهذا بدوره يؤدي إلى الضعف في النمو الجسدي والفكري.هذه المؤشرات إليها أهميتها خصوصاً في سن الطفولة، إذ عندما يكون الطفل عمره أقل من أربع سنوات، لا نقوم باستئصال اللوزتين، لكن من الممكن في بعض الحالات أن نجرد لحمية الأنف " adenotomy" وأيضاً يمكن استئصال أجزاء من اللوزتين حتى يتم تحرير مجرى التنفس ليستطيع الطفل التنفس الطبيعي من الأنف.السبب الثاني: أي التهابات اللوزتينمن المحتمل أن يصاب الطفل من 4 – 6 مرات في السنة بالتهابات اللوزتين والتهابات في الجهاز التنفسي، والأذن الوسطى، وحتى في الأمعاء والمعدة.أما التهاب اللوزتين فثلثها (3/1) يحدث بسبب البكتيريا، خصوصاً " streptocuccus group a"أي " بكتيريا الستربتوكوك الفصيل أ "ولكن معظم التهابات اللوزتين يكون بسبب الفيروسات ، وهي أكثر من التهابهم بالبكتيريا، وبالطبع قد يكون الاثنين سوياً هم السبب في الالتهابات الحادة، هنا يجب استعمال جميع الطرد الوقائية والمخفضات للحرارة حتى بواسطة المضاد الحيوي مثل " penicillin g" ومن أهم الأسباب التي تؤدي لعدم نجاح العلاج وكثرة تكرار الالتهابات هو أنه 10 % من المرضى يتناولون العلاج المضاد الحيوي لمدة 9 – 10 أيام، أما الغالبية العظمى من المرضى فإنها لا تستمر بالعلاج سوى لبضعة أيام فقط، أي عندما تنخفض درجة الحرارة ويصح الطفل ولو ظاهرياً يتوقف إعطاء الدواء وهذا خطأ.إذن يجب تناول المضاد الحيوي لمدة 10 أيام.إن تكرار الالتهابات القوية في اللوزتين ولحمية الأنف يؤدي إلى مضاعفات عديدة ومختلفة حتى تكوين الخراج أي تجميع البكتيريا في داخل اللوزتين، ونحن نعلم أنه في هذه المرحلة من المرضى يكون من الصعب التغلب على هذا الخراج بالمضادات الحيوية، فيكون القرار في معظم الحالات هو " استئصال اللوزتين " حتى نحمي الجسم من تكرار الالتهابات وبالتالي من المضاعفات.أما بخصوص تحديد عدد مرات تكرار التهابات اللوزتين كدليل مساعد لأخذ قرار استئصال اللوزتين، فهناك آراء عالمية ومحلية مختلفة عن بعضها البعض، وكلها تقريباً تعتمد على دراسة كبيرة موحدة من الثمانينات من القرن السابق.لهذا فلو أخذنا بنصائح mayo clinic/usa كعامل مساعد لأخذ القرار فنرى بخصوص تكرار الالتهابات ما يلي: - 5 مرات أو أكثر من الالتهابات خلال سنتين متتاليتان.- 7 مرات أو أكثر من الالتهابات خلال سنة واحدة. هذا مع عوامل مساعدة للتأكد منها وهي:· عند إجراء الفحص العادي للوزتين وأفرازها من بقايا البكتيريا المتجمعة في جيوب اللوزتين.· تضخم في الغدد اللمفاوية وخصوصاً المتواجدة تحت زاوية الفلك السفلي.· المتابعة الدقيقة عند الطبيب، وخصوصاً طبيب أخصائي الأطفال.· إعطاء المضاد الحيوي لمدة كافية كما ذكرت سابقاً، ويجب أن تكون نوعية المضاد الحيوي مناسبة.هذا يعني أنه من المفروض التشدد في أخذ القرار للاستئصال كلما كان عمر الطفل صغيراً، فعندما يكون الطفل أقل من أربع سنوات.فإنه لا ينصح بإجراء عملية استئصال اللوزتين إلا في الحالات الخاصة كما ذكرت، ومن أهم الأسباب لذلك أن جهاز الغدد اللمفاوية " waldiar ring" المسؤول عن الدفاع في الجسم وتقويته وقيامه بتكوين جهاز المناعة لا يكون مكتملاً حتى هذا العمر.وأن اتخاذ أي قرار جراحي يجب أن يتم بالتشاور مع طبيب العائلة، وأخصائي الأطفال الذي يكون مراقباً لحالة الطفل لمدة طويلة، حيث يقوم بالشرح الكافي والكامل للوالدين من ناحية فوائد ومضاعفات ممكنة، وخصوصاً النزيف الممكن حدوثه بعد إجراء العملية، وأخذه مأخذ الجد.