تمكن فريق بحثى من أعضاء هيئة التدريس بمعهد الليزر وكلية الطب البيطرى بجامعة القاهرة، والمعمل المركزى للنانوتكنولوجى والمواد الجديدة بمركز البحوث الزراعية، من انجاز مشروعاً بحثياً متميزاً، بتمويل ضخم من صندوق العلوم والتنمية التكنولوجية التابع لأكاديمية البحث العلمى. وقد ركز المشروع على التأكد من أمان وفاعلية استخدام جسيمات النانوذهب واَشعة الليزر فى علاج سرطان الفم، الذى يصيب سنوياً ما يقرب من أربعمائة ألف مريض على مستوى العالم. فكرة المشروع، كما يقول الدكتور حازم محمد صالح، أستاذ الأذن والأنف والحنجرة المساعد بمعهد الليزر والباحث الرئيسى للمشروع، جاءت اعتمادا على أبحاث الدكتور مصطفى السيد وما توصل إليه العلم حول استخدام جسيمات النانوذهب فى علاج السرطان، فبعد عدة لقاءات علمية مع العلماء المتخصصين والاضطلاع على العديد من الأبحاث العلمية الدولية توصلنا إلى أن مستقبل استخدام جسيمات النانوذهب فى علاج السرطان سيكون من خلال الحقن الموضعى المباشر فى السرطان، وهو ما أوحى إلينا بفكرة المشروع البحثى، وهى دراسة استخدام جسيمات النانوذهب والليزر موضعياً فى علاج واحد من أشرس أنواع السرطان ألا وهو سرطان الفم، حيث لم تتحسن نتائج علاج هذا النوع من السرطان على مدى السنوات الخمسين الماضية، بما يحتم البحث عن وسائل علاجية مستحدثة. وكان هناك باحث يونانى قد فاز بجائزة أفضل بحث فى مؤتمر دولى حول سرطان الفم، وذلك لوصوله إلى نموذج يحاكى بدقة ما يحدث للبشر، ونجاحه فى “إنبات” ورم سرطانى فى فم حيوان الهامستر، عن طريق تعريضه لمادة مسرطنة عدة مرات أسبوعياً لعدة أشهر، وهو النموذج الذى تم الاستقرار عليه لتجربة استخدام الليزر وجسيمات النانوذهب المحقونة موضعياً فى علاجه. ويضم الفريق البحثى لهذا المشروع كل من الدكتور عادل خليل، أستاذ التحاليل والبيولوجيا الجزيئية بكلية الطب البيطرى والدكتور طاهر صلاح الدين مدير المعمل المركزى للنانوتكنولوجى والمواد الجديدة بمركز البحوث الزراعية والدكتور أسامة الشاذلى أستاذ باثولوجيا الأنسجة، والدكتور علاء رأفت أستاذ ورئيس قسم الباثولوجيا الإكلينيكية بكلية الطب البيطرى، كما ضم الفريق اثنان من شباب الباحثين، كان لهما أكبر الأثر فى نجاح المشروع، وهما البيطرى عمر عبد اللطيف والبيولوجى عمر مصطفى. وكانت أولى الخطوات العملية فى المشروع هى التأكد من عدم وجود أثار جانبية لهذا الأسلوب العلاجى، وهو ما احتاج وقتاً وجهداً كبيرين، وعددا ضخماً من حيوانات التجارب، تم حقنها بوسائل مختلفة بغرض مقارنة الآثار الجانبية للحقن الموضعى والعمومى. ثم بدأنا تعريض الحيوانات للمادة المسرطنة التى تؤدى إلى نشوء الورم فى الفم، ونظراً للخطورة الشديدة التى تمثلها هذه المادة على الإنسان، فقد اتبعنا أعلى درجات الأمان أثناء التعامل معها. ثم كانت الخطوة الأهم فى علاج هذا الورم بحقنه بأنواع وجرعات مختلفة من جسيمات النانوذهب، وتعريضه لأنواع مختلفة من اًشعة الليزر بغرض الوصول لأنجع أسلوب علاجى بأقل ضرر. والحقيقة أن النتائج كانت مبشرة للغاية، وأظهرت أن استفادة الإنسان من هذا الأسلوب العلاجى أضحت قريبة، وكان من يبن النتائج المهمة أيضاً المساهمة فى بناء قاعدة علمية للنانوتكنولوجى وطب النانو داخل الوطن، حتى أن واحد من شباب الباحثين المشاركين فى المشروع تم قبوله فى برنامج الدكتوراه بكلية طب جامعة هارفارد، ناهيك عن العدد الكبير من الرسائل العلمية التى تم تسجيلها فى مجال طب النانو خلال فترة المشروع. كما قبلت المجلة الدولية لطب النانو، وهى من كبريات الدوريات العلمية العالمية، بحثاً من المشروع، وقبلت أيضا الجمعية الأمريكية للرأس والرقبة تقديم بحثين من نتاج المشروع فى مؤتمرها الدولى الذى عقد مؤخرا فى مدينة سياتل