القوات المسلحة تنظم زيارة للملحقين العسكريين إلى عدد من المنشآت.. صور    رئيس جامعة قناة السويس يتابع أعمال سير امتحانات كلية الزراعة    أسعار البقوليات اليوم السبت الموافق 14-6-2025 فى سوهاج    مياه الأقصر تبحث توصيل خدمة الصرف الصحي إلى شارع مصر    محافظ الدقهلية: يؤكد على استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد الجمعة والسبت كل أسبوع    ملك الأردن يترأس اجتماعا لمجلس الأمن القومي ويؤكد: بلادنا لن تكون ساحة حرب لأي صراع    بعثة ريال مدريد تغادر إلى الولايات المتحدة للمشاركة في مونديال الأندية    وكيل تعليم شمال سيناء: انتهاء الاستعدادات لاستقبال امتحانات الثانوية العامة 2025    السجن المشدد 10 سنوات لتاجر سلاح خزن الأسلحة داخل مطعم بالسادات وفيلا بالشيخ زايد    "حسب اختيارات الجمهور"... متاحف الجمهورية تعرض كنوزها في شهر يونيو    ثقافة الإسماعيلية تنفذ أنشطة متنوعة لتعزيز الوعي البيئي وتنمية مهارات النشء    غدا.. بدء التقديم "لمسابقة الأزهر للسنة النبوية"    33 ألف مواطن يسجلون في منظومة التأمين الشامل بأسوان    وزير الصحة يعتمد خطة التأمين الإسعافية تزامنًا مع بدء امتحانات الثانوية العامة    الرقابة النووية: لا تغيير أو زيادة في الخلفية الإشعاعية داخل مصر    سطلانة وصلت أمريكا.. جمهور الأهلي يغني للفريق قبل مواجهة إنتر ميامي    63 سيارة مجهزة.. إسعاف الشرقية يعلن الطوارئ لتأمين امتحانات الثانوية    غدا .. انطلاق فعاليات مؤتمر التمويل التنموي لتمكين القطاع الخاص    محافظ الجيزة يتابع مستوى الخدمات بعدد من الأحياء    رئيس الوزراء يتفقد مدرسة رزق درويش الابتدائية بزاوية صقر الطلاب: البرنامج الصيفي مهم جدا لصقل المهارات    أحدث ظهور ل ميرنا نورالدين أمام البحر.. والجمهور يعلق (صور)    رئيس الوزراء يتفقد مركز تنمية الأسرة والطفل بزاوية صقر    "القومي للأشخاص ذوي الإعاقة" ومؤسسة "شجرة التوت" يطلقان فعاليات منصة "القدرة على الفن - Artability HUB"    يسرى جبرى يرد على من يقولون إن فريضة الحج تعب ومشقة وزيارة حجارة    وزير دفاع باكستان: الدعم الكامل لإيران في حربها ضد إسرائيل    تل أبيب تلوّح بالهيمنة الجوية على طهران.. فهل تغيّر إيران معادلة الرد؟    فنانو المسرح يودعون المخرج سعيد عزام: «ربنا يعوضك في آخرتك عن دنياك»    باستخدام المنظار.. استئصال جذري لكلى مريض مصاب بورم خبيث في مستشفى المبرة بالمحلة    إيران تؤكد وقوع أضرار في موقع فوردو النووي    إزالة 654 حالة ضمن الموجة ال26 لإزالة التعديات ببنى سويف    طلب إحاطة يحذر من غش مواد البناء: تهديد لحياة المواطنين والمنشآت    إجرام واستعلاء.. حزب النور يستنكر الهجمات الإسرائيلية على إيران    تأجيل محاكمة " أنوسة كوتة" فى قضية سيرك طنطا إلى جلسة يوم 21 من الشهر الحالي    وكيل تعليم الإسماعيلية يجتمع برؤساء لجان الثانوية العامة    استعراض خطير على الطريق الدائري بالقاهرة.. والشرطة تتمكن من ضبط السائق    مراسلة «القاهرة الإخبارية»: مستشفيات تل أبيب استقبلت عشرات المصابين    ضبط 3 عاطلين وسيدة بتهمة ارتكاب جرائم سرقات في القاهرة    بسبب الضربات الجوية.. تقارير: مهدي طارمي غير قادر على الالتحاق ببعثة إنتر في كأس العالم للأندية    وزير التموين: توافر كامل للسلع الأساسية ومدد الكفاية تفوق 6 أشهر    وزير الري يؤكد توفير الاحتياجات المائية بمرونة خلال ذروة الصيف    جوليانو سيميوني: جاهزون لمواجهة باريس سان جيرمان    خاص| سلوى محمد علي: سميحة أيوب أيقونة فنية كبيرة    ريال مدريد يحصن مدافعه الشاب راؤول أسينسيو بعقد حتى 2031    عمليات جراحية دقيقة تنقذ حياة طفلة وشاب بالدقهلية    الطبيب الألماني يخطر أحمد حمدي بهذا الأمر    مدرب إنتر ميامي يراهن على تأثير ميسي أمام الأهلي    اليوم.. الحكم على متهمة بالانضمام لجماعة إرهابية بالهرم    «عمال الجيزة»: اتفاقية الحماية من المخاطر البيولوجية مكسب تاريخي    إحالة عامل بتهمة هتك عرض 3 أطفال بمدينة نصر للجنايات    خاص| محمد أبو داوود: «مشاكل الأسرة» محور الدراما في «فات الميعاد»    الصحة: قافلة متخصصة في جراحات الجهاز الهضمي للأطفال ب«طنطا العام» بمشاركة الخبير العالمي الدكتور كريم أبوالمجد    حجاج مصر يودّعون النبي بقلوب عامرة بالدعاء.. سلامات على الحبيب ودموع أمام الروضة.. نهاية رحلة روحانية في المدينة المنورة يوثقوها بالصور.. سيلفي القبة الخضراء وساحات الحرم وحمام الحمى    جماهير الأهلي توجه رسائل مباشرة ل تريزيجية وهاني قبل مباراة إنتر ميامي (فيديو)    معاذ: جماهير الزمالك كلمة السر في التتويج ب كأس مصر    إعلام عبري: سقوط 4 صواريخ فى دان جوش والنقب والشفيلا    ما حكم أداء النافلة بين الصلاتين عند جمع التقديم؟    «الإفتاء» توضح كيفية الطهارة عند وقوع نجاسة ولم يُعرَف موضعها؟    إعلام عبرى: ارتفاع عدد المصابين إلى 7 أشخاص جراء الهجوم الإيرانى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدواء النفسي يجب أن يحل كل المشاكل دون تعب
نشر في البداية الجديدة يوم 25 - 07 - 2015