وبهذا يكون أخذ القرار النهائي بإجراء العملية لكل حالة على حدة، ويراعى فيها العوامل التي ذكرت أعلاه.ومن الأسباب النادرة لأخذ قرار إجراء عملية استئصال اللوزتين عندما يكون هناك فتحة خلفية في .... الرقبة.إذ عند متابعة هذه الفتحة في الرقبة نجد أنها تصل إلى داخل البلعوم، أي من الطرف العلوي للوزة وبهذا فإنه يجب استئصال اللوزتين للتخلص من هذا الخراج.· عندما يثبت أن هناك أنواع من البكتيريا الخطرة مثل tbc السل والدفتيريا diphteria داخل اللوزتين.· عندما يحدث من تكرار الالتهابات بعض التكلسات داخل اللوزتين أي في حجر اللوزتين.· قبل عمليات زراعة الكلى أو القلب قبلاً، وفي بعض الحالات (الأمراض) الجلدية المستعصية، حتى نتفادى أي الالتهابات موجودة في الجسم. السبب الثالث:وهي عندما يكون هناك احتمال وجود أورام حميدة أو خبيثة في اللوزتين.في هذها لحالة يجب استئصال اللوزتين وإرسالها للفحص المجهري للأنسجة للتعرف على نوعية الورم، ففي بعض الأحيان وبالرغم من أنه نادر جداً، نجد في سن الطفولة أورام الخلايا اللمفاوية، وعند الكبار في العمر نجد في بعض الأحيان أوراماً سرطانية.عملية استئصال اللوزتين بالكامل أو استئصال جزئي للوزتين:ان عملية استئصال اللوزتين مثلها مثل أي عملية جراحية فإن من واجب الطبيب أن يقيم فوائد ومضار إجراء هذه العملية، وذلك لكل حالة بحد ذاتها أي بخصوصيتها.ففي حالة وجود تضخم كبير في اللوزتين ، كما ذكرت سابقاً، بدون أن يكون هناك تكرار في الالتهابات، وعندما يكون الطفل عمره أقل من أربع سنوات، فإن استئصال أجزاء من اللوزتين يكون بهذه الحالات النادرة هي الطريقة الأفضل من استئصال اللوزتين كلها، أي استئصال حتى الغلاف الذي يحتويهما.3. أخذ القرار من طبيب أخصائي، الأنف والأذن والحنجرة، أخذ القرار بإجراء عملية استئصال اللوزتين يجب أن يكون من الأخصائي الذي سيقوم بأجراء العملية، لذا فإنه يتحمل المسؤولية الكاملة لعمله، ومن المفهوم أن أخذ مثل هذا القرار يتطلب موافقة الوالدين والمريض، بعد التشاور والأخذ بآراء الأطباء الذين عالجوا المريض من قبل مثل، طبيب العائلة، وطبيب أخصائي الأطفال.4. النزيف بعد إجراء العملية:بعكس جميع الحالات الجراحية، يبقى الجرح بعد استئصال اللوزتين مفتوحاً ولا تتم خياطته أو إغلاقه، وبالرغم من الحرص الدؤوب لإيقاف نزيف الدم من حاوية اللوزتين أثناء العملية بطرق مختلفة فإنه لا بد من أن ينزف بعض الدم من هذا الجرح المفتوح جزئياً خصوصاً بعد أن يخرج المريض من غرفة العمليات، لذلك فإنه المطلوب هو الانتباه التام للطفل، خصوصاً في حالة النوم، ومراقبته والتأكد قبل مغادرة المستشفى بأن فمه خالٍ من الدم ، وأنه لا يبلع دم، وعلى الأهل أيضاً مراقبة ذلك في البيت لمدة حوالي اسبوعين، وهذه هي المدة التقريبية كي يلتئم الجرح المفتوح في الفم أي المكان الذي كانت فيه اللوزتين.هناك نوعان من النزيف بعد إجراء استئصال اللوزتين.أ. الأول: ممكن أن يحدث خلال أول 24 ساعة، بعد إجراء العملية وهذا ما نسميه النزيف المبكر.ب. أما النزيف الذي يمكن أن يحدث في القليل من الحالات ويحدث هذا بعد (6 – 10) أيام، ويسمى النزيف المتأخر وكما قلنا فإن أخطر شيء هو النزيف في اليوم الأول بعد إجراء العملية، وفي معظم الحالات يجب أن يعاد الطفل إلى غرفة العمليات، والتفحص التام، وإيقاف النزيف بطرق مختلفة، وأما إذا نزف الطفل بعد خروجه من المستشفى أي عندما يكون في البيت، فالخطورة تكون بالدرجة الأولى من الناحية اللوجستية، والنفسية بالنسبة للوالدين والطفل.