رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد التعليمي هو منهج متكامل يسهم في ترسيخ ثقافة التميز    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    الإسكان تعلن تخصيص قناة رسمية لوحدة التواصل مع المستثمرين والمطورين العقاريين    نجيب ساويرس: الحكومة ليست منافسا للقطاع الخاص وطرح المصانع المتعثرة بسرعة مفتاح جذب الاستثمار    رئيس الوزراء يفتتح مصنع إنتاج الطلمبات الغاطسة بشركة قها للصناعات الكيماوية.. مدبولى: توجيهات رئاسية بتوطين الصناعة وبناء القدرات البشرية والبنية التحتية.. ووزير الإنتاج الحربي: تقلل الفاتورة الاستيرادية    هبوط مؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات بضغوط مبيعات عربية وأجنبية    بنهاية عام 2025 .. خبير سياحي يتوقع استقبال 19 مليون سائح    مصر ترحب باعتماد الأمم المتحدة قرارين يؤكدان الحقوق غير القابلة للتصرف للفلسطينيين    مصر ترحب باعتماد الأمم المتحدة قرارين يؤكدان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني    زيلينسكي: واشنطن تعهدت بأن يدعم الكونجرس الضمانات الأمنية    كييف تعلن إسقاط 57 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    بطل سيدنى السورى.. تفاصيل رسالة أحمد الأحمد قبل سوء حالته وفقد الإحساس بذراعه    أحمد صلاح وأحمد سعيد يفسخان تعاقدهما مع السويحلي الليبي    بيان جديد من الزمالك بشأن تحقيقات النيابة العامة في ملف أرض أكتوبر    غزل المحلة: الأهلي لم يسدد حقوق رعاية إمام عاشور    ضبط شبكة لاستغلال أطفال في أعمال التسول بالقاهرة    إحباط محاولة تهريب سجائر وشيشة إلكترونية داخل 10 حاويات بميناء بحري    نقل جثمان طالب جامعى قتله شخصان بسبب مشادة كلامية فى المنوفية إلى المشرحة    المنتج تامر مرتضى يدافع عن الست: الفيلم وطني بنسبة 100% وصعب يوصف بعكس ذلك    من الفتوى إلى هندسة الوعى..الجلسة العلمية الثالثة للندوة الدولية للإفتاء تناقش "الأمن الحضاري للوعي" و"استدامة الثوابت"    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    محمد فراج يبدأ تصوير مسلسله الجديد "أب ولكن" وعرضه على شاشات المتحدة    وزارة الصحة تصدر أول دليل إرشادى لمواجهة إصابات الأنفلونزا بالمدارس    الرعاية الصحية تستحدث خدمة تثبيت الفقرات بمستشفى دراو المركزى بأسوان    تجديد بروتوكول تعاون بين البنك المركزي وصندوق مواجهة الطوارئ الطبية والأمراض الوراثية    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    من المرشح الأبرز لجائزة «ذا بيست» 2025    الأهلي يقترب من حسم صفقة سوبر.. وتكتم على الاسم    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الخارجية يؤكد أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار بغزة    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير العملية التعليمية بمدرسة الشهيد عمرو فريد    بالفيديو.. تفاصيل بروتوكول التعاون بين "الإفتاء" و"القومي للطفولة" لبناء الوعي المجتمعي    منها التهاب المعدة | أسباب نقص الحديد بالجسم وعلاجه؟    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بمدرسة كفر عامر ورضوان الابتدائية بكفر شكر    ضبط جزار ذبح ماشية نافقة خارج المجزر بمدينة الشهداء بالمنوفية    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    الخريطة الزمنية للعام الدراسي 2025–2026.. امتحانات نصف العام وإجازة الطلاب    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    الذهب يرتفع وسط توقعات بخفض جديد للفائدة في يناير    خروقات متواصلة.. الاحتلال يرتكب 5 انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار في لبنان    البدري: الشحات وأفشة مرشحان للانضمام لأهلي طرابلس    مباراة دراماتيكية.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في الدوري الإنجليزي    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    تعيين وتجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العينى    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد القادر مصطفى يكتب: الخطاب الديني بين التجميد والتجديد!

