شكاوى كثيرا ما نسمعها من الامهات هذه الأيام وللاسف تتأخر أغلب الأمهات فى التوجه للطبيب أو طلب المشورة نظرا لموروثاتنا الشرقيه من استشاره الأم أو الجارة والتان عادة ما تنصحان الأم بالصبر وتعللان ما يعانى منه الطفل من تأخر او اضطراب فى الكلام بان له عم او خال قد عانى من مثل هذه الحاله وتكلم بعد ذلك فى سن متأخرة دون اللجوء للعلاج او قد ترجع النصيحة حاله الطفل الى الخجل او الى غيرها من الاسباب التى تدفع الام للتأخر فى اكتشاف او الاعتراف بمشكلة طفلها وبالتالى تأخر العلاج. وفى الواقع فان الاكتشاف المبكر لامراض اللغة والكلام وعيوبهما يساعد كثيرا فى العلاج السليم والسريع ايضا للطفل.
من هنا يجب على الأم أن تتعرف على الأسس والقواعد اللغوية التى من خلالها تستطيع تحديد مشكلة طفلها , ويجب أن تفرق الأم بين (الكلام _ اللغة _التواصل ) حيث أنها مهارات منفصلة عن بعضها وتنمو بشكل منفصل وكلها مطلوبة معا ليتمكن الطفل من الكلام بشكل جيد. تعرف هذه المهارات بشكل مبسط على النحو التالى: الكلام: هو القدرة على اصدار الأصوات بشكل صحيح ووضعها مع بعضها لتتناسب مع اطار الصوت والايقاع الصحيح.
اللغة: وتحتوى على شقين:المفردات والقواعد حيت تتكون االمفردات من كلمات منطوقة او رموز او اشارات أما القواعد فهى النظام الذى توضع الكلمات والرموز والاشارات من خلاله بجوار بعضها لكى توصل المعنى او المفهوم من شخص لآخر.
وهناك ثلاثة محكات رئيسية للحكم على اضطراب النطق والكلام وهى:
اختلاف كلام الطفل عن الكلام العادى. تشويه الرسالة. عدم التواصل.
وهناك فارق بين الامراض التى ترتبط او تؤدى لاضطراب النطق والكلام وبين الاضطرابات التى لا ترجع للامراض وانما تنشأ كنتيجه للحرمان البيئى أو الثقافى أو العاطفى والاضطرابات هى ما نحن بصدده فى مقالنا هذا.
ونستطيع القول أن القدرات اللغوية تختلف وتتنوع من طفل لآخر فبعض الأطفال لديهم القدرة على الكلام ولكنهم لا يمتلكون المهارة اللغوية ..فمثلا قد يكرر الطفل الكلمات التى يسمعها دون ان يعرف معناها وبالتالى لا يعتبر ذلك تواصلا.
وهناك نوع آخر من الأطفال يمتلك الادراك والقدرة اللغوية ولكن دون الكلام فهو يستطيع توصيل ما يريد من معنى وبشكل واضح باستخدام الاشارات او الايماءات او تعبيرات الوجه أو حركات الجسد.
لذلك على الأم أن تحدد أولا الى أى نوع من الاضطرابات تنتمى معاناة طفلها والام الواعيه هى التى تقرأ وتبحث حول مؤشرات النمو السليم للاطفال فى كافة مجالات النمو بما فيها مجال اللغة والكلام حتى تحدد ما اذا كان طفلها يختلف عن أقرانه ومن هم فى مثل مرحلته العمرية أم لا ,وبالتالي تحدد مدى احتياج الطفل لاستشارة الطبيب او زيارة اخصائى التخاطب.
ومن أهم مؤشرات النمو اللغوى أو ما يطلق عليه العلماء السلم الارتقائى للنمو:
1- صرخة الميلاد: عندما يولد الطفل يصرخ صرخة قوية كردة فعل لدخول الهواء الى الحلق ثم الرئتين فور الولادة.
2- الصراخ: البكاء المصحوب بتحريك اليدين والأرجل فبكاء الطفل عند الجوع او الغضب او عدم الراحة معبرا عن حالته الانفعالية يعتبر مؤشرا على سلامته وسويته.
3- الأصوات العشوائية (من عمر ثلاثة شهور الى ست شهور): يبدأ الطفل فى نطق أصوات معينة بطريقة غير منتظمة سوف تتطور الى حروف خاصة اثناء الرضاعة وعند تواجد الام معه حيث يناغيها بأصوات غامضة متكررة.
4- المناجاة والمناغاة: عند تشجيع الام لما يصدره الطفل من اصوات وحروف عشوائية يردد الطفل ويكرر الاصوات بسعادة لشعوره بتواصله مع الأم.
5- نطق الاصوات اللغوية : عند بلوغ الطفل سنته الأولى ينطق اصواتا مثل(بابا – ماما – دادا – تيتا ...) ويلاحظ في هذه المرحلة ظهور لغة الكلام الخاصة بالطفل وما يطلق عليه الكلام الطفولى المتقطع.