الاستاذ الدكتور وائل ابو هنديه
وهذا مفهوم من نفس نوعية المفهوم السابق حيث يريدُ المريض فيه بعدما لجأ للطبيب النفسي وَوصَمَ نفسه بوصمة الطب النفسي يريدُ ألا يتعبَ أكثر من ذلك وكأن لسان حاله يقول ألا يكفي أنني خاطرتُ كل هذه المخاطرة! وعرضت نفسي للاتهام بالجنون؟ إذن صف لي الدواء الذي ينهي معاناتي كلها وبأسرع وقت إن أمكنْ!

وَهنا لا بد من توضيح الفرق بين ما يستطيع العلاج الدوائيُّ القيامَ به وما لا يستطيع فهنالك فرق كبير بين ما يعتبر اضطرابا نفسيا "عارضا"طرأ على المريض في سلوكه وأفكاره ومشاعرِهِ بعد فترة من الحياة النفسية السويَّةِ مثل اضطراب الاكتئاب الجسيم أو الوسواس القهري أو الفصام أو الرهاب الاجتماعي أو الذهان المؤقت على سبيل التمثيل لا الحصر؛ وبين ما يعتبر اضطرابا في شخصية المريض نفسه بدأ معه منذ مراهقته وربما بدأت إرهاصاته منذ طفولته وأصبحت مشاكله في حياته ومشاكل المحيطين به ومعاناتهم جميعا انعكاسًا لذلك النمط الغير سوي في سلوكياته عمومًا وهذا النوع من الاضطرابات النفسية نوع مزمن بطبيعته.

فأما ما يستطيع الدواء النفسي فعلَهُ فهو القضاء بفضل الله على أعراض الاضطراب النفسي العارض أي أنه يزيلُ أعراض الاكتئاب أو الوسواس القهري أو الرهاب أو الفصام أو غيرها ما دامت ناتجة عن خلل كيميائي في وظيفة المخ بحيث يعيد المريض إلى حالته قبل حدوث الاضطراب النفسي، لكنه لا يستطيع في حالة اضطراب الشخصية إلا أن يقلل إلى حد ما من معاناة المريض، ومن بعض الأعراض الناتجة عن خلل كيميائي في وظيفة المخ أيضًا. لكنه لا يستطيع أن يغير بالطبع من طريقة تفهمه للواقع وطريقة تعامله مع الآخرين فهذه كلها أمور تحتاج إلى نوع مناسب من أنواع العلاج النفسي المختلفة.
وهناك أيضا مشكلة لابد من توضيحها لأن لها وقع كبير على حياة المريض النفسي في مجتمعنا ألا وهي ما تتركه مدة استمرار الاضطراب النفسي دون علاج وقبل العرض على الطبيب النفسي من أثر على حياة المريض وتظهر أكثر ما تظهر حسب خبرتي الشخصية في حالات الاكتئاب فتكرار النوبة دون علاج إنما يؤدي إلى تغييرات معرفية تحتاج إلى علاج نفسي بجانب العلاج الدوائي بالطبع.