«بداية، لابد من الجزم بأن صلاحية الدين واستيعابه لمستجدات الزمان والمكان حقيقة جازمة لا تقبل الشك»
ليس من المعقول أن يتقدم العلم بسرعة الضوء في شتى ميادين الحياة، ولا زال خطباء المساجد في كثير من أرجاء الأمة يتحدثون عن بديهيات في أمور الدين، وكأنها كل الدين، لكثرة ما يقال فيها وحولها، حتى انحصر الخطاب الدعوى في قوالب صماء، لا تواكب حركة الحياة، ولا تستوعب متغيرات اللحظة، ولا ترضى طموح النفس البشرية التي تبحث عن الجديد، هروباً من التكرار والملل، ومن زاوية أخرى لا زالت كثير من الفتاوى والآراء الدينية تصدر بشأن سطحيات لا تمس حياة الناس لا من قريب أو بعيد، بل توجج نيران التناحر وتؤصل للجدل العقيم الذي لا طائل من ورائه، ومن زاوية ثالثة لا زالت فرق وجماعات تستخدم الدين كوسيلة لتفتيت وحدة المجتمع والخروج عن السياق العام، تحت دعاوى الإصلاح والتغيير.. الخ.
في كل لحظة يتمخض رحم العلم عن جديد، في هيئة اكتشاف، أو ابتكار، أو اختراع، أو إبداع ، تندهش له الألباب، وتشخص له الأبصار، وتنصرف له الأسماع، لأن للجديد بريق يشبع فطرة - مستقرة في النفس البشرية - تتلهف دوماً إلى معرفة المجهول، المختبئ في جوف الصخر، أو المطمور في باطن الأرض، أو الغائص في قاع البحر، أو السائح في جو السماء، حتى وإن ضلت السبيل إلى ذلك، لكن يبقى الأمل ملازماً للنفس البشرية، ولا ينقطع عنها حتى تصل في يوم من الأيام إلى ضالتها المنشودة فتميط اللثام عن بعض أو كل ما تمنت أن تدركه من أسرار عن الحياة والأحياء والكون.
هذا الجديد في شئون الدنيا أصابه وحققه عقل بشرى، يبحث و يستنبط ويبنى نظريات جديدة، فلماذا لا يكون هناك سعى وبنفس الخطى على طريق إنتاج أفكار ومفردات جديدة في مجال الدين تُثرى الأصل وتدعمه ولا تصطدم به من ناحية، وتفسر وتستوعب تلك النظريات من ناحية أخرى، وتقدم آراءً تلبى متطلبات العصر المتجددة من ناحية ثالثة.
إن قضية تحديث الخطاب الديني في ظل المعطيات الراهنة والمتغيرات المتدافعة، لم تعد ضرباً من ضروب التسلي أو الترف، ولم تعد كذلك محض اختيار نأتيه أو لا نأتيه، إنما أضحت قضية وجود أو تلاشى، قضية حياة أو موت، قضية إثبات للذات، وتأكيد للهوية، خاصة بعدما كَثُر عدد الراشقين لفكر ولدين هذه الأمة بسهام التخلف والرجعية والجمود، ولا تكاد تمر مناسبة حتى نصاب بسهم دام ٍفي كبريائنا وكرامتنا وديننا، الأمر الذي يفرض بإلحاح أكثر من أي وقت مضى، ضرورة البحث عن منطلقات جديدة ومبتكرة ترتكز على المعاصرة في إبداء وجه نظر الدين بمفردات جديدة قابلة للهضم والفهم والحياة، فلكل عصر لغته ومفرداته، على أن تعبر هذه المفردات عن عظمة ديننا، وعن هويتنا، ولا تكون ردة فعل نساق إليها من طرف أو آخر.