6- نطق الكلمة الاولى : قد تتأخر هذه الكلمة التى ينطقها الطفل ويعنيها فعلا كقوله (بابا) عند مشاهدة والده قد يتأخر ظهورها من سن سنة وحتى خمسة عشر شهرا وتعتبرالسنة الأولى من عمر الطفل محطة الكلمات الأولى.
7- مرحلة الكلمتين : (فى النصف الاخير من السنة الثانية) حيث يتمكن الطفل من نطق جملة من كلمتين مثل (بابا جه) (اروح باى) ثم يتعلم الطفل اسماء المحيطين به ويناديهم بها وكذلك يتعلم بعض الافعال والكلمات.
8- مرحلة التعبير: (من عمر سنتين الى خمس سنوات) وفيها يعبر الطفل عن اشخاص ومواقف بشكل سليم وواضح .
9- مرحلة الحضانة: (من عمر ثلاث سنوات الى ست سنوات)وهى مرحلة ماقبل دخول المدرسة وتعد أسرع مرحلة نمو لغوي يتعلم فيها الطفل ويكتسب كلمات من 500 كلمة الى أكثر من 2500 كلمة وهى ركيزة لتعلم القراءة والكتابة فيما بعد.
حيث يستطيع الطفل عند بلوغه عمر ثلاث سنوات أن يكون الجمل التى تحوى أكثر من كلمتين ويميل الى الثرثرة واللعب بالجمل و يستطيع الطفل عند بلوغه عمر أربع سنوات تكوين جمل كاملة سليمة تماما.
ومما سبق ومن خلال تعرف الأم على السلم الارتقائي الطبيعي للنمو اللغوى للأطفال تستطيع أن تتعرف على موقع طفلها من هذا السلم وما اذا كان الطفل طبيعيا أم لا. وعليها منذ بلوغ طفلها سنته الثانية ان تهتم بذلك واذا لم يتمكن الطفل من نطق جملة من كلمتين فى هذه السن أن تتوجه به لطبيب الاطفال لتحديد ما اذا كان يعانى مشكلات صحية ويجرى عليه الفحوصات والأشعات وقياس السمع ليحدد الاسباب العضوية لتأخر الكلام سواء كانت ترجع لاصابات مخية أو ضعف فى السمع وفى حالة خلو الطفل من الامراض العضوية تماما تتوجه الأم الى اخصائى التخاطب الذى يعد للطفل برنامجا خاصا تشترك معه الأم لتدريب الطفل وعلاج مالديه من اضطراب فى جلسات دورية لتنمية حصيلة الطفل اللغوية.
من الجدير بالذكر أن أغلب الدراسات الحديثة فى هذا المجال تنصب على التدخل المبكرلما له من أثر بالغ على تحسين حالات الأطفال المتأخرين لغويا.
نصائح لكى عزيزتى الأم :
1-اقرأى واطلعى ولا تخجلى من السؤال عن كيفية التعامل مع طفلك ولتعلمى أن التخاطب فى الأساس مهمة الأم وهى الأقدر على تعليم طفلها حيث ترافقه أغلب الوقت ان لم يكن كله. - 2-شجعى طفلك وكافئيه عند النطق السليم.
3-تكلمى معه بشكل مستمر وانصحيه بالفعل وليس بالكلام فقط.
4- لا تقاطعي طفلك أثناء الحديث بل انتظرى حتى ينتهى ثم ابدأى فى توجيهه.
5- لا تكررى الكلام الطفولى ولا تتخذيه مادة للتندر أو الضحك لأنك بذلك تعززين هذه الطريقة من الكلام وتشجعينه عليها.
6-لا تتحدثى مع والده أو الآخرين عن اضطرابه او مشكلته أمامه.
7- لا تهددى طفلك بالعقاب بل دوما احتضنيه وشجعيه.
وأخيرا عزيزتي الأم تقربي لطفلك وغنى له والعبى معه وقصى عليه القصص ولا تتركيه للتليفزيون او الكمبيوتر ليشكلان شخصيته ويمدانه بحصيله لغوية قاصرة وغير مفيدة.
وتذكري أن الطفل يولد بعدد لا معقول من خلايا المخ ما نملأه منها بالكلمات والأغنيات قبل بلوغه ست شهور يبقى وما لا نملأه يضمر وينتهى ثم يستمر ذلك الضمور للخلايا غير الممتلئة أو المستخدمة حتى بلوغ الطفل عمر ثلاث سنوات .
اذن عليكى عزيزتى الأم أن تشملى طفلك بالحنان والرعاية والاهتمام منذ ولادته لأن كل ما تفعلينه معه يبقى لديه ويستفيد منه خلال مراحل عمره المتقدمة ولو علمت كل أم مدى تأثير السنوات الثلاثة الأولى على الطفل من حيث بناء شخصيته وتكوين اتجاهاته وقدرته على الكلام والتواصل مع الآخرين لأولت هذه المرحلة من حياة طفلها كل الاهتمام الواجب لها حتى نصل بأطفالنا الى برالأمان ونخرج للمجتمع افرادا متواصلين بل ومميزين فى شتى مجالات الحياة.
**************************
نيفين عمر اسماعيل اخصائية التخاطب وعلاج صعوبات اللغة والكلام