ولكي أوضح ما المقصود بالتغيرات المعرفية أجدني مضطرا إلى سرد المثال التالي: فحينما يأتيك المريض في ثالث نوبة من نوبات اكتئابه التي عاودته على مدرا السنوات الأربعة الماضية فلم ينتبه في النوبة الأولى إلى أن ما يعانيه هو مرض نفسي ولم ينتبه طبيب الباطنة الذي زاره المريض أيامها لكي يعالجه من فقدان الشهية للطعام ونقص الوزن فوصف له الأخير ببساطة فاتحا للشهية ومقويا!، وانقشع عنه الاكتئاب بعد ذلك بفضل الله ولكن بعد ثلاثة شهور من المعاناة إلا أنه تخلى عن الكثير من عاداته الاجتماعية القديمة وقرر التوقف عن إتمام دراسة عليا كان يقوم بها في مجال تخصصه ولكنه لم يعد مكتئبا على أي حال!
وعندما أخبره واحد من جيرانه في الشهر الثالث من النوبة الثانية أن ما لديه هو اكتئاب زار صاحبنا الشيخ الذي حاول إخراج الجني الكافر من جسمه فلم يفلح رغم ضربه وجلده عدة مرات فطلب منه اللجوء إلى أحد السحرة السفليين ولكن المريض رفض لكي لا يصبح في حكم الكافر وما كان منه إلا أن صبر حتى انقشعت نوبة الاكتئاب وحدها في الشهر الخامس لكنه كان قد ترك زوجته عند أهلها منذ شهرين ولم يعد يرى فائدة من مشروع تجاري كان يستعين به على تكاليف العيش إلى جانب وظيفته المهم أنه والحمد لله لم يعد مكتئبا!.

وقرأ بعد ذلك بشهور مقالا في إحدى الصحف عن الاكتئاب وفوجئَ أن الطبيب كاتب المقال إنما يتكلم عما كان يعاني منه هو شخصيا!! وعرف بعدها أن النوبة ستعاوده وبالفعل لجأ للطبيب النفسي في بدايتها، ولم يكن صعبا على الطبيب النفسي هنا لا كتابة الدواء ولا شرح نوعية المرض لمريضه وإنما كانت المشكلة هي أن المريض لم يعد مستعدا لاسترجاع قيامه بواجباته الاجتماعية كما كان فهو يشعر في داخله أن الناس لا يحبونه ولا يستريحون لوجوده ولم يعد مستعدًّا أيضا لإنعاش العمل في مشروعه التجاري فهو يرى أنه تاجر غير ناجح كما أنه يشعر أن زوجته لم تعد تحبه! إلى آخر ذلك من مفاهيم خاطئة تراكمت وترسخت في ذهن صاحبنا خلال نوبتيِّ اكتئاب واستمرت بينهما وبعدهما ولم ينتبه أحد إلى هذه التغيرات المعرفية التي تتراكم تدريجيا وتؤثر في النهاية على الكيفية التي يحكم بها على أحداث حياته وعلى علاقاته بالآخرين.

وأعود إلى المفهوم المغلوط الذي أناقشه أنا هنا مستكملا هذا المثال نفسه فحينما يطلب مني مثل هذا المريض أن يكون الدواء الذي أكتبه له هو الحل السحري الذي يعيد حياته إلى ما كانت عليه قبل أن يكتئب بشرط أن يكتفي بزيارتي كل شهر أو شهرين حسبما أرى وأن يكون ذلك في وقت متأخر قدر الإمكان لكي لا يراه أحد! فأنا لا أستطيع أن أعدَهُ بذلك ولا أستطيع أن أتركه منتظرا من العقَّار ما لا يستطيع تقديمه ففي مثل حالته هذه يستطيع العقَّار بمشيئة الله إذا استمر المريض عليه بجرعته المناسبة أن يزيل أعراض النوبة الحالية وأن يمنع تكرارها لكنه لا يستطيع أن يعيد علاقاته بالناس إلى سابق عهدها ولا يستطيع أن يغير مفهومه هو عن نفسه بينما يستطيع العلاج النفسي المعرفي ذلك فلابد من تغيير لأفكاره الخاطئة التي ترسبت لديه بسبب الاكتئاب ولابد أن يتعب من أجل تغيير سلوكه الاجتماعي لأن الدواء له ما يفعله وهو بالتأكيد لا يفعلُ كل شيء.

وأما في حالات اضطراب الشخصية التي ذكرتها فإن دور الأدوية كافة حتى لحظة كتابة هذه السطور ما يزال ضئيلاً مقتصراً على حل الأزمات الحياتية التي تمتلئُ بها حياة هذا النوع من المرضى ويفضل أن يكون استعماله خلال رحلة العلاج النفسي التي تمثل الرجاء الوحيد لتغيير هذا الاضطراب المزمن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.