الرغم من ألم الزوجة ومعاناتها عندما تزوج عليها زوجها وهو في العقد السادس من عمره، وبعد أن أنجبت منه سبعة أبناء وهي مازالت في العقد الرابع من عمرها، ورغم ضيقها من تصرفه، إلاّ أنها عذرته كونه لا يزال من وجهة نظرها بقوته وكامل صحته، وهي فقدت نضارتها ونشاطها بعد أن أنهكها الحمل وكثرة الإنجاب والولادة، وتحمل مسؤولية تربية الأبناء. ومع الأسف، أن هناك بعض النساء تكرر بأنها كبرت وبلغت من العمر عتياً، حتى لو كانت في الأربعينيات، وإن لم تعلن ذلك فلديها قناعة داخلية أنها تعيش حياة العجز وسن اليأس، الذي رسمت حوله معلومات دمرت الكثير من النساء نفسياً واجتماعياً ومعنوياً وعاطفياً، بينما نادراً ما نجد الرجل يعترف بأنه كبر وشاخ حتى لو وصل السبعين، إن هذا السلوك الذي يسير عليه بعض الرجال هو نتيجة فكرة زُرعت في ذهنه من إحدى النساء المحيطات به، وتعزز مثل هذه المفاهيم والأفكار في عقله، حتى أصبحت معتقداً من ضمن ثقافة المجتمعات العربية، وتصبح المرأة هي سبب شقاء المرأة. تقول أخرى إن حياتها وبناتها تحت سيطرة زوجها وأبنائها، يقيناً منها أن الرجل أكثر اتزاناً من المرأة، لذا فأبناؤها الذكور أصحاب القرار في أمور كثيرة تخص الفتيات حتى دراستهن وحياتهن، فالرجل هو الذي له حق تحديد مصير الأنثى، وليس هذا فقط، بل وحياتها هي، والدته، فالأمر بالنسبة لها طبيعي، فأبناؤها الرجال أعرف بمصلحتهم، والذكر ليس كالأنثى، فهو له كل الحق، حتى وهو أصغر منها، بتوجيه أخواته البنات، بصرف النظر عن فارق العمر والوعي، فهي كأنثى تقر بحاجتها للمراقبة والمتابعة؛ لأنها لا تستطيع أن تحمي نفسها، وهو القادر على حمايتها، وبالتالي توجيهها، فهي قابلة للخدش، بينما الرجل لا يلحقه العار مهما فعل، إن هذا النوع من التفكير والسلوك يضع الفتاة في خانة المتهمة التي حكم عليها مسبقاً، والمشكلة في أن من يزرع هذا التفكير ويصنعه ويعززه هي المرأة نفسها، ويصبح تأثيره في نفس الرجل أكبر ومفعوله أعمق، وللأسف أن هذا النوع من التفكير تربى عليه كثير من الأبناء، وبأنهم أوعى وأفهم من أخواتهم البنات، وتعتبر كثير من الأسر أن هذا هو الوضع الطبيعي، نعم مع الأسف نحن من نربي أبناءنا على مفهوم أن البنت أقل من الولد، نحن الأمهات من نعلم بناتنا الخضوع ونلقنهن من الصغر مفاهيم العجز وعدم القدرة على إعالة النفس والاكتفاء، وهناك من النساء من تزرع في تفكير الرجل أن المرأة رقيقة المشاعر وضعيفة عقل وإدراك، ولا بد من التعامل معها بالحزم والشدة، قرأت مقالاً للكاتبة أمل زاهد تقول فيه: في رأيي أن هذه الثقافة المريضة هي التي تخلق من المرأة كائناً غير سوي، يبحث عن جلاد يسومها سوء العذاب، ويجعلها تحترم هذا النموذج، ومن ثم ترضخ له وترضى بأن تعيش حياة تستلب فيها كرامتها، وتنتهك من خلالها إنسانيتها، ثم تمرر هذا الاستلاب والخضوع إلى الأجيال التي تربيها، فترضعهم الخنوع والضعف والمذلة..