كتب عصام البنا كنت أتمنى أن نقابل هذه الحالة الفريدة من ولادة سيادة القانون من رحم الثورة المصرية بمنهجية احترافية في التعاطي القانوني والإعلامي معها بحيث يتم التوافق علي قائمة موحدة تجمع رموز القانون المصري والدولي لتولى الدفاع عن حضارة الثورة قبل الحديث عن قضية شعب . فلا تلبث إحدى الجلسات أن تنتهي إلا وينطلق سيل جارف من الأخبار التي تحمل شكاوى أصحابها من عدم التمكن من دخول قاعة المحكمة ويذهب كل منهم إلي محاولة أثبات أحقيته في الدخول بشتى الطرق . ومن قراءة الأسباب التي أدت إلي منع البعض من حضور أحداث الجلسات في محاولة للوصول إلي علاج لهذه الظاهرة الغريبة يمكن تلخيصها في سبب واحد وهو " سوء التنظيم " فعلى الرغم من عقد المستشار احمد رفعت لمؤتمر صحفي سبق أولى جلسات المحاكمة شرح فيه استراتيجيات العمل خلال نظر القضية إلا أن التخبط ولد مع أول الجلسات وسوف يستمر - إذا لم يتم تدارك الأمر - إلي آخرها . هذا التنظيم السيئ يتحمل وزرة كل الأطراف المعنية بهذا الحدث الجلل ، فما كان يتعين فعلة إزاء اكبر واهم الأحداث التالية للثورة هو شيء من التنظيم ، يعطي للعدالة نكهة ثورية لذيذة ، فالمجتمع المدني ممثلا في الأحزاب والقوى السياسية والثورية بالتعاون مع نقابة المحامين كان علية أن يتوافق علي قائمة موحدة محددة بأسماء السادة المحامين المدافعون عن ما يسمى بالحق المدني تضم صفوة رجال القانون المصري والعالمي ردا علي ذلك التوحد والتنظيم في صفوف جيوش محامي المتهمين .فليس كثيرا علينا أن نرى فقهائنا القانونيين في رداء المدافعين عن العدالة ذلك المبدأ السامي الذي افتقدناه طويلا ، منعا لهذا التهافت الإعلامي من قبل من أوقف تنفيذ حب مصر . كما كنا ننتظر من نقابة الصحفيين دورا أكثر فاعلية في هذا الصدد فما أيسر أن تضع قائمة محددة تشمل ممثلين عن كل وسائل الأعلام المهتمة بهذا الحدث تضم نخبة الإعلام المصري وان تدعو كل وكالات الأنباء العالمية لنقل صورة الحضارة الثورية كاملة . وان تقوم اللجنة المسئولة عن ملف شهداء الثورة التابعة لرئاسة مجلس الوزراء بتحديد ممثلين عن شهداء الثورة للحضور بقصد المتابعة والاطمئنان علي حسن سير العدالة . كما كان يتعين علي رجالات وزارة الداخلية باعتبارها الجهة المنوط بها تأمين وتنظيم هذا الحدث العظيم أن تكون أكثر وضوحا في إعلان آليات دخول قاعة المحاكمة وعدم الاكتفاء بتكريس كل الجهود لتأمين المتهمين . أن كنت لا اقصد التقليل من حجم وقدرة محامينا الذين حضروا بقدر التركيز علي حسن التنظيم ، فانا استنكر الموقف السلبي لقمم فقه القانون الشماء ، فنحن يا سادة نسطر تاريخا جديدا يحمل تغيراً اجتماعياً بكل ما تحمله الكلمة من معاني . ولان أهمية هذه المحاكمة تكمن - بجانب أنها تحقق القصاص من قتلة الثوار وتحقق كذلك مبادئ سيادة القانون والعدالة - في أنها الدليل الأقوى علي نقاء سريرة الثورة الحضارية البيضاء فهل لنا أن نهيئ أنفسنا لرؤية تنظيماً ثورياً في قادم اللقاءات .خاصة بعد أن اتخذ سيادة المستشار احمد رفعت قراره بمنع النقل التليفزيوني للحدث لتحقيق نوعا من الهدوء الذي افتقده طوال الجلسات السابقة ، وليس رغبة منه في حجب رؤية أول عدالة في تاريخ مصر عن أعين مشتاقيها . ولكن حان الوقت الآن لنترك مساحة من الهدوء تعمل من خلالها هيئة المحكمة حتى يكتب لها ولنا جميعا دخول أوسع أبواب التاريخ المفتوح علي مصراعيه الآن