لذا فإنني أنصح الوالدين أن يكونوا على أتم الاستعداد لتوفير سبل الوصول إلى المستشفى – في حالة النزيف – بسيارتهم الخاصة، أو الطلب من سيارة الإسعاف، إن أمكن، هذا يجب أم يكون مخططاً له قبل إجراء العملية (أي يجب التفكير به)، ومن الأفضل أن يكون المريض بعد إجراء العملية قريباً، بقدر الإمكان من المستشفى.وأما أسباب النزيف المتأخر - فإن الجرح المفتوح أي المكان الذي كان - يملأ من اللوزتين – لكي يلتئم الجرح – يبني قشرة تعطي الحيز كله على سطح الجرح، تتكون من مواد تجلط الدم وغيرها، هذه القشرة الصفراء اللون تأخذ بالزوال تدريجياً لتررك تحتها جرحاً ملتئماً تماماً.في بعض الأحيان عندما تبدأ القشرة بالذوبان يحدث أن بعض الأوعية الدموية السطحية، تنزف بعض مشحات من الدم، ولكنه في العادة يكون خفيفاً بدون تأثير، هذا ما يحدث مع حوالي 14 % من المرضى، وعادة يتوقف وحده دون أي تدخل. 5. النزيف المتأخر:إنه من النادر جداً أن يحدث مثل هذا النزيف، الذي يتصف بالخطورة بحيث يهدد حياة المريض، وأسباب خطورته عديدة منها:أولاً: أن كمية النزيف تكون كبيرة بالنسبة للأطفال لأن كمية الدم عندهم في هذا العمر تكون أقل من الكبار طبعاً.ثانياً: أن الطفل يبلع كمية كبيرة من الدم دون أن يلاحظ الأهل.ثالثاً: من المحتمل أن يدخل هذا الدم إلى الجهاز التنفسي وبهذا يعيق التنفس، وهذا ما يحدث نادراً جداً. 6. الجراحة في العيادات اليومية:من خبرتنا الخاصة، واستناداً إلى المراجع العلمية، فإنه من المتعارف عليه بأن النزيف عند الأطفال بعد استئصال اللوزتين يكون أقل منه عند الكبار في السن، ولكن المضاعفات لهذا النزيف عند الأطفال أخطر منها عند الكبار. من خبرتنا في الوطن ومن المراجع العلمية فإننا نؤكد على ما يأتي:1. أن تكون الإقامة في المستشفى على الأقل من 24 – 48 ساعة، وفي بعض الحالات يمكن أن يكون أطول من ذلك الأسباب التالية:- النزيف المحتمل وتقدير كمية الدم المفقود لكي يعوض عنه بطريقة إعطاء السائل في الوريد.- الأوجاع وعلاجها.- طريقة المساعدة على تناول الطعام الخاص، والبدء في شرب السوائل.ت. أخذ مثل هذا القرار يجب أن يبقى بيد الطبيب الأخصائي الذي أجري العملية بالتنسيق مع المريض وأهله، هذا يكون في الحالات التي تم فيها خسارة كميات كبيرة من الدم، أو إذا كانت وسائل النقل من البيت إلى المستشفى صعبة، مثل وجود حواجز إسرائيلية على الطريق، أو إذا كانت ظروف المريض لا تسمح له بالعناية الكافية في الأيام الأولى بعد إجراء العملية.ث. في حالة استئصال لحمية الأنف (adentomy) يمكن أن يتم ذلك في العيادة اليومية، على شرط أن يكون الوصول إلى المستشفى سهلاً، وأن يكون الوالدان على استعداد، وقادرين على علم بما يجب أن يقوما به عند الحاجة.7. تعليمات الوالدين وللمريض بعد استئصال اللوزتين:- يجب الشرح الوافي للوالدين – بدون تخويفهم – في حالة النزيف، بأنه يجب الانتباه ومراقبة الطفل خصوصاً أثناء النوم لمدة تقل عن اسبوعين.- على المريض ألا يجهد نفسه أي : لا يلعب، ولا يشارك بحصص الرياضة البدنية، ولا يركب طائرة ليسافر مسافات بعيدة.- عدم تناول الأدوية المميعة للدم مثل (اسبيرو " ass")لأنها من المحتمل أن تساعد على حدوث النزيف.- إعطاء المريض والأهل تعليمات مكتوبة حول كيفية تصرفهم عند وجود الأوجاع، وعند الأكل ولصعوبة بالبلع وأخذ العلاج اللازم لذلك، والانتباه الكامل خصوصاً عند النزيف.