لهذا كان لزاماً أن نعيد قراءة السيرة النبوية بشيء من التريث والتأمل، لأنها الترجمة العملية والبلورة الواقعية والتعبير الأمثل عن الدين الإسلامي بشرائعه وشعائره، وأوامره ونواهيه، وحدوده وأركانه، لنعرف كيف نعبر عن الدين واقعياً وحياتياً، كما عبر عنه النبي الكريم، إذ كان خلقه القرآن، ورغم هذا لم ينكر النبي على صحابته الاجتهاد في أمور الدين، والابتكار في أمور الدنيا، وفى قضايا ذات اختلاف وشورى، كان النبي ينزل على رأى أصحابه ويقر بصحته وصوابه، بل كان القرآن الكريم ينزل موافقاً لما اجتهد به صحابة رسول الله، وفى هذا أروع دعوة من الإسلام لأهله وأتباعه إلى إعمال العقل والفكر لاستنباط واستنتاج الجديد في شئون الدين والدنيا، في ضوء التأويل الرشيد للنص القرآني والنص النبوي، وبما يحقق مصالح الخلق.
إنَّ القرآن الكريم نزل متفرقاً حسب الأحداث والوقائع، وفى ذلك أسطع برهان على أن الدين نزل ملبياً لصالح الناس ومصالحهم، وليس مكبلاً لعقولهم وأفكارهم، و وضعهم في قوالب ونسخ مكررة من الفكر والعمل والسلوك، و لقد احترم الإسلام اختلاف البشر، وأقر بتنوع أفكارهم وميولهم، لكنه وضع الأطر العامة حتى يصب هذا الاختلاف والتنوع في مصلحة المجتمع ككل.
ولذلك لما توفى رسول الله عليه الصلاة والسلام، جاء الصحابة من بعده فساروا على نفس الطريق الذي خطه لهم معلمهم وأستاذهم، وبذلوا كل الجهد والوسع في اقتفاء أثره والسير على سنته قولاً وفعلاً وأخلاقاً، وكانوا في ذلك نماذج بشرية مشرفة خلدها التاريخ، وشهد لها القاصي والداني والعدو والصديق.
لكن الحقيقة المؤكدة أن أحداثاً قد طرأت، وأن ظروفاً قد استجدت في حياة الصحابة وتابعيهم لم تكن موجودة في عهد النبوة، الأمر الذي دفع بهم رضي الله عنهم نحو البحث عن دلالات جديدة للنص للتعامل مع الظروف والأحداث المستجدة، بغية الوصول إلى صيغة ورؤية عملية تحقق مقاصد الشرع من ناحية، وتخدم مصالح الناس من ناحية أخرى، ولذلك اجتهد الصحابة واختلفوا في الرأي أحياناً تجاه معالجة القضية الواحدة، لكن كان الهدف النهائي هو بلورة موقف عملي يتسق مع القرآن والسنة ويعالج الموضوع أفضل علاج ممكن.
وعليه فإن دلالة النص القرآني ومرامي السنة النبوية لا تتوقف عند أشخاص بعينهم، أو عند أزمنة بعينها، إنما جاء النص ليضع بصمته الواضحة على حركة الحياة والأحياء حتى تقوم الساعة، وكل جديد يطرأ في حياة البشر يمكن استخراج النصوص التي تعالجه من القرآن والسنة، والمسألة تحتاج فقط إلى البحث والدراسة، لأن كل تطور يقع على الأرض يثمر دلالات ومفاهيم جديدة للنص القرآني أو النبوي، لا تصطدم مع الأصل بل تدعمه وتثريه، وتقيم الدليل المشهود على إعجازه وخلوده، وهذا ما ينقص الخطاب الديني في أيامنا هذه.
إن ما تناولته السطور الفائتة، ليس سوى مناقشة حول الطريقة التي يتم بها عرض مفاهيم الدين على الناس من خلال مسجد أو فضائية أو صحيفة أو موقع الكتروني أو غير ذلك، إذ يتشكل سؤالاً يرسم معالم القلق على الوجوه، تهمهم به الحناجر، وتتمتم به الشفاه، حيرة وحياءً، يبحث في لهفة عن إجابة تستقر بها النفس المضطربة وتهدأ به الأفكار المتصارعة، وهو: كيف يمكن للخطاب الديني أن يخطو على طريق التحديث والتجديد بخطوات توازى وتكافئ التطورات العلمية والبحثية عمقاً واتساعاً وسرعة، حتى لا يبقى الخطاب الديني جامداً منغلقاً يعانى العزلة عن حياة الناس وقضاياهم الجوهرية، يسبح بعيداً في عالم البديهيات، أو بالأحرى في عالم القشور والسطحيات.

والله من وراء القصد.